مناورات «الأسد الأفريقي» تعزّز التنافس الدولي على أفريقيا

انتقادات أميركية حادة لـ«فاغنر»

جانب من مناورات «الأسد الأفريقي»... (صفحة أفريكوم على «فيسبوك»- أرشيفية)
جانب من مناورات «الأسد الأفريقي»... (صفحة أفريكوم على «فيسبوك»- أرشيفية)
TT

مناورات «الأسد الأفريقي» تعزّز التنافس الدولي على أفريقيا

جانب من مناورات «الأسد الأفريقي»... (صفحة أفريكوم على «فيسبوك»- أرشيفية)
جانب من مناورات «الأسد الأفريقي»... (صفحة أفريكوم على «فيسبوك»- أرشيفية)

بينما تقود الولايات المتحدة الأميركية المناورات العسكرية «الأضخم» في أفريقيا، تُصعّد سياسيا إلى جانب قوى غربية ضد أنشطة مجموعة «فاغنر» العسكرية الروسية في القارة.

واستمرّت الأربعاء مناورات «الأسد الأفريقي»، التي انطلقت الاثنين بمشاركة 8 آلاف جندي من 18 دولة، معظمهم من القارة الأفريقية. وقال قائد أركان القيادة الأفريقية، جويل تايلر، إن «مناورات (الأسد الأفريقي) في نسختها الثالثة والعشرين، والتي تجرى في المغرب وغانا والسنغال وتونس، هي محور استراتيجية تدريبات أفريكوم (القيادة الأفريقية)، وأحد أضخم التدريبات الأميركية في جميع أنحاء العالم».

وفي مارس (آذار) الماضي، أجرت الولايات المتحدة في غانا، برنامجها التدريبي السنوي «فلينتلوك» لمكافحة «الإرهاب» بمشاركة 30 دولة، بهدف تعزيز الدفاعات الحدودية في «مواجهة متشددين ينشطون جنوبا ويتوغلون إلى مناطق جديدة. وفي فبراير (شباط) الماضي، أجرى الجيش الأميركي مناورات عسكرية بمشاركة القوات المسلحة الكينية، وحضور عناصر من الصومال وأوغندا ورواندا وبوتسوانا وجيبوتي ودول أخرى.

ويرى حمدي بخيت، الخبير والمحلل العسكري المصري، أن المناورات التي تقودها أميركا «تأتي في سياق تعزيز علاقاتها في المنطقة لمواجهة النفوذ الروسي المتزايد في دول الساحل الأفريقي وكبحه عن الانتقال لدول غرب أفريقيا». ورجح أن يكون «الحضور العسكري الأميركي في منطقة الساحل وغرب أفريقيا يهدف أيضاً إلى تعويض غياب فرنسا عن المنطقة». وتابع بخيت لـ«الشرق الأوسط» أن ما يحدث في أفريقيا، هو «مناخ متنامٍ للتنافس بين القوى الدولية، حيث نشهد زيادة في الحشد والتدريب على احتمالات نشوب مواجهات بين المحور الغربي الذي تقوده أميركا والمحور الصيني - الروسي في المقابل».

نشاط «فاغنر»

قالت وزارة الخارجية الأميركية في وقت سابق إن «مجموعة (فاغنر) الروسية تحاول التعتيم على مساعيها للحصول على معدات عسكرية لاستخدامها في أوكرانيا»، مضيفة أنه «تمّ إبلاغ واشنطن بأن قوات المرتزقة تحاول شراء أنظمة عسكرية من موردين أجانب، وتوجيه هذه الأسلحة عبر مالي كطرف ثالث».

وقررت واشنطن، في يناير (كانون الثاني) الماضي، تشديد عقوباتها المفروضة على مجموعة «فاغنر» الروسية، بعد أن صنفتها وزارة الخزانة الأميركية «منظمة إجرامية كبيرة عابرة للحدود». وقالت وزارة الخزانة حينها إن «أفراد (فاغنر) منخرطون في نمط مستمر من النشاط الإجرامي الخطير في أفريقيا الوسطى ومالي»، كما تبنّت فرنسا أخيراً قراراً يدعو إلى إدراج «فاغنر» في قائمة الاتحاد الأوروبي للمنظمات الإرهابية، فيما ذكرت صحيفة «التايمز» أن بريطانيا «ستصنّف المجموعة منظمة إرهابية».

ويرى ميار الإدريسي، الخبير المغربي في الشؤون الأفريقية، أن مساعي واشنطن والقوى الغربية «تأتي في سياق التنافس الجيواستراتيجي على القارة ومواجهة ازدياد النفوذ الروسي والصيني فيها»، مشيراً إلى أن «التنافس قد يتّجه إلى أن يكون أكثر احتداماً». وتوقّع الإدريسي أن «واشنطن وحلفاءها سوف يلجأون في استراتيجيتهم تجاه القارة إلى آليات، منها الاستمالة بالمساعدات المالية والانخراط الاقتصادي وورقة العقوبات الاقتصادية وفرض العزلة الدولية على الدول التي تتقارب مع روسيا». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «الحضور العسكري الأميركي يسعى كذلك إلى إيقاف تمدد (فاغنر) في دول غرب أفريقيا، حيث لها مصالح اقتصادية وجيواستراتيجية مهمة هناك».

وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت في القمة الأفريقية، التي عقدتها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تعهدها بتقديم مساعدات وأنشطة اقتصادية للقارة السمراء، تلا ذلك زيارة عدد كبير من المسؤولين في واشنطن للقارة.


مقالات ذات صلة

تركيا: تحقيق ضد زعيم المعارضة لانتقاده اعتقال رئيس بلدية في إسطنبول

شؤون إقليمية زعيم المعارضة التركية رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزال (من حسابه في «إكس»)

تركيا: تحقيق ضد زعيم المعارضة لانتقاده اعتقال رئيس بلدية في إسطنبول

فتح مكتب المدعي العام لمدينة إسطنبول تحقيقاً ضد زعيم المعارضة رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزال يتهمه بـ«إهانة موظف عمومي علناً بسبب أداء واجبه».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية المقاتلة الأميركية «إف - 16 بلوك 70» (موقع شركة لوكهيد مارتن)

تركيا تقلص صفقة «إف - 16» مع أميركا وتتحدث عن تطور يخص «إف - 35»

قرَّرت تركيا تقليص صفقة شراء مقاتلات «إف - 16» الأميركية في الوقت الذي أعلنت فيه أن أميركا أعادت تقييم موقفها من حصولها على مقاتلات «إف - 35» الشبحية

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

أعلنت تركيا تطهير مناطق في شمال العراق من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» المحظور، وأكدت أن علاقاتها بالعراق تحسنت في الآونة الأخيرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الحليف الأقرب لإردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان الثلاثاء (حزب الحركة القومية)

حليف إردوغان يؤكد دعوة أوجلان للبرلمان ويتخلى عن إطلاق سراحه

زاد رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الجدل المثار حول دعوته زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان للحديث بالبرلمان وإعلان حل الحزب وانتهاء الإرهاب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا جهاز مكافحة الإرهاب في ألمانيا (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: حملة تفتيشات جديدة بحثاً عن إرهابيين سابقين في «الجيش الأحمر»

تُعد جماعة «الجيش الأحمر»، التي تأسست في عام 1970، إحدى أبرز الجماعات اليسارية بألمانيا الغربية السابقة في فترة ما بعد الحرب حيث تم تصنيفها هناك جماعة إرهابية.

«الشرق الأوسط» (برلين)

5 نزاعات منسية خلال عام 2024

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

5 نزاعات منسية خلال عام 2024

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

إلى جانب الحربين اللتين تصدَّرتا عناوين الأخبار بانتظام خلال عام 2024، في الشرق الأوسط وأوكرانيا، يستمر كثير من النزاعات التي لا تحظى بالقدر نفسه من التغطية الإعلامية في أماكن كثيرة في العالم، حسبما جاء في تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية. وفي ما يأتي خمسة منها.

السودان

يشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً بين القوات شبه العسكرية والجيش.

وقد تسبب الصراع، الذي تعدّه الأمم المتحدة إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في التاريخ الحديث، في مقتل ما بين 20 ألفاً و150 ألف شخص، بالإضافة إلى ما يقدَّر بنحو 11 مليون نازح.

ويضاف إلى تداعيات هذا النزاع المتواصل، شبح المجاعة، إذ يحتاج 26 مليون شخص، أي نحو نصف السكان، إلى المساعدات الغذائية بشكل متواصل.

ووُجِّهت مراراً وتكراراً اتهامات إلى الأطراف المتنازعة بارتكاب جرائم حرب، لاستهدافهم المدنيين عمداً.

وفي نهاية أكتوبر (تشرين الأول)، حذَّرت الأمم المتحدة من الحجم «المذهل» للعنف الجنسي المتفشي منذ بداية النزاع، مؤكدةً أن حالات الاغتصاب، بما في ذلك الاغتصاب الجماعي، مستشرية.

معلّم في مدرسة خلال امتحانات نهاية السنة الدراسية في قرية بشمال السودان يوم 24 نوفمبر الجاري (أ.ف.ب)

جمهورية الكونغو الديمقراطية

يواجه شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، منذ نهاية عام 2021، عودة ظهور حركة «إم 23»، (حركة «23 مارس»)، وهي تمرد تدعمه رواندا استولى على مساحات كبيرة من الأراضي إثر مواجهات مع القوات المسلحة الكونغولية والميليشيات التابعة لها.

وقد أدى هذا التمرد إلى تفاقم أزمة إنسانية مستمرة منذ ثلاثين عاماً في شمال كيفو (شرق)، وهي منطقة غنية بالمعادن، حيث يوجد مئات الآلاف من النازحين في ملاجئ مؤقتة على مشارف غوما، عاصمة الإقليم.

وانتهى توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين كيغالي وكينشاسا في بداية أغسطس (آب) إلى استقرار خط المواجهة، لكن «حركة 23 مارس» استأنفت الهجوم في نهاية أكتوبر، واستولت على عدة مواقع.

ومع ذلك، يتشبث البلدان المتجاوران بالحوار، فقد التقى وزيرا خارجيتهما في بداية نوفمبر (تشرين الثاني)، وأكدا من جديد ضرورة احترام وقف إطلاق النار.

صورة أرشيفية لمقاتلين من الطوارق من تنسيقية حركات أزواد يمرون بالقرب من كيدال شمال مالي (أ.ف.ب)

الساحل

تعاني دول منطقة الساحل من هجمات لمتشددين.

وبدأت «بوكو حرام»، أحد التنظيمات المتشددة الرئيسية في المنطقة، تمرداً في نيجيريا في عام 2009، مما أسفر عن مقتل نحو 40 ألف شخص وتشريد أكثر من مليوني شخص، قبل أن تنتشر في البلدان الحدودية.

وفي تشاد، تتواصل الهجمات التي تشنها جماعة «بوكو حرام» أو جماعة منشقة عنها في منطقة بحيرة تشاد.

وأطلق الجيش عملية عسكرية في نهاية أكتوبر بهدف «القضاء على القوة الضاربة» لـ«بوكو حرام».

وفيما تسمى منطقة «الحدود الثلاثة»، تواجه مالي وبوركينا فاسو والنيجر متشددين في منطقة الساحل ينتسبون إلى تنظيمَي «داعش» و«القاعدة».

وطردت هذه الدول الثلاث -بقيادة أنظمة عسكرية في أعقاب الانقلابات بين عامي 2020 و2023- الجيش الفرنسي من أراضيها وشكَّلت تحالف دول الساحل، للتعاون في مواجهة تهديد المتشددين.

ولم تحقق الهجمات نجاحاً في الوقت الحالي، وتسببت في مقتل ما يقرب من 7 آلاف مدني وعسكري في بوركينا فاسو منذ يناير (كانون الثاني)، وأكثر من 1500 في النيجر وأكثر من 3600 في مالي، وفق منظمة «أكليد» غير الحكومية مع ازدياد الصعوبات للحصول على المعلومات.

هايتي

تعاني هايتي من عدم الاستقرار السياسي المزمن منذ عقود.

وتفاقم مستوى عنف العصابات، المتأصل بشكل فعلي في الدولة الكاريبية منذ فبراير (شباط).

وتسيطر العصابات على 80 في المائة من العاصمة بورت أو برنس.

وسجلت الأمم المتحدة 4544 حالة وفاة بسبب أعمال العنف منذ بداية العام، مؤكدةً أن الإحصاءات «ربما تكون أعلى».

وتستهدف أعمال العنف بشكل خاص الأطفال في بعض الأحيان، حيث يجري تشويه الضحايا أو رجمهم أو قطع رؤوسهم أو إحراقهم أحياء أو دفنهم أحياء.

ودفعت أهوال العنف أكثر من 700 ألف شخص، نصفهم من الأطفال، إلى الفرار من منازلهم، حسب المنظمة الدولية للهجرة.

وبدعم من الأمم المتحدة وواشنطن، بدأت بعثة دعم الشرطة المتعددة الجنسيات بقيادة كينيا في الانتشار هذا الصيف.

مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال ميانمار (أ.ب)

بورما

تشهد بورما (ميانمار) صراعاً دموياً منذ عام 2021 بعد الانقلاب الذي قاده المجلس العسكري ضد حكومة منتخبة ديمقراطياً.

وتصاعدت حدة الحرب الأهلية، التي تسببت في مقتل أكثر من 5300 مدني وتشريد أكثر من 3.3 مليون شخص وفق الأمم المتحدة، خلال العام الفائت بسبب صعود القوات المعارضة للمجلس العسكري.

وفي الأشهر الأخيرة، هاجم المتمردون ماندالاي، ثاني أكبر مدينة في البلاد، بالصواريخ والمسيّرات، وفي نهاية أكتوبر سيطروا على الطريق الذي يربطها بالصين، الشريك التجاري الرئيسي للبلاد.

والسيطرة على هذا المحور تحرم المجلس العسكري من الضرائب المربحة وتهدد قواعده في السهول الوسطى.

وفي مواجهة هذه الصعوبات، دعا المجلس العسكري الجماعات المسلحة في نهاية سبتمبر (أيلول) إلى بدء محادثات السلام، وهو المقترح الذي ظل حتى الآن حبراً على ورق.