النيجر: ما مصير الرئيس بازوم مع انتهاء مهلة «إيكواس»؟

تظهر هذه الصورة التي تم الحصول عليها من صفحة الفيسبوك لرئيس تشاد الجنرال محمد إدريس ديبي وهو يلتقي برئيس النيجر المخلوع محمد بازوم في نيامي في 30 يوليو 2023 (أ.ف.ب)
تظهر هذه الصورة التي تم الحصول عليها من صفحة الفيسبوك لرئيس تشاد الجنرال محمد إدريس ديبي وهو يلتقي برئيس النيجر المخلوع محمد بازوم في نيامي في 30 يوليو 2023 (أ.ف.ب)
TT

النيجر: ما مصير الرئيس بازوم مع انتهاء مهلة «إيكواس»؟

تظهر هذه الصورة التي تم الحصول عليها من صفحة الفيسبوك لرئيس تشاد الجنرال محمد إدريس ديبي وهو يلتقي برئيس النيجر المخلوع محمد بازوم في نيامي في 30 يوليو 2023 (أ.ف.ب)
تظهر هذه الصورة التي تم الحصول عليها من صفحة الفيسبوك لرئيس تشاد الجنرال محمد إدريس ديبي وهو يلتقي برئيس النيجر المخلوع محمد بازوم في نيامي في 30 يوليو 2023 (أ.ف.ب)

في 30 يوليو (تموز)، بعد 4 أيام من الانقلاب الذي أطاح الرئيس النيجري المنتخب محمد بازوم، منحت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «إيكواس» الانقلابيين 7 أيام، أي حتى مساء الأحد 5 أغسطس (آب)، لإعادته إلى المنصب، تحت طائلة استخدام «القوة». وقالت جيوش عدة في غرب أفريقيا مثل السنغال، إنها مستعدة لإرسال جنود، مثل كوت ديفوار، وفقاً لمصدر مقرب من الوفد الإيفواري في أبوجا، الذي لم يحدد العدد المحتمل من الرجال الذين تم حشدهم. ولكن مع انقضاء المهلة، وحلول يوم الاثنين 7 أغسطس، لا يزال الرئيس بازوم محتجزاً، وفق تقرير نشرته اليوم (الاثنين) صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

بازوم يصرح ﻟ«واشنطن بوست»

في تصريح علني له منذ انقلاب النيجر، أعرب الرئيس محمد بازوم لصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، عن قلقه من خطر عودة الإرهاب وإقامة منطقة «تحت النفوذ الروسي» إذا نجح الانقلاب. وصف نفسه كذلك، بـ«رهينة» الانقلابيين، قائلاً: «أنا أكتب هذا رهينة. النيجر تتعرض لهجوم من مجلس عسكري يحاول الانقلاب على ديمقراطيتنا، وأنا لست سوى مواطن من مئات تم سجنهم اعتباطياً وبطريقة غير شرعية»، هكذا بدأ الرئيس بازوم مقاله في «واشنطن بوست» الخميس الماضي.

منذ بداية أسره، لا يُعرف الكثير عن ظروف الإقامة الجبرية للرئيس محمد بازوم. ومع ذلك، تلقى بازوم زيارة في 31 يوليو، من رئيس تشاد محمد إدريس ديبي الذي تحدث معه ونشر صورة على حسابه على «تويتر».

ظروف اعتقال صعبة

وفق شبكة «فرنس إنفو» الفرنسية، سيرى بازوم ظروفه المعيشية تصعب، وسيُحرم الآن من الكهرباء وحتى من الطعام: «وفقاً لأقاربه، الذين تم الاتصال بهم بعد ظهر يوم الجمعة، فإن محمد بازوم بخير ويرفض بشكل قاطع الاستقالة. لكن ظروفه المعيشية أصبحت قاسية بشكل كبير». ووفقاً لأقاربه، لم يعد لدى الرئيس بازوم الكهرباء ولم يعد بإمكان الشخص المسؤول عن إرسال الطعام له الوصول إلى القصر.

«محادثات سرية»

وذكرت معلومات صباح اليوم (الاثنين)، صادرة على «فرنس إنفو» أيضاً لسفيرة النيجر لدى فرنسا، أن الرئيس المنتخب لن يحصل على مياه الشرب بعد الآن. وأشار التقرير إلى أن سفيرة النيجر لدى فرنسا «ترفض» قرار الانقلابيين بإنهاء مهامها، وتعد قرار العسكريين المنفذين للانقلاب الذي قرر من جانب واحد إنهاء مهامها «باطلاً وباطلاً».

وتضيف «فرنس إنفو»: «طوال الأسبوع، استمر محمد بازوم في الحديث مع الأقارب الناشطين في الخفاء ومع شركائه الدوليين»، وأنه على اتصال مع الولايات المتحدة الموجودة عسكرياً في النيجر.

برلين تحذّر

في سياق متصل، حذرت الحكومة الألمانية الانقلابيين في النيجر، من ارتكاب أعمال عنف بحق الرئيس المحتجز محمد بازوم، حسبما أفادت وكالة الأنباء الألمانية.

وقال متحدث باسم الخارجية الألمانية اليوم (الاثنين)، إن برلين تشعر بقلق بشأن رئيس النيجر، «ولهذا السبب أود في هذا الصدد أن أؤكد مرة أخرى على رسالتنا إلى الانقلابيين بأن عليهم أن يضعوا في حسبانهم أنهم سيتعرضون لعواقب شخصية وخيمة في حال حدث شيء للرئيس المنتخب ديمقراطياً بازوم وأسرته».

وأضاف المتحدث: «سنعد هذا بمثابة تصعيد بالضبط مثل شركائنا الأفارقة». وأوضح في رد على سؤال عن الخطوات المحتمل اتخاذها في هذه الحالة، أن من الممكن فرض عقوبات والقيام بملاحقات جنائية على الصعيد الوطني أو الدولي.

وصرح المتحدث بأن حكومة بلاده لا تزال تأمل في أن يستجيب الانقلابيون لجهود الوساطة التي يقوم بها الاتحاد الأفريقي، وكذلك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس).

وانتهت أمس (الأحد)، المهلة التي منحتها «إيكواس» للمجلس العسكري الذي يحكم النيجر منذ الانقلاب الذي وقع في نهاية يوليو الماضي، لاستعادة النظام الدستوري وإطلاق سراح رئيس النيجر، قبل أن تبدأ المجموعة في تنفيذ خطة للتدخل العسكري في النيجر.

ورداً على سؤال حول الأساس الذي يمكن أن يستند إليه هذا التدخل بموجب القانون الدولي، قال المتحدث إنه لا يريد أن يتكهن، مشيراً إلى أن التدخل يمكن في حالة الضرورة أن يصبح ممكناً بناء على دعوة من النيجر من خلال مؤسساتها الدستورية المخولة بتمثيلها «إذن لنقل من خلال الحكومة المنتخبة ديمقراطياً».

ولا تزال وزارة الخارجية الألمانية تعد الوضع في النيجر هشاً ومتوتراً، وقال المتحدث: «الآن بدأت العقوبات في إظهار تأثيرها. بالتأكيد لها تأثيرات مؤلمة أيضاً على السكان، وكذلك أيضاً على نظام الحكم، وتعلمون طبعاً أنه تم قطع إمدادات الكهرباء المقبلة من نيجيريا. كما بدأت أول مشاكل النقد في الظهور».


مقالات ذات صلة

الجيش الأميركي أنهى سحب قواته من آخر قاعدة في النيجر

الولايات المتحدة​ قاعدة أغاديز (أرشيفية - أ.ب)

الجيش الأميركي أنهى سحب قواته من آخر قاعدة في النيجر

أعلن الجيش الأميركي، الاثنين، إنهاء سحب كل قواته من قاعدته الأخيرة في النيجر؛ تلبية لمطلب قادة الانقلاب العسكري في الدولة الأفريقية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أفريقيا متظاهرون يهتفون تأييداً للقوات النيجرية أثناء تجمعهم أمام السفارة الفرنسية في نيامي (أ.ف.ب)

مقتل 15 جندياً في النيجر قرب الحدود مع بوركينا فاسو

قتل 15 جنديا في النيجر على الأقل أمس (الاثنين) خلال معارك في منطقة تير (جنوب غرب) قرب بوركينا فاسو.

«الشرق الأوسط» (نيامي)
أفريقيا مجموعة أفراد يحملون شبكة صيد في طريقهم لبحيرة الثعبان لجمع الأسماك بمالي (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تدعو إلى «تحرك دولي فوري» لحل أزمة منطقة الساحل الأفريقي

دعت الأمم المتحدة، الجمعة، إلى تحرك دولي فوري لوضع حد للنزوح القسري للمدنيين في منطقة الساحل الأفريقي التي تشهد أزمة إنسانية تزداد سوءا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
أفريقيا جنود فرنسيون يتأهبون لركوب طائرة عسكرية بعد انسحابهم من النيجر في 22 ديسمبر 2023 (رويترز)

السماح للجيش الألماني بالاحتفاظ بقاعدة جوية في النيجر

أعلنت وزارة الدفاع الألمانية أن الجيش الألماني سيتمكن من الاحتفاظ بقاعدته للنقل الجوي في النيجر في إطار «اتفاق مؤقت» أبرم مع الدولة الواقعة في منطقة الساحل.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الولايات المتحدة​ صورة عامة للعاصمة نيامي (أرشيفية - رويترز)

أميركا تستكمل سحب قواتها من النيجر بحلول 15 سبتمبر

قالت النيجر والولايات المتحدة في بيان مشترك إنهما توصلتا إلى اتفاق بشأن انسحاب القوات الأميركية من الدولة الواقعة في غرب أفريقيا.

«الشرق الأوسط» (نيامي )

محاولة انقلابية فاشلة في دولة بنين

صورة أرشيفية لمتظاهرة تحمل علم بنين خارج البرلمان في العاصمة بورتو نوفو أبريل 2017 (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لمتظاهرة تحمل علم بنين خارج البرلمان في العاصمة بورتو نوفو أبريل 2017 (أ.ف.ب)
TT

محاولة انقلابية فاشلة في دولة بنين

صورة أرشيفية لمتظاهرة تحمل علم بنين خارج البرلمان في العاصمة بورتو نوفو أبريل 2017 (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لمتظاهرة تحمل علم بنين خارج البرلمان في العاصمة بورتو نوفو أبريل 2017 (أ.ف.ب)

أعلنت السلطات في دولة بنين اعتقال قائد الحرس الجمهوري ورجل أعمال مُقرّب من رئيس البلاد ووزير سابق في الحكومة، إثر تورّطهم في مخطط لقلب نظام الحكم بالقوة، في البلد الذي كان يعد واحداً من أكثر ديمقراطيات أفريقيا استقراراً، ولكنه يشهد منذ سنوات توتراً سياسياً متصاعداً، واتهامات بالتحول نحو «الديكتاتورية».

وقالت السلطات القضائية، الأربعاء، على لسان المدعي العام لدى محكمة الجرائم الاقتصادية والإرهاب، إن «قائد الحرس الجمهوري المكلف بحماية رئيس الدولة، تلقى اتصالات من الوزير السابق أوزوالد هوميكي، ورجل الأعمال أوليفييه بوكو لتنفيذ انقلاب بالقوة يوم 27 سبتمبر (أيلول) 2024».

وفي هذه الأثناء أعلنت محكمة الجرائم الاقتصادية والإرهاب، أنها اعتقلت قائد الحرس الجمهوري دجيمون ديودوني تيفويدجي، في حدود الساعة الواحدة من فجر يوم الثلاثاء الماضي، حين كان يتسلّم من وزير الرياضة السابق أوزوالد هوميكي، أكياساً من النقود تجاوزت قيمتها مليوني يورو.

وقال المدعي العام إن القائد العسكري والوزير السابق جرى اعتقالهما «أثناء عملية تسليم مبلغ مليار وخمسمائة مليون فرنك غرب أفريقي (ما يزيد قليلاً عن مليوني يورو)»، مشيراً إلى أن المحكمة قررت «فتح تحقيق لتحديد جميع الأشخاص المتورطين» في محاولة الانقلاب.

وتشير المعلومات الصادرة عن السلطات القضائية في بنين إلى أن المبالغ التي كان الوزير السابق ينوي تسليمها لقائد الحرس الجمهوري مصدرها رجل الأعمال أوليفييه بوكو، الصديق المقرب من الرئيس باتريس تالون، وفي نفس الليلة اعتقل رجل الأعمال.

خلفيات سياسية

رجل الأعمال أوليفييه بوكو (60 عاماً)، كان حتى وقت قريب واحداً من أكثر الرجال قرباً من الرئيس باتريس تالون، وهو مالك مجموعة «Dfa» للإمدادات الغذائية، ويوصف بأنه اليد اليمنى للرئيس تالون منذ نحو 20 عاماً.

إلا أن العلاقة بينه الرئيس ورجل الأعمال بدأت تتوتر منذ العام الماضي، حين بدأ رجل الأعمال يظهر طموحات سياسية ورغبة في حكم البلاد، وبدأت تتشكل كتل سياسية تدعم ترشح رجل الأعمال للانتخابات الرئاسية المقبلة (2026)، وأصبح يقدم من طرف بعض الأوساط على أنه الخليفة المثالي للرئيس الحالي باتريس تالون.

وفي عام 2023، استقال وزير الرياضة السابق أوزوالد هوميكي (المعتقل معه حالياً)، بعد أن دعا إلى دعم ترشح أوليفييه بوكو لخلافة الرئيس تالون، الذي يحكم بنين منذ 2016، وأعيد انتخابه عام 2021، ويمنعه الدستور الحالي من الترشح لولاية رئاسية ثالثة.

وتشير أوساط سياسية عديدة إلى أن تالون استاء كثيراً من طموحات رجل الأعمال، وهو الذي يرفض الإفصاح عن مستقبله السياسي، وإن كان يفكر في تعديل الدستور للبقاء في الحكم لفترة أطول، كما سبق وفعل عدد من قادة أفريقيا، رغم ما ينطوي ذلك على مخاطر سياسية.

ردود فعل

على المستوى الداخلي في بنين، تزيد هذه الاعتقالات من تعقيد الوضع السياسي، وذلك ما عبرت عنه مجموعة من المحامين عقدت مؤتمراً صحافياً يوم الثلاثاء، قالت فيه إن على السلطات أن تفرج فوراً عن أوليفييه بوكو، قبل أن يصفوا اعتقاله بأنه «اختطاف خارج القانون».

وقال المحامون: «في الوقت الذي نعقد فيه هذا المؤتمر الصحافي، لا يمكن لعائلته ولا نحن كمحامين عنه، معرفة مكان أو حالة السيد بوكو، الذي ربما يكون محروماً من الطعام وخاصة من أدويته». وأضاف المحامون أن «هذا الانتهاك الصارخ للإجراءات القانونية يحدث في سياق لم يكن فيه السيد بوكو عرضة لأي إجراء قضائي، ولم يتم استدعاؤه أو إصدار أي أمر بالقبض عليه».

من جهة أخرى، أصدرت مجموعة سياسية تدعم ترشح بوكو للرئاسة في عام 2026، بياناً دانت فيه اعتقاله ووصفته بأنه «انتهاك خطير للحقوق الأساسية»، و«اضطهاد سياسي واضح»، و«أساليب قمعية غير مقبولة».

ويأتي هذا الاعتقال ليدعم خطاب المعارضة حين تتهم الرئيس باتريس تالون بالتحول نحو الحكم الاستبدادي في بنين، التي كانت تُعتبر واحدة من أكثر الديمقراطيات استقراراً في المنطقة.

السياق الدولي

بعد اعتقال رجل الأعمال وقائد الحرس الرئاسي، واتهامه بمحاولة قلب نظام الحكم، يزداد الوضع السياسي غموضاً في بنين، خاصة فيما يتعلق بمستقبل الديمقراطية، في ظل موجة الانقلابات التي تجتاح دول غرب أفريقيا.

وتعد دول الساحل، المحاذية لدولة بنين، بؤرة موجة الانقلابات العسكرية، وهي مركز الصراع الدائر بين روسيا والصين من جهة، والغرب من جهة أخرى، والذي أصبحت دائرته تتسع لتشمل دول غرب أفريقيا عموماً.

وتقعُ دولة بنين في عمق غرب أفريقيا، مطلة على المحيط الأطلسي، وخاصة خليج غينيا الاستراتيجي، وتحدها من الشمال دولتا النيجر وبوركينا فاسو، وهما البلدان اللذان يحكمان من طرف الجيش، وتوجها نحو التحالف مع روسيا، بعد قطيعة علنية مع الغرب، وخاصة فرنسا.

وسبق أن وجهت دول الساحل (النيجر، مالي وبوركينا فاسو) اتهامات إلى بنين بأنها تحولت إلى مركز للقواعد العسكرية والاستخباراتية الفرنسية، بل إن النيجر قطعت العام الماضي جميع اتفاقيات التعاون الأمني والعسكري مع بنين، وأغلقت الحدود بين البلدين.

واندلعت إثر ذلك أزمة حادة بين النيجر وبنين، تتعلق بتصدير إنتاج النيجر من النفط، وهي الدولة الحبيسة التي كانت تعتمد على الموانئ في بنين، ودخلت الصين على الخط لنزع فتيل الأزمة، بصفتها متضررة من الأزمة حيث تتولى استغلال أكبر الحقول النفطية في النيجر.