«داعش» يهاجم قافلة في طريقها من مالي إلى النيجر

جنود من جيش مالي بالقرب من نهر النيجر (أ.ف.ب)
جنود من جيش مالي بالقرب من نهر النيجر (أ.ف.ب)
TT

«داعش» يهاجم قافلة في طريقها من مالي إلى النيجر

جنود من جيش مالي بالقرب من نهر النيجر (أ.ف.ب)
جنود من جيش مالي بالقرب من نهر النيجر (أ.ف.ب)

شن مسلحون من تنظيم «داعش» في الصحراء الكبرى، الخميس، هجوماً على قافلة من الشاحنات كانت في طريقها من مالي نحو النيجر، وذلك بالقرب من الحدود بين البلدين اللذين يعيشان أوضاعاً صعبة بسبب قلاقل سياسية وأزمة أمنية مستفحلة منذ عشر سنوات.

وقالت مصادر أمنية محلية إن مسلحي «داعش» نصبوا مكمناً لقافلة الشاحنات التي كانت تحت حراسة جنود من الجيش المالي، ووقعت مواجهات «شرسة» بين الطرفين، لم تعرف بعد حصيلتها النهائية.

ووقع الهجوم بالقرب من مدينة ميناكا، شمال شرقي مالي، غير بعيد من الحدود مع النيجر، وقال مصدر أمني محلي: «نقوم بمسح الخسائر... جنودنا دافعوا عن أنفسهم بشراسة».

في السياق ذاته، أكد مسؤول في الشرطة وقوع الهجوم، وقال: إن «الجنود كانوا يرافقون الشاحنات إلى النيجر»، دون أن يكشف عن أي تفاصيل حول حمولة هذه الشاحنات، رغم أن بعض الأنباء غير المؤكدة تحدثت عن «شحنات أسلحة» يرسلها الحكام العسكريون في مالي إلى قادة انقلاب النيجر.

وتواجه النيجر عقوبات اقتصادية ومالية قاسية من طرف المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)؛ بسبب الانقلاب العسكري الذي قاده ضباط ضد حكم الرئيس المنتخب محمد بازوم، الموجود رهن الاحتجاز منذ الأربعاء 26 يوليو (تموز) الماضي.

وقررت المجموعة الاقتصادية التي تضم 15 دولة من ضمنها النيجر، بالإضافة إلى فرض العقوبات، منح مهلة لقادة انقلاب النيجر للعودة إلى النظام الدستوري تنتهي بعد غدٍ (الأحد)، ملوّحة بإمكانية التدخل العسكري لإرغامهم على ذلك.

ولكن يبدو أن قادة الانقلاب في النيجر لا يأبهون لذلك، حين توجهوا إلى مالي وبوركينا فاسو المجاورتين اللتين واجهتا في السابق وضعية مشابهة، وأصبحتا خارج المجموعة، وبذلك يتشكل محور جديد يضم الدول الثلاث مناهض لمجموعة «إيكواس» وفرنسا، ومتحالف مع روسيا.

وقد تأكد موقف النيجر الجديد بعد أن اتخذ الانقلابيون مساء الخميس، سلسلة قرارات موجهة ضد فرنسا، من أبرزها إنهاء العمل باتفاقات عسكرية موقعة مع القوة الاستعمارية السابقة للبلد، تنشر بموجبها 1500 جندي فرنسي في البلد، في إطار ما يعرفُ بالحرب على الإرهاب.

جاء إنهاء العمل بالاتفاقات من جانب واحد، في قرار صادر عن المجلس الوطني لحماية الوطن، وهو مجلس شكّله عسكريون قادوا انقلاباً، بعد أن احتجزوا الرئيس المنتخب محمد بازوم، يوم الأربعاء 26 يوليو (تموز) الماضي.

وجاء في البيان الذي قرأه عسكري عبر التلفزيون الحكومي، أنه أمام ردة فعل فرنسا تجاه «الوضعية» في النيجر، فإن المجلس العسكري قرر «إنهاء العمل باتفاقات التعاون في مجال الأمن والدفاع الموقعة مع هذا البلد (فرنسا)».

وأشارت وكالة الصحافة الفرنسية إلى أن الاتفاقات المذكورة تتعلق أساساً بتمركز القوات الفرنسية فوق أراضي النيجر، ووضعية الجنود الفرنسيين الموجودين في إطار محاربة الإرهاب، وهو ما يقدر بنحو 1500 جندي فرنسي، أغلبهم يتمركز في القاعدة العسكرية الفرنسية في العاصمة نيامي.

ويعني هذا القرار أن على فرنسا أن تسحب قواتها من النيجر، دون أن يحدد الحكام الجدد للنيجر أي مهلة لتنفيذ ذلك، وفي حالة انسحاب الفرنسيين من النيجر، فإن باريس ستكون فقدت ثالث بلد في منطقة الساحل، في غضون عامين فقط، بعد انسحابها من مالي ثم بوركينا فاسو.

وكانت فرنسا قد بدأت أول أمس (الأربعاء) ترحيل رعاياها من النيجر، وأكملته أمس، بينما علّق قادة الانقلاب على رحيل الرعايا الفرنسيين، بأنهم لا يرون ضرورة موضوعية تدفع باريس لترحيلهم، مؤكدين أن الأوضاع هادئة في البلد، وكل شيء تحت السيطرة.

ولكن الأمور تسارعت مساء الخميس، حين اتخذ قادة النيجر الجدد سلسلة من القرارات موجهة ضد فرنسا، بدأت بتعليق بث «إذاعة فرنسا الدولية» وقناة «فرنسا 24» في النيجر، وهما أهم وسيلتي إعلام فرنسيتين، وكانتا تتمتعان بقاعدة شعبية واسعة في النيجر.

على الرغم من أنه لم يصدر بيان رسمي من المجلس العسكري بخصوص تعليق بث وسائل الإعلام الفرنسية، فإن مسؤولاً رفيع المستوى قال لوكالة الصحافة الفرنسية: إنه قرار اتُخذ «بتعليمات من السلطات العسكرية الجديدة»، وهو القرار الذي نددت به وزارة الخارجية الفرنسية، ووصفته بأنه «إجراء مناهض للصحافة»، مشيرة إلى أنه «جاء على خلفية قمع استبدادي ينفذه الانقلابيون».

كما قرر الحكام العسكريون الجدد للنيجر، سحب سفراء البلد في كل من فرنسا والولايات المتحدة، بالإضافة إلى نيجيريا وتوغو، ولم يشرح قادة الانقلاب خلفيات هذا القرار، كما لم يصدر أي قرار بخصوص سفراء هذه الدول في النيجر.

ولم يعرف بعد إن كان تصعيد قادة انقلاب النيجر ضد فرنسا سيشمل الشركات الفرنسية العاملة في مناجم اليورانيوم شمالي البلاد، حيث تُعدّ النيجر واحدة من أغنى دول العالم باليورانيوم، وتعتمد عليها فرنسا بشكل كبير في حاجياتها منه.

وبذلك، تتعزز المؤشرات التي تفيد بأن قادة انقلاب النيجر سيسلكون الطريق نفسها التي سلكها قبلهم أقرانهم في مالي وبوركينا فاسو، الذين استبدلوا بحليفهم الفرنسي التقليدي، حليفاً جديداً هو روسيا التي يتعاظم نفوذها في أفريقيا بشكل كبير منذ سنوات.

وكانت مالي وبوركينا فاسو قد أعلنتا دعمهما للانقلابيين في النيجر، في حين أعلن الانقلابيون في النيجر إعادة فتح الحدود البرية والجوية مع البلدين، التي أغلقت منذ الانقلاب العسكري، كما فتحوها مع الجزائر وليبيا وتشاد، وأبقوا عليها مغلقة مع نيجيريا وتوغو، البلدان المنخرطان في عقوبات «إيكواس».


مقالات ذات صلة

السوداني: لا حاجة لوجود القوات الأميركية بالعراق بعد هزيمة «داعش»

المشرق العربي جنود من الجيش الأميركي يقفون خارج مركبتهم المدرعة جنوبي الموصل (أرشيفية - أ.ب)

السوداني: لا حاجة لوجود القوات الأميركية بالعراق بعد هزيمة «داعش»

قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إنه لم تعد هناك حاجة لوجود القوات الأميركية في بلاده لأنها نجحت إلى حد بعيد في هزيمة تنظيم داعش.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
أوروبا أفراد من الشرطة الفنلندية في أحد شوارع هلسنكي (أرشيفية - أ.ف.ب)

الشرطة الفنلندية توقف 3 رجال يشتبه بتورطهم في أنشطة «داعش»

أعلنت الشرطة الفنلندية، الاثنين، أن ثلاثة رجال يشتبه بتورطهم في أنشطة لتنظيم «داعش» اعتُقلوا في فنلندا الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (هلسنكي)
أوروبا وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر (أ.ف.ب)

ألمانيا تنفذ قرارها بتوسيع نطاق إجراءات المراقبة ليشمل كل حدودها

تبدأ ألمانيا، اليوم (الاثنين)، تنفيذ قرارها بتوسيع نطاق إجراءات المراقبة المؤقتة عبر حدودها البرية بهدف مكافحة الهجرة غير القانونية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية شرطة الطب الشرعي في موقع الهجوم بكنيسة «سانتا ماريا» يوم 28 يناير (أ.ب)

مخابرات تركيا توقف أحد مخططي الهجوم على كنيسة «سانتا ماريا»

كشفت المخابرات التركية عن القبض على أحد عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي، وقالت إنه شارك في التخطيط للهجوم على كنيسة «سانتا ماريا» الكاثوليكية الإيطالية في إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي جنود من الجيش الأميركي يقفون خارج مركبتهم المدرعة جنوب الموصل (أرشيفية - أ.ب)

الجيش الأميركي: مقتل 4 من قادة «داعش» في غارة بالعراق

أعلنت القيادة الوسطى الأميركية «سنتكوم»، أمس (الجمعة)، أن أربعة من قادة تنظيم «داعش» قُتلوا في عملية عسكرية أميركية عراقية مشتركة في غرب العراق الشهر الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

حكم بإعدام 37 شخصاً بينهم 3 أميركيين في «محاولة الانقلاب» بالكونغو الديمقراطية

المواطن الأميركي بنجامين ريوبين زالمان بولن خلال محاكمته في قضية «محاولة الانقلاب» بالكونغو (إ.ب.أ)
المواطن الأميركي بنجامين ريوبين زالمان بولن خلال محاكمته في قضية «محاولة الانقلاب» بالكونغو (إ.ب.أ)
TT

حكم بإعدام 37 شخصاً بينهم 3 أميركيين في «محاولة الانقلاب» بالكونغو الديمقراطية

المواطن الأميركي بنجامين ريوبين زالمان بولن خلال محاكمته في قضية «محاولة الانقلاب» بالكونغو (إ.ب.أ)
المواطن الأميركي بنجامين ريوبين زالمان بولن خلال محاكمته في قضية «محاولة الانقلاب» بالكونغو (إ.ب.أ)

أصدرت محكمة عسكرية في كينشاسا، الجمعة، حكماً بإعدام 37 متهماً؛ بينهم 3 أميركيين، في قضية «محاولة الانقلاب»، التي شهدتها جمهورية الكونغو الديمقراطية، في مايو (أيار) الماضي.

وقال رئيس المحكمة، الرائد فريدي إهومي، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «المحكمة تُصدر العقوبة القصوى: الإعدام»، وذلك أثناء تلاوته الحكم بحق 37، من أصل 51 متهماً. ومن المحكوم عليهم 6 أجانب؛ 3 منهم أميركيون.

المواطن الأميركي بنجامين ريوبين زالمان بولن خلال محاكمته في قضية «محاولة الانقلاب» بالكونغو (إ.ب.أ)

واندلعت اشتباكات مسلَّحة بالقرب من القصر الرئاسي، في 19 مايو، وسيطر الجيش على الوضع، وأعلن إحباط ما سمّاه «محاولة انقلابية فاشلة»، ونشر آلياته في الشوارع الكبيرة وملتقيات الطرق.

وأعلن الجنرال سيلفان إيكينجي، المتحدث باسم القوات المسلّحة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، في تصريح مقتضب آنذاك نقله التلفزيون الحكومي، أن الجيش أحبط «محاولة انقلاب» شارك فيها «أجانب وكونغوليون».

مارسيل مالانغا بصحبة 51 متهماً آخرين خلال جلسة محاكمة عسكرية في قضية «محاولة الانقلاب» بالكونغو (إ.ب.أ)

وقال الجنرال: «أحبطت قوات الدفاع والأمن محاولة انقلاب في مهدها». ثم أضاف: «هذه المحاولة شارك فيها أجانب وكونغوليون»، وقد جرى «تحييدهم جميعاً، بمن في ذلك زعيمهم».

وسيطر المسلَّحون، لفترة وجيزة، على مكتب تابع للرئاسة في العاصمة كينشاسا، قبل أن تقتل قوات الأمن قائدهم كريستيان مالانغا، السياسي الذي كان يقيم بالولايات المتحدة.

أسلحة ومُعدات عُرضت خلال جلسة المحاكمة العسكرية في قضية «محاولة الانقلاب» بالكونغو (إ.ب.أ)

وكان نجل مالانغا؛ وهو أحد المواطنين الأميركيين المحكوم عليهم بالإعدام، قد قال للمحكمة إن والده هدَّده بالقتل إن لم يشارك في الانقلاب.