هل يهدأ التوتر السياسي في السنغال؟

عقب إعلان الرئيس ماكي سال عدم ترشحه لولاية ثالثة

ماكي سال يحيي أنصاره خلال الموسم الانتخابي في فبراير 2019 (أ.ف.ب)
ماكي سال يحيي أنصاره خلال الموسم الانتخابي في فبراير 2019 (أ.ف.ب)
TT

هل يهدأ التوتر السياسي في السنغال؟

ماكي سال يحيي أنصاره خلال الموسم الانتخابي في فبراير 2019 (أ.ف.ب)
ماكي سال يحيي أنصاره خلال الموسم الانتخابي في فبراير 2019 (أ.ف.ب)

أنهى الرئيس السنغالي ماكي سال تكهنات واسعة النطاق بأنه سيسعى للفوز بولاية رئاسية ثالثة، بعد إعلانه قراره عدم الترشح في الانتخابات المقبلة. وأثار هذا التطور تساؤلات حول مصير المشهد السياسي في البلاد التي تشهد توتراً غير مسبوق، على خلفية احتمالات ترشح المعارض السياسي البارز عثمان سونكو للرئاسة من عدمه.

ويرى خبراء أن إعلان الرئيس يعدّ «خطوة جيدة في طريق استعادة الاستقرار والسلم، لكن يبقى احتمال عدم ترشح سونكو لغماً قابلاً للتفجر قد يدفع بالبلاد إلى السقوط في دائرة من العنف وانعدام الاستقرار».

وفي خطاب للأمة ألقاه مساء الاثنين وبثه التلفزيون الرسمي، قال سال إنه لن يرشح نفسه لفترة جديدة في انتخابات فبراير (شباط) عام 2024. وأضاف: «ضميري وذاكرتي مرتاحان لما قلته، كتبته وكررته، هنا وفي الخارج، أن ولاية 2019 كانت ولايتي الثانية والأخيرة». وأضاف: «السنغال تتجاوز شخصي، وهي مليئة بالقادة القادرين على دفع البلاد نحو النهوض».

وأجرى سال استفتاء عام 2016 قلّص فترة الرئاسة من 7 إلى 5 أعوام، وبينما امتدت ولايته الأولى لمدة 7 أعوام، فاز في انتخابات 2019 بولاية ثانية مدتها 5 أعوام. وفي محاولة لإيقاف ترشّح محتمل لولاية ثالثة، حشدت المعارضة السنغالية، في الآونة الأخيرة أكثر من 120 حزباً وجماعة سياسية ومنظمة مجتمع مدني، ووقّعوا ميثاق حركة «إف 24» ضد ترشح سال، وكان سونكو من أبرز خصوم الرئيس الذين حضروا إطلاق التحالف. وينصّ الدستور السنغالي على أنه «لا يمكن لأحد أن يخدم أكثر من فترتين متتاليتين»، لكن سال اعتبر «أن هذا الفصل لا ينطبق عليه، لأنه خدم ولايته الأولى قبل التعديل الدستوري».

ويرى المحلل السياسي السنغالي عبد الأحد أمبينغ، أن قرار سال «يمثل خطوة مهمة ستلعب دوراً بارزاً في تهدئة المناخ السياسي، وتعزيز أركان الديمقراطية في البلاد، والحفاظ على موروثها السلمي والديمقراطي»، لكنه يؤكد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «القرار تأخر كثيراً، وأدى إلى توتر سياسي كبير لن يهدأ قبل تحديد مصير ترشح المعارض البارز عثمان سونكو». وأضاف أمبينغ أن قوى المعارضة «رحبت بقرار سال بعدم الترشح، لكنها لم تعتبر ذلك إنجازاً بل واجباً قانونياً ودستورياً».

اتهامات متبادلة

وكان سونكو قد استبق خطاب الرئيس بالدعوة إلى مزيد من المظاهرات في جميع أنحاء البلاد في حال أعلن سال عن نيته الترشح.

وحُكم الشهر الماضي على سونكو بالسجن عامين بتهمة «إفساد الشباب»، وهو حكم من المرجح أن يفقده فرصة المشاركة بالانتخابات الرئاسية المقبلة. وأدى هذا الحكم القضائي إلى اضطرابات ومسيرات شعبية، كانت الأخطر في تاريخ السنغال، حيث قتل على إثرها 16 شخصاً وفق سلطات البلاد، و24 حسب منظمة العفو الدولية، و30 وفق المعارضة.

عنصر من شرطة مكافحة الشغب يتحدث إلى رجل خلال اشتباكات مع أنصار زعيم المعارضة بدكار في 3 يونيو (رويترز)

ويرى سونكو الذي جاء في المركز الثالث في الانتخابات الرئاسية عام 2019، أنه يتعرض إلى مكيدة سياسية عبر استغلال النظام القضاء، بهدف استبعاده من السباق الانتخابي. وأكّد أنه «محتجز» حالياً في منزله بالعاصمة دكار، وتحت مراقبة قوات الأمن منذ 28 مايو (أيار) الماضي. في المقابل، يتهم الحزب الحاكم سونكو بالرغبة في «شلّ البلاد واستخدام الشارع للفرار من العدالة».

وكان سال قد أعلن في مايو السابق عن إطلاق حوار وطني مع مختلف الفرقاء السياسيين من أجل «بناء توافق مستدام حول القضايا المتعلقة بالحياة الوطنية ومستقبل البلاد». وانتهى الحوار الوطني في يونيو (حزيران) الماضي، وتم تسليم نتائجه إلى سال.

شكوك حول أهلية سونكو

في هذا السياق، يرى سونكو وأنصاره أن الحوار الوطني ما هو إلا «اتفاق بين مختلف القوى السياسية الموالية للرئيس من أجل إزاحته عن السباق الرئاسي لحساب مرشحين موالين للنظام وأجهزته».

وينوّه أمبينغ أن «قضية سونكو لا تزال شائكة وغامضة، وأن عدم حلها سيؤدي إلى أزمة سياسية غير مسبوقة، فأنصاره لن يقبلوا بتنظيم انتخابات رئاسية من دونه». كما أشار إلى أن «من بين مقترحات الحوار الوطني كان تعديل مادة 28 و30 من قانون الانتخابات الرئاسية، وهي مواد تنص على أنه لا يمكن لأي شخص تم الحكم عليه بالسجن النافذ الترشح في الانتخابات الرئاسية لمدة 5 سنوات؛ لأنه يفقد حقوقه المدنية».

من جانبه، رأى المحلّل السنغالي تيرنو بشير أن قرار سال لا يمهد للسماح لسونكو بالترشح؛ «لأنه صدر في حقه حكم قضائي يجعله غير مؤهل، ويستدعي ذلك تغييراً في القانون الانتخابي لصالح شخص بعينه، وهو أمر مستبعد حدوثه».

واعتقد بشير في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن سونكو «يتبنى طوال الوقت خطاب مواجهة وتحدٍّ، وهو ما يقلّل من فرص نجاح الحوار بينه وبين أجهزة الدولة». وأضاف بشير أن «الورقة التي في يد سونكو، الذي رفض دعوة الرئيس لحضور الحوار الوطني، هي اللجوء للشارع وهو ما قد يجعل أمن البلاد واستقرارها على المحك».



مزارعو النيجر... هدف سهل للإرهاب

جندي نيجري يراقب منطقة ريفية في النيجر (أ.ف.ب)
جندي نيجري يراقب منطقة ريفية في النيجر (أ.ف.ب)
TT

مزارعو النيجر... هدف سهل للإرهاب

جندي نيجري يراقب منطقة ريفية في النيجر (أ.ف.ب)
جندي نيجري يراقب منطقة ريفية في النيجر (أ.ف.ب)

أطلق جيش النيجر عملية عسكرية واسعة لتأمين المزارعين على الضفة اليمنى من نهر النيجر، حيث يستعد هؤلاء القرويون لموسم الحصاد، في منطقة تيلابيري المحاذية للحدود مع مالي وبوركينا فاسو، وهي المنطقة التي تنتشر فيها جماعات مسلحة موالية لتنظيم «داعش في الصحراء الكبرى»، وأخرى موالية لتنظيم «القاعدة».

وقال الجيش إنه أطلق على العملية العسكرية اسم «لاكال كاني»، ونفذ في ذلك الإطار طلعات جوية وتحركات ميدانية على الأرض، أسفرت عن القضاء على 68 إرهابياً كانوا يسعون لشن هجمات ضد المزارعين المحليين.

تعبئة مئات الجنود لحماية الحقول الزراعية في النيجر (صحافة محلية)

زراعة الخوف

تعد النيجر من أفقر بلدان العالم، ويعتمد عدد كبير من مواطنيها على الزراعة للحصول على قوتهم اليومي، خصوصاً سكان الريف البعيدين عن المدن الكبيرة، وقد استفاد هؤلاء القرويون من موسم أمطار مهم، أسفر عن فيضانات في نهر النيجر، تشكل فرصة ذهبية للزراعة في السهول القريبة منه.

ولكن الخوف من الجماعات الإرهابية التي تفرض سيطرتها على هذه المناطق، يجعل مهمة المزارعين محفوفة بالمخاطر، خصوصاً في منطقة تيلابيري التي توصف بأنها «بؤرة الإرهاب» بمنطقة الساحل، وتصنف ضمن «مثلث الموت» الواقع على الحدود بين دول الساحل الثلاث؛ النيجر ومالي وبوركينا فاسو.

ولمواجهة هذا الخطر، ولحث المزارعين على التوجه نحو حقولهم، نشر جيش النيجر وحدات عسكرية في إطار عملية «لاكال كاني»، وهي مهمة مخصصة لتأمين الأنشطة الزراعية، وحماية موسم الحصاد الذي يعول عليه البلد لمواجهة انعدام الأمن الغذائي.

وأعلن الجيش أنه «بفضل العملية العسكرية، بدأ الحصاد الأول في عدة مناطق، مما يؤكد نجاح المهمة»، وأكد أن العملية العسكرية «كانت ناجحة بفضل التعاون بين قوات الدفاع والأمن واللجان المحلية للمراقبة التي تلعب دوراً حاسماً في رصد النشاطات المشبوهة، مما يسمح بتدخل سريع للقوات في حال وجود تهديد»، وفق نص بيان صادر عن الجيش.

قصف وملاحقة

بعد أسبوع من إطلاق العملية العسكرية، عرض الجيش حصيلة أولية، قال فيها إن دورياته «اعترضت مسلحين واستعادت 220 رأساً من الماشية المسروقة بمنطقتي تينواشي وإنازي، وأرجعتها إلى ملاكها الشرعيين».

كما قال الجيش إن دورياته ألقت القبض على «جاسوس مزعوم»، اتهمته بالعمل لصالح مجموعة إرهابية في ماكولوندي، كانت بحوزته ذخائر بالقرب من قاعدة عسكرية، وأشار الجيش إلى أنه «يُعتقد أن الجاسوس كان يجمع معلومات حساسة لصالح مشغليه الإرهابيين».

ولكن العملية الأهم، تلك التي قال الجيش إن القوات الجوية النيجيرية نفذتها على الضفة اليمنى من نهر النيجر، بعد أن تمكنت من تحديد مواقع تجمعات إرهابية بين بانزومبو وكوكولوكو، ليتم تنفيذ ضربات جوية عنيفة «أسفرت عن القضاء على أكثر من 50 إرهابياً وتدمير مستودع لوجيستي للعدو».

أما على الضفة اليسرى، فقال الجيش إن المراقبة الجوية قادت إلى «تنفيذ ضربات جوية على مواقع العدو في شمال منطقة أبالا، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 18 إرهابياً وإصابة عدد كبير منهم وتدمير معدات نقل وأسلحة».

وخلص الجيش إلى تأكيد أن «هذه النجاحات، سواء على الأرض أو في الجو، تؤكد فاعلية قوات الدفاع والأمن في حماية السكان والاقتصاد الريفي».