رغم الأحداث المتصاعدة على الأرض في النيجر، أثيرت تساؤلات، الثلاثاء، حول جدوى المساعي الدبلوماسية لحل الأزمة، في ضوء احتمالات عن «تقارب بين السلطة العسكرية الحاكمة ومجموعة (إيكواس) للتوصل لحل سلمي». في حين يرى محللون أن «التوصل لمقاربة (سلمية) مع (إيكواس) بات الأقرب، عكس الحل العسكري الذي بات أكثر استبعاداً».
وقال علي الأمين زين، رئيس الوزراء الذي عينه المجلس العسكري في النيجر، الاثنين، إن المحادثات مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) «مستمرة». وأضاف زين خلال مؤتمر صحافي «لم نوقف الاتصالات مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، بل نواصل الاتصالات». و«لدينا آمال كبيرة بالتوصل إلى اتفاق (مع إيكواس) في غضون أيام قليلة».
وكان رئيس نيجيريا بولا تينوبو، الذي يتولّى حالياً الرئاسة الدورية لـ«إيكواس»، فتح (الخميس) الماضي، الباب أمام إمكانية القبول بفترة انتقالية قصيرة في النيجر، على غرار ما حدث في بلاده في تسعينات القرن الماضي، حينما شهدت نيجيريا فترة انتقالية مدّتها تسعة أشهر. وقال تينوبو إنّه «لا يرى سبباً لعدم تكرار ذلك في النيجر، إذا كانت السلطات العسكرية في النيجر صادقة».
وقرر النظام العسكري المنبثق من انقلاب النيجر، الاثنين، إعادة فتح المجال الجوي للبلاد المغلق منذ 6 أغسطس (آب) الماضي، وفق «وكالة أنباء النيجر الرسمية».
وقال حبيبو بوري، المحلل السياسي النيجري، لـ«الشرق الأوسط» إن «جهود الوساطة التي قام بها قادة دينيون من نيجيريا والنيجر وبنين مع بداية الأزمة لم تتوقف بين (إيكواس) وقادة المجلس العسكري وحكومته»، مؤكداً أن «هذه الجهود كانت عاملاً رئيسياً في قرار فتح الحدود»، موضحاً أن «المبادرة النيجيرية محل ترحيب من المجلس العسكري والحكومة المدنية المعينة ويمكن البناء تفاوضياً على النقاط محل الخلاف وعلى رأسها مدة الفترة الانتقالية التي يمكن التوصل لحل وسط بشأنها».
وكان رئيس الوزراء الذي عينه المجلس العسكري في النيجر قد أكد أن «محادثات جارية» مع «إيكواس» من أجل انسحاب «سريع» للقوات الفرنسية المتمركزة في البلاد، آملا بـ«الحفاظ على تعاون» مع فرنسا. وشدد على أن القوات الفرنسية «في وضع (غير قانوني)»، موضحاً أن «المحادثات الجارية ينبغي لها أن تتيح انسحاب هذه القوات سريعا جدا». وأضاف: «ما يهمّنا هو أن نحافظ على تعاون مع بلد تقاسمنا معه أمورا كثيرة، إذا كان ذلك ممكنا».
في السياق، ذكرت صحيفة «لوموند» الفرنسية، الثلاثاء، أن فرنسا «تجري مناقشات مع الجيش النيجري لسحب جزء من قواتها من البلاد»، وذلك بعد شهر من تنديد المجلس العسكري الحاكم باتفاقات التعاون العسكري بين البلدين. وفي حين «لم يتم تحديد عدد الجنود المعنيين ولا شروط هذه المغادرة رسميا، فإن المبدأ ثابت»، وفق الصحيفة.
ويأتي ذلك عقب تصريحات سابقة لوزيرة الخارجية الفرنسية، كاترين كولونا، قالت فيها إنه «لم يعد من الممكن» ضمان قيام القوات الفرنسية في النيجر بمهمتها في مكافحة الإرهاب: «لكونها تنفذ مع القوات المسلحة في النيجر، وهو ما بات غير ممكن بحكم الأمر الواقع».
ويرى عمر الأنصاري، المحلل السياسي النيجري، أن «المبادرة التي طرحتها نيجيريا قد تمثل أساساً تفاوضياً بين المجلس العسكري و(إيكواس)»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «إطلاق سراح محمد بازوم سوف يُطرح خلال عملية التفاوض»، متوقعاً أن «يُبدي المجلس العسكري (مرونة) في تقليل الثلاث سنوات التي كان حددها بوصفها فترة انتقالية». وأشار الأنصاري إلى أن «هناك بوادر لحلحلة الخلافات بين فرنسا والمجلس العسكري بدعم ووساطة من الولايات المتحدة الأميركية وبدرجة أقل من (إيكواس)».