محطات الطاقة النووية... أكبر وعود روسيا لحلفائها في أفريقيا

شركة «روس أتوم» توقع مذكرات تفاهم مع مالي وبوركينا فاسو

محطة كهرباء تعمل بالطاقة النووية (أ.ب)
محطة كهرباء تعمل بالطاقة النووية (أ.ب)
TT

محطات الطاقة النووية... أكبر وعود روسيا لحلفائها في أفريقيا

محطة كهرباء تعمل بالطاقة النووية (أ.ب)
محطة كهرباء تعمل بالطاقة النووية (أ.ب)

انقطع التيار الكهربائي السبت، عن أحياء واسعة من مدينة واغادوغو، عاصمة بوركينا فاسو، ومن المنتظر أن يستمر الانقطاع الأحد، حسبما أعلنت الشركة الوطنية للكهرباء، ولكن ذلك لم يكن حدثاً يلفت الانتباه في عاصمة البلد الأفريقي الفقير، فالكهرباء رفاهية لا يتمتع بها نحو 80 في المائة من السكان.

الخبرُ الذي اهتم به سكان بوركينا فاسو، هو توقيع بلادهم مذكرة تفاهم مع شركة «روس أتوم» الروسية لتشييد محطة للطاقة النووية في بلدهم، ستكون الأولى من نوعها في غرب أفريقيا، ومن شأنها أن تحل مشكلة الطاقة في البلد، حسب الحكومة التي قالت إن الهدف «تغطية احتياجات السكان من الطاقة».

المدير المساعد لشركة «روس أتوم» رفقة وزير الطاقة في بوركينا فاسو بعد توقيع مذكرة التفاهم (شركة روس أتوم)

وزير الطاقة والمعادن في بوركينا فاسو، سيمون بيير بوسيم، أدلى بتصريحات صحافية على هامش أسبوع الطاقة الروسي الذي انعقد في موسكو الأسبوع الماضي، قال فيها إن الهدف هو «استخدام هذه الطاقة سلمياً لتلبية احتياجات السكان في مجالات الصناعة والطب والزراعة والأمن».

وبالإضافة إلى بوركينا فاسو، وقعت الشركة الروسية مذكرة تفاهم مماثلة مع دولة مالي، وقالت الشركة في بيان، إن الهدف منها هو «التعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية»، بما في ذلك إمكانية إنشاء البنية التحتية النووية.

والوضع في مالي لا يختلف كثيراً عنه في بوركينا فاسو، فالأرقام تشير إلى أن 50 في المائة من سكان دولة مالي لا يتوفرون على الكهرباء.

دخول شركة بناء محطات الطاقة النووية الروسية «روس أتوم»، دولتي مالي وبوركينا فاسو، يتزامنُ مع تغيرات جذرية تعيشها منطقة الساحل الأفريقي، مع تصاعد النفوذ الروسي فيها منذ 2020، مقابل تراجع نفوذ فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، بالإضافة إلى تصاعد خطر تنظيمي «القاعدة» و«داعش».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يلقي كلمة خلال الجلسة العامة في «أسبوع الطاقة الروسي» 11 أكتوبر 2023 (إ.ب.أ)

في غضون ذلك، يُطرح سؤال حول موقف النيجر، البلد الغني بمناجم اليورانيوم، وهي مناجم تتبع لشركات فرنسية منذ حقبة الاستعمار، وأصبح مستقبلها على المحك منذ انقلاب الجيش على رئيس النيجر السابق محمد بازوم نهاية يوليو (تموز) الماضي، وإلغاء اتفاقيات التعاون العسكري مع فرنسا وطرد سفيرها.

وخلال الأسابيع الأخيرة، ارتفعت أصوات في النيجر، تدعو إلى مراجعة الاتفاقيات الموقعة مع شركات فرنسية تستغل مناجم اليورانيوم، تمهيداً لطردها بعد انسحاب شركات فرنسية من النيجر، كانت أبرزها شركة «توتال» المختصة في الطاقة.

في غضون ذلك، أقامت مالي وبوركينا فاسو والنيجر في سبتمبر (أيلول) الماضي، حلفاً أطلقت عليه اسم «تحالف دول الساحل»، كما وقعت اتفاقية للدفاع المشترك، ولا يستبعد سعي الدول الثلاث التي تعيش أوضاعاً سياسية وأمنية متشابهة، إلى الاستعانة بالخبرة الروسية في مجال تشييد محطات الطاقة النووية، والاعتماد على يورانيوم النيجر.

ولكن السؤال الأبرز سيبقى مطروحاً حول قدرة الدول الثلاث على دفع ثمن تشييد هذه المحطات، ومخاطر وجود منشآت بهذه الحساسية في منطقة لم تعرف الاستقرار الدائم منذ استقلالها عن فرنسا في ستينات القرن الماضي.

أول مُعدة نووية ثقيلة بمحطة «الضبعة» في مصر (صفحة هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء على «فيسبوك»)

وتجدر الإشارة إلى أن شركة «روس أتوم» الروسية كانت موجودة في أفريقيا، إذ إنها تتولى تشييد مشروع محطة الطاقة النووية في منطقة الضبعة بدولة مصر، وقد بدأت في أغسطس (آب) الماضي، تشييد المفاعل النووي الرابع للمحطة.

كما تسعى الشركة الروسية العملاقة إلى إقامة مشروعات محطات نووية في دول أفريقية أخرى، من بينها زيمبابوي وبوروندي، إذ وقعت مع الدولتين اتفاقيات تعاون في مجال استخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية.


مقالات ذات صلة

ضابط روسي هارب: كنا على استعداد لتنفيذ ضربة نووية في بداية الحرب

أوروبا جانب من التجارب الروسية على إطلاق صواريخ لمحاكاة رد نووي (أرشيفية - أ.ف.ب)

ضابط روسي هارب: كنا على استعداد لتنفيذ ضربة نووية في بداية الحرب

قال ضابط روسي هارب إنه في اليوم الذي تم فيه شن الغزو في فبراير 2022 كانت قاعدة الأسلحة النووية التي كان يخدم فيها «في حالة تأهب قتالي كامل».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

عبر جعل التهديد النووي عادياً، وإعلانه اعتزامه تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، نجح بوتين في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية حول العالم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

تسعى روسيا إلى تصعيد التهديد النووي، في محاولة لتثبيط الدعم الغربي لأوكرانيا بانتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض، آملة التوصل إلى اتفاق سلام بشروطها.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تحليل إخباري «أتاكمز» صاروخ موجَّه بعيد المدى يبلغ مداه نحو 300 كيلومتر (رويترز)

تحليل إخباري تحليل: صواريخ أتاكمز التي تطلقها أوكرانيا على روسيا ستنفجر في وجه أميركا

دخلت الحرب الروسية الأوكرانية مرحلة بالغة الخطورة من بعد استخدام كييف للصواريخ بعيدة المدى التي حصلت عليها من أميركا وبريطانيا لضرب أهداف في العمق الروسي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا أعمال تنفيذ محطة الضبعة النووية (هيئة المحطات النووية المصرية)

مصر وروسيا لتسريع العمل بمحطة «الضبعة» النووية

بحث مسؤولون من مصر وروسيا، الثلاثاء، في القاهرة، سبل تسريع إجراءات تنفيذ مشروع محطة «الضبعة» النووية، الذي تقيمه الحكومة المصرية بالتعاون مع روسيا.

أحمد إمبابي (القاهرة)

عدد النازحين داخلياً في أفريقيا ازداد 3 مرات خلال 15 عاماً

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم «زمزم» للنازحين (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم «زمزم» للنازحين (أ.ف.ب)
TT

عدد النازحين داخلياً في أفريقيا ازداد 3 مرات خلال 15 عاماً

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم «زمزم» للنازحين (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم «زمزم» للنازحين (أ.ف.ب)

أدت النزاعات وأعمال العنف والكوارث الطبيعية في أفريقيا إلى زيادة كبيرة في عدد الأشخاص الذين أجبروا على مغادرة منازلهم، ووصل عدد النازحين داخلياً إلى 35 مليوناً بنهاية العام الماضي، وفق «مركز رصد النزوح الداخلي».

وقالت مديرة المركز، ألكسندرا بيلاك، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن النازحين داخلياً الأفارقة يمثلون وحدهم نحو نصف عدد الأشخاص الذين أجبروا على الفرار من منازلهم في كل أنحاء العالم للعثور على ملاذ في مكان آخر ببلادهم.

وأضافت: «لقد شهدنا ارتفاع عدد النازحين داخلياً في القارة الأفريقية 3 مرات خلال الـ15 عاماً الماضية»، مضيفة أن «معظم حالات النزوح الداخلي هذه ناجمة عن النزاعات وأعمال العنف والكوارث الطبيعية».

ويظهر تقرير صادر عن «مركز رصد النزوح الداخلي» أن «المستويات المتصاعدة من الصراعات والعنف مسؤولة عن النزوح الداخلي لنحو 32.5 مليون شخص في أفريقيا. وقد نزح 80 في المائة منهم في 5 بلدان هي: جمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا ونيجيريا والصومال والسودان».

وأشار المركز إلى أن «اتفاقية الاتحاد الأفريقي لحماية ومساعدة النازحين داخلياً في أفريقيا (اتفاق كمبالا)» أداة مهمة لمعالجة المشكلة.

ووضع هذا الاتفاق، الذي اعتُمد في عام 2009 ودخل حيز التنفيذ خلال ديسمبر (كانون الأول) 2012، معياراً دولياً بوصفه الاتفاق الإقليمي الأول والوحيد الملزم قانوناً بشأن النزوح الداخلي.

ومذاك، صادقت 24 دولة أفريقية على الاتفاق، ووضع كثير منها أطراً قانونية وقدمت استثمارات كبيرة لمعالجة المشكلة. لكن الحكومات تجد صعوبة في التعامل معها.

وعدّت بيلاك أن «مفتاح المشكلة» يكمن في «فعل المزيد بشأن بناء السلام والدبلوماسية وتحويل الصراعات».