إثيوبيا: «تثبيت» للسلام شمالاً وتوترات جديدة في الوسط

مقتل وإصابة العشرات في العاصمة... وجبهة «تيغراي» تواصل تسليم أسلحتها

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال الاحتفال بالذكرى الـ60 لتأسيس الاتحادي الأفريقي في أديس أبابا الخميس الماضي (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال الاحتفال بالذكرى الـ60 لتأسيس الاتحادي الأفريقي في أديس أبابا الخميس الماضي (أ.ف.ب)
TT

إثيوبيا: «تثبيت» للسلام شمالاً وتوترات جديدة في الوسط

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال الاحتفال بالذكرى الـ60 لتأسيس الاتحادي الأفريقي في أديس أبابا الخميس الماضي (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال الاحتفال بالذكرى الـ60 لتأسيس الاتحادي الأفريقي في أديس أبابا الخميس الماضي (أ.ف.ب)

فيما تسعى الحكومة الإثيوبية جاهدة لـ«تثبيت» اتفاق السلام مع متمردي إقليم «تيغراي» شمالاً، اشتعلت بؤرة توتر جديدة داخل العاصمة أديس أبابا (وسط البلاد)، بعد مقتل شخصين وإصابة العشرات، خلال مظاهرة ضد تدمير الحكومة لمساجد، في إطار مشروع ضخم حول العاصمة الإثيوبية.

ووفق وسائل إعلامية رسمية، اندلعت اشتباكات في محيط مسجد «أنوار» في شمال العاصمة الإثيوبية بعدما نزل مسلمون إلى الشارع بعد صلاة الجمعة. وذكر موقع شبكة «فانابيسي» أن «شخصين جرحا في اضطرابات في منطقة تعرف باسم غاس تيرا، توفيا بعد نقلهما إلى المستشفى لتلقي العلاج»، ونقلت عن الشرطة أن «4 متظاهرين و52 شرطياً جرحوا في الصدامات».

وبحسب شهود عيان، فإن المصلين «أطلقوا شعارات معادية لمشروع مركز كبير يسمى شيغر سيتي وللحكومة»، مطالبين بـ«وقف تدمير المساجد».

وقال شاهد لـ«الصحافة الفرنسية» إن «قوات أمنية كبيرة وصلت وعند بلوغها أبواب المسجد غضب الناس وقاموا برشقها بالحجارة والأحذية». وتابع أن رجال الشرطة «أطلقوا بعد ذلك الغاز المسيل للدموع والرصاص في الهواء».

وانتشرت فيديوهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ترصد الاشتباكات التي وقعت بالعاصمة.

وأكد مجلس التنمية الإثيو - أميركي (EADC) عبر حسابه بموقع «تويتر»، أن المسلمين الإثيوبيين في أديس أبابا احتجوا على هدم أكثر من 19 مسجداً في منطقة أوروميا.

ودعا المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في أديس أبابا إلى بدء ملاحقات بعد «الرد غير الدستوري وغير الإنساني» من جانب قوات الأمن ضد المسلمين «الذين يدافعون سلمياً عن حقوقهم».

كانت السلطات الفيدرالية أطلقت العام الماضي، مشروعاً يسمى «شيغر سيتي» يقضي بدمج ست بلدات تحيط بالعاصمة في قوس غربي واسع. وفي هذا الإطار، تدمر السلطات منذ أشهر عدداً من المباني والمنازل والمساجد التي تعتبرها مبنية بشكل غير قانوني. ويدين معارضو المشروع هذه العمليات التي يعتبرونها تمييزية وتستند برأيهم إلى معايير عرقية (ضد السكان الذين لا ينتمون إلى إثنية الأورومو) ودينية (استهداف مساجد)، حسب «فرانس برس».

وإثيوبيا ذات أغلبية مسيحية وخصوصاً أرثوذكسية، لكن المسلمين يشكلون أغلبية في ثلث البلاد تقريباً.

وقبل أشهر، دخلت إثيوبيا في أزمة بسبب صراع كبير داخل الكنيسة بعد محاولة انشقاق بعض الأساقفة.

وقال المحلل السياسي الإثيوبي أنور إبراهيم أحمد: «بعد أحداث الكنيسة الأرثوذوكسية الإثيوبية قبل أشهر، والآن أحداث المساجد في أديس أبابا، فإن تطورات المشهد الداخلي الإثيوبي، قد يكون لها أثر غير جيد» على استقرار البلاد.

ومطلع مايو (أيار) الحالي، انتهت جولة أولى من محادثات سلام بين الحكومة الإثيوبية ومتمردين من منطقة أوروميا (وسط البلاد) دون اتفاق.

وتقاتل جماعات متمردة في أوروميا، موطن أكبر جماعة عرقية في إثيوبيا، الحكومة الاتحادية منذ عقود، وتتهمها بتهميش وإهمال الأورومو.

وتمثل أعمال العنف في أوروميا، التي تحيط بالعاصمة أديس أبابا، تحدياً أمنياً كبيراً لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بعد حرب أهلية استمرت عامين في إقليم «تيغراي» بشمال البلاد، وانتهى عندما وقع الطرفان اتفاق سلام في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

أسلحة سلمها مقاتلو «تيغراي» للجيش الإثيوبي (وكالة الأنباء الإثيوبية)

في المقابل، واصلت «الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي»، السبت، تسليم أسلحتها الخفيفة لقوات الدفاع الوطني الإثيوبية بموجب اتفاق «بريتوريا» للسلام. ووفق وكالة الأنباء الإثيوبية، فإن برنامج التسليم، الذي جرى حول مدينة ميكيلي، شهده مراقبون من الاتحاد الأفريقي.

وخلال هذه المناسبة، قال ممثل قوة الدفاع الوطني الإثيوبية العميد ديريبي ميكوريا، إن «التسليم جزء من اتفاق السلام». فيما قال ممثل «قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي»، العميد ميغبي هايلي، إن «تسليم الأسلحة الخفيفة تم تماشياً مع اتفاق السلام، ونحن نلعب دورنا في تنفيذ اتفاق السلام».

وبموازاة عملية التسليم، بدأت عملية تسريح قوات التمرد في تيغراي، وأفادت محطة «فانا بي سي» التلفزيونية المقربة من «حزب الازدهار» بزعامة رئيس الوزراء آبي أحمد، بأن «المرحلة الأولى من برنامج إعادة دمج وتأهيل المقاتلين السابقين في تيغراي انطلقت رسمياً الجمعة في ضواحي ميكيلي، العاصمة الإقليمية لتيغراي، بحضور بعثة الاتحاد الأفريقي للرصد والتحقق والامتثال».

وأنهى اتفاق السلام، الموقّع في نوفمبر الماضي، حرباً عنيفة استمرت عامين، راح ضحيتها الآلاف، حسب منظمات دولية.

ونص الاتفاق على نزع سلاح جبهة «تيغراي»، وعودة السلطات الفيدرالية إلى الإقليم الشمالي وإعادة ربط الإقليم بالخارج. وفي 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تأسست اللجنة الوطنية لإعادة تأهيل المواطنين ليجري نزع سلاحهم، وتمكينهم من عيش حياة طبيعية.

على مدار الأشهر التالية للاتفاق، أظهر متمردو إقليم «تيغراي» شمال إثيوبيا، «جدية» في تنفيذه، بتسليمهم مزيداً الأسلحة، ضمن عملية نزع سلاح الإقليم ودمج مقاتليه في الجيش الوطني.

وكانت جبهة تحرير «تيغراي» سلمت أسلحتها الثقيلة للقوات الفيدرالية الإثيوبية في يناير (كانون الثاني) الماضي، كجزء من عملية السلام التي يقودها الاتحاد الأفريقي. وأشرفت على عملية نقل الأسلحة، التي جرت في مدينة أغولاي، مجموعة من مراقبي الجانبين، ومندوبون من منظمة «إيغاد».

ويرى الدكتور محمد شفاء، خبير الشؤون الأفريقية المقيم في باريس، أن حكومة آبي أحمد «تواجه تحديات كبرى لتنفيذ شعارها تصفير الأزمات، الذي رفعته سابقاً، لكنها لم تنجح في تنفيذه بشكل كامل حتى الآن».

وقال شفاء لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك تحديات عرقية ودينية كبيرة تواجه الحكومة، خاصة من شعب الأورومو الذين لا يزالون يشعرون بتهميش كبير، فالأمر معقد على الرغم من ترويج الحكومة لنجاحها في استعادة الاستقرار بالبلاد بعد انتهاء حرب تيغراي».



​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
TT

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

استعادت جماعة «بوكو حرام» الموالية لـ«تنظيم داعش» الإرهابي، قدرتها على المبادرة والهجوم في مناطق مختلفة بشمال نيجيريا، وشنّت هجوماً استهدف قاعدة عسكرية تابعة للجيش، قُتل فيه خمسة جنود على الأقل، وأُصيب عشرة جنود، فيما قال الجيش إنه قتل أكثر من خمسين من عناصر الجماعة الإرهابية.

وقالت قيادة الجيش النيجيري في بيان، إن الهجوم الإرهابي الذي شنّه فرع من جماعة «بوكو حرام»، في غرب أفريقيا، استهدف القوات المتمركزة بموقع عمليات التثبيت بقرية «كاريتو»، بولاية بورنو، في أقصى شمال شرقي نيجيريا، على الحدود مع دولة النيجر.

البيان الصادر عن مدير الإعلام العسكري، اللواء إدوارد بوبا، قال إن الهجوم الإرهابي وقع بالتزامن مع عطلة نهاية الأسبوع، ووصفه بأنه «كان منسقاً»، قبل أن يؤكد «مقتل خمسة جنود وإصابة عشرة آخرين بجروح، بالإضافة إلى فقدان أربعة جنود آخرين».

من عملية ضد جماعة «بوكو حرام» (أرشيفية متداولة)

وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم قيادة الجيش إن «القوات المسلحة نجحت في القضاء على عدد من الإرهابيين، واستعادة أسلحة كانت بحوزتهم»، مشيراً إلى تكبد الجيش خسائر مادية «فادحة»، حيث إن منفذي الهجوم الإرهابي أحرقوا بعض المعدات «بما في ذلك شاحنة محملة بالأسلحة، وثلاث مركبات تكتيكية، وجرافة».

وأطلق الجيش النيجيري عملية تعقب بقيادة وحدة من قوات الدعم مع غطاء جوي، وقال إن الهدف هو «استكشاف المنطقة بشكل عام، ومسارات انسحاب الإرهابيين»، وفق تعبير البيان.

وتسعى القوات النيجيرية إلى قطع الطريق أمام منفذي الهجوم الإرهابي، بهدف استعادة الجنود المفقودين، في ظل توقعات بأن الإرهابيين «اختطفوهم» ليكونوا دروعاً بشرية تحميهم من أي قصف جوي.

صورة أرشيفية لهجوم شنّته جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا (رويترز)

الهجوم الإرهابي استهدف قرية «كاريتو»، التي لا تبعد سوى 153 كيلومتراً عن العاصمة الإقليمية مايدوجوري، وهي المقر الرئيس لـ«الكتيبة 149» التابعة للجيش النيجيري، التي تشارك بنشاط في عمليات محاربة الإرهاب، كما استهدف معاقل فرعي جماعة «بوكو حرام»، الموالية لتنظيمي «داعش» و«القاعدة».

وقالت قيادة الجيش النيجيري إن «هذا الهجوم لن يثني القوات المسلحة النيجيرية عن القضاء على الإرهاب والتمرد والتحديات الأمنية الأخرى التي تواجه البلاد»، وأعربت عن تعويلها على تعاون السكان المحليين في ملاحقة الإرهابيين.

وأعلن حاكم ولاية بورنو، باباغانا زولوم، عن وقوفه إلى جانب القوات المسلحة النيجيرية، وأضاف في بيان صحافي أن الهجوم «يعيد إلى الأذهان مستوى وحشية العناصر الإرهابية لجماعة (بوكو حرام)».

وبينما أعلن عدد من كبار قادة الجيش في نيجيريا عن انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»، والاقتراب من القضاء عليها بشكل نهائي، بدأت الجماعة تعيد ترتيب صفوفها، وإظهار قدرات جديدة على المبادرة والهجوم.

ففي حادث منفصل، نصب مسلحون من «بوكو حرام»، الثلاثاء، كميناً لفريق مراقبة من قوات الأمن والدفاع المدني النيجيرية، كان يتفقد منشآت الشبكة الوطنية للكهرباء والطاقة في إقليم النيجر التابع لنيجيريا.

مسلحو «بوكو حرام» خلَّفوا الخراب والدمار في ولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال المتحدث باسم قوات الأمن والدفاع المدني أفولابي باباوالي، إن خطوط الشبكة الوطنية للطاقة تعرضت مؤخراً لهجمات إرهابية تخريبية، وقد أسفرت عن انقطاع واسع للتيار الكهربائي في أقاليم شمال نيجيريا.

وأوضح المتحدث أنه «حينما كانت فرق الأمن تتفقد خطوط الشبكة الوطنية، تعرضت لهجوم إرهابي نفذه أكثر من 200 مسلح نصَبوا كميناً من قمة أحد التلال»، مشيراً في السياق ذاته إلى أن المواجهات بين الطرفين «أسفرت عن مقتل أكثر من خمسين إرهابياً، فيما يوجد سبعة جنود في عداد المفقودين».

وتتزامن هذه الهجمات الإرهابية المتفرقة، مع معارك طاحنة تجري منذ أسابيع ما بين جيش تشاد ومقاتلي «بوكو حرام» في منطقة حوض بحيرة تشاد، التي تُوصف بأنها «العمق الاستراتيجي» للتنظيم الإرهابي، حيث توجد قواعده الخلفية وسط الغابات والجزر المترامية في واحدة من أكبر المناطق الرطبة في أفريقيا.