باكستان: جهود لتطهير المناطق الاستراتيجية على الحدود الأفغانية من المسلحين

استناداً إلى معلومات استخباراتية لإضعاف قبضة حركة «طالبان»

جندي باكستاني يقف حارساً على الحدود الباكستانية الأفغانية التي تم تسييجها مؤخراً (وسائل الإعلام الباكستانية)
جندي باكستاني يقف حارساً على الحدود الباكستانية الأفغانية التي تم تسييجها مؤخراً (وسائل الإعلام الباكستانية)
TT

باكستان: جهود لتطهير المناطق الاستراتيجية على الحدود الأفغانية من المسلحين

جندي باكستاني يقف حارساً على الحدود الباكستانية الأفغانية التي تم تسييجها مؤخراً (وسائل الإعلام الباكستانية)
جندي باكستاني يقف حارساً على الحدود الباكستانية الأفغانية التي تم تسييجها مؤخراً (وسائل الإعلام الباكستانية)

عزز الجيش الباكستاني جهوده لإضعاف قبضة حركة «طالبان» الباكستانية في منطقتي وزيرستان الشمالية والجنوبية، وهما منطقتان كانتا جزءاً من المناطق القبلية السابقة، التي ظلت بؤراً للإرهاب والتطرف بعد احتلال الولايات المتحدة أفغانستان في عام 2001.

سائقو الدراجات النارية يتحركون باستخدام المصابيح الأمامية في الصباح بسبب الضباب الدخاني في لاهور الجمعة 8 نوفمبر 2024 (أ.ب)

نفذ الجيش الباكستاني عمليات عسكرية واسعة النطاق في وزيرستان الجنوبية والشمالية في عامي 2009 و2014 على التوالي. بعد هذه العمليات، فرّت جماعات «طالبان» الباكستانية إلى أفغانستان، حيث اختبأت في مدن وبلدات حدودية أفغانية حتى سقوط كابل بيد «طالبان» في أغسطس (آب) 2021.

شرعت «طالبان» الباكستانية في تعزيز مواقعها في وزيرستان الجنوبية والشمالية وحولها بعد استيلاء «طالبان» على السلطة في أفغانستان. وقال الجيش الباكستاني إنه يقوم بتنفيذ عمليات لإزالة مواقع «طالبان» من وزيرستان الشمالية والجنوبية.

جنود باكستانيون يقومون بدوريات في شمال وزيرستان (وسائل إعلام باكستانية)

في الأسبوع الأول من نوفمبر (تشرين الثاني)، نفذ الجيش الباكستاني 3 عمليات كبيرة في وزيرستان الجنوبية والشمالية، ما أسفر عن مقتل العشرات من مقاتلي «طالبان» الباكستانية.

القوات الباكستانية تقوم بدوريات في جنوب وزيرستان (وسائل الإعلام الباكستانية)

ولطالما كانت وزيرستان الشمالية والجنوبية مركزاً لانطلاق هجمات «طالبان» ضد قوات حلف «الناتو» والقوات الأميركية في أفغانستان أثناء الاحتلال الأميركي لأفغانستان. والآن، بدأ مقاتلو «حركة طالبان الباكستانية» في مهاجمة القوات الأمنية الباكستانية من مواقعهم في وزيرستان الشمالية والجنوبية.

وبحسب مسؤولين عسكريين في 6 نوفمبر 2024، دارت اشتباكات بالأسلحة بين القوات الأمنية والمسلحين بعد أن شنت وحدة عسكرية غارة على مخبأ مسلحين في منطقة كارما، في مديرية وزيرستان الجنوبية. وأسفرت العملية عن مقتل 5 مسلحين.

القوات الباكستانية تقوم بدوريات في جنوب وزيرستان (وسائل الإعلام الباكستانية)

وفي 4 نوفمبر، نفذت القوات العسكرية عمليتين استناداً إلى معلومات استخباراتية في منطقة دوسالي بوزيرستان الشمالية، حيث قُتل 6 مسلحين.

وفي الساعات الأولى من يوم 2 نوفمبر 2024، نفذت القوات الأمنية عملية استخباراتية في منطقة ساروكي، في مديرية وزيرستان الجنوبية إثر ورود تقارير عن وجود مسلحين. وقال البيان العسكري: «أثناء تنفيذ العملية، تم استهداف موقع الجماعة المتطرفة بنجاح من قبل قواتنا، ما أسفر عن مقتل 4 مسلحين».

القوات الباكستانية تقوم بدوريات في جنوب وزيرستان (وسائل الإعلام الباكستانية)

مركز لنشاطات تنظيمي «القاعدة» و«طالبان»

جدير بالذكر أن وزيرستان الشمالية والجنوبية ظلتا مركزاً لنشاطات تنظيمي «القاعدة» و«طالبان» خلال العشرين عاماً الماضية. وقبل هذه الفترة، كانت هاتان المنطقتان بمثابة قاعدة انطلاق للمجاهدين الأفغان في نضالهم المسلح ضد القوات السوفياتية خلال الثمانينات.

يقول الخبراء إن هناك الآن جيلاً ثالثاً ورابعاً من المسلحين الذين بدأوا في سن الشباب في وزيرستان الشمالية والجنوبية. هذه الأجيال قاتلت أولاً ضد السوفيات، ثم ضد الأميركيين، وأخيراً ضد الجيش والحكومة الباكستانية.

مناطق نائية من بلوشستان

ويقول المسؤولون الحكوميون في باكستان إن الغالبية العظمى من سكان وزيرستان الشمالية والجنوبية مسالمون ويرغبون في إقامة مؤسسات تعليمية في مناطقهم لكي يتمكن أطفالهم من الدراسة وينعموا بنشأة صحيحة.

ومع ذلك، اعترف المسؤولون بأن «طالبان» قد وسّعت الآن نطاق عملياتها إلى ما وراء المناطق الحدودية بين باكستان وأفغانستان، حيث بدأت تعمل في بلوشستان. وفقاً لبيانات الجيش الباكستاني، فإن قواته خاضت اشتباكات مع مقاتلي «طالبان الباكستانية» في مناطق نائية من بلوشستان. وفي بيان عسكري صادر في ليلة 30 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، قالت القوات الأمنية إنها نفذت عملية استخباراتية في منطقة سامبازا، بمقاطعة زوب، إثر تقارير عن وجود مقاتلي «طالبان». وقال البيان: «خلال تنفيذ العملية، دارت اشتباكات عنيفة بين القوات الباكستانية ومقاتلي (طالبان)، ما أسفر عن مقتل مسلح واحد وإلقاء القبض على مسلح آخر مصاب».

ولا تزال باكستان بوصفها مجتمعاً غير مدركة تقريباً للوضع في المناطق الحدودية بين باكستان وأفغانستان وفي أفغانستان نفسها. ولا توجد أي مؤشرات على أن هناك إدراكاً بأن «طالبان الباكستانية» أصبحت قوة خطيرة وفعالة في مناطق الحدود بين باكستان وأفغانستان. وبات هذا الوضع يشكل تهديداً للسلام في الأراضي الباكستانية الرئيسية. والأحزاب السياسية الباكستانية مشغولة للغاية في الصراعات الداخلية حول قضايا سياسية ضيقة، في حين يقف الإعلام والشعب موقف المتفرج الصامت في هذه اللعبة.


مقالات ذات صلة

بهشلي جدد دعوة أوجلان للبرلمان وأكد عدم وجود خلاف مع إردوغان

شؤون إقليمية يسود جدل واسع في تركيا حول خلافات غير معلنة بين إردوغان وحليفه دولت بهشلي (الرئاسة التركية)

بهشلي جدد دعوة أوجلان للبرلمان وأكد عدم وجود خلاف مع إردوغان

جدد رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي تمسكه بدعوته لحضور زعيم حزب العمال الكردستاني السجين للحديث أمام البرلمان مشدداً على عدم وجود خلاف مع إردوغان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا استنفار أمني ألماني في شوارع برلين (أرشيفية - د.ب.أ)

توقيف فتى بألمانيا بتهمة التخطيط لتنفيذ هجوم في فترة الأعياد

تفيد السلطات الألمانية بأنها أحبطت هجمات عدة، لكن 3 أشخاص قُتلوا، وجُرح 8 في عملية طعن أثناء مهرجان في أحد شوارع مدينة زولينغن في أغسطس (آب) الماضي.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية مواجهات بين الشرطة ومحتجّين على عزل رؤساء بلديات جنوب شرقي تركيا (إعلام تركي)

إردوغان: لن نسمح باستغلال إرادة الأمة وموارد السلطة المحلية لدعم الإرهاب

أكّد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أنه لن يتم السماح بالسياسة المدعومة بالإرهاب، بينما اعتقل العشرات في احتجاجات على عزل رؤساء بلديات بجنوب شرقي البلاد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية قوات الشرطة تمنع نائب حزب الشعب الجمهوري المعارض دنيز ياووز يلماظ من دخول مبنى بلدية إسنيورت في إسطنبول الجمعة (إعلام تركي)

حرب شوارع في جنوب شرقي تركيا احتجاجاً على عزل رؤساء بلديات

اندلعت أعمال عنف وشغب تخللتها أعمال حرق ونهب لمحال تجارية في جنوب شرقي تركيا احتجاجاً على عزل 3 رؤساء بلديات منتخبين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا اجتماع مجلس الأمن القومي يبحث ملفات التهريب والجريمة المنظمة والمهاجرين غير النظاميين (موقع الرئاسة التونسية)

تونس: «عملية بيضاء» ضد الهجمات الإرهابية والتهريب على حدود ليبيا

كشفت المواقع الرسمية للداخلية التونسية أن وزير الدولة للأمن وعدداً من كبار المسؤولين أشرفوا في المنطقة الحدودية التونسية - الليبية على «عملية أمنية».

كمال بن يونس (تونس)

الأمم المتحدة تحذّر من ضباب دخاني سام في باكستان يعرض الأطفال للخطر

أشخاص يقودون سياراتهم وسط ضباب دخاني كثيف في لاهور بباكستان... 11 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)
أشخاص يقودون سياراتهم وسط ضباب دخاني كثيف في لاهور بباكستان... 11 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

الأمم المتحدة تحذّر من ضباب دخاني سام في باكستان يعرض الأطفال للخطر

أشخاص يقودون سياراتهم وسط ضباب دخاني كثيف في لاهور بباكستان... 11 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)
أشخاص يقودون سياراتهم وسط ضباب دخاني كثيف في لاهور بباكستان... 11 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

حذرت وكالة الأمم المتحدة للطفولة، اليوم الاثنين، من أن صحة 11 مليون طفل في إقليم البنجاب بشرق باكستان معرضة للخطر بسبب تلوث الهواء الذي يقول الخبراء إنه أصبح في موسمه الخامس في السنوات الأخيرة.

غطى الضباب الدخاني السام العاصمة الثقافية الباكستانية لاهور و17 منطقة أخرى في البنجاب منذ الشهر الماضي. ويقول مسؤولو الصحة في باكستان إن أكثر من 40 ألف شخص عولجوا من أمراض الجهاز التنفسي، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وحث ممثل «اليونيسيف» في باكستان، عبد الله فاضل، في بيان، الحكومة على بذل جهود عاجلة وأكبر للحد من تلوث الهواء لـ11 مليون طفل متضرر تحت سن 5 سنوات وغيرهم.

وأضاف: «قبل هذه المستويات القياسية من تلوث الهواء، كان حوالي 12 في المائة من الوفيات بين الأطفال دون سن 5 سنوات في باكستان بسبب تلوث الهواء».

وتابع: «سيستغرق تقييم تأثير الضباب الدخاني الاستثنائي هذا العام بعض الوقت، لكننا نعلم أن مضاعفة وثلاثة أضعاف كمية التلوث في الهواء سيكون لها آثار مدمرة، وخاصة على الأطفال والنساء الحوامل».

أغلقت باكستان المدارس حتى 17 نوفمبر (تشرين الثاني) في أجزاء من البنجاب كجزء من التدابير الرامية إلى حماية صحة الأطفال. وأمرت السلطات يوم الجمعة بإغلاق جميع المتنزهات والمتاحف لمدة 10 أيام، وحثت الناس على تجنب السفر غير الضروري.

وفقاً لإدارة حماية البيئة في البنجاب، ظلت مدينة ملتان المدينة الأكثر تلوثاً يوم الاثنين، حيث بلغت قراءات مؤشر جودة الهواء حوالي 800. وأي رقم يزيد على 300 يعتبر خطيراً على الصحة.

على الرغم من أن الحكومة أمرت بارتداء أقنعة الوجه بشكل إلزامي، فإن ذلك تم تجاهله على نطاق واسع. وقالت الحكومة أيضاً إنها تبحث في طرق لتحفيز هطول الأمطار الاصطناعية لمكافحة التلوث.