جيش بوركينا فاسو يحبط هجوماً... والإرهاب يقترب من العاصمة

سلاح الجو يدمر قواعد لوجيستية في غابات الشمال

أسلحة ومعدات صادرها الجيش خلال عملية عسكرية لتدمير قاعدة إرهابية (وكالة بوركينا فاسو للأنباء)
أسلحة ومعدات صادرها الجيش خلال عملية عسكرية لتدمير قاعدة إرهابية (وكالة بوركينا فاسو للأنباء)
TT

جيش بوركينا فاسو يحبط هجوماً... والإرهاب يقترب من العاصمة

أسلحة ومعدات صادرها الجيش خلال عملية عسكرية لتدمير قاعدة إرهابية (وكالة بوركينا فاسو للأنباء)
أسلحة ومعدات صادرها الجيش خلال عملية عسكرية لتدمير قاعدة إرهابية (وكالة بوركينا فاسو للأنباء)

أعلن الجيش في بوركينا فاسو، أنه أحبط هجوماً إرهابياً «كبيراً» كانت تخطط له مجموعة إرهابية تتمركز في غابة تقع في أقصى شمال البلاد، غير بعيدة عن الحدود مع دولة مالي، وهي المنطقة التي تنشط فيها تنظيمات مسلحة تتبع جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين»، التي تبايع تنظيم «القاعدة».

أسلحة ودراجات صادرها الجيش خلال عملية عسكرية لتدمير قاعدة إرهابية (وكالة بوركينا فاسو للأنباء)

الجيش قال، في تصريحات نشرتها اليوم (الأحد) وكالة الأنباء الرسمية في بوركينا فاسو، إن «الاستخبارات في بوركينا فاسو حصلت على معلومات تفيد بأن إرهابيين يخططون لعملية من الحجم الكبير في بوركينا فاسو، لذا بدأت عملية بحث مكّنت في النهاية من اكتشاف قاعدة إرهابية في أقصى شمال البلاد، حيث كان يتم التخطيط لشن الهجوم».

وأضاف المصدر نفسه، أن القاعدة اللوجيستية التي يرجح أنها تتبع جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين»، تقع في منطقة لوروم، شمال بوركينا فاسو، على الحدود مع دولة مالي. وقال المصدر: «في حين كانت مجموعة إرهابية تخطط لشن هجوم في منطقة لوروم، تمكّن الجيشُ من مباغتتهم، وقصف قواعدهم الخلفية بسلاح الجو».

مروحية تابعة لسلاح الجو في بوركينا فاسو (وكالة بوركينا فاسو للأنباء)

وأوضح الجيشُ أن القصف استهدف قواعد لوجيستية تابعة للإرهابيين في غابة كبيرة تعرف باسم «غابة ميهيتي»، غير بعيدة عن قرية تدعى بانه، وكل ذلك لا يبعد سوى كيلومترات عدة عن الحدود مع دولة مالي.

جنود بوركينا فاسو يحرسون مدخل محطة التلفزيون الوطنية في العاصمة واغادوغو... الاثنين 24 يناير 2022 (أ.ب)

وأضاف الجيشُ أن إرهابيين عدة «وصلوا إلى القاعدة اللوجيستية على متن دراجات نارية، من أجل التخطيط لمشروعهم الكارثي، ولحُسن الحظ تمكّن سلاح الجو من التدخل في الوقت المناسب ليقصفهم ويدمر القاعدة ويقضي على الإرهابيين».

متظاهرون يؤيدون الجيش في عملياته لتحرير مناطق تحت سيطرة الإرهابيين (وكالة بوركينا فاسو للأنباء)

وحسب المصدر نفسه، فإن «سلاح الجو تمكّن من التعرف على مجموعة إرهابية أخرى، حاولت الاختباء في عمق الغابة، وبعد ضربات جوية عدة، تم القضاء عليهم بشكل نهائي»، في حين لم يتحدث المصدر عن أي نشاط عسكري على الأرض، أو تنسيق مع جيش مالي المجاورة.

وتأتي هذه العمليات العسكرية التي يعلنها الجيش في بوركينا فاسو، في سياق محاولته لاستعادة السيطرة على أكثر من 40 في المائة من مساحة البلد، أصبحت منذ سنوات تحت سيطرة جماعات إرهابية، أغلبها يتبع تنظيم «القاعدة»، وبعضها يبايع تنظيم «داعش».

وتعيش بوركينا فاسو على وقع أزمة أمنية خانقة منذ بداية الهجمات الإرهابية عام 2015، ولكنها تُوّجت بأزمة سياسية منذ 2022 حين وقع انقلابان عسكريان فيها، كان آخرهما في سبتمبر (أيلول) 2022، وأسفر عن إنهاء العلاقات مع فرنسا، والتوجه نحو التحالف مع روسيا.

ورغم النجاحات التي يعلنها الجيش، منذ التعاون مع روسيا، فإن تقارير عدة تتحدث عن صعوبة الوضع في البلد، مثل «المركز الأفريقي للدراسات الاستراتيجية»، الذي قال في تقرير منشور حديثاً، «إن الجماعات المسلحة أصبحت قريبة من أن تحاصر العاصمة واغادوغو».

وتوقّع المركز أن يصل عدد القتلى في عمليات إرهابية في بوركينا فاسو، هذا العام، إلى أكثر من 8600 شخص، وهو ما يعني زيادة بنسبة 137 في المائة بالمقارنة مع العام الماضي، مشيراً في السياق ذاته إلى أن المساحة التي كانت تقع فيها الهجمات الإرهابية ازدادت منذ 2022 بنسبة 46 في المائة.

وقال المركز المختص في قضايا الأمن بالقارة الأفريقية، إن المسلحين أصبحوا يحاصرون العاصمة واغادوغو، مشيراً إلى أن ما يحمي العاصمة من وصول الإرهابيين إليها هو كونها موجودة على هضبة، وتحميها التضاريس.

في غضون ذلك، تعاني بقية المدن من هجمات إرهابية شبه يومية، إذ تعرّضت مدينة دجيبو، أكبر مدن الشمال، قبل يومين لقصف بقذائف الهاون، وهي التي تقع تحت حصار محكم تقيمه تنظيمات مسلحة منذ سنوات عدة.

وقال الجيش إنه تمكّن من القضاء على منفذي الهجوم بالقذائف. وأوضح أنه «بعد تحديد موقع إطلاق قذائف الهاون، على بعد أكثر من 10 كيلومترات من المدينة، تدخل سلاح الجو، ووجه ضربات دقيقة للهدف، قبل أن تتحرك على الأرض الوحدة الرابعة عشرة من القوات المختصة في محاربة الإرهاب، التي أكملت المهمة بتدمير وتفكيك القاعدة الإرهابية».


مقالات ذات صلة

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

أفريقيا أنصار مرشح المعارضة باسيرو ديوماي فاي يحضرون مسيرة حاشدة في أثناء فرز نتائج الانتخابات الرئاسية (إ.ب.أ)

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

مباحثات جرت، الجمعة، بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل»

الشيخ محمد (نواكشوط)
شؤون إقليمية محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

وقعت أعمال عنف ومصادمات بين الشرطة ومحتجين على عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيين بدلاً منهما.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
TT

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)

أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مباحثات هاتفية مع الرئيس السنغالي بشيرو ديوماي فاي، ناقشا خلالها الوضع الأمني في منطقة الساحل والصحراء، حيث يتصاعد خطر الجماعات الإرهابية، حسب ما أعلن الكرملين. وقال الكرملين في بيان صحافي، إن المباحثات جرت، الجمعة، بمبادرة من الرئيس السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل».

الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي (أ.ب)

الأمن والإرهاب

وتعاني دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو، المحاذية للسنغال، من تصاعد خطر الجماعات الإرهابية منذ أكثر من عشر سنوات، ما أدخلها في دوامة من عدم الاستقرار السياسي والانقلابات العسكرية المتتالية.

وتوجهت الأنظمة العسكرية الحاكمة في كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، نحو التحالف مع روسيا التي أصبحت الشريك الأول لدول الساحل في مجال الحرب على الإرهاب، بدلاً من الحلفاء التقليديين؛ فرنسا والاتحاد الأوروبي.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (أ.ف.ب)

وبموجب ذلك، نشرت روسيا المئات من مقاتلي مجموعة (فاغنر) في دول الساحل لمساعدتها في مواجهة تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما عقدت صفقات سلاح كبيرة مع هذه الدول، حصلت الأخيرة بموجبها على طائرات حربية ومعدات عسكرية متطورة ومسيرات.

ومع ذلك لا تزالُ الجماعات الإرهابية قادرة على شن هجمات عنيفة ودامية في منطقة الساحل، بل إنها في بعض الأحيان نجحت في إلحاق هزائم مدوية بمقاتلي «فاغنر»، وقتلت العشرات منهم في شمال مالي.

في هذا السياق، جاءت المكالمة الهاتفية بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، حيث قال الكرملين إن المباحثات كانت فرصة لنقاش «الوضع في منطقة الصحراء والساحل وغرب أفريقيا، على خلفية عدم الاستقرار المستمر هناك، الناجم عن أعمال الجماعات الإرهابية».

وتخشى السنغال توسع دائرة الأعمال الإرهابية من دولة مالي المجاورة لها لتطول أراضيها، كما سبق أن عبرت في كثير من المرات عن قلقها حيال وجود مقاتلي «فاغنر» بالقرب من حدودها مع دولة مالي.

الرئيس إيمانويل ماكرون مودعاً رئيس السنغال بشير ديوماي فاي على باب قصر الإليزيه (رويترز)

وفي تعليق على المباحثات، قال الرئيس السنغالي في تغريدة على منصة «إكس» إنها كانت «ثرية وودية للغاية»، مشيراً إلى أنه اتفق مع بوتين على «العمل معاً لتعزيز الشراكة الثنائية والسلام والاستقرار في منطقة الساحل، بما في ذلك الحفاظ على فضاء الإيكواس»، وذلك في إشارة إلى (المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا)، وهي منظمة إقليمية تواجه أزمات داخلية بسبب تزايد النفوذ الروسي في غرب أفريقيا.

وكانت الدول المتحالفة مع روسيا (مالي والنيجر وبوركينا فاسو) قد جمدت عضويتها في المنظمة الإقليمية، واتهمتها بأنها لعبة في يد الفرنسيين يتحكمون فيها، وبدأت هذه الدول الثلاث، بدعم من موسكو، تشكيل منظمة إقليمية جديدة تحت اسم (تحالف دول الساحل)، هدفها الوقوف في وجه منظمة «إيكواس».

صورة جماعية لقادة دول مجموعة «إكواس» في أبوجا السبت (رويترز)

علاقات ودية

وفيما يزيد النفوذ الروسي من التوتر في غرب أفريقيا، لا تتوقف موسكو عن محاولة كسب حلفاء جدد، خاصة من بين الدول المحسوبة تقليدياً على فرنسا، والسنغال تعد واحدة من مراكز النفوذ الفرنسي التقليدي في غرب أفريقيا، حيث يعود تاريخ الوجود الفرنسي في السنغال إلى القرن السابع عشر الميلادي.

ولكن السنغال شهدت تغيرات جذرية خلال العام الحالي، حيث وصل إلى الحكم حزب «باستيف» المعارض، والذي يوصف بأنه شديد الراديكالية، ولديه مواقف غير ودية تجاه فرنسا، وعزز هذا الحزب من نفوذه بعد فوزه بأغلبية ساحقة في البرلمان هذا الأسبوع.

وفيما وصف بأنه رسالة ودية، قال الكرملين إن بوتين وديوماي فاي «تحدثا عن ضرورة تعزيز العلاقات الروسية السنغالية، وهي علاقات تقليدية تطبعها الودية، خاصة في المجالات التجارية والاقتصادية والاستثمارية».

ميليشيا «فاغنر» تتحرك على أرض مالي ومنطقة الساحل (رويترز)

وأضاف بيان الكرملين أن الاتفاق تم على أهمية «تنفيذ مشاريع مشتركة واعدة في مجال الطاقة والنقل والزراعة، خاصة من خلال زيادة مشاركة الشركات الروسية في العمل مع الشركاء السنغاليين».

وفي ختام المباحثات، وجّه بوتين دعوة إلى ديوماي فاي لزيارة موسكو، وهو ما تمت الموافقة عليه، على أن تتم الزيارة مطلع العام المقبل، حسب ما أوردت وسائل إعلام محلية في السنغال.

وسبق أن زارت وزيرة الخارجية السنغالية ياسين فال، قبل عدة أشهر العاصمة الروسية موسكو، وأجرت مباحثات مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف، حول قضايا تتعلق بمجالات بينها الطاقة والتكنولوجيا والتدريب والزراعة.

آثار الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين بدكار في 9 فبراير (رويترز)

حياد سنغالي

رغم العلاقة التقليدية القوية التي تربط السنغال بالغرب عموماً، وفرنسا على وجه الخصوص، فإن السنغال أعلنت اتخاذ موقف محايد من الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وطلبت قبل أشهر من السفير الأوكراني مغادرة أراضيها، بعد أن أدلى بتصريحات اعترف فيها بدعم متمردين في شمال مالي، حين كانوا يخوضون معارك ضد الجيش المالي وقوات «فاغنر».

من جانب آخر، لا تزالُ فرنسا الشريك الاقتصادي الأول للسنغال، رغم تصاعد الخطاب الشعبي المعادي لفرنسا في الشارع السنغالي، ورفع العلم الروسي أكثر من مرة خلال المظاهرات السياسية الغاضبة في السنغال.

ومع ذلك، لا يزالُ حجم التبادل التجاري بين روسيا والسنغال ضعيفاً، حيث بلغت صادرات روسيا نحو السنغال 1.2 مليار دولار العام الماضي، وهو ما يمثل 8 في المائة من إجمالي صادرات روسيا نحو القارة الأفريقية، في المرتبة الثالثة بعد مصر (28 في المائة) والجزائر (20 في المائة). ولا يخفي المسؤولون الروس رغبتهم في تعزيز التبادل التجاري مع السنغال، بوصفه بوابة مهمة لدخول أسواق غرب أفريقيا.