6 ساعات تحت الأحكام العرفية... ما الذي حدث في كوريا الجنوبية؟

TT

6 ساعات تحت الأحكام العرفية... ما الذي حدث في كوريا الجنوبية؟

كوريون جنوبيون يحملون لافتات مكتوباً عليها «اعتقلوا يون سوك يول» خلال تجمع جماهيري في سيول اليوم (أ.ب)
كوريون جنوبيون يحملون لافتات مكتوباً عليها «اعتقلوا يون سوك يول» خلال تجمع جماهيري في سيول اليوم (أ.ب)

أمضت كوريا الجنوبية نحو 6 ساعات تحت الأحكام العرفية، بعد أن أصدر الرئيس يون سوك يول إعلاناً مفاجئاً ومثيراً للصدمة في البلاد أمس.

وحاصرت القوات البرلمان، بعد أن اتهم يون القوات الموالية لكوريا الشمالية بالتخطيط للإطاحة بواحدة من أكثر الديمقراطيات حيوية في العالم. وأعرب المشرعون عن غضبهم، وصوّتوا لإنهاء الإعلان، وتحرك الرئيس لرفع الأحكام العرفية قبل فجر الأربعاء، بعد تصويت البرلمان ضد الإجراء، وتصاعد الاحتجاجات الشعبية.

وأثارت هذه الإجراءات الجدل لزعيم كافح من أجل تمرير أجندته، من خلال برلمان تُهيمن عليه المعارضة، في حين تورّط هو وزوجته في فضائح فساد، وفق تقرير لوكالة «أسوشييتد برس».

ولم يقدم يون أي دليل مباشر عندما أثار شبح كوريا الشمالية بوصفها قوة مزعزعة للاستقرار. ولطالما أكد يون أن الخط الصارم ضد الشمال هو الطريق الوحيد لمنع بيونغ يانغ من تنفيذ تهديداتها النووية ضد سيول.

تفاصيل المؤامرة «المناهضة للدولة» غامضة

وبعد إعلان يون مباشرة، استدعى رئيس الجيش كبار القادة لإجراء محادثات، وأقامت القوات الكورية الجنوبية حواجز، ثم شقّت طريقها إلى البرلمان.

وأمر زعيم المعارضة الرئيسة، التي تُسيطر على البرلمان، المشرعين بالعودة إلى المبنى؛ حيث صوّتوا في النهاية على رفع إعلان الأحكام العرفية.

مظاهرات طلابية حاشدة في كوريا تطالب برفع الأحكام العرفية واستقالة رئيس الوزراء شين هيون هواك ورئيس المخابرات المركزية تشون دو هوان في مايو 1980 (أ.ب)

ورفع يون مرسوم الأحكام العرفية نحو الساعة 4:30 صباحاً فجر الأربعاء، أثناء اجتماع لمجلس الوزراء. وكان إعلان يون مصحوباً باتهام المعارضة بأنها منخرطة في «أنشطة مناهضة للدولة والتخطيط للتمرد»، لكنه لم يشرح ماذا يعني ذلك، ولم يُقدم أي دليل محدد.

وفي أواخر الثمانينات، كان لدى كوريا الجنوبية سلسلة من الزعماء الأقوياء الذين استدعوا خطر كوريا الشمالية مراراً وتكراراً عندما كانوا يكافحون للسيطرة على المنشقين المحليين والمعارضين السياسيين.

معارضة المشرعين من كلا الجانبين

وانتقدت المعارضة تحرك يون، ووصفته بأنه غير ديمقراطي. ووصف زعيم المعارضة، لي جاي ميونغ، الذي خسر بفارق ضئيل أمام يون في الانتخابات الرئاسية عام 2022، إعلان يون بأنه «غير قانوني وغير دستوري».

لكن الإعلان المفاجئ عارضه أيضاً زعيم حزب يون «المحافظ»، هان دونغ هون، الذي وصف القرار بأنه «خاطئ» وتعهد «بوقفه مع الشعب».

وكتب كيم دونغ يون، حاكم حزب «المعارضة» في مقاطعة غيونغ جي، التي تُحيط بسيول، على موقع «إكس»: «سيمنع الشعب خطوة الرئيس المناهضة للدستور. يجب أن يكون الجيش إلى جانب الجمهور في كل الأحوال. دعونا نعارضها بحزم».

موظف في الجمعية الوطنية يقوم بالرش بطفايات الحريق لمنع الجنود من دخول القاعة الرئيسة للجمعية الوطنية في سيول (أ.ب)

وكان الكوريون الجنوبيون العاديون في حالة صدمة غمرت وسائل التواصل الاجتماعي برسائل تُعبر عن المفاجأة والقلق بشأن إعلان يون.

وقال «الحزب الديمقراطي» في بيان: «سنرفع دعوى بتهمة التمرّد» ضدّ كل من رئيس الجمهورية ووزيري الدفاع والداخلية و«شخصيات رئيسة في الجيش والشرطة متورطة» في إعلان حالة الأحكام العرفية، مشيراً إلى أن المعارضة ستسعى كذلك إلى عزل الرئيس عبر محاكمته برلمانياً.

وتقدّمت أحزاب المعارضة في كوريا الجنوبية، الأربعاء، باقتراح لاتخاذ إجراءات لعزل الرئيس، الذي يواجه ضغوطاً للاستقالة من منصبه أو عزله. ويتطلب اتخاذ إجراءات لعزل يون دعم ثلثي البرلمان للاقتراح، وبعد ذلك دعم ما لا يقل عن 6 من قضاة المحكمة الدستورية.

يون يكافح سياسياً

كانت هناك مزاعم سريعة بأن إعلان الطوارئ مرتبط بما يواجهه يون في عالم السياسة، فوفقاً لتقرير وكالة «أسوشييتد برس»، فقد انخفضت شعبية الرئيس الكوري الجنوبي، ولم يُحقق سوى نجاح ضئيل في جعل البرلمان، الذي تُسيطر عليه المعارضة، يعتمد سياساته منذ توليه السلطة في عام 2022.

وهذا الشهر، نفى يون ارتكاب أي مخالفات في فضيحة استغلال النفوذ التي تورط فيها هو وزوجته. وقد أدّت هذه المزاعم إلى تقويض معدلات تأييده، وأثارت هجمات من قِبَل منافسيه.

وتتركز الفضيحة على مزاعم مفادها أن يون والسيدة الأولى كيم كيون هي مارسا نفوذاً غير مناسب على حزب «قوة الشعب» الحاكم المحافظ لاختيار مرشح معين للترشح في انتخابات برلمانية فرعية في عام 2022 بناءً على طلب ميونغ تاي كيون، وسيط الانتخابات ومؤسس وكالة استطلاعات الرأي التي أجرت استطلاعات رأي مجانية ليون قبل أن يصبح رئيساً. وقال يون إنه لم يفعل شيئاً غير لائق.

الأحكام العرفية حساسة للغاية في كوريا الجنوبية

لم تصبح كوريا الجنوبية دولة ديمقراطية إلا في أواخر ثمانينات القرن العشرين، ولا يزال التدخل العسكري في الشؤون المدنية موضوعاً حساساً.

وخلال الأنظمة التي نشأت مع إعادة بناء البلاد بعد الدمار الذي خلّفته الحرب الكورية في الفترة من 1950 إلى 1953، أعلن القادة من حين لآخر الأحكام العرفية التي سمحت لهم بنشر جنود ودبابات ومركبات مدرعة في الشوارع أو في الأماكن العامة لمنع المظاهرات المناهضة للحكومة، كما أن مثل هذه المشاهد لا يمكن تصورها بالنسبة لكثيرين اليوم، وفقاً لـ«أسوشييتد برس».

قوات مسلحة تابعة للحكومة الكورية الجنوبية تحرس المتمردين الذين تم القبض عليهم في غوانغجو بكوريا الجنوبية 27 مايو 1980 (أ.ب)

وقاد بارك تشونغ هي، الذي حكم كوريا الجنوبية لنحو عشرين عاماً قبل أن يغتاله رئيس أجهزته الاستخباراتية عام 1979، عدة آلاف من القوات إلى سيول في الساعات الأولى من صباح السادس عشر من مايو (أيار) 1961، في أول انقلاب ناجح في البلاد. وخلال حكمه، أعلن الأحكام العرفية من حين لآخر لقمع الاحتجاجات وسجن المنتقدين.

وبعد أقل من شهرين من وفاة بارك تشونغ هي، قاد اللواء تشون دو هوان الدبابات والقوات إلى سيول في ديسمبر (كانون الأول) 1979 في ثاني انقلاب ناجح في البلاد. وفي العام التالي، نظّم حملة عسكرية وحشية على انتفاضة مؤيدة للديمقراطية في مدينة غوانغجو الجنوبية، ما أسفر عن مقتل 200 شخص على الأقل.

وفي صيف عام 1987، أجبرت الاحتجاجات الضخمة في الشوارع حكومة تشون على قبول الانتخابات الرئاسية المباشرة. وفاز زميله في الجيش روه تاي وو، الذي انضم إلى انقلاب تشون عام 1979، بالانتخابات التي عقدت في وقت لاحق من عام 1987، بفضل الأصوات المنقسمة بين مرشحي المعارضة الليبرالية.


مقالات ذات صلة

آسيا الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول (إ.ب.أ) play-circle 00:18

ماذا سيحدث إذا تم عزل الرئيس الكوري الجنوبي؟

هددت المعارضة في كوريا الجنوبية التي تسيطر على الجمعية الوطنية، بعزل الرئيس يون سوك يول، غداة إعلانه فرض الأحكام العرفية، فماذا سيحدث إذا تم عزله بالفعل؟

«الشرق الأوسط» (سيول)
يوميات الشرق الطاهي البريطاني تومي بانكس مع صورة لشاحنته المسروقة (صفحته على «إنستغرام»)

طباخ بريطاني يحثّ سارقيه على التبرّع بالطعام المسروق للمحتاجين

ناشد طاهٍ بريطاني سُرقت شاحنته المحمّلة بالطعام سارقيه أن يقدّموا الطعام الموجود بالشاحنة للمحتاجين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا رئيس حزب التجمع الوطني الفرنسي اليميني المتطرف والنائب في البرلمان الأوروبي جوردان بارديلا يلقي كلمة في باريس 30 يونيو 2024 (أ.ف.ب)

حزب «التجمع الوطني» الفرنسي: سنسقط الحكومة بتصويت لحجب الثقة إلا إذا حدثت «معجزة»

قال رئيس حزب التجمع الوطني المنتمي لليمين المتطرف في فرنسا، إن الحزب سيسقط حكومة رئيس الوزراء ميشال بارنييه في تصويت لحجب الثقة إلا إذا حدثت «معجزة».

«الشرق الأوسط» (باريس)
إعلام منازل ومبانٍ مدمَّرة في مخيم المغازي للاجئين خلال العملية العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة (إ.ب.أ)

كيف يؤطّر الإعلام المعارك ويتلاعب بسردياتها؟

سواء في الحرب الروسية - الأوكرانية، أو حروب الشرق الأوسط راهناً، لعب الإعلام دوراً مثيراً للجدل، وسط اتهامات بتأطير مخاتل للصراعات، وصناعة سرديات وهمية.

فتحية الدخاخني (القاهرة)

رئيس كوريا الجنوبية يعين سفيره في الرياض وزيرا جديدا للدفاع

نائب وزير الخارجية السعودية وليد الخريجي خلال استقباله سفير كوريا الجنوبية لدى المملكة  تشوي بيونج هيوك (أرشيفية - واس)
نائب وزير الخارجية السعودية وليد الخريجي خلال استقباله سفير كوريا الجنوبية لدى المملكة تشوي بيونج هيوك (أرشيفية - واس)
TT

رئيس كوريا الجنوبية يعين سفيره في الرياض وزيرا جديدا للدفاع

نائب وزير الخارجية السعودية وليد الخريجي خلال استقباله سفير كوريا الجنوبية لدى المملكة  تشوي بيونج هيوك (أرشيفية - واس)
نائب وزير الخارجية السعودية وليد الخريجي خلال استقباله سفير كوريا الجنوبية لدى المملكة تشوي بيونج هيوك (أرشيفية - واس)

ذكرت وكالة يونهاب للأنباء أن الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول قبل استقالة وزير الدفاع كيم يونج هيون وعين سفير البلاد لدى المملكة العربية السعودية تشوي بيونج هيوك وزيرا جديدا للدفاع.

وأكد مكتب يون ترشيح تشوي، وهو جنرال سابق في الجيش، لهذا المنصب. وذكرت تقارير أن كيم نصح الرئيس بإعلان الأحكام العرفية يوم الثلاثاء، والتي تم رفعها بعد تصويت البرلمان الذي طالب يون بإلغاءها.