النيجر: تحييد الخيار العسكري لصالح إجراء مزيد من المحاولات السلمية

 الدخول الأميركي على الخط سيكون بالغ الأثر على توجهات «إيكواس» وحل الأزمة

الجنرال عبد الرحمن تشياني الرجل القوي الجديد في النيجر يتحدث عبر التلفزيون الوطني ويقرأ بياناً بصفته «رئيس المجلس الوطني لحماية الوطن» (أ.ف.ب)
الجنرال عبد الرحمن تشياني الرجل القوي الجديد في النيجر يتحدث عبر التلفزيون الوطني ويقرأ بياناً بصفته «رئيس المجلس الوطني لحماية الوطن» (أ.ف.ب)
TT

النيجر: تحييد الخيار العسكري لصالح إجراء مزيد من المحاولات السلمية

الجنرال عبد الرحمن تشياني الرجل القوي الجديد في النيجر يتحدث عبر التلفزيون الوطني ويقرأ بياناً بصفته «رئيس المجلس الوطني لحماية الوطن» (أ.ف.ب)
الجنرال عبد الرحمن تشياني الرجل القوي الجديد في النيجر يتحدث عبر التلفزيون الوطني ويقرأ بياناً بصفته «رئيس المجلس الوطني لحماية الوطن» (أ.ف.ب)

لم يكن من قبيل الصدف أن يختار وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن «إذاعة فرنسا الدولية» التي تمولها الحكومة من أجل توضيح الموقف الأميركي بشكل لا لبس فيه ولإيصال رسالة غير مباشرة لباريس التي تعد من «الصقور» في موضوع إزاحة الانقلابيين وإعادة الانتظام الدستوري إلى النيجر. ولخص بلينكن موقف بلاده بجملة بالغة الوضوح وجاء في حرفيتها: «من المؤكد أن الدبلوماسية هي السبيل المثلى لإيجاد حل لهذا الوضع (الإنقلابي في النيجر)».

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يصافح رئيس النيجر محمد بازوم خلال لقائهما في القصر الرئاسي في نيامي في 16 مارس 2023 (أرشيفية - أ.ف.ب)

هذا هو نهج المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، وهذا هو نهجنا ونحن ندعم جهودها لاستعادة النظام الدستوري. وقرنت واشنطن القول بالفعل إذ كانت الجهة الغربية الوحيدة التي أرسلت أحد ألمع دبلوماسييها بشخص فيكتوريا نولاند، نائبة وزير الخارجية، (الاثنين) إلى نيامي للقاء الانقلابيين. ورغم أن محادثاتها لم تشمل زعيم الانقلاب أي رئيس المجلس العسكري الجنرال عبد الرحمن تياني ولا الرئيس المخلوع محمد بازوم وقولها إن مناقشاتها كانت «صريحة وصعبة»، فإن دخول واشنطن مباشرة على خط الأزمة سيكون له تأثير كبير خصوصاً على توجهات «إيكواس» التي تعقد قمتها الخميس في العاصمة النيجيرية لتقرر الخطوات اللاحقة.

مسؤولون عسكريون في مجموعة «إيكواس» يبحثون أزمة النيجر في أبوجا الأربعاء (إ.ب.أ)

من هنا، ووفق ما تؤكده مصادر أوروبية في باريس، فإن الخطة العسكرية التي أعدها رؤساء أركان جيوش 11 دولة من النادي الأفريقي «ستوضع في الثلاجة بانتظار جلاء النتائج التي ستفضي إليها الاتصالات القادمة من أجل إيجاد حل سياسي ــ دبلوماسي» للأزمة الراهنة. ولأن القادة الأفارقة اعتبروا أساساً أن الخيار العسكري هو «الملاذ الأخير»، فإن أصواتاً متعددة، دولية وإقليمية، تنادي بعدم التسرع وبالتنبه للتبعات الخطيرة المترتبة على تدخل عسكري غير مضمون النتائج.

وثمة توافق على أن اللجوء إلى السلاح في بلد كالنيجر يعاني من صعوبات اقتصادية وسياسية وأمنية، يمكن أن يفضي على المدى البعيد إلى فشل سياسي حتى لو نجح في إعادة بازوم إلى السلطة نظراً للدعم الظاهر الذي يتمتع به الانقلابيون.

وبما أن النجاح الميداني غير مضمون، فإن الخطر الأكبر أن يتحول التدخل العسكري إلى حرب إقليمية بين «معسكر إيكواس» و«معسكر الانقلابيين» في حال نفذت مالي وبوركينا فاسو تهديدهما، ودخلتا طرفاً في الصراع إلى جانب نيامي.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يستقبل رئيس النيجر محمد بازوم في الإليزيه في 23 يونيو 2023 (أ.ف.ب)

ولا شك أن أمراً كهذا لن يبقى محصوراً في النيجر، بل سيتمدد وسيضرب الاستقرار الهش أصلاً في منطقة «غرب أفريقيا» تفتقر أساساً للاستقرار ما من شأنه أن يعمق الانقسامات.

وفي أي حال، فإن حرباً قد تطول ستوقع ضحايا بريئة، وستعيد النيجر سنوات إلى الوراء. بيد أن هناك نتيجتين رئيسيتين لا بد من التركيز عليهما، وفق الخبراء: الأولى، أن الحرب ستوفر لميليشيا «فاغنر» وروسيا من ورائها، الفرصة الذهبية لتوسيع حضورها في منطقة الساحل بحيث تبدو الجهة الكفيلة بمجابهة الغربيين وما يجرونه وراءهم من ذيول ذات صبغة استعمارية. وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن لهيئة الإذاعة البريطانية أمس إن «فاغنر» وروسيا تعملان على استغلال الانقلاب في النيجر... مضيفاً أنه حيثما حلت «فاغنر» فإنها تحمل الموت والدمار والاستغلال. والثانية، تمكين التنظيمات الإرهابية من الاستفادة من الفوضى التي ستولد من رحم الحرب.

ووفق ما أصبح معلوماً، فإن الحرب والفقر يشكلان المزيج الذي يدفع بشرائح من المجتمع إلى الهجرة باتجاه أوروبا وهو ما لا تريده القارة القديمة بل تسعى لتجنبه من خلال السعي لإبرام اتفاقات كالتي عقدها الاتحاد الأوروبي مؤخراً مع تونس لتعمل على منع المهاجرين من مغادرة الشواطئ الأفريقية باتجاه أوروبا.

أعضاء المجلس العسكري الذي نفذ انقلاباً في النيجر يشاركون في مسيرة تأييد باستاد في العاصمة نيامي (رويترز)

ويوم الاثنين حذر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون من التدخل العسكري الذي رأى فيه تهديداً لأمن الجزائر. ونقلت صحيفة «النهار» الجزائرية عنه قوله إنه «تجب العودة إلى الشرعية الدستورية في النيجر، وندعو لحل سلمي للأزمة في هذا البلد، ونحن مستعدون لتقديم المساعدة في حال طلبوا منا ذلك». وكشف النائب في البرلمان سليمان زرقاني أن بلاده بعثت «برسائل إلى مجموعة (الإيكواس) وفرنسا وغيرها ممن يلوحون بالتدخل العسكري (لتبلغهم) أنها ترفضه رفضاً قاطعاً».

وتتشارك الجزائر والنيجر بحدود بطول ألف كلم. وهاجم النائب الجزائري فرنسا التي «تعمل على فرض التدخل العسكري في النيجر، لحماية مصالحها الكبيرة هناك، لذلك هي من تضغط وتحرك (الإيكواس) من أجل إجبار قادة الانقلاب على التراجع عن تحركهم أو العمل على التدخل العسكري لإعادة السلطة للرئيس محمد بازوم». واستبعد النائب المذكور حدوث «تدخل عسكري مباشر، بسبب وجود كل القوى الكبرى في العالم في أفريقيا، ولأن أي تدخل عسكري سيستدعي تدخل روسيا والصين بطريقة أو بأخرى، وهذا الأمر ما لا تريده كل الدول المؤثرة في النيجر». والحل بالنسبة للجزائر يقوم من خلال «طاولة الحوار هي الحل في النيجر، لكن يجب أن تكون تحت رعاية الدول الفاعلة خصوصاً الأفريقية منها، لأنه كلما كان الحل أفريقيا دون تدخل خارجي كان الحل فعالاً وواقعياً». قد تكون العلاقات المتوترة راهناً بين باريس والجزائر سبباً في الهجوم الإعلامي على فرنسا، لكن التحذير من الحرب ترجع أصداؤه في بلدان أوروبية مثل روما وبرلين... وغيرهما. وفي غرب أفريقيا ومنها نيجيريا تحديداً.

أعضاء في المجلس العسكري في النيجر أثناء حضورهم تجمعاً في استاد نيامي 6 أغسطس (رويترز)

حتى اليوم، يبدو أن الانقلابيين ماضون في تثبيت أقدامهم في الحكم؛ إذ أقدموا على إجراء حركة مناقلات داخل القوات المسلحة، وعينوا قائداً جديداً للحرس الجمهوري، وسموا رئيساً للحكومة ذا خلفية اقتصادية. ومع كل يوم يمر، يبتعد احتمال التخلص منهم، بحيث يتجه الوضع نحو استعادة السيناريوهات التي حصلت في مالي وبوركينا فاسو اللتين شهدتا 4 انقلابات عسكرية أفضت إلى سيطرة العسكر على السلطة فيهما. وجرى لاحقاً غض النظر عنهما مقابل وعود بإجراء انتخابات عامة يعود معها المدنيون إلى الحكم، وهو ما لم يتحقق حتى اليوم.


مقالات ذات صلة

الجيش الأميركي أنهى سحب قواته من آخر قاعدة في النيجر

الولايات المتحدة​ قاعدة أغاديز (أرشيفية - أ.ب)

الجيش الأميركي أنهى سحب قواته من آخر قاعدة في النيجر

أعلن الجيش الأميركي، الاثنين، إنهاء سحب كل قواته من قاعدته الأخيرة في النيجر؛ تلبية لمطلب قادة الانقلاب العسكري في الدولة الأفريقية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أفريقيا متظاهرون يهتفون تأييداً للقوات النيجرية أثناء تجمعهم أمام السفارة الفرنسية في نيامي (أ.ف.ب)

مقتل 15 جندياً في النيجر قرب الحدود مع بوركينا فاسو

قتل 15 جنديا في النيجر على الأقل أمس (الاثنين) خلال معارك في منطقة تير (جنوب غرب) قرب بوركينا فاسو.

«الشرق الأوسط» (نيامي)
أفريقيا مجموعة أفراد يحملون شبكة صيد في طريقهم لبحيرة الثعبان لجمع الأسماك بمالي (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تدعو إلى «تحرك دولي فوري» لحل أزمة منطقة الساحل الأفريقي

دعت الأمم المتحدة، الجمعة، إلى تحرك دولي فوري لوضع حد للنزوح القسري للمدنيين في منطقة الساحل الأفريقي التي تشهد أزمة إنسانية تزداد سوءا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
أفريقيا جنود فرنسيون يتأهبون لركوب طائرة عسكرية بعد انسحابهم من النيجر في 22 ديسمبر 2023 (رويترز)

السماح للجيش الألماني بالاحتفاظ بقاعدة جوية في النيجر

أعلنت وزارة الدفاع الألمانية أن الجيش الألماني سيتمكن من الاحتفاظ بقاعدته للنقل الجوي في النيجر في إطار «اتفاق مؤقت» أبرم مع الدولة الواقعة في منطقة الساحل.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الولايات المتحدة​ صورة عامة للعاصمة نيامي (أرشيفية - رويترز)

أميركا تستكمل سحب قواتها من النيجر بحلول 15 سبتمبر

قالت النيجر والولايات المتحدة في بيان مشترك إنهما توصلتا إلى اتفاق بشأن انسحاب القوات الأميركية من الدولة الواقعة في غرب أفريقيا.

«الشرق الأوسط» (نيامي )

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
TT

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)

أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مباحثات هاتفية مع الرئيس السنغالي بشيرو ديوماي فاي، ناقشا خلالها الوضع الأمني في منطقة الساحل والصحراء، حيث يتصاعد خطر الجماعات الإرهابية، حسب ما أعلن الكرملين. وقال الكرملين في بيان صحافي، إن المباحثات جرت، الجمعة، بمبادرة من الرئيس السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل».

الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي (أ.ب)

الأمن والإرهاب

وتعاني دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو، المحاذية للسنغال، من تصاعد خطر الجماعات الإرهابية منذ أكثر من عشر سنوات، ما أدخلها في دوامة من عدم الاستقرار السياسي والانقلابات العسكرية المتتالية.

وتوجهت الأنظمة العسكرية الحاكمة في كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، نحو التحالف مع روسيا التي أصبحت الشريك الأول لدول الساحل في مجال الحرب على الإرهاب، بدلاً من الحلفاء التقليديين؛ فرنسا والاتحاد الأوروبي.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (أ.ف.ب)

وبموجب ذلك، نشرت روسيا المئات من مقاتلي مجموعة (فاغنر) في دول الساحل لمساعدتها في مواجهة تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما عقدت صفقات سلاح كبيرة مع هذه الدول، حصلت الأخيرة بموجبها على طائرات حربية ومعدات عسكرية متطورة ومسيرات.

ومع ذلك لا تزالُ الجماعات الإرهابية قادرة على شن هجمات عنيفة ودامية في منطقة الساحل، بل إنها في بعض الأحيان نجحت في إلحاق هزائم مدوية بمقاتلي «فاغنر»، وقتلت العشرات منهم في شمال مالي.

في هذا السياق، جاءت المكالمة الهاتفية بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، حيث قال الكرملين إن المباحثات كانت فرصة لنقاش «الوضع في منطقة الصحراء والساحل وغرب أفريقيا، على خلفية عدم الاستقرار المستمر هناك، الناجم عن أعمال الجماعات الإرهابية».

وتخشى السنغال توسع دائرة الأعمال الإرهابية من دولة مالي المجاورة لها لتطول أراضيها، كما سبق أن عبرت في كثير من المرات عن قلقها حيال وجود مقاتلي «فاغنر» بالقرب من حدودها مع دولة مالي.

الرئيس إيمانويل ماكرون مودعاً رئيس السنغال بشير ديوماي فاي على باب قصر الإليزيه (رويترز)

وفي تعليق على المباحثات، قال الرئيس السنغالي في تغريدة على منصة «إكس» إنها كانت «ثرية وودية للغاية»، مشيراً إلى أنه اتفق مع بوتين على «العمل معاً لتعزيز الشراكة الثنائية والسلام والاستقرار في منطقة الساحل، بما في ذلك الحفاظ على فضاء الإيكواس»، وذلك في إشارة إلى (المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا)، وهي منظمة إقليمية تواجه أزمات داخلية بسبب تزايد النفوذ الروسي في غرب أفريقيا.

وكانت الدول المتحالفة مع روسيا (مالي والنيجر وبوركينا فاسو) قد جمدت عضويتها في المنظمة الإقليمية، واتهمتها بأنها لعبة في يد الفرنسيين يتحكمون فيها، وبدأت هذه الدول الثلاث، بدعم من موسكو، تشكيل منظمة إقليمية جديدة تحت اسم (تحالف دول الساحل)، هدفها الوقوف في وجه منظمة «إيكواس».

صورة جماعية لقادة دول مجموعة «إكواس» في أبوجا السبت (رويترز)

علاقات ودية

وفيما يزيد النفوذ الروسي من التوتر في غرب أفريقيا، لا تتوقف موسكو عن محاولة كسب حلفاء جدد، خاصة من بين الدول المحسوبة تقليدياً على فرنسا، والسنغال تعد واحدة من مراكز النفوذ الفرنسي التقليدي في غرب أفريقيا، حيث يعود تاريخ الوجود الفرنسي في السنغال إلى القرن السابع عشر الميلادي.

ولكن السنغال شهدت تغيرات جذرية خلال العام الحالي، حيث وصل إلى الحكم حزب «باستيف» المعارض، والذي يوصف بأنه شديد الراديكالية، ولديه مواقف غير ودية تجاه فرنسا، وعزز هذا الحزب من نفوذه بعد فوزه بأغلبية ساحقة في البرلمان هذا الأسبوع.

وفيما وصف بأنه رسالة ودية، قال الكرملين إن بوتين وديوماي فاي «تحدثا عن ضرورة تعزيز العلاقات الروسية السنغالية، وهي علاقات تقليدية تطبعها الودية، خاصة في المجالات التجارية والاقتصادية والاستثمارية».

ميليشيا «فاغنر» تتحرك على أرض مالي ومنطقة الساحل (رويترز)

وأضاف بيان الكرملين أن الاتفاق تم على أهمية «تنفيذ مشاريع مشتركة واعدة في مجال الطاقة والنقل والزراعة، خاصة من خلال زيادة مشاركة الشركات الروسية في العمل مع الشركاء السنغاليين».

وفي ختام المباحثات، وجّه بوتين دعوة إلى ديوماي فاي لزيارة موسكو، وهو ما تمت الموافقة عليه، على أن تتم الزيارة مطلع العام المقبل، حسب ما أوردت وسائل إعلام محلية في السنغال.

وسبق أن زارت وزيرة الخارجية السنغالية ياسين فال، قبل عدة أشهر العاصمة الروسية موسكو، وأجرت مباحثات مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف، حول قضايا تتعلق بمجالات بينها الطاقة والتكنولوجيا والتدريب والزراعة.

آثار الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين بدكار في 9 فبراير (رويترز)

حياد سنغالي

رغم العلاقة التقليدية القوية التي تربط السنغال بالغرب عموماً، وفرنسا على وجه الخصوص، فإن السنغال أعلنت اتخاذ موقف محايد من الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وطلبت قبل أشهر من السفير الأوكراني مغادرة أراضيها، بعد أن أدلى بتصريحات اعترف فيها بدعم متمردين في شمال مالي، حين كانوا يخوضون معارك ضد الجيش المالي وقوات «فاغنر».

من جانب آخر، لا تزالُ فرنسا الشريك الاقتصادي الأول للسنغال، رغم تصاعد الخطاب الشعبي المعادي لفرنسا في الشارع السنغالي، ورفع العلم الروسي أكثر من مرة خلال المظاهرات السياسية الغاضبة في السنغال.

ومع ذلك، لا يزالُ حجم التبادل التجاري بين روسيا والسنغال ضعيفاً، حيث بلغت صادرات روسيا نحو السنغال 1.2 مليار دولار العام الماضي، وهو ما يمثل 8 في المائة من إجمالي صادرات روسيا نحو القارة الأفريقية، في المرتبة الثالثة بعد مصر (28 في المائة) والجزائر (20 في المائة). ولا يخفي المسؤولون الروس رغبتهم في تعزيز التبادل التجاري مع السنغال، بوصفه بوابة مهمة لدخول أسواق غرب أفريقيا.