باكستان تواجه أعنف تمرد لـ«طالبان» منذ عقد من الزمان

عودة النشاط الإرهابي بقوة دفع الجيش إلى الرد بهجمات بطائرات مسيَّرة وعمليات ميدانية

تعيش مئات من العائلات في باكستان داخل خيام حكومية بعد أن أجبرها العنف بين الجماعات المسلحة والجيش على النزوح من منازلها (نيويورك تايمز)
تعيش مئات من العائلات في باكستان داخل خيام حكومية بعد أن أجبرها العنف بين الجماعات المسلحة والجيش على النزوح من منازلها (نيويورك تايمز)
TT

باكستان تواجه أعنف تمرد لـ«طالبان» منذ عقد من الزمان

تعيش مئات من العائلات في باكستان داخل خيام حكومية بعد أن أجبرها العنف بين الجماعات المسلحة والجيش على النزوح من منازلها (نيويورك تايمز)
تعيش مئات من العائلات في باكستان داخل خيام حكومية بعد أن أجبرها العنف بين الجماعات المسلحة والجيش على النزوح من منازلها (نيويورك تايمز)

في جبال باكستان الوعرة، يخوض مقاتلو «طالبان»، التي تستعيد نشاطها، حرب عصابات شرسة ودامية ضد قوات الأمن الباكستانية، في أخطر تهديد إرهابي تواجهه البلاد منذ أكثر من 12 عاماً.

وبينما كانت حركة «طالبان» الباكستانية شبه منهارة قبل أربع سنوات فقط، عادت اليوم بقوة، مما دفع الجيش الباكستاني إلى الرد بهجمات بطائرات مسيّرة وعمليات ميدانية «محددة الأهداف»، كما وصفها.

مع ذلك كان لهذه الحملة العسكرية تكلفة بشرية ومادية فادحة تمثلت في مئات القتلى من صفوف الجيش، وعشرات الآلاف من النازحين، ومجتمعات محلية غاضبة من تداعيات العمليات العسكرية على حياتهم، حسب تقرير لـ«نيويورك تايمز »، الأحد.

تجمعت عائلات نازحة في مبنى حكومي على حافة باجور بعد السفر لأميال للتسجيل للحصول على دفعة إعادة التأهيل بعد النزوح المؤقت من قراهم (نيويورك تايمز)

في ظل عدم إحكام باكستان قبضتها على مناطقها الغربية الجبلية المتاخمة لأفغانستان، يتنامى نشاط مسلحي «طالبان» الباكستانية وتنظيم «داعش» في المناطق نفسها. ويُهدد هذا النشاط المسلح المتزايد المكانة الإقليمية لباكستان كقوة عسكرية في منطقة جنوب آسيا، وهي مكانة تتخذ إجراءات لتعزيزها وترسيخها خلال العام الحالي».

والتقى قائد الجيش الجنرال سيد عاصم منير، الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الشهر الماضي، وهو اللقاء الثاني خلال ثلاثة أشهر تقريباً. وأسقط الجيش الباكستاني طائرات هندية باستخدام التكنولوجيا الصينية في وقت سابق من العام الحالي، ووقَّعت الحكومة الباكستانية اتفاقية دفاعية مع السعودية خلال الشهر الماضي.

وتشهد منطقة باجور في باكستان عمليات عسكرية مستمرة، لكن رغم ذلك يقول محللون أمنيون إن «طالبان» الباكستانية قدّمت أصعب تحدٍّ أمني تواجهه البلاد منذ سنوات.

رغم أن منطقة باجور في باكستان تشهد عملية عسكرية مستمرة فإن محللين أمنيين يقولون إن حركة «طالبان» الباكستانية تُمثل أعنف تحدٍّ أمني تواجهه البلاد منذ سنوات (نيويورك تايمز)

دعم من «طالبان» الأفغانية

منذ سيطرة «طالبان» على كابل عام 2021، نمت حركة «طالبان » لتصبح تنظيماً قوياً ومتماسكاً. ويؤكد مسؤولون عسكريون وخبراء مستقلون وخبراء في الأمم المتحدة أن قيادة الحركة تتلقى دعماً مالياً من حكومة «طالبان» الأفغانية، وتلقى مقاتلوها تدريباً، ويتحركون بحرية عبر الحدود، على الرغم من نفي كابل المتكرر لهذه الادعاءات.

وقال أسفنديار مير، الباحث في برنامج جنوب آسيا بمركز «ستيمسون» في واشنطن: «تمكنت (طالبان) الباكستانية من فرض نفسها وإثبات وجودها، وبدأ ميزان القوة يميل ضد قوات الأمن الباكستانية».

جنود شبه عسكريين من فيلق الحدود يقفون حراساً بينما يُصلح العمال الجدار الحدودي الذي تضرر بتفجير انتحاري في كويتا عاصمة إقليم بلوشستان المضطرب بباكستان الاثنين (إ.ب.أ)

ومع ازدياد تعقيد وتطور عمليات الحركة، باتت تركز بشكل أكبر على استهداف أفراد الشرطة والجيش بدلاً من المدنيين، وإن كان المدنيون ما زالوا يُصابون باستمرار في تبادل النيران. وأعلنت الحركة، يوم الخميس، مسؤوليتها عن تفجير سيارة مفخخة أسفر عن مقتل ما لا يقل عن عشرة أشخاص يوم الثلاثاء، معظمهم من المدنيين، أمام مقر قوة شبه عسكرية إقليمية.

وارتفعت الهجمات الإرهابية في باكستان العام الماضي إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2015، مدفوعةً بالأساس بعمليات حركة «تحريك طالبان» باكستان، وفقاً لمعهد «باك» البحثي لدراسات السلام.

ووفقاً لمؤشر الإرهاب العالمي، أصبحت باكستان ثاني أكثر دولة تضرراً من الإرهاب في العالم بفعل تلك الهجمات.

رداً على ذلك، أطلق الجيش الباكستاني هجوماً واسع النطاق هذا الصيف في إقليم خيبر بختونخوا، المتاخم لأفغانستان، وهو معقل «طالبان» الرئيسي. ويعلن الجيش قتل مسلحين كل بضعة أيام، لكن وجدت القرى المعزولة، التي كانت قد عانت بالفعل من مئات الهجمات الأميركية التي تتم بطائرات مسيّرة قبل عقد إلى جانب الحملة العسكرية الباكستانية اللاحقة التي استأصلت المسلحين ودفعتهم نحو أفغانستان، نفسها مجدداً في قلب الصراع المسلّح.

ومنذ بداية العام، نزح عشرات الآلاف من السكان. وتتركز العمليات العسكرية حتى الآن في بضع مناطق محدودة، لكن يخشى الزعماء المحليون والخبراء الأمنيون من توسعها في جميع أنحاء الإقليم كما حدث في أوائل العقد الأول من الألفية الثانية.

حصلت الأسر النازحة التي لجأت إلى المباني الحكومية في خار بباكستان على مواد إغاثة خلال أغسطس (نيويورك تايمز)

باجور الحدودية بؤرة الصراع

وقد تحولت منطقة باجور الحدودية مع أفغانستان إلى بؤرة الصراع المستمر الحالي في إقليم خيبر بختونخوا، حيث يخوض الجيش قتالاً عنيفاً ضد «طالبان» الباكستانية، مما أدى إلى نزوح السكان المحليين من منازلهم. كذلك تحولت المدارس إلى ملاجئ، حيث أُزيحت المكاتب المدرسية نحو الجدران لإفساح المجال أمام العائلات المشرّدة.

في هذا الصدد، قال عبد الرحيم، بائع متجول، من داخل فصل دراسي: «في كل مرة تبدأ الحكومة عملية عسكرية وتجبرنا على النزوح، يعبر المسلحون إلى أفغانستان ثم يعودون لاحقاً».

الجدير بالذكر أن حركة «تحريك طالبان» باكستان قد تأسست عام 2007 كردّ فعل على دعم باكستان للغزو الأميركي لأفغانستان. وضمّت الحركة تحالفاً من الجماعات المتشددة، وفرضت الشريعة الإسلامية في المناطق القبلية آنذاك التي كانت خاضعة لأحكام الحقبة الاستعمارية، وشنّت هجمات ضد قوات الأمن الباكستانية والقوات الأجنبية في أفغانستان.

استهدفت عناصر الحركة الجامعات ورجال الدين والمدنيين بشكل عشوائي، ونفذت هجمات في المدن الكبرى داخل باكستان، وحتى في الخارج بمحاولة تفجير في ميدان «تايمز سكوير» في نيويورك.

مع ذلك أسهمت العمليات العسكرية والهجمات الأميركية التي تمت بالطائرات المسيّرة وقتلت قادة مسلحين بارزين، إضافةً إلى الخلافات الداخلية، في إضعاف «طالبان» الباكستانية.

وفي عام 2018، أعلنت باكستان انتصارها على الحركة، ودمجت المناطق القبلية السابقة ضمن إقليم خيبر بختونخوا، متعهدةً بتحقيق تنمية اقتصادية واستقرار أمني والحد من العنف. مع ذلك تلك بدت الوعود فارغة بالنسبة إلى كثيرين في تلك المناطق.

جنود شبه عسكريين من فيلق الحدود يقفون حراساً بينما يُصلح العمال الجدار الحدودي الذي تضرر بتفجير انتحاري في كويتا عاصمة إقليم بلوشستان المضطرب بباكستان الاثنين (إ.ب.أ)

وبعد عودة «طالبان» إلى السلطة في كابل عام 2021، استعادت «تحريك طالبان» باكستان قوتها، ووحَّدت الفصائل المنقسمة، واستوعبت فروع تنظيم «القاعدة» المحلية، وكثّفت هجماتها مستخدمةً طائرات مسيّرة وأسلحة أميركية الصنع ومعدات تُركت في أفغانستان، بما في ذلك بنادق قنص ونظارات للرؤية الليلية. كذلك تسعى الحركة الآن إلى توسيع نفوذها إلى إقليم البنجاب، الأكثر كثافة سكانية وثروةً وتأثيراً سياسياً في البلاد.

في هذا السياق، قالت بيرل باندايا، المحللة في منظمة «ACLED» المعنية بجمع معلومات عن النزاعات حول العالم: «باتت (تحريك طالبان) باكستان تركز بدرجة أكبر على المواجهات المباشرة والهجمات ضد القوات العسكرية».

وأضافت أن باكستان تحاول تجنب شنّ عملية عسكرية شاملة، لكنها في الوقت ذاته غير عازمة على معالجة المظالم المحلية. واختتمت باندايا بالقول: «من غير المرجح أن ينجح النهج الحالي المفضل والمتمثل في تنفيذ عمليات مؤقتة ومحدودة جغرافياً على المدى الطويل».


مقالات ذات صلة

مقرر أممي يطلب فتح تحقيق في «اغتيال» مسؤولين أفغان سابقين بإيران

آسيا المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في أفغانستان ريتشارد بينيت (أ.ب)

مقرر أممي يطلب فتح تحقيق في «اغتيال» مسؤولين أفغان سابقين بإيران

طالب المقرر الخاص للأمم المتحدة لحقوق الإنسان بأفغانستان ريتشارد بينيت بفتح تحقيق مستقل بشأن اغتيالات طالت مؤخراً في إيران عناصر سابقين في قوات الأمن الأفغانية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا لاجئون أفغان ينتظرون التسجيل في مخيم بالقرب من الحدود الباكستانية - الأفغانية في تورخام بأفغانستان يوم السبت 4 نوفمبر 2023 (أرشيفية - أ.ب)

باكستان ترحّل أكثر من 2600 مهاجر أفغاني في يوم واحد

أعلنت «المفوضية العليا لشؤون المهاجرين» التابعة لحركة «طالبان» أن السلطات الباكستانية رحّلت، الأحد، 2628 مهاجراً أفغانياً، أعيدوا إلى أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (كابل )
آسيا شرطي يحرس كاتدرائية القديس يوحنا المركزية في بيشاور خلال قداس عيد الميلاد (د.ب.أ)

قوات الأمن الباكستانية تعلن «تحييد» 12 مسلحاً في إقليمَي خيبر وبلوشستان

أعلنت قوات الأمن الباكستانية «تحييد» 12 مسلحاً في عمليتين نفذتهما في إقليمَي خيبر بختونخوا وبلوشستان المحاذيين لأفغانستان.

«الشرق الأوسط» (راولبندي - إسلام آباد (باكستان))
آسيا يقف أحد أفراد أمن «طالبان» على ظهر مركبة بينما يصل لاجئون أفغان إلى نقطة الصفر عند معبر إسلام قلعة الحدودي بين أفغانستان وإيران يوم 28 يونيو الماضي بعد ترحيلهم من إيران (أ.ف.ب)

تحقيق يكشف: أفغان يواجهون القتل والتعذيب بعد إعادتهم من إيران

كشف تحقيق صحافي عن تعرّض أفغان لعمليات قتل خارج نطاق القضاء وتعذيب واحتجاز تعسفي، عقب إعادتهم قسراً من إيران إلى بلادهم، موثقاً ما لا يقل عن 6 حالات.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد - كابل)
اليابان تقدم مساعدات إنسانية قيمتها مليونا دولار للعائدين إلى أفغانستان

اليابان تقدم مساعدات إنسانية قيمتها مليونا دولار للعائدين إلى أفغانستان

ذكرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليابان قدمت مليونَي دولار كمساعدات إنسانية للعائدين إلى أفغانستان، حيث تتفاقم تحديات النزوح.

«الشرق الأوسط» (كابل )

مناورات عسكرية صينية واسعة حول تايوان


لقطة من فيديو نشرته قيادة المسرح الشرقي لجيش التحرير الشعبي الصيني لسفينة حربية تُطلق مقذوفاً خلال تدريبات شرق تايوان (رويترز)
لقطة من فيديو نشرته قيادة المسرح الشرقي لجيش التحرير الشعبي الصيني لسفينة حربية تُطلق مقذوفاً خلال تدريبات شرق تايوان (رويترز)
TT

مناورات عسكرية صينية واسعة حول تايوان


لقطة من فيديو نشرته قيادة المسرح الشرقي لجيش التحرير الشعبي الصيني لسفينة حربية تُطلق مقذوفاً خلال تدريبات شرق تايوان (رويترز)
لقطة من فيديو نشرته قيادة المسرح الشرقي لجيش التحرير الشعبي الصيني لسفينة حربية تُطلق مقذوفاً خلال تدريبات شرق تايوان (رويترز)

بعد أيام من إعلان إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب صفقة أسلحة مقترحة تتجاوز قيمتها 11 مليار دولار لتايوان، أجرت الصين مناورات عسكرية شملت قوات بحرية وجوية وبرية وصاروخية حول الجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي، وتطالب بكين بضمها إلى الأرض الأم.

وتُعد «مهمة العدالة 2025» أولى المناورات العسكرية واسعة النطاق لـ«جيش التحرير الشعبي» الصيني حول تايوان منذ أبريل (نيسان) الماضي. ويبدو أنها تهدف إلى استعراض قدرات الصين المتنامية على تطويق تايوان. ووصف الجيش الصيني هذا الحشد العسكري بأنه «تحذير شديد اللهجة» لمعارضي مطالبة بكين بضم الجزيرة للأرض الأم.

وقال الجيش الصيني إن هذه التدريبات ستحاكي حصار الموانئ، وفرض الهيمنة الصينية في شرق تايوان، وهو الاتجاه الذي يُرجح أن يأتي منه أي دعم محتمل في زمن الحرب من الولايات المتحدة وحلفائها.


الحزب الموالي للجيش يعلن فوزه في الجولة الأولى من انتخابات ميانمار التشريعية

بائع يقوم بترتيب الصحف التي غطت أخبار الانتخابات العامة في ميانمار في يانغون في 29 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
بائع يقوم بترتيب الصحف التي غطت أخبار الانتخابات العامة في ميانمار في يانغون في 29 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

الحزب الموالي للجيش يعلن فوزه في الجولة الأولى من انتخابات ميانمار التشريعية

بائع يقوم بترتيب الصحف التي غطت أخبار الانتخابات العامة في ميانمار في يانغون في 29 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
بائع يقوم بترتيب الصحف التي غطت أخبار الانتخابات العامة في ميانمار في يانغون في 29 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

أعلن الحزب الرئيسي الموالي للجيش في بورما (ميانمار)، الاثنين، تحقيق فوز ساحق في الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية التي نظمها المجلس العسكري، الأحد.

وقال متحدث باسم حزب الاتحاد والتضامن والتنمية، طالباً عدم ذكر اسمه، إذ ليس مخولاً الكشف رسمياً عن النتائج: «فزنا بـ82 مقعداً من أصل 102 في مجلس النواب في الدوائر التي انتهت فيها عمليات الفرز».

وأضاف أن الحزب فاز بالدوائر الثماني في العاصمة نايبيداو، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ولم تعلن اللجنة الانتخابية إلى الآن نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات التي جرت الأحد في عدد من الدوائر فقط، على أن تليها مرحلتان في 11 و25 يناير (كانون الثاني).

وجرت عمليات التصويت، الأحد، وسط قيود مشددة وانتقادات دولية، في استحقاق يصوّره المجلس العسكري الحاكم على أنه عودة للديمقراطية بعد نحو 5 سنوات من الإطاحة بالحكومة المدنية وإشعال فتيل حرب أهلية.

وانتقدت دول غربية ومدافعون عن حقوق الإنسان الانتخابات، باعتبارها وسيلة لإدامة النظام العسكري.

ورأى مورغان مايكلز، الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، أنه «من المنطقي أن يهيمن حزب الاتحاد والتضامن والتنمية»، معتبراً أن «الانتخابات تفتقر إلى المصداقية».

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كانت مزورة مسبقاً. بعض الأحزاب محظورة، وبعض الأشخاص منعوا من التصويت أو تعرّضوا لتهديدات من أجل التصويت بطريقة معينة».

يستعد مسؤولو لجنة الانتخابات المركزية لإغلاق مركز الاقتراع بعد فرز الأصوات خلال المرحلة الأولى من الانتخابات العامة في نايبيداو - 28 ديسمبر 2025 (أ.ب)

ووفقاً لشبكة الانتخابات الحرة الآسيوية، فإن أسماء الأحزاب التي فازت بنسبة 90 في المائة من المقاعد في الانتخابات السابقة لن تظهر على ورقة الاقتراع هذه المرة، بعد أن حلّها المجلس العسكري.

ومن بين هذه الأحزاب المستبعدة من الانتخابات حزب «الرابطة الوطنية للديمقراطية» برئاسة الزعيمة السابقة أونغ سان سو تشي، الذي حقق فوزاً ساحقاً على المرشحين الموالين للجيش في الانتخابات الأخيرة عام 2020، وزعيمته الحائزة جائزة نوبل للسلام والبالغة 80 عاماً، مسجونة منذ الانقلاب.

وقال مين خانت (28 عاماً) أحد سكان رانغون الاثنين: «رأيي بهذه الانتخابات واضح، لا أثق بها إطلاقاً»، مؤكداً: «إننا نعيش في ديكتاتورية».

وأضاف: «حتى لو نظّموا انتخابات، لا أعتقد أنها ستسفر عن أي شيء جيد، لأنهم يكذبون دائماً».

وكان زعيم المجلس العسكري مين أونغ هلاينغ قد أكد، الأحد، بعد إدلائه بصوته في العاصمة الإدارية نايبيداو، أن الانتخابات «حرة ونزيهة» مضيفاً: «الجيش يتولى التنظيم، ولن نسمح بتشويه سمعتنا».

تولى الجيش حكم ميانمار منذ استقلالها عام 1948، باستثناء فترة انتقالية ديمقراطية بين عامي 2011 و2021 شهدت إطلاق موجة من الإصلاحات والتفاؤل بمستقبل هذه الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا.

لكن عند فوز حزب «الرابطة الوطنية للديمقراطية» في انتخابات 2020، استولى الجنرال مين أونغ هلاينغ على السلطة، وبرر خطوته قائلاً إنها جاءت نتيجة وجود تزوير انتخابي واسع النطاق.


الجيش التايلاندي يتهم كمبوديا بانتهاك وقف إطلاق النار

الجيش والشرطة التايلانديان يستعدان لوضع أسلاك شائكة في منطقة متنازع عليها على طول الحدود الكمبودية التايلاندية (أ.ف.ب)
الجيش والشرطة التايلانديان يستعدان لوضع أسلاك شائكة في منطقة متنازع عليها على طول الحدود الكمبودية التايلاندية (أ.ف.ب)
TT

الجيش التايلاندي يتهم كمبوديا بانتهاك وقف إطلاق النار

الجيش والشرطة التايلانديان يستعدان لوضع أسلاك شائكة في منطقة متنازع عليها على طول الحدود الكمبودية التايلاندية (أ.ف.ب)
الجيش والشرطة التايلانديان يستعدان لوضع أسلاك شائكة في منطقة متنازع عليها على طول الحدود الكمبودية التايلاندية (أ.ف.ب)

اتّهمت تايلاند كمبوديا، الاثنين، بانتهاك وقف إطلاق النار الذي أبرم السبت بعد ثلاثة أسابيع من الاشتباكات الحدودية بين الدولتين، وذلك بإطلاق أكثر من 250 مسيّرة فوق أراضيها، فيما سارعت كمبوديا لتهدئة الموقف.

وبعد أقل من 48 ساعة من وقف إطلاق النار، أعلن الجيش التايلاندي أن «أكثر من 250 جهازاً جوياً من دون طيّار رُصدت من الجانب الكمبودي اخترقت المجال السيادي لتايلاند» ليل الأحد الاثنين.

ونبّه الجيش في بيانه من أن «خطوات من هذا القبيل تشكّل استفزازاً وانتهاكاً للتدابير الرامية إلى خفض التوتّر».

ولكن كمبوديا سارعت إلى تهدئة الموقف، وتحدّث وزير الخارجية الكمبودي براك سوخون من جانبه عن «مشكلة صغيرة مرتبطة بمسيّرات رصدت من الطرفين على طول الحدود». وقال: «ناقشنا المسألة واتفقنا على النظر فيها وحلّها فوراً».

لاحقاً، نفت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الكمبودية مالي سوشياتا تحليق أي مسيّرة انطلاقاً من كمبوديا.

وأورد بيان قولها إن الوزارة والسلطات الإقليمية الحدودية في المقاطعة حظرت تحليق المسيّرات، وتأكيدها «عدم إطلاق أي مسيّرة من هذا النوع».

والسبت، أعلنت تايلاند وكمبوديا وقفاً فورياً للمعارك الدائرة على الحدود بينهما، التي أودت في الأسابيع الأخيرة بحياة 47 شخصاً على الأقلّ وتسبّبت بنزوح حوالي مليون.

صورة نشرتها «وكالة أنباء كمبوديا» تظهر وزير الدفاع الكمبودي تيا سيها (يساراً) مع وزير الدفاع التايلاندي ناتافون ناركفانيت (يميناً) خلال اجتماع اللجنة العامة للحدود في مقاطعة تشانثابوري (أ.ب)

وهما قد تعهّدتا في بيان مشترك بتجميد المواقع العسكرية، والتعاون على نزع الألغام من المناطق الحدودية.

وينص الاتفاق الذي وقعه وزيرا الدفاع من البلدين، على إطلاق تايلاند سراح 18 أسيراً كمبودياً بعد 72 ساعة على دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.

لكن الجيش التايلاندي قال إنه سيعيد تقييم قراره وفقاً للأحداث.

وكانت عائلات هؤلاء الجنود الكمبوديين المحتجزين منذ ما يقارب ستة أشهر، تشكك في فرص إطلاق سراحهم حتى قبل تجدد المواجهات.

وقالت هينغ سوتشيات، زوجة أحد الجنود، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «علينا أن ننتظر. لقد خاب أملي مرتين من قبل. هذه المرة، لن أصدق حتى يعود زوجي إلى المنزل».

وقاد نحو مائة راهب بوذي صلاة من أجل السلام مساء الاثنين قرب العاصمة الكمبودية بنوم بنه. وقال موك سيم، البالغ من العمر 73 عاماً، وهو من بين مئات الحاضرين: «أشارك في هذه الصلاة لأننا نريد السلام، لنُظهر للعالم أن الكمبوديين يريدون السلام. كما نصلي من أجل إطلاق سراح جنودنا قريباً».

وتتواجه الدولتان الجارتان منذ وقت بعيد في نزاع حول الحدود الممتدّة بينهما على 800 كيلومتر والتي رسّمت خلال حقبة الاستعمار الفرنسي.

ويتّهم كلّ منهما الآخر بالتسبّب بموجة العنف الأخيرة بعد تصعيد سابق في يوليو (تموز).

وجاء وقف إطلاق النار بعد ثلاثة أيام من محادثات حدودية أُعلنت عقب اجتماع أزمة لوزراء خارجية رابطة دول جنوب شرقي آسيا التي تضم بين أعضائها كمبوديا وتايلاند.

وسبق أن شهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب توقيع اتفاق موسع بين البلدين في أكتوبر (تشرين الأول)، إلا أنه لم يصمد سوى بضعة أسابيع.

وهنّأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأحد، زعيمي البلدين على وقف إطلاق النار الذي أُبرم السبت.

وقال ترمب في منشور على منصته «تروث سوشيال»: «أود تهنئة الزعيمين العظيمين على براعتهما في التوصل إلى هذه النهاية السريعة المنصفة جداً للنزاع»، علماً بأنه نسب الفضل إليه في التوصل إلى الهدنة السابقة.

وكذلك دفعت الصين باتجاه وقف إطلاق النار بين البلدين، واستضافت الأحد والاثنين مباحثات بين وزيري الخارجية لتثبيت وقف إطلاق النار.

وقال وزير الخارجية الصيني وانغ يي الذي يستضيف وزيري خارجية كمبوديا وتايلاند إن «على الطرفين المضي قدما خطوة بخطوة لدعم وقف شامل ودائم لإطلاق النار وإعادة بناء الثقة المتبادلة».