باكستان وأفغانستان تتفقان على وقف إطلاق النار 48 ساعة

عقب مقتل العشرات في تجدد المواجهات الحدودية

دورية أمنية لقوات «طالبان» في منطقة سبين بولدك يوم 15 أكتوبر 2025 (إ.ب.أ)
دورية أمنية لقوات «طالبان» في منطقة سبين بولدك يوم 15 أكتوبر 2025 (إ.ب.أ)
TT

باكستان وأفغانستان تتفقان على وقف إطلاق النار 48 ساعة

دورية أمنية لقوات «طالبان» في منطقة سبين بولدك يوم 15 أكتوبر 2025 (إ.ب.أ)
دورية أمنية لقوات «طالبان» في منطقة سبين بولدك يوم 15 أكتوبر 2025 (إ.ب.أ)

اتفقت باكستان وأفغانستان على وقف مؤقت لإطلاق النار لمدة 48 ساعة، وذلك بعد تجدد القتال بين الجارتين.

وذكرت وزارة الخارجية الباكستانية، في بيان، أن باكستان وأفغانستان ستبذلان جهوداً صادقة عبر الحوار لـ«إيجاد حل إيجابي لهذه القضية المعقدة التي لا تزال قابلة للحل». بدوره، أكّد متحدث باسم حكومة «طالبان» الأفغانية أن بلاده أمرت قواتها أيضاً بالالتزام بوقف إطلاق النار؛ «شريطة ألا يرتكب الطرف الآخر أي عدوان».

وجاء إعلان وقف إطلاق النار المؤقت بعد ساعات من مقتل عشرات الجنود والمدنيين لدى تجدد المواجهات الحدودية الأربعاء، وفق ما أفاد به مسؤولون من جانبي الحدود، مع دخول الاشتباكات أسبوعها الثاني.

دخان يتصاعد من موقع انفجارات في كابل يوم 15 أكتوبر 2025 وسط اشتباكات حدودية عنيفة بين أفغانستان وباكستان (أ.ف.ب)

واندلع العنف بين البلدين الجارين منذ الانفجارات التي شهدتها أفغانستان الأسبوع الماضي، ووقع اثنان منها في كابل. وجرى تحميل باكستان المسؤولية عنها. في المقابل، تتّهم إسلام آباد أفغانستان بإيواء مجموعات مسلحة من قيادة «طالبان باكستان»، وهو أمر تنفيه كابل.

وأطلقت حكومة «طالبان»، السبت، هجمات عبر الحدود الجنوبية، توعّدت إسلام آباد بالرّد عليها بقوة. واتّهم الجيش الباكستاني في أعمال العنف الأخيرة «طالبان أفغانستان» بمهاجمة نقطتين حدوديتين في جنوب غربي وشمال غربي البلاد. وقال الجيش في بيان: «للأسف، وقع الهجوم في منطقة تضُمّ قرى مقسومة على الحدود، مع الاستخفاف بمصير المدنيين»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». وأفاد بأنه جرى التصدي للهجومين، فيما قُتل 20 مقاتلاً من «طالبان» في هجمات قرب منطقة سبين بولدك على الجانب الأفغاني من الحدود بولاية قندهار الجنوبية، صباح الأربعاء. وأشار إلى أن 30 آخرين يُعتقد أنهم قتلوا في المواجهات الليلية على طول حدود باكستان الشمالية الغربية.

من جانبها، أفادت حركة «طالبان أفغانستان» بأن 15 مدنياً قُتلوا، وأصيب العشرات بجروح، في المواجهات التي وقعت قرب سبين بولدك، وبأن «اثنين أو ثلاثة» من مقاتليها لقوا حتفهم أيضاً.

وأفاد الناطق باسم إدارة الإعلام الأفغانية في منطقة سبين بولدك، علي محمد حقمال، بأن المدنيين قتلوا جراء سقوط قذائف «هاون». وأكد عبد الجان باراك، المسؤول في مستشفى منطقة سبين بولدك، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، عدد القتلى، مضيفاً أن أكثر من 80 امرأة وطفلاً أُصيبوا بجروح.

تبادل الاتهامات

من جانبه، اتّهم الناطق باسم حكومة «طالبان»، ذبيح الله مجاهد، القوات الباكستانية بتنفيذ هجمات جديدة باستخدام أسلحة «خفيفة وثقيلة» في المنطقة. وأفاد مجاهد، في بيان، بأن مائة مدني أصيبوا بجروح، مضيفاً أن الهدوء عاد إلى المنطقة بعد مقتل جنود باكستانيين والسيطرة على مواقع وضبط أسلحة. لكن الجيش الباكستاني وصف كل هذا بأنه «أكاذيب صارخة».

دورية أمنية لقوات «طالبان» في منطقة سبين بولدك يوم 15 أكتوبر 2025 (إ.ب.أ)

ولم تعلن باكستان حصيلة قتلاها في المواجهات الأخيرة، لكنّها أفادت الأسبوع الماضي بأن 23 من جنودها قتلوا في الاشتباكات الأولى. وأفاد صادق، وهو من سكان بلدة سبين بولدك، بأن المعارك اندلعت في نحو الساعة الرابعة صباحاً بالتوقيت المحلي. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أُطلقت النيران على المنازل، بما فيها منزل قريبي. قُتل ابنه وزوجته، وأُصيب 4 من أطفاله بجروح». وأُغلقت جميع المحال التجارية في المنطقة، فيما فرّ كثير من السكان. وفي شامان، على الجانب الباكستاني من الحدود، وصف أحد السكان المواجهات التي وقعت قبل الفجر بـ«الفوضى العارمة». وقال راز محمد (51 عاماً)، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» عبر الهاتف: «أطفالنا ونساؤنا شعروا بالرعب وأخذوا يصرخون... لم يكن لدينا علم بما يحدث».

دعم «طالبان باكستان»

وقال وزير الدفاع الباكستاني، خواجة محمد آصف، أمام البرلمان، الخميس الماضي، إن الجهود الكثيرة لإقناع سلطات «طالبان أفغانستان» بالتوقف عن دعم حركة «طالبان باكستان» باءت بـ«الفشل».

حضر أقارب وجنود من الجيش جنازة الجندي فيصل خان الذي قُتل باشتباكات مع قوات «طالبان» على الحدود الباكستانية - الأفغانية في شامان بإقليم خيبر بختونخوا الباكستاني يوم 13 أكتوبر 2025 (إ.ب.أ)

وتتهم إسلام آباد حركة «طالبان باكستان»، التي تدرّبت على القتال في أفغانستان وتفيد بأنها تتشارك الفكر نفسه مع «طالبان أفغانستان»، بقتل مئات الجنود الباكستانيين منذ عودة «طالبان» إلى السلطة في كابل عام 2021.

ووقعت الأسبوع الماضي في أفغانستان انفجارات لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنها، بينما كان وزير خارجية حكومة «طالبان» يُجري زيارة غير مسبوقة إلى الهند. واندلعت المواجهات الأولى بين البلدين مساء السبت، عندما أطلقت كابل عملية في 5 ولايات حدودية على الأقل. وذكرت حكومة «طالبان» أنها هاجمت قوات الأمن الباكستانية؛ «رداً على ضربات جوية نفّذها الجيش الباكستاني على كابل». وتعهّدت إسلام آباد، الأحد، بالرد بقوة، وأُعلن عن سقوط عشرات القتلى على جانبي الحدود.

وفي حادث منفصل، أفاد مسؤول أمني رفيع في بيشاور بولاية خيبر بختونخوا في شمال غربي باكستان بأن 7 جنود من قوات حرس الحدود قتلوا في هجوم على نقطة تفتيش. وأعلنت مجموعة مسلحة جديدة نسبياً، تطلق على نفسها اسم «اتحاد المجاهدين»، مسؤوليتها عن الهجوم.



بـ«قائمة شرف خاصة»... أستراليا بصدد تكريم مَن واجهوا هجوم سيدني

رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز كريس مينز (يسار) ونظيره الأسترالي أنتوني ألبانيزي (يمين) يحضران غداءً بمناسبة عيد الميلاد استضافته مؤسسة القس بيل كروز بسيدني الخميس (إ.ب.أ)
رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز كريس مينز (يسار) ونظيره الأسترالي أنتوني ألبانيزي (يمين) يحضران غداءً بمناسبة عيد الميلاد استضافته مؤسسة القس بيل كروز بسيدني الخميس (إ.ب.أ)
TT

بـ«قائمة شرف خاصة»... أستراليا بصدد تكريم مَن واجهوا هجوم سيدني

رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز كريس مينز (يسار) ونظيره الأسترالي أنتوني ألبانيزي (يمين) يحضران غداءً بمناسبة عيد الميلاد استضافته مؤسسة القس بيل كروز بسيدني الخميس (إ.ب.أ)
رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز كريس مينز (يسار) ونظيره الأسترالي أنتوني ألبانيزي (يمين) يحضران غداءً بمناسبة عيد الميلاد استضافته مؤسسة القس بيل كروز بسيدني الخميس (إ.ب.أ)

أعلن رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي، الخميس، خططاً لإطلاق وسام وطني للشجاعة و«قائمة شرف» خاصة؛ لتكريم المدنيين وأفراد الاستجابة الأولى الذين واجهوا «أسوأ مظاهر الشر» خلال هجوم إرهابي أسفر عن مقتل 15 شخصاً، وألقى بظلال ثقيلة على موسم الأعياد في البلاد.

وقال ألبانيزي إنه يعتزم إنشاء نظام تكريم خاص لأولئك الذين عرَّضوا أنفسهم للخطر؛ للمساعدة خلال الهجوم الذي استهدف احتفالاً بعيد «الحانوكا» على شاطئ البحر، ومن بينهم أحمد الأحمد، وهو مسلم سوري-أسترالي تمكَّن من تجريد أحد المهاجمين من سلاحه قبل أن يصاب هو نفسه.

ضباط شرطة ينفذون دورية بالقرب من رواد شاطئ بونداي في سيدني يوم عيد الميلاد الخميس (أ.ف.ب)

ويحْيي اليهود عيد «الحانوكا» إحياءً لذكرى انتصار المكابيين (عائلة يهودية) على الإمبراطورية السلوقية عام 165 قبل الميلاد.

وتصدّر اسم المواطن السوري أحمد الأحمد عناوين الصحف الأسترالية، بعد تدخله بشجاعة لوقف الهجوم وانتزاعه سلاح أحد المهاجمين، مما أسهم في الحد من حجم الكارثة.

وتتهم السلطات ساجد أكرم، الذي قُتل برصاص الشرطة خلال الهجوم الذي وقع في 14 ديسمبر (كانون الأول)، وابنه نافيد أكرم، 24 عاماً، بتنفيذ أسوأ مجزرة تشهدها أستراليا منذ عام 1996.

وفي مؤتمر صحافي أعقب غداء يوم عيد الميلاد في مؤسسة خيرية بمدينة سيدني، وصف ألبانيزي عيد الميلاد هذا العام بأنه محكوم بتباين حاد بين العنف المتطرف و«أفضل ما في الإنسانية».

وقال: «عيد الميلاد هذا مختلف بسبب الهجوم الإرهابي والدوافع المرتبطة بتنظيم (داعش) ومعاداة السامية. لكن في الوقت نفسه، وبينما شهدنا أسوأ ما في الإنسانية، رأينا أيضاً الشجاعة واللطف والتعاطف من أولئك الذين اندفعوا نحو الخطر». وأوضح أن الأوسمة المقترحة ستكرم الأشخاص الذين يجري ترشيحهم والتوصية بمنحهم أوسمة الشجاعة أو الاستحقاق ضمن نظام الأوسمة والجوائز الأسترالية القائم، تقديراً لأفعالهم في أثناء الهجوم وبعده.

وشهد شاطئ بونداي في سيدني، الخميس، احتفالات محدودة بعيد الميلاد في أعقاب هجوم إرهابي قُتل فيه ​15 شخصاً قبل أكثر من أسبوع، إذ يواجه المجتمع تبعات أكثر حوادث إطلاق النار الجماعي دمويةً في البلاد منذ نحو ثلاثة عقود.

رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي (في الوسط) وزوجته جودي هايدون يستقبلان الضيوف خلال غداء عيد الميلاد الذي استضافته مؤسسة القس بيل كروز بسيدني الخميس (إ.ب.أ)

وقامت الشرطة بدوريات على الشاطئ، الذي يعد وجهة تقليدية لاحتفالات عيد الميلاد في المدينة، ‌حيث تجمع ‌مئات الأشخاص. وقال السائح ‌البريطاني ⁠مارك ​كونروي لـ«رويترز»: «‌أعتقد أن الأمر مأساوي، وأن الجميع يحترمون ما حدث ويشعرون بالحزن الشديد لما حدث، وأن الناس هنا على الشاطئ لأن الأمر أشبه بالاحتفال، لكن الجميع يحتفظون به في ذاكرتهم والجميع يحترمون ما ⁠حدث».

ودفع الهجوم المسلح الذي وقع في 14 ‌ديسمبر في احتفال بعيد ‍الأنوار اليهودي (الحانوكا) ‍إلى إطلاق دعوات لتشديد قوانين حمل ‍السلاح واتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد معاداة السامية، في حين جرى تشديد قواعد التجمعات العامة في سيدني بموجب قوانين جديدة أُقرت.

وشوهد مرتادو ​الشاطئ وهم يلتقطون الصور بجوار شجرة عيد الميلاد، فيما التقط البعض صوراً ⁠مع رجال الإنقاذ، لكن الطقس العاصف قلل من عدد المحتفلين على ما يبدو.

ضباط الشرطة ينفذون دوريات بالقرب من رواد شاطئ بونداي بسيدني يوم عيد الميلاد الخميس (أ.ف.ب )

ونُكِّست الأعلام خارج مبنى بونداي بافيليون المُدْرَج على قائمة التراث بالقرب من موقع الهجوم، الذي تقول الشرطة إن مرتكبيه أب وابنه استلهما فكر تنظيم داعش.

ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وقعت هجمات على كُنس ‌يهودية ومبانٍ وسيارات مملوكة ليهود في أستراليا. وتُظهر صور من مكان الجريمة في المدينة -التي تعيش فيها أكبر جالية يهودية في أستراليا- لافتة «عيد حانوكا سعيد» على سقف السيارة التي اشتعلت فيها النيران. وكانت السيارة متوقفة في ممر أمام منزل الحاخام بحي سانت «كيلدا إيست» في المدينة الساحلية التي يعيش بها الكثير من اليهود. وذكرت وسائل إعلام أسترالية أنه تم نقل الحاخام وأسرته إلى مكان آمن. ولم يُصَب أحد بأذى، ونقلت وسائل إعلام أسترالية عن الشرطة القول إنها حددت هوية شخص من الممكن أن يساعد في التحقيقات، دون أن تعلن إلقاء القبض على أحد. ولم تتطرق السلطات، بصورة فورية، إلى الدوافع وراء الجريمة.

وعلى صعيد متصل، أفاد المبعوث الأسترالي الخاص لمكافحة معاداة السامية، بارتفاع حوادث معاداة السامية بشكل كبير منذ الهجوم الذي شنته حركة «حماس» على إسرائيل في أكتوبر 2023، وما تلاه من اندلاع حرب غزة.

وعلى الصعيد المحلي، تم الإبلاغ عن أكثر من 2000 حالة معاداة للسامية خلال الاثني عشر شهراً التي تلت الهجوم، وقد شملت تهديدات وترهيباً واعتداءات عنيفة وتخريباً للممتلكات.

وفي ديسمبر 2024، تصدرت حادثة إحراق متعمدة لكنيس يهودي في ملبورن بدوافع معادية للسامية، عناوين الأخبار، حيث اتهمت السلطات الأمنية الأسترالية إيران بالوقوف خلفها. وبعد أقل من أسبوعين من الهجوم الإرهابي الذي استهدف شاطئ بونداي الشهير في مدينة سيدني الأسترالية، والذي أسفر عن مقتل 15 شخصاً، معظمهم من اليهود الذين كانوا يحتفلون بعيد «حانوكا» (عيد الأنوار اليهودي)، اشتعلت النيران في سيارة حاخام بمدينة ملبورن، الخميس، في هجوم يُشتبه بأن له علاقة بمعاداة السامية.

في غضون ذلك، قال توني بيرك وزير الشؤون الداخلية في أستراليا، والمعنيّ أيضاً بملف الهجرة، الأربعاء، إن بلاده ألغت تأشيرة بريطاني ​بعد اتهامه بعرض رمز نازيّ محظور، في وقت تكثف فيه أستراليا حملة لمكافحة معاداة السامية عقب إطلاق نار جماعي على شاطئ بونداي.

وقالت الشرطة الاتحادية الأسترالية إن الحكومة ألغت تأشيرة دخول رجل يبلغ من العمر 43 عاماً بعد أن وجهت إليه السلطات في الثامن من ديسمبر اتهامات بعرض ‌رمز نازيّ، والدعوة إلى ‌العنف ⁠ضد اليهود ​عبر منصة ‌«إكس» للتواصل الاجتماعي. وقال بيرك لهيئة الإذاعة الأسترالية: «إذا أتيت إلى أستراليا بتأشيرة دخول، فأنت ضيف هنا... إذا جاء أحدهم إلى هنا لأغراض الكراهية فعليه المغادرة»، في إشارة إلى البريطاني المعنيّ بالأمر.

وأشارت الشرطة الاتحادية إلى أن البريطاني عرض الصليب النازيّ المعقوف وتبنى «آيديولوجية ⁠تؤيد الفكر النازي بكراهية بشكل خاص لليهود» عبر حسابين على ‌«إكس» خلال شهرَي أكتوبر ونوفمبر (تشرين الثاني). وذكرت تقارير ‍إعلامية أن البريطاني الذي كان يقيم في ‍ولاية كوينزلاند نُقل إلى مركز احتجاز للمهاجرين بعد إلغاء تأشيرته، وسيتم ترحيله ما لم يغادر البلاد طوعاً أولاً.

Your Premium trial has ended


سينما عتيقة في كابل تسقط أخيراً تحت جرافات «طالبان»

مشاهدة فيلم بوليوودي في سينما أريانا بكابل عام 2012 (رويترز)
مشاهدة فيلم بوليوودي في سينما أريانا بكابل عام 2012 (رويترز)
TT

سينما عتيقة في كابل تسقط أخيراً تحت جرافات «طالبان»

مشاهدة فيلم بوليوودي في سينما أريانا بكابل عام 2012 (رويترز)
مشاهدة فيلم بوليوودي في سينما أريانا بكابل عام 2012 (رويترز)

سقطت دار عرض سينمائي شهدت فصولاً من التاريخ الحديث لأفغانستان، من حيوية ستينات القرن الماضي المنفتحة على العالم، إلى فترات الصمت والقمع التي أعقبت استيلاء «طالبان» على السلطة مرتين، تحت جرافات «طالبان»، لتُهدم وتُقام مكانها سوق تجارية.

خارج سينما أريانا عام 2010 في العاصمة كابل قبل الهدم (متداولة)

وكانت «سينما أريانا» في كابل، عاصمة البلاد، مغلقة منذ عام 2021، حين عادت «طالبان» إلى الحكم، باستثناء عروض متفرقة لأفلام دعائية. ومع ذلك، ظلت قائمة بوصفها معلماً في قلب المدينة، وتذكاراً للفن والثقافة والمتعة في ذاكرة كثير من الأفغان.

وفي الأسبوع الماضي، بدأت جرافة في تفكيك المبنى. ومن المقرر أن يرتفع في موقعه لاحقاً مركز تسوق بتكلفة 3.5 مليون دولار، يضم أكثر من 300 متجر، إلى جانب مطاعم وفندق ومسجد، موزعة على ثمانية طوابق، وفق ما قاله نعمت الله بركزاي، المتحدث باسم بلدية كابل.

أولويات «طالبان»

ويعكس تدمير السينما أولويات الإدارة التابعة لـ«طالبان» على الصعيدين الآيديولوجي والاقتصادي، في وقت تسعى فيه الحركة بشدة إلى إيجاد مصادر تمويل جديدة، في ظل العقوبات الغربية وتوقف المساعدات الأجنبية، حسب تقرير لـ«نيويورك تايمز» الخميس.

وبحسب البنك الدولي، نما اقتصاد أفغانستان بنسبة 4.3 في المائة هذا العام، غير أن نصيب الفرد من هذا النمو يتراجع بسبب عودة أعداد كبيرة من اللاجئين، ما أدى إلى تضخم عدد السكان. في المقابل، أسهم الوافدون الجدد في تغذية طفرة في قطاع البناء، تحاول «طالبان» استغلالها عبر بيع الأراضي لمشاريع مدرة للإيرادات.

وقال بركزاي إن معدات السينما وأرشيفها سيُحفظان في مكان آمن، وقد يُعاد استخدامهما مستقبلاً، وأضاف: «وبما أن دور السينما غير نشطة حالياً في البلاد، فلا يمكننا ترك هذا المبنى من دون استخدام».

غير أن سلسلة القيود التي فرضتها «طالبان» في السنوات الأخيرة تشير إلى أن إحياء هذا النشاط الثقافي يبدو مستبعداً ما دامت الحركة تحكم البلاد.

حظر المسلسلات الأجنبية

فقد حظرت «طالبان» على القنوات التلفزيونية الوطنية بث المسلسلات الأجنبية، ثم منعتها مؤخراً من عرض أي صور لكائنات حية، في تفسير صارم للشريعة الإسلامية بحظر تصوير البشر والحيوانات. كما أمرت السلطات الأفغان بالتوقف عن تحميل مقاطع الفيديو على منصات مثل «يوتيوب». ولا تزال دور السينما الأخرى في المدينة مغلقة.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، احتجز عناصر من «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» التابعة لـ«طالبان» أربعة شبان في مدينة هرات غرب البلاد، بعدما تنكروا بملابس شخصيات من المسلسل البريطاني الشهير «بيكي بلايندرز». واتهمتهم السلطات بالترويج لقيم غربية من خلال مظهرهم.

خارج سينما أريانا عام 2010 (نيويورك تايمز)

افتُتحت «سينما أريانا» في أوائل ستينات القرن الماضي، وأصبحت وجهة مفضلة للأفغان الراغبين في مشاهدة أفلام «بوليوود» الهندية أو السينما الإيرانية. وكان يُطلق على كابل آنذاك لقب «باريس آسيا الوسطى»، إذ جذبت مختلف الزوار، من الهيبيز (أو الخنافس) إلى السياح القادمين من دول الجوار. وكانت نخبة حضرية ميسورة في

كابل ترتاد فندق «إنتركونتننتال»، الذي افتُتح عام 1969 على تلة مطلة على المدينة، واشتهر بالمأكولات الراقية والحفلات الباذخة.

وخلال الحرب الأهلية في تسعينات القرن الماضي، تعرضت السينما لأضرار جسيمة. وفي فترة حكم «طالبان» الأولى، بين عامي 1996 و2001، أُغلقت أبوابها.

فني عرض أفلام في سينما أريانا عام 2021 (أ.ب)

لكن السينما رُممت في عام 2004، وسرعان ما استعادت دورها بوصفها ملتقى اجتماعياً.

ويقول محمد نعيم جبرخيل، الذي كان يمتلك مخبزاً قريباً من الموقع، إن حتى أعطالها التقنية - مثل الانقطاعات المتكررة التي كانت تجبر رواد السينما على العودة في يوم آخر لمشاهدة نهاية الفيلم - أصبحت جزءاً من سحرها. وأضاف أنه كان يحاول الذهاب مرة واحدة في الأسبوع.

وقال جبرخيل (38 عاماً): «في ذلك الوقت، كان ثمن تذكرة السينما يعادل سعر ست أو ثماني قطع من الخبز الجاف، وكان من المفترض ألا أنفق هذا المبلغ على مشاهدة الأفلام. لكن الشغف والرغبة في الذهاب إلى السينما كانا يسكنان قلبي».

من جانبه، قال بصير مجاهد، وهو ممثل ومخرج أفغاني معروف، إن «سينما أريانا» جسدت واحدة من آخر العلامات المتبقية لتلك المرحلة المفعمة بالأمل في كابل. وأضاف أنه خلال وقف إطلاق النار الذي جرى الاتفاق عليه بين «طالبان» والحكومة المدعومة من الولايات المتحدة خلال عطلة عيد الفطر عام 2018، حضر كثير من مقاتلي «طالبان» إلى السينما وهم يحملون أعلام الحركة وأسلحتهم، لمشاهدة أحد أفلامه.

يعرض ملصق خارج موقع سينما أريانا خططاً لمركز تسوق جديد (غيتي)

وقال مجاهد: «كنا سعداء جداً، واعتقدنا أنهم ربما سيُقدّرون الفن والثقافة، لكن للأسف لم يكن الأمر كذلك». ومع عودة «طالبان» إلى السلطة، أُغلقت السينما مجدداً.

وأضاف: «إن تدمير سينما أريانا ليس مجرد عملية بناء، بل هو نهاية حقبة كاملة في الحياة الثقافية للعاصمة الأفغانية».

وبينما يرى محبو «أريانا» فيها رمزاً للتاريخ الثقافي الحديث لأفغانستان، يجادل بركزاي، المتحدث باسم بلدية كابل، بأن المبنى لا يمكن اعتباره ذا أهمية تاريخية لأنه كان مشروعاً تجارياً.

وقال: «حتى عندما كانت تعمل كدار سينما، كانت مكاناً تجارياً، إذ كانت تُباع التذاكر فيها». وأوضح أنه بموجب عقد مدته 12 عاماً، ستمتلك المدينة 45 في المائة من أسهم المشروع الجديد، بينما تعود النسبة المتبقية إلى شركة خاصة، متوقعاً أن يستغرق إنجاز أعمال البناء نحو عام كامل.


خبيرة أممية تندد بظروف احتجاز زوجة رئيس وزراء باكستان السابق عمران خان

رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان وزوجته بشرى بيبي يصلان للمثول أمام المحكمة العليا في لاهور 15 مايو 2023 (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان وزوجته بشرى بيبي يصلان للمثول أمام المحكمة العليا في لاهور 15 مايو 2023 (أ.ف.ب)
TT

خبيرة أممية تندد بظروف احتجاز زوجة رئيس وزراء باكستان السابق عمران خان

رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان وزوجته بشرى بيبي يصلان للمثول أمام المحكمة العليا في لاهور 15 مايو 2023 (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان وزوجته بشرى بيبي يصلان للمثول أمام المحكمة العليا في لاهور 15 مايو 2023 (أ.ف.ب)

حذرت خبيرة أممية، الأربعاء، من أن زوجة رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان، محتجزة في ظروف قد تعرض صحتها الجسدية والنفسية لخطر جسيم.

وحضت أليس جيل إدواردز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالتعذيب وغيره من أنواع المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، السلطات الباكستانية على اتخاذ إجراءات فورية لمعالجة الوضع.

عمران خان وزوجته بشرى بيبي (أرشيفية-أ.ف.ب)

ودين خان وزوجته بشرى بيبي بتهم فساد في يناير (كانون الثاني)، وحكم عليهما بالسجن 14 عاماً وسبعة أعوام توالياً.

والسبت، قضت محكمة باكستانية بسجنهما 17 عاماً أخرى بتهمة متعلقة بهدايا تلقياها أثناء تولي خان منصبه.

وحكم على خان وبيبي بالسجن 10 أعوام بتهمة سوء الأمانة وسبعة أعوام بتهم فساد في قضية تزعم تسعيرهما بشكل منخفض هدايا حكومية.

موظفو أمن يرافقون عمران خان إلى قاعة المحكمة في 12 مايو 2023 (رويترز)

وقالت إدواردز في بيان أنه «يقع على عاتق الدولة واجب حماية صحة السيدة خان وضمان ظروف احتجاز تتوافق مع كرامة الإنسان».

ونقلت إدواردز عن تقارير بأن بيبي محتجزة في زنزانة صغيرة وقذرة وغالباً ما تكون مظلمة بسبب انقطاع التيار الكهربائي.

واعتبرت إدواردز أن «هذه الظروف أدنى بكثير من الحد الأدنى للمعايير الدولية».

وأضافت «لا ينبغي تعريض أي محتجز للحرارة الشديدة أو الطعام أو الماء الملوثين أو الظروف التي تفاقم حالة صحية يعاني منها».

وتشير التقارير أيضاً إلى أنها غالبا ما تُحتجز في عزلة شبه تامة لأكثر من 22 ساعة يومياً.

ودعت إدواردز السلطات إلى «ضمان إمكانية تواصل السيدة خان مع محاميها واستقبال زيارات من أفراد أسرتها والتواصل الإنساني الفعال طوال فترة احتجازها».

وكانت المقررة الأممية قد أثارت وضع بيبي بشكل رسمي مع الحكومة في إسلام آباد.

متظاهرون خارج سجن أديالا حيث يُحتجز رئيس الوزراء السابق عمران خان يحتجون على منع أفراد عائلته ومحاموه من زيارته (إ.ب.أ)

ومقررو الأمم المتحدة مستقلون ولا يمثلون المنظمة الأممية، ويتم تكليفهم من قبل مجلس حقوق الإنسان.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، أعلنت إدواردز أيضاً أن خان محتجز في ظروف قد ترقى إلى التعذيب والمعاملة اللاإنسانية، وحضت السلطات على ضمان أن تتماشى ظروف احتجاز الرجل البالغ 73 عاماً مع المعايير الدولية.

وكان خان الذي قاد باكستان للفوز بكأس العالم للكريكيت عام 1992، قد أحدث تغييراً جذرياً في المشهد السياسي الباكستاني بفوزه في الانتخابات وتوليه منصب رئيس الوزراء عام 2018.

وأُطيح به عام 2022 في تصويت على حجب الثقة بعد أن فقد تأييد الجيش.

ويُحتجز نجم الكريكيت السابق منذ أغسطس (آب) عام 2023 بتهم في عشرات القضايا التي يقول أنها ذات دوافع سياسية.