دخلت حالة الطوارئ المعلنة في إقليم أمهرة الإثيوبي يومها الرابع (الثلاثاء)، فيما «استمرت المعارك بين ميليشيا (فانو) والجيش الإثيوبي، وأقرت الحكومة بخسارة بعض المدن والمناطق». وقال محللون إن «مواجهات الحكومة الإثيوبية مع الميليشيات، قد تأخذ وقتاً من دون حسم، وسط غياب لأفق التوصل لحل سلمي راهناً».
واستمر القتال بين الطرفين وسمع دوي إطلاق نار، الاثنين، في مدن أمهرة، وجوندار، ولاليبيلا، وديبري بيرهان، والعاصمة الإقليمية باهر دار. وأغلقت الطرق الرئيسية في جميع أنحاء المنطقة، حسب ما قال سكان محليون لوكالة «أسوشييتد برس».
وأقر المدير العام لجهاز الاستخبارات الإثيوبية، المشرف على حالة الطوارئ، تمسكن طرونه، بأن «قوات أمهرة (غير النظامية) سيطرت على بعض المدن والبلدان، وأفرجت عن السجناء من السجون، واستولت على مؤسسات حكومية». واتهم طرونه في تصريحات (مساء الأحد) «هذه القوى» بأن «لديها الرغبة والهدف في تفكيك الحكومة الإقليمية ثم الانتقال إلى تفكيك النظام الفيدرالي».
وكانت الحكومة الإثيوبية قد أعلنت، السبت، عن تنفيذ حملة اعتقالات مرتبطة بـ«الأزمة الأمنية» في المنطقة. وأفاد مكتب الاتصالات الحكومي بأنه تمّ إلقاء القبض على من اعتبر أنهم فاقَموا الأزمة الأمنية، وباتوا متورطين في أعمال تدمير مختلفة.
وأعنت الحكومة، الجمعة، حالة الطوارئ في الإقليم بعد اشتباكات استمرت لأيام بين الجيش الإثيوبي وميليشيا «فانو». وكانت ميليشيا «فانو»، والتي كان يطلق عليها (القوات الخاصة الأمهرية) وتعمل بشكل متقطع من دون هيكل قيادة، قد ناصرت القوات الاتحادية في حرب أهلية استمرت لعامين بمنطقة تيغراي المجاورة، وانتهت في نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي، بعد توقيع اتفاقية «بريتوريا» للسلام، لكن العلاقات توترت بعد أن بدأت الحكومة في أبريل (نيسان) الماضي عملية مفاجئة لنزع سلاح وتفكيك قوات شكّلتها بعض الولايات تمهيداً لدمج عناصرها في الجيش الفيدرالي أو الشرطة أو في الحياة المدنية.
من جهتها، أعربت منظمة الصحة العالمية عن «مخاوفها» بشأن «العنف المستمر في منطقة أمهرة». وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم، (مساء الأحد)، إن «وصول المساعدات الإنسانية صعب بسبب إغلاق الطرق؛ والاتصال صعب بسبب تعليق الإنترنت»، مشيرا إلى أن «النزاع له تأثير فوري على صحة الناس، ويمكن أن يكون له عواقب وخيمة وطويلة الأمد على الأنظمة الصحية».
وقال أنور إبراهيم، الصحافي والمحلل السياسي الإثيوبي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الاشتباكات تزداد عنفاً وتوسعاً في الإقليم، والميليشيا تسيطر على عدد من المدن والمناطق، فيما أعلنت الحكومة رغبتها في التواصل مع قيادات الميليشيات، من أجل الانخراط في مباحثات للتوصل لحل سلمي، لكن تلك المحاولات لم تجد استجابة». وتوقع إبراهيم أن «يتطور الموقف وتزداد كثافة الاشتباكات وينتشر الجيش بأعداد كبيرة جداً في الساعات المقبلة للسيطرة على الأمور». وأضاف أن الوضع الإنساني في الإقليم «يزداد سوءاً بازدياد حدة المعارك وتوسع رقعتها».
في حين وصف محمود أبو بكر، المحلل المختص في شؤون القرن الأفريقي، ما يحدث في الإقليم بأنه «حرب كر وفر». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الجيش يدفع بتعزيزات كبيرة جداً». واعتقد أبو بكر أن «حسم الأمور عسكرياً بشكل سريع مُستبعد في الوقت الحاضر». ويرى أن المعارك قد تتطور إلى (حرب مدن) لا سيما أن ميليشيا (فانو) لديها ظهير شعبي داعم». واستبعد أبو بكر «خيار التوصل إلى حل سلمي حالياً في ظل قرار مجلس الوزراء بشن حملة عسكرية واسعة لإنفاذ القانون، وهو توصيف مشابه لما حدث قبل حرب تيغراي»، لكنه توقع أن «يجلس الطرفان في نهاية الأمر إلى طاولة المفاوضات للتوصل لحل سياسي، وقد يكون كل من الطرفين يستهدف من تلك المواجهة تحسين شروط التفاوض».