الهند تدرس خطة لخفض إمدادات المياه إلى باكستان

بعد أسابيع من تعليق مشاركتها في معاهدة «مياه السند» ردّاً على هجوم كشمير

جندي هندي على ضفة دال بكشمير 10 مايو (أ.ب)
جندي هندي على ضفة دال بكشمير 10 مايو (أ.ب)
TT

الهند تدرس خطة لخفض إمدادات المياه إلى باكستان

جندي هندي على ضفة دال بكشمير 10 مايو (أ.ب)
جندي هندي على ضفة دال بكشمير 10 مايو (أ.ب)

تدرس الهند خططاً لزيادة كمية المياه التي تستخرجها من نهر رئيسي يغذي الأراضي الزراعية الباكستانية، وذلك كجزء من «إجراء انتقامي»، على خلفية هجوم دموي، في أبريل (نيسان) الماضي، استهدف سياحاً، وتُحمّل نيودلهي إسلام آباد مسؤوليته، وفقاً لما نقلته وكالة «رويترز» عن أربعة مصادر مطّلعة.

تأتي هذه الخطوة التصعيدية بعد أسابيع من تعليق الهند مشاركتها في معاهدة مياه السند لعام 1960، التي تنظم استخدام مياه نهر السند، بعد مقتل 26 مدنياً في كشمير الهندية، فيما وصفته نيودلهي بأنه «عمل إرهابي». ونفت باكستان تورطها في الحادث، ولم تُستأنف المعاهدة، رغم اتفاق البلدين المسلّحين نووياً على وقف إطلاق النار، الأسبوع الماضي، عقب أعنف اشتباكات بينهما منذ قرابة ثلاثة عقود.

3 أنهار

بعد تعليق مشاركتها في المعاهدة، أمر رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي المسؤولين في حكومته بتسريع التخطيط وتنفيذ المشاريع على أنهار «تشيناب» و«جيلوم» و«السند»، وهي ثلاثة أنهار مخصصة أساساً لاحتياجات باكستان من المياه، بموجب المعاهدة، وفقاً لمصادر «رويترز». وأوضحت المصادر أن أحد أبرز المشاريع التي تبحثها نيودلهي تشمل مضاعفة طول قناة «رانبير» على نهر تشيناب إلى 120 كيلومتراً، وهي قناة بُنيت في القرن التاسع عشر قبل توقيع المعاهدة، وفق شخصين. ويُسمح للهند بسحب كمية محدودة من مياه تشيناب لأغراض الري، لكن التوسعة التي قد تستغرق سنوات، ستمكّن الهند من تحويل 150 متراً مكعباً من المياه في الثانية، ارتفاعاً من نحو 40 متراً مكعباً حالياً.

وفي خطاب ناريّ، هذا الأسبوع، قال مودي إن «الماء والدم لا يمكن أن يتدفقا معاً»، دون الإشارة المباشرة إلى المعاهدة. بدوره، قال وزير المياه سي آر باتيل، في فعالية إعلامية، الجمعة: «سنعمل على تنفيذ ما يقوله رئيس الوزراء مودي»، و«نسعى لضمان عدم خروج قطرة ماء واحدة».

خطوة «غير قانونية»

على الجانب الباكستاني، قال وزير الخارجية إسحاق دار، للنواب، هذا الأسبوع، إن حكومته أخطرت الهند بأن تعليق المعاهدة غير قانوني، وأن إسلام آباد ما زالت تَعدّها سارية المفعول. وكانت باكستان قد صرحت، بعد تعليق الهند المعاهدة في أبريل، بأنها تَعدُّ «أي محاولة لوقف أو تحويل تدفق المياه التي تخص باكستان» بمثابة «عمل حربي».

جنود هنود يقومون بدورية على نهر دال بكشمير 10 مايو (أ.ب)

ويعتمد نحو 80 في المائة من الأراضي الزراعية في باكستان على نهر السند، وكذلك الحال لمعظم مشاريع الطاقة الكهرومائية، التي تخدم سكان البلاد البالغ عددهم نحو 250 مليون نسمة.

ورغم أن أي جهود هندية لبناء سدود تُحوّل أو تحجب كمية كبيرة من المياه عن باكستان «ستستغرق سنوات لتحقيقها»، لكن باكستان عاينت بالفعل نوع الضغط الذي قد تواجهه من الهند، فقد انخفض منسوب المياه في نقطة استقبال رئيسية داخل باكستان بنسبة وصلت إلى 90 في المائة، في أوائل مايو (أيار) الحالي، بعد أن بدأت الهند أعمال صيانة لبعض مشاريع نهر السند.

تهديد للنجاح الدبلوماسي

يمر نهر السند عبر بعض أكثر المناطق توتراً في العالم، إذ ينبع من بحيرة مانساروفار في التبت، ويجري عبر شمال الهند وشرق وجنوب شرقي باكستان، قبل أن يصب في بحر العرب.

وتُعدّ معاهدة المياه بين الهند وباكستان واحدة من أنجح اتفاقيات تقاسم المياه في العالم، وصمدت أمام عدة حروب وتوترات طويلة الأمد بين البلدين الخصمين.

وقد عارضت إسلام آباد سابقاً عدداً من المشاريع الهندية في نظام السند، في حين قالت نيودلهي، بعد هجوم كشمير إنها تسعى، منذ عام 2023، لإعادة التفاوض بشأن المعاهدة بما يتماشى مع الزيادة السكانية واحتياجاتها المتزايدة من الطاقة الكهرومائية النظيفة.

وتُقيد المعاهدة الهند بإقامة مشاريع منخفضة التأثير على الأنهار الثلاثة المخصصة لباكستان، بينما تملك حرية التصرف في مياه أنهار السوتليج وبياس ورافي.

وإلى جانب خطط توسيع قناة رانبير، تدرس الهند مشاريع أخرى مِن شأنها تقليل تدفق المياه إلى باكستان من الأنهار المخصصة لها، وفقاً لوثيقتين حكوميتين اطلعت عليهما «رويترز»، ومقابلات مع خمسة مصادر. وذكر أحد الأشخاص أن الوثيقة أُعدّت لمناقشات مع مسؤولي وزارة الطاقة، بعد هجوم 22 أبريل.

وقد أعدَّت نيودلهي أيضاً قائمة بمشاريع الطاقة الكهرومائية في منطقة جامو وكشمير التابعة لها تهدف إلى زيادة القدرة إلى 12000 ميغاواط، ارتفاعاً من 3360 ميغاواط حالياً. ووفقاً لشخص مطلع، أُعدّت هذه القائمة قبل حادثة كشمير، لكنها تناقَش حالياً بنشاط بين المسؤولين. وتشمل المشاريع المقترحة أيضاً سدوداً لتخزين كميات كبيرة من المياه، وهو ما سيكون سابقة للهند ضمن نظام السند، وفق شخصين مطلعين.

وحدّدت الهند خمسة مشاريع تخزين محتملة على الأقل؛ أربعة منها تقع على روافد نهريْ تشيناب وجيلوم، وفقاً لوثيقة وزارة الطاقة.


مقالات ذات صلة

رئيس وزراء الهند يفتتح خطاً استراتيجياً للسكك الحديدية في كشمير

آسيا أفراد أمن هنود يقفون في إحدى محطات خط السكة الحديدية الجديد (رويترز)

رئيس وزراء الهند يفتتح خطاً استراتيجياً للسكك الحديدية في كشمير

قام رئيس وزراء الهند بأول زيارة لكشمير منذ النزاع مع باكستان، الشهر الماضي، حيث افتتح خطاً استراتيجياً للسكك الحديدية بالمنطقة التي وصفها بـ«درة تاج الهند».

«الشرق الأوسط» (سريناغار (الهند))
آسيا الجنرال ساهر شمشاد ميرزا رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستانية خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» على هامش قمة «حوار شانغريلا للأمن» في سنغافورة... 30 مايو 2025 في لقطة من مقطع فيديو (رويترز)

مسؤول عسكري: باكستان والهند تقتربان من استكمال خفض القوات على الحدود

قال مسؤول عسكري باكستاني كبير لوكالة «رويترز»، اليوم (الجمعة)، إن باكستان والهند تقتربان من تقليل حشد القوات على حدودهما إلى مستويات ما قبل الصراع الأخير.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
آسيا وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي (أرشيفية - رويترز)

وزير الخارجية البريطاني: نعمل لضمان استمرار وقف النار بين الهند وباكستان

أعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، اليوم السبت، أن بريطانيا تعمل مع الولايات المتحدة لضمان استمرار وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
آسيا رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف (في الأمام على اليمين) برفقة قائد الجيش الجنرال سيد عاصم منير (في الأمام على اليسار) عند وصولهما إلى معسكر باسرور في إقليم البنجاب بباكستان يوم 14 مايو 2025 (أ.ف.ب)

منذ وقف إطلاق النار... رئيس العمليات العسكرية الباكستاني على اتصال دائم مع نظيره الهندي

ذكرت وزارة الخارجية الباكستانية، اليوم (الجمعة)، أن مدير العمليات العسكرية على تواصل دائم مع نظيره الهندي منذ وقف إطلاق النار بين البلدين الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد )
آسيا أشخاص يقومون بتنظيف شبكة صيد في الماء على مجرى نهر السند الجاف جزئياً في باكستان (رويترز) play-circle

الهند تدرس خطة لخفض حصة باكستان من مياه نهر السند

كشفت 4 مصادر أن الهند تدرس خططاً لزيادة كميات المياه التي تسحبها من نهر رئيسي يغذي المزارع الباكستانية الواقعة أسفل مجرى النهر بشكل كبير.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

باكستان تغلق حدودها مع إيران في ظل التصعيد مع إسرائيل

تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على طهران (رويترز)
تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على طهران (رويترز)
TT

باكستان تغلق حدودها مع إيران في ظل التصعيد مع إسرائيل

تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على طهران (رويترز)
تصاعد الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على طهران (رويترز)

أغلقت باكستان جميع معابرها الحدودية مع إيران لفترة غير محددة، على ما قال مسؤولون إقليميون، اليوم الاثنين، في وقت تتبادل إسرائيل وإيران الضربات العنيفة، وتهددان بشن المزيد.

وقال المسؤول في إقليم بلوشستان المحاذي لإيران قادر باخش بيركاني لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «المرافق الحدودية في جميع المقاطعات الخمس، جاغي وواشك وبنجكور وكيج وكوادر، تم تعليقها».

وشنت إسرائيل عملية «الأسد الصاعد» التي بدأت بهجوم مباغت في الساعات الأولى من صباح يوم الجمعة، مما أسفر عن مقتل عدد من كبار القادة العسكريين الإيرانيين، وألحق أضراراً بمواقع نووية.

وقالت إسرائيل إن الحملة ستستمر في التصاعد في الأيام المقبلة. ومن جانبها، توعدت إيران بـ«فتح أبواب الجحيم» على إسرائيل رداً على ذلك.

وقال الجيش الإسرائيلي إن الهدف الحالي للحملة ليس تغيير النظام الحاكم في إيران، لكن تفكيك برنامج طهران النووي وبرنامجها للصواريخ الباليستية.