تضارب الروايات يشعل حرباً إعلامية بين جيش مالي ومتمردي أزواد

مواجهة بالرصاص في قلب الصحراء... وبالبيانات على وسائل التواصل الاجتماعي

لقطات من فيديو نشره المتمردون لمقاتليهم في ثكنة تابعة للجيش المالي (صفحات موالية للمتمردين)
لقطات من فيديو نشره المتمردون لمقاتليهم في ثكنة تابعة للجيش المالي (صفحات موالية للمتمردين)
TT

تضارب الروايات يشعل حرباً إعلامية بين جيش مالي ومتمردي أزواد

لقطات من فيديو نشره المتمردون لمقاتليهم في ثكنة تابعة للجيش المالي (صفحات موالية للمتمردين)
لقطات من فيديو نشره المتمردون لمقاتليهم في ثكنة تابعة للجيش المالي (صفحات موالية للمتمردين)

تشتعل الحرب بين جيش مالي ومتمردين من الطوارق والعرب، ولكن السمة البارزة لهذه المواجهات التي تجري في عمق صحراء شمال مالي، أو ما يعرف بإقليم «أزواد»، هي تضارب الروايات الصادرة عن الطرفين، فيما يمكن وصفه بأنه «حرب إعلامية» تدور رحاها على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وعبر البيانات الصحافية.

وبرزت ملامح هذه الحرب الإعلامية بشكل لافت بعد انقشاع غبار معركة طاحنة وقعت مساء الأحد الماضي، بين الطرفين في مدينة «ليره»، الواقعة في شمال مالي وعلى بعد 70 كيلومتراً عن الحدود الموريتانية، فبعد مرور أيامٍ نشر الطرفان روايتهما لما جرى، فكانت الأرقام متضاربة والروايات متناقضة، رغم مناطق الظل المشتركة.

الحركات المتمردة من الطوارق والعرب، والمتحالفة فيما سمته «الإطار الاستراتيجي الدائم للسلام والأمن والتنمية»، نشرت بياناً صحافياً وصفت فيه الهجوم الذي شنته على معسكر تابع للجيش المالي في مدينة «ليره» بأنه «عملية استباقية ضد إرهابيي الجيش المالي و(فاغنر) المتمركزين في منطقة ليره وتمكبتو»، وأعلنت أن «الأهداف المحددة لهذه العملية تحققت، وفق الخطة المرسومة من قبل هيئة الأركان العامة للجيش الوطني الأزوادي».

لقطات من فيديو نشره المتمردون لمقاتليهم في ثكنة تابعة للجيش المالي (صفحات موالية للمتمردين)

وجاء على لسان مسؤول خلية الإعلام والاتصالات للشؤون العسكرية في أزواد العقيد مولاي أغ سيدي مولا، أن الهجوم الذي استهدف مدينة ليره أسفر عن «السيطرة الكاملة على قاعدتين» عسكريتين تابعتين للجيش المالي، بعد «مقتل 35 فرداً من القوات المسلحة الإرهابية المالية وجرح العشرات».

إلا أن جيش مالي، في بيان صحافي منشور على موقعه الإلكتروني، أورد حصيلة بعيدة جداً عن تلك الصادرة عن المتمردين، حين أعلن مقتل 5 فقط من جنوده، وإصابة 20 آخرين بجراح، ولكنه أكد في السياق ذاته أن 11 من جنوده في عداد المفقودين. في مقابل ذلك، قال المتمردون إنَّهم أسروا 6 عسكريين، من بينهم جرحى، قال المتمردون إنهم «سيسلمونهم للهيئات المستقلة المختصة»، في إشارة إلى هيئات الإغاثة الدولية الناشطة في مالي.

وحول خسائر المتمردين، قالت الحركات الأزوادية إن 8 من مقاتليها قتلوا خلال المعركة، فيما جرح 12 آخرين، إلا أن الجيش المالي في روايته للأحداث وصف المتمردين بـ«الإرهابيين»، وقال إن «7 جثث (منهم) بقيت في مكان المعركة»، مشيراً في السياق ذاته إلى أن «8 سيارات بعضها كانت مزودة بمدافع ثقيلة، جرى تدميرها بالكامل، مع تحييد ركابها المقدر عددهم بأكثر من ثلاثين، بالإضافة إلى عدد من الجرحى جرى نقلهم لتلقي العلاج في المنطقة».

هجوم المتمردين الأزواديين على جيش مالي في «ليره» أسفر عن مواجهة استمرت لعدة ساعات، وأسفرت عن خسائر مادية في القاعدة العسكرية، قال الجيش المالي إنها «لا تزال قيد التقييم»، بينما قال المتمردون إن «كل الآليات المدرعة في المعسكر جرى تفكيكها، ونزع ما بها من معدات صالحة، قبل تدميرها كلياً»، كما تحدث المتمردون عن الاستيلاء على «عدد من السيارات (...) وكمية كبيرة من الأسلحة والذخائر ومعدات أخرى لوجيستية»، ونشروا مقطع فيديو لمقاتليهم وهم يتجولون في ثكنة عسكرية ويحملون سياراتهم بالأسلحة والمعدات».

الخسائر المادية التي تكبدها الجيش كان من أهمها طائرة دعم اعترف في بيانه أنها أرغمت على الهبوط وسط الصحراء، فيما لا يزال البحثُ مستمراً عن طاقمها، ولكن المتمردين يتحدثون عن طائرتين حربيتين تابعتين للجيش «أصبحتا خارج الخدمة، بواسطة الوحدات المضادة للطيران للجيش الوطني الأزوادي».

وأوضح المتمردون أن إحدى الطائرتين أسقطت في «ليره»، والثانية أصيبت لتهبط اضطرارياً على بعد 7 كيلومترات إلى الجنوب الشرقي من «ليره»، وقال المتمردون إنهم «لم يعثروا على طيار الأولى، ومن المحتمل أنه مات فيها، كما أن طيار الثانية لم يتم العثور عليه في المكان أيضاً».

وأعلن المتمردون الأزواديون أن مقاتليهم أجروا تمشيطاً للمنطقة، قبل الانسحاب منها يوم الاثنين الماضي، أي بعد يوم واحد من الهجوم، مشيرين إلى أنه «لم تكن هنالك أي علامة لعودة القوات الإرهابية المالية»، ولكن جيش مالي خلص في بيانه إلى أنه «شن ضربات جوية ضد أهداف» تابعة للمتمردين في المنطقة، وأكد أنه خلال المعركة كان جنوده «حريصين على الحد من الخسائر في صفوف المدنيين».

وفيما تتضارب الروايات الصادرة عن الطرفين، يبقى من الصعب التأكد من صحتها، في ظل غياب أطراف مستقلة قريبة من مناطق المواجهة.


مقالات ذات صلة

غوتيريش: يجب أن تصمت البنادق خلال أولمبياد باريس

رياضة عالمية الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال لقائه بتوماس باخ رئيس الأولمبية الدولية (رويترز)

غوتيريش: يجب أن تصمت البنادق خلال أولمبياد باريس

حثّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش دول العالم على وقف الصراعات المسلحة بوصفه جزءاً من الهدنة الأولمبية، مع افتتاح أولمبياد باريس 2024.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا مخيم للسودانيين النازحين داخلياً من ولاية سنار في منطقة الهوري بمدينة القضارف شرق السودان في 14 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

تنديد أممي بـ«أنماط مقلقة» من الانتهاكات الجسيمة في السودان

قال محقّقون من الأمم المتحدة، الثلاثاء، إن أشخاصاً وقعوا ضحايا عنف الحرب الأهلية في السودان التقوهم في تشاد، وثّقوا «أنماطاً مقلقة» من الانتهاكات الجسيمة.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شؤون إقليمية صواريخ إسرائيلية تحاول اعتراض مقذوفات أطلقها «حزب الله» (إ.ب.أ)

بهدوء وسرية وتحت الأرض... استعدادات إسرائيلية لمواجهة «حزب الله»

يستعد المستشفى الرائد في شمال إسرائيل لصراع شامل مع «حزب الله» المتوقع أن يكون أكثر تدميراً من المواجهات السابقة.

«الشرق الأوسط» (حيفا)
شؤون إقليمية صورة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزعها مكتبه لزيارته الأخيرة للمقر العملياتي لسلاح الجو في تل أبيب

نتنياهو يوجه قيادات الجيش بوقف تسجيل النقاشات العسكرية في أيام الحرب الأولى

أمر بنيامين نتنياهو الجيش بالتوقف عن تسجيل الاستشارات الأمنية والنقاشات الوزارية التي جرت في مركز العمليات تحت الأرض في مقر القيادة العسكرية خلال الأيام الأولى.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب )
تحليل إخباري جنود إسرائيليون خلال عمليات في قطاع غزة (الجيش الإسرائيلي- أ.ف.ب)

تحليل إخباري معارك غزة... هل تطول وتصير حرب استنزاف؟

حتى الآن، لم ترتقِ الحرب على غزة من المستوى التكتيكي إلى الاستراتيجي. ينطبق هذا على التنظيمات الفلسطينيّة، كما على الجيش الإسرائيلي.

المحلل العسكري

محكمة نيجيرية تصدر أحكاماً بالسجن على 125 شخصاً أدينوا بالإرهاب

صورة تظهر آثار هجوم شنته عناصر من جماعة «بوكو حرام» في بلدة دالولي شمال شرق نيجيريا (رويترز)
صورة تظهر آثار هجوم شنته عناصر من جماعة «بوكو حرام» في بلدة دالولي شمال شرق نيجيريا (رويترز)
TT

محكمة نيجيرية تصدر أحكاماً بالسجن على 125 شخصاً أدينوا بالإرهاب

صورة تظهر آثار هجوم شنته عناصر من جماعة «بوكو حرام» في بلدة دالولي شمال شرق نيجيريا (رويترز)
صورة تظهر آثار هجوم شنته عناصر من جماعة «بوكو حرام» في بلدة دالولي شمال شرق نيجيريا (رويترز)

أصدرت محكمة خاصة في نيجيريا أحكاماً بالسجن على 125 شخصاً فيما يتعلق باتهامات بتورطهم في الإرهاب، حسب ما أوردته وكالة الأنباء الألمانية، وتردد أن معظم المتهمين، في أول محاكمة جماعية منذ سنوات، أعضاء في جماعة «بوكو حرام» المتشددة، التي نفذت عمليات خطف وهجمات انتحارية في تلك الدولة الواقعة غرب أفريقيا.

وقال المدعي العام ووزير العدل النيجيري، لطيف فاجبيمي، إن المحكمة أدانت 85 شخصاً بتمويل الإرهاب في إطار المحاكمة. كما أدانت أيضاً 22 شخصاً آخرين في جرائم بموجب قوانين المحكمة الجنائية الدولية، مثل جرائم ضد الإنسانية، أو جرائم الحرب مثل التعذيب أو الاغتصاب. وحُكم على المتهمين الآخرين في تهم مختلفة أيضاً تتعلق بالإرهاب.

وجاء في بيان رسمي أنه حكم على المتهمين بالسجن لمدد مختلفة، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل. وأدى تمرد لـ«بوكو حرام» إلى مقتل الآلاف، ونزوح الملايين منذ بدئه في 2009، ما أحدث أزمة إنسانية في شمال شرق نيجيريا، وزاد الضغوط على الحكومة من أجل إنهاء الصراع.

وقال قمر الدين أوجونديلي، المتحدث باسم مكتب المدعي العام، في بيان، في وقت متأخر أمس الجمعة: «لقد أُدينوا بتهم تصل إلى الإرهاب وتمويله، وتقديم الدعم المادي، وفي قضايا تتعلق بجرائم من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية». وجرت آخر محاكمات جماعية لمشتبه في انتمائهم إلى «بوكو حرام» بين 2017 و2018، وأُدين خلالها 163 شخصاً، فيما أُفرج عن 887 آخرين.

وذكر أوجونديلي أن من بين المدانين السابقين من أكمل مدة عقوبته، ونُقل إلى مركز إعادة تأهيل معروف باسم «عملية الممر الآمن في ولاية جومبي» شمال شرق نيجيريا «من أجل إعادة تأهيلهم، والقضاء على تطرفهم، ثم إعادة دمجهم في المجتمع».

واختطفت «بوكو حرام» أكثر من 270 فتاة من مدرسة في بلدة تشيبوك، الواقعة شمال شرق البلاد في أبريل (نيسان) 2014، وهو هجوم أثار حالة من الغضب، وأدى إلى إطلاق حملة عالمية تحت وسم (هاشتاغ) #أعيدوا فتياتنا. وعاد أكثر من نصف الفتيات، إلا أن كثيراً منهن عدن وقد أنجبن عدة أطفال. وأظهرت تفاصيل الإدانات الأحدث أن 85 أُدينوا بتمويل الإرهاب، و22 أُدينوا في جرائم تتعلق باختصاص المحكمة الجنائية الدولية، بينما أُدين البقية بالإرهاب.