هل تنزلقُ الأمور في السنغال؟

هجوم «إرهابي» و5 قتلى في المظاهرات ومنع «تيك توك»

عناصر أمن يعتقلون متظاهراً خلال اشتباكات مع أنصار سونكو (رويترز)
عناصر أمن يعتقلون متظاهراً خلال اشتباكات مع أنصار سونكو (رويترز)
TT

هل تنزلقُ الأمور في السنغال؟

عناصر أمن يعتقلون متظاهراً خلال اشتباكات مع أنصار سونكو (رويترز)
عناصر أمن يعتقلون متظاهراً خلال اشتباكات مع أنصار سونكو (رويترز)

بدأت الأمور في السنغال تأخذ مجرى غير مألوف في البلد الأكثر استقراراً في غرب أفريقيا، حين هاجم مجهولون، الثلاثاء، حافلة بقنبلة حارقة، وتسببوا في سقوط قتيلين في عملية وصفتها الحكومة بـ«الهجوم الإرهابي»، رغم أنه يأتي في سياق توتر سياسي.

البلد الواقع في غرب أفريقيا، والمعروف بأنه لم يسبق أن وقع فيه أي انقلاب عسكري، واستطاع أن يراكم تقاليد ديمقراطية ظلت دوماً تعد نموذجاً يُحتذى في القارة الأفريقية، يواجه، منذ أشهر، واحدة من أخطر الأزمات السياسية في تاريخه، وهي أزمة تتمحور حول شخصية عثمان سونكو، الوجه الأبرز في المعارضة.

حلّ حزب سونكو

سونكو الموجود في السجن منذ الجمعة، وُجّهت إليه، الاثنين الماضي، 7 تهم خطيرة تتعلق بزعزعة الأمن والتآمر على الدولة وتشكيل تنظيم مرتبط بمنظمة إرهابية، قبل أن يصدر الرئيس ماكي صال مرسوماً بحل حزبه السياسي «باستيف»، وذلك على بُعد أشهر قليلة من انتخابات رئاسية حاسمة ستقام في شهر فبراير (شباط) من العام المقبل، ولكن الجديد فيها هو أن الرئيس الحالي ماكي صال لن يكون أحد المرشحين لها، لأن قراءة في الدستور تمنعه من ذلك، بعد فوزه بولايتين رئاسيتين 2012 و2019.

تعزيزات أمنية في دكار بعد توجيه تهم للمعارض عثمان سونكو (رويترز)

أنصار عثمان سونكو يعدّون التهم الموجهة لزعيمهم نوعاً من قطع الطريق أمامه، ومنعه من الوصول إلى القصر الرئاسي، فقرروا الخروج إلى الشارع استجابة لدعوة سونكو لهم بالتظاهر عبر منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، الاثنين الماضي، لتندلع صدامات عنيفة مع الشرطة وقعت فيها أعمال تخريب ونهب، وقتل فيها 5 أشخاص وأصيب العشرات.

ولكن الهجوم الذي تعرضت له حافلة في دكار كان حدثاً استثنائياً وغير مسبوق. وتعليقاً على هجوم الحافلة، قال وزير الداخلية السنغالي أنطوان ديوم إنه أُبلغ من طرف الدرك وجهاز الإطفاء بأن «7 أفراد ملثمين سيطروا على حافلة للنقل العام» في العاصمة دكار، مضيفاً أن المهاجمين «سلبوا الركاب أموالهم وهواتفهم النقالة».

حدث استثنائي

وتحدث الوزير عن «إصابات خطرة» جراء «عمل إجرامي وغير إنساني وإرهابي»، من خلال إلقاء «قنبلة مولوتوف في حافلة تقل سنغاليين»، متعهداً بالعثور على الجناة وتوقيفهم، مشيراً إلى أن الحصيلة تشير إلى سقوط قتيلين وإصابة 5 ركاب آخرين بجراح خطيرة، على حد تعبيره.

وقال الوزير مخاطباً السنغاليين في تصريحات تداولتها وسائل الإعلام المحلية: «نحن بلد ديمقراطي يتمتع فيه كل فرد بحقوق وتترتب عليه واجبات. هذا ما يربطنا. وهذا ما يجمعنا في إطار الجمهورية (...) والدولة ستتخذ كل الإجراءات للحفاظ على ذلك».

وأمام مضي القضاء السنغالي في محاكمة عثمان سونكو، يبدو من الواضح أن الأمور تتجه نحو التوتر أكثر، فأنصاره الذين يتشكلون في الغالب من مراهقين وشباب لن يتوقفوا عن مواجهة الأمن واستهدافه، إذ إنه في مدينة بجنوبي البلاد هاجم مراهقون، الثلاثاء، مقر البلدية وأضرموا فيه النار، وهم يرددون هتافات مؤيدة لسونكو الموجود في السجن.

وفي حين أكدت الحكومة السنغالية أنها لن تتهاون في مواجهة أي تصرف يهدد الأمن والاستقرار، فقد اتخذت جملة من الإجراءات كان أولها يوم الاثنين الماضي، حين قيّدت بشكل جزئي ومؤقت خدمة الإنترنت عبر الهاتف الجوال، وأصبحت تقطعها خلال ساعات محددة من كل يوم.

وقود الاحتجاجات

كما أعلن وزير الاتصالات والاقتصاد الرقمي موسى بوكار تيام، الأربعاء، حجب تطبيق «تيك توك» بشكل مؤقت في السنغال، مبرراً القرار بأن السلطات «لاحظت أن تطبيق تيك توك أصبح شبكة التواصل الاجتماعي التي يستغلها الأشخاص من ذوي النوايا السيئة لبث رسائل الكراهية ودعوات التخريب، تهديداً لأمن واستقرار البلد».

آثار الهجوم على حافلة في دكار (رويترز)

وسبق أن عرفت السنغال أحداث عنف سياسي عام 2012، حين ترشح الرئيس السابق عبد الله واد للانتخابات الرئاسية من أجل نيل ولاية ثالثة يعارضها الطيف السياسي السنغالي كاملاً، واندلعت مظاهرات عنيفة سقط فيها عشرات القتلى، لتنتهي الانتخابات بخسارة واد، وفوز ماكي صال.

ومع أن ماكي صال حقق إنجازات على الصعيد الاقتصادي وفي البنية التحتية، بالإضافة إلى بعض المشاريع الزراعية المهمة، فإنه يواجه غضب الشباب الذي يعاني من البطالة وانعدام الأفق. ويُعدّ هذا الشباب الغاضب وقود الاحتجاجات العنيفة.

وفي حين ينوي ماكي صال مغادرة السلطة، فإنه لا يخفي رغبته الكبيرة في بقاء حزبه السياسي والائتلاف الحاكم الذي يدعمه في السلطة، وذلك من خلال ترشيح شخصية توافقية وتحظى بالاحترام، لتقود البلاد في السنوات الخمس المقبلة. ولكن هذه الشخصية لا تزالُ مجهولة.

في المقابل، تبدو المعارضة السنغالية أكثر تشرذماً، فهيمنة سونكو على حيز كبير من التغطية الإعلامية تثير سخط بقية قادة المعارضة، فسونكو بالنسبة لهم مجرد فقاعة إعلامية ولا يبدو منافساً جدياً من الناحية الانتخابية لمعسكر الرئيس الحالي.


مقالات ذات صلة

«كوب 29» يسدل ستاره بالاتفاق على تمويل مناخي بـ300 مليار دولار

الاقتصاد رئيس «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية لقمة الأمم المتحدة للمناخ (أ.ب)

«كوب 29» يسدل ستاره بالاتفاق على تمويل مناخي بـ300 مليار دولار

اتفقت دول العالم، بعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، على هدف تمويل سنوي بقيمة 300 مليار دولار لمساعدة الدول الأكثر فقراً على مواجهة آثار تغير المناخ.

«الشرق الأوسط» (باكو)
صحتك طفل مصاب بجدري القردة يتلقى الرعاية الصحية (أ.ب)

«الصحة العالمية»: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم الجمعة، إن تفشي جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
رياضة عالمية منتخب سيدات المغرب من المرشحات لجائزة الأفضل في القارة الأفريقية (الشرق الأوسط)

«كاف» يعلن قوائم المرشحات للفوز بجوائز السيدات 

أعلن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف)، اليوم (الأربعاء)، القوائم المرشحة للحصول على جوائزه لعام 2024 في فئة السيدات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عالمية كولر مدرب الأهلي المصري ينافس 4 مدربين لمنتخبات على الأفضل في أفريقيا (أ.ف.ب)

«كاف»: 5 مرشحين لجائزة أفضل مدرب في أفريقيا

أعلن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) عن القائمة النهائية للمرشحين لجائزة أفضل مدرب في القارة السمراء في عام 2024.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عالمية أشرف حكيمي (أ.ب)

حكيمي يتصدر قائمة المرشحين لجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

ينافس المغربي الدولي أشرف حكيمي بقوة على جائزة أفضل لاعب في أفريقيا للعام الثاني على التوالي بعد دخوله القائمة المختصرة للمرشحين، التي أعلنها الاتحاد الأفريقي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

بعد تعرّض أنصاره للعنف... رئيس وزراء السنغال يدعو للانتقام

رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو يتحدث خلال مؤتمر صحافي في داكار 26 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو يتحدث خلال مؤتمر صحافي في داكار 26 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

بعد تعرّض أنصاره للعنف... رئيس وزراء السنغال يدعو للانتقام

رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو يتحدث خلال مؤتمر صحافي في داكار 26 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو يتحدث خلال مؤتمر صحافي في داكار 26 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

دعا رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو إلى الانتقام، وذلك بعد أعمال عنف ضد أنصاره اتهم معارضين بارتكابها خلال الحملة المستمرة للانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها الأحد.

يترأس سونكو قائمة حزب باستيف في الانتخابات التشريعية ويتولى رئاسة الحكومة منذ أبريل (نيسان). وكتب على فيسبوك، ليل الاثنين - الثلاثاء، عن هجمات تعرض لها معسكره في دكار أو سان لويس (شمال) وكونغويل (وسط)، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وألقى باللوم على أنصار رئيس بلدية دكار بارتيليمي دياس، الذي يقود ائتلافاً منافساً. وأكد: «أتمنى أن يتم الانتقام من كل هجوم تعرض له باستيف منذ بداية الحملة، وأن يتم الانتقام بشكل مناسب لكل وطني هاجموه وأصابوه»، مؤكداً «سنمارس حقنا المشروع في الرد».

وأكد أنه تم تقديم شكاوى، وأعرب عن أسفه على عدم حدوث أي اعتقالات. وقال: «لا ينبغي لبارتيليمي دياس وائتلافه أن يستمروا في القيام بحملات انتخابية في هذا البلد».

وشجب ائتلاف دياس المعروف باسم «سام سا كادو»، في رسالة نشرت على شبكات التواصل الاجتماعي، «الدعوة إلى القتل التي أطلقها رئيس الوزراء السنغالي الحالي». وأكد الائتلاف أنه كان هدفاً «لهجمات متعددة».

وأشار إلى أن «عثمان سونكو الذي يستبد به الخوف من الهزيمة، يحاول يائساً تكميم الديمقراطية من خلال إشاعة مناخ من الرعب»، وحمله مسؤولية «أي شيء يمكن أن يحدث لأعضائه وناشطيه ومؤيديه وناخبيه».

وكان الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي أعلن في سبتمبر (أيلول) الماضي حل البرلمان، ودعا لانتخابات تشريعية.