قال النقيب إبراهيم تراوري، الرئيس الانتقالي لبوركينا فاسو، إن روسيا «حليف استراتيجي» لبلاده، مشيراً إلى أن أغلب أسلحة جيش بوركينا فاسو هي أسلحة روسية، ولكنه في الوقت ذاته نفى بشدة أي وجود لمقاتلي «فاغنر» على أراضي بلاده.
النقيب تراوري يبلغُ من العمر 37 عاماً، وصل إلى الحكم شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، إثر انقلاب عسكري هو الثاني من نوعه في بوركينا فاسو خلال عام واحد (2022)، ولكن النقيب الشاب يخوض حرباً شرسة ضد جماعات إرهابية تسيطر على قرابة 40 في المائة من أراضي البلاد، وستحدد نتيجة هذه الحرب مستقبله في حكم بلد فقير وهش وغير مستقر.
وبمناسبة مرور 7 أشهر من حكمه، أجرى النقيب تراوري مقابلة مطولة مع التلفزيون الحكومي في بلده، دافع فيها بشدة عن حصيلة الأشهر الأولى من حكمه، خاصة فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب، في ظل تزايد وتيرة الهجمات ضد القرى خلال الأسابيع الأخيرة، كانت آخرها مذبحة في قرية (كارما) راح ضحيتها أكثر من 136 مدنياً تمت تصفيتهم بدم بارد، ويتهم الجيشُ بالتورط فيها.
وفي سياق حديثه عن العلاقات الدولية لبلاده، قال تراوري: «لدينا شراكات تعاون جديدة، على سبيل المثال روسيا تعد حليفاً استراتيجياً. وكنا محظوظين لأن أغلب معداتنا (العسكرية) وأهمها روسية الصنع. وسنواصل اقتناء الأسلحة من روسيا»، دون أن يعطي أي تفاصيل عن الأسلحة التي ترغب واغادوغو في اقتنائها من موسكو.
وأضاف الرئيس الانتقالي في سياق الرد على سؤال حول شراكات التعاون الخارجية: «لدينا الكثير من الحلفاء، ولكن مستوى التعاون هو الذي يختلف»، قبل أن يصف تركيا بأنها «حليف استراتيجي»، ثم قال: «نحن على استعداد للتعاون مع كل من يريد مساعدتنا في هذه الحرب، كل من يقبل بيعنا الأسلحة، ويوافق على دعمنا ومرافقتنا».
وسبق أن وصف تراوري دولة كوريا الشمالية بأنها هي الأخرى «حليف استراتيجي»، وقال في تصريحاته السابقة: «لدى جيشنا اليوم أسلحة حصل عليها من كوريا الشمالية عام 1985. أسلحة ثقيلة من كورية الشمالية موجودة اليوم لدى قواتنا المسلحة وهي قيد الاستخدام. ونرغب في اقتناء أسلحة جديدة من هناك».
وحين طُرح عليه سؤال حول وجود مقاتلي «فاغنر» في بوركينا فاسو، كما نشر في تقارير عديدة، قال تراوري: «في هذه اللحظة التي أحدثكم فيها، جيشنا يقاتل وحده، إن من يخوض المعارك على الأرض هم قوات أمننا وقواتنا المسلحة والمتطوعون للدفاع عن الوطن، لا توجد أي قوات أجنبية».
وخلص تراوري إلى التأكيد على أن «الحديث عن وجود (فاغنر) كان الهدف منه إدخال بوركينا فاسو في عزلة، وإبعاد دول عديدة عن التعاون معها». وفي تعليق على العلاقة التي تربط بلده بفرنسا، خاصة بعد انسحاب القوات الخاصة الفرنسية من بوركينا فاسو بشكل تام قبل أشهر، والتوجه الواضح نحو التعاون مع روسيا، قال تراوري: «إن رحيل القوات الفرنسية لا يعني أن فرنسا لم تعد حليفاً. السفارة الفرنسية لا تزال موجودة».
ومع أن تراوري حاول في تصريحاته أن يخفف من الأزمة التي اندلعت بين بلاده وفرنسا، القوة الاستعمارية السابقة لبوركينا فاسو، إلا أن العلاقة بين البلدين لا تبدو بخير؛ إذ بدأت بوركينا فاسو تسلكُ طريق مالي المجاورة، بالتقرب إلى روسيا من أجل الحصول على أسلحة لمواجهة جماعات مسلحة مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش».
وقال تراوري في تعليق على المجموعات الإرهابية: «لقد أخطأنا دائماً حين قللنا من شأن عدونا»، ثم أضاف: «الإرهابيون مطلعون على النواقص الموجودة عندنا، إنهم يستغلون تلك الثغرات».
ورغم حديث الجيش عن انتصارات يحققها على الأرض، فإن وتيرة الهجمات الإرهابية تصاعدت في بوركينا فاسو، ولكن الأخطر هو أن الجيش نفسه يواجه اتهامات بالتورط في تصفية المدنيين، إذ تحدث ناجون من قرية (كارما) عن عسكريين قاموا بتصفية أكثر من 136 مدنياً في القرية، لتعلن السلطات فتح تحقيق.
ودافع تراوري عن الجيش بقوله: «علينا أن نحذر من إلقاء التهم جُزافاً، دونَ أن تكون بحوزتنا أي أدلة على ما نقول، ولا نعلم بالضبط ما جرى على الأرض. يتوجب على الجميع أن يتجنبوا التسرع في الاستنتاج، وترك التحقيقات تسير بشكل طبيعي قبل توجيه أي اتهامات».
وفي سياق حديثه عن الجانب الأخلاقي لدى الوحدات العسكرية الموجودة في الميدان، قال تراوري: «ما يمكنني تأكيده هو أن جميع جنودنا الموجودين على الخطوط الأمامية متحمسون للغاية، ولكن حماسهم أكبر للوقوف جنباً إلى جنب مع السكان من أجل الدفاع عن الوطن».
ولكن الرئيس الانتقالي وهو نقيب شاب لم يتجاوز السابعة والثلاثين، حذر من نشر الأخبار الكاذبة تحت ذريعة حرية التعبير، وقال: «يجب أن يدرك الجميعُ أنه لا يمكننا أن نسمح بالتلفيق والكذب، لأننا في حرب لا ترحم».