إندونيسيا تستعد لأولى مناوراتها البحرية مع روسيا

قطعة بحرية إندونيسية تطلق صواريخ خلال إحدى المناورات (جيش إندونيسيا عبر «فيسبوك»)
قطعة بحرية إندونيسية تطلق صواريخ خلال إحدى المناورات (جيش إندونيسيا عبر «فيسبوك»)
TT

إندونيسيا تستعد لأولى مناوراتها البحرية مع روسيا

قطعة بحرية إندونيسية تطلق صواريخ خلال إحدى المناورات (جيش إندونيسيا عبر «فيسبوك»)
قطعة بحرية إندونيسية تطلق صواريخ خلال إحدى المناورات (جيش إندونيسيا عبر «فيسبوك»)

تجري إندونيسيا هذا الأسبوع أولى مناوراتها البحرية المشتركة مع روسيا، في مؤشّر إلى منعطف استراتيجي كبير قرّر أن يسلكه الرئيس الجديد للبلاد سعياً إلى دور أكبر لجاكرتا على الساحة العالمية، بحسب محلّلين.

لطالما فضّلت هذه الدولة الواقعة في جنوب شرقي آسيا انتهاج سياسة خارجية محايدة، رافضة الانحياز بوضوح إلى طرف ما في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، أو الاختيار بين الصين والولايات المتحدة.

غير أن الرئيس الإندونيسي الجديد، برابوو سوبيانتو، دعا إلى تعزيز العلاقات مع موسكو، بالرغم من الضغوط الغربية، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

ويندرج هذا القرار «في سياق رؤية أوسع لتوطيد العلاقات مع كلّ الأطراف، بغضّ النظر عن انتمائها إلى كتلة جيوسياسية معيّنة، ما دامت إندونيسيا قادرة على الاستفادة من الوضع»، بحسب بيتر باندي، الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS).

وسبق لرابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان)، التي تنتمي إليها إندونيسيا، أن شاركت في مناورات عسكرية مشتركة مع روسيا في 2021، لكن جاكرتا لم يسبق أن أقامت تدريبات ثنائية مع موسكو.

وتقدّر المبادلات التجارية بين جاكرتا وروسيا بمليارات الدولارات، غير أن واردات الأسلحة شهدت ركوداً في السنوات الأخيرة، بحسب المعهد الدولي للأبحاث حول السلم في استوكهولم (Sipri)، وذلك إثر العقوبات الغربية التي فرضت على موسكو بعد اجتياح شبه جزيرة القرم في 2014، وأوكرانيا في 2022.

غير أن برابوو سوبيانتو ترك على بساط النقاش صفقة محتملة بقيمة 1.1 مليار دولار بشأن مقاتلات روسية تمّ عقدها في 2018، بالرغم من العقوبات التي تهدّد بها الولايات المتحدة.

كما رفضت جاكرتا الإذعان للضغوط الغربية التي كانت تطالبها بحظر مشاركة روسيا في قمّة مجموعة العشرين التي استضافتها في 2022.

وقصد برابوو سوبيانتو موسكو في يوليو (تموز) للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، معلناً تمارين بحرية مشتركة، في مؤشّر إلى إمكان أن تعزّز موسكو نفوذها في إندونيسيا.

وتنطلق هذه المناورات، التي تمتدّ على 5 أيام، في شرق جزيرة جاوا، حيث سترسل روسيا 3 سفن مواكبة حربية وسفينة صهريج ومروحية عسكرية وقاطرة.

ومن شأن هذه المناورات أن «تظهر أننا لن نقصي بلداً أو اثنين من الساحة الجيوسياسية»، بحسب ما قال أنتون علي عباس، الأستاذ المحاضر في المدرسة العليا للدبلوماسية في بارامادينا.

«شبكة صداقات وطيدة»

وصرّح الجنرال السابق برابوو، البالغ 73 عاماً، لفلاديمير بوتين، خلال زيارته الكرملين، أنه يعدّ «روسيا صديقة قريبة» يرغب في أن «يصون ويعزّز الروابط معها».

وكان برابوو قد زار قبل تنصيبه رئيساً لإندونيسيا، عندما كان يتولّى حقيبة الدفاع، نحو 10 بلدان، بينها الصين وأستراليا، في مسعى إلى نسج «شبكة صداقات وطيدة».

وأبرم اتفاقاً أمنياً مع كانبيرا، وأطلق مسار انضمام إندونيسيا إلى مجموعة الاقتصادات الناشئة في «بريكس».

وتخلّلت ولايته الرئاسية حادثة صدّ سفينة لخفر السواحل الصينيين 3 مرّات من المياه، التي تطالب إندونيسيا بالسيادة عليها، الشهر الماضي في بحر الصين الجنوبي.

ولا شكّ أن استضافة إندونيسيا إحدى القوّات البحرية الأكثر تقدّماً في العالم ستشكّل فرصة جيّدة، من شأنها أن «تعزّز قدرات» البحرية الإندونيسية، وتتيح تبادل المعلومات بشأن صيانة التجهيزات الروسية التي تمتلكها، بحسب كوري ماهاراني سافيتري، المحلّلة في جامعة بينوس.

وتمتلك إندونيسيا دبابات برمائية ومروحيات وصواريخ وطائرات مقاتلة روسية الصنع.

«تنويع الشركاء»

غير أن لكلّ من جاكرتا وموسكو أهدافاً بحرية مختلفة. فإندونيسيا تسعى إلى التصدّي لعمليات التهريب والقرصنة في مياهها، في حين تبحث روسيا عن حلفاء لها.

وتوقّع بيتر باندي ألا تكون التمارين جدّ متقدّمة كتلك التي تنظّمها إندونيسيا كلّ سنة مع الولايات المتحدة وحلفاء آخرين.

وعلق: «أعتبرها مرحلة تمهيدية للعلاقات العسكرية بين البلدين، ولا سيّما المجال البحري».

ولا شكّ أن هذه التمارين ستثير حفيظة الولايات المتحدة، التي تسعى بكلّ السبل إلى عزل روسيا. وأحجمت السفارة الأميركية في جاكرتا عن التعليق على الموضوع.

وينتهز الرئيس برابوو سوبيانتو هذه المناورات لتوجيه رسالة بشأن سياسته الجديدة في بداية عهده، على قول باندي.

وأضاف الباحث أن «الولايات المتحدة لطالما كانت خير شريك في المناورات العسكرية، لكن إندونيسيا تسعى إلى تنويع الشركاء. وبات هذا التوجه يزداد وضوحاً».


مقالات ذات صلة

تونس: انطلاق تدريبات بحرية بمشاركة 12 دولة

شمال افريقيا سفينة حربية تونسية (مواقع التواصل)

تونس: انطلاق تدريبات بحرية بمشاركة 12 دولة

بدأت، في تونس، الاثنين، التدريبات العسكرية متعددة الأطراف «فونيكس إكسبرس» لعام 2024، بمشاركة القيادة العسكرية الأميركية بأفريقيا و12 دولة هي الجزائر وليبيا…

«الشرق الأوسط» (تونس)
آسيا أحد عناصر البحرية الإندونيسية يلوح بقبعته لسفينة أخرى خلال إحدى التدريبات (حساب البحرية الإندونيسية عبر منصة «إكس»)

انطلاق أول مناورات بحرية مشتركة بين إندونيسيا وروسيا

بدأت إندونيسيا وروسيا أول مناورات بحرية مشتركة بينهما في وقت يسعى الزعيم الجديد للأرخبيل الواقع في جنوب شرقي آسيا إلى تعزيز العلاقات مع موسكو.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
الولايات المتحدة​ اللواء ماركوس إيفانز القائد العام للفرقة الخامسة والعشرين للمشاة في الجيش الأميركي (يسار) والرقيب أول شون كاري يؤديان التحية العسكرية خلال مراسم وضع إكليل الزهور لتكريم الجنود الأميركيين الذين لقوا حتفهم خلال الحرب العالمية الثانية بمقبرة مانيلا الأميركية بالفلبين الاثنين (أ.ب)

جنرال أميركي: نشر الصواريخ في الفلبين «مهم للغاية» للاستعداد القتالي

قال جنرال أميركي إن نشر الجيش الأميركي صواريخ متوسطة المدى في شمال الفلبين كان «مهماً للغاية»، وسمح للقوات الأميركية والفلبينية بالتدريب المشترك على استخدامها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
آسيا صورة نشرها الجيش الصيني لموقع مناورات «السيف المشترك 2024 ب» (Joint Sword-2024B) حول تايوان (أ.ف.ب)

الصين تتمسك بـ«خيار القوة» لاستعادة تايوان

أكدت الصين، في ختام أضخم مناورات عسكرية حول تايوان، أمس، تمسكها بخيار «استخدام القوة» لاستعادة الجزيرة.

«الشرق الأوسط» (بكين - تايبيه)
العالم سفن تابعة للبحرية الروسية بالقرب من ميناء سيفاستوبول على البحر الأسود (أرشيفية - رويترز)

سفن روسية وصينية تجري مناورات مشتركة في المحيط الهادئ

ذكرت وكالات أنباء روسية، الثلاثاء، أن سفناً حربية روسية وصينية نفذت مهام مضادة للغواصات في شمال غرب المحيط الهادئ في إطار دورية مشتركة في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

باكستان: ترحيل أكثر من 400 ألف مهاجر أفغاني منذ نوفمبر الماضي

أفغان يعودون إلى بلادهم من باكستان (متداولة)
أفغان يعودون إلى بلادهم من باكستان (متداولة)
TT

باكستان: ترحيل أكثر من 400 ألف مهاجر أفغاني منذ نوفمبر الماضي

أفغان يعودون إلى بلادهم من باكستان (متداولة)
أفغان يعودون إلى بلادهم من باكستان (متداولة)

أعلن مسؤولون باكستانيون عن زيادة في ترحيل المهاجرين الأفغان، حيث عاد أكثر من 400 ألف شخص إلى أفغانستان

من خلال معبر تورخام الحدودي وحده.

عائلة أفغانية تسير على الأقدام عبر معبر تورخام للعودة إلى بلادها في 2 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

وذكرت صحيفة «دون» الباكستانية أن هذا الارتفاع في عمليات الترحيل بدأ في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وأكد مسؤولون أن العودة الطوعية من قبل المهاجرين الأفغان ارتفعت أيضاً خلال تلك الفترة.

يأتي هذا التطور، وسط ردود فعل متصاعدة لترحيل واحتجاز المهاجرين الأفغان، من إيران وباكستان. وبدأت عملية طرد نحو 1.7 مليون مهاجر أفغاني غير موثق من باكستان، بشكل رسمي في الثاني من نوفمبر 2023.

امرأة أفغانية ترتدي النقاب ومعها أطفالها تستقل سيارة في أحد شوارع قندهار في 30 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

وذكرت حكومة «طالبان» أن إجلاء مئات الآلاف من اللاجئين الأفغان من البلدين المجاورين مستمر دون هوادة، حيث يصل نحو 2000 شخص إلى البلاد يومياً.

وقال قاري يوسف أحمدي، المتحدث باسم لجنة «طالبان» لمساعدة العائدين وإعادة توطينهم في مناطقهم الأصلية: «قامت الدولتان المجاورتان بترحيل أكثر من 400 ألف لاجئ قسراً منذ بداية عام 2024، وكانت باكستان مسؤولة عن 75 في المائة من عمليات الترحيل».

وأدان مسؤولو حركة «طالبان» عمليات ترحيل المهاجرين الأفغان من قبل إيران وباكستان، ودعوا إلى «تنسيق أفضل» بشأن إعادة الأسر النازحة بما يتماشى مع القوانين الدولية، ومع مراعاة الأوضاع في أفغانستان.

وطبقاً لإحصاءات صادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن أكثر من 680 ألف مهاجر عادوا إلى أفغانستان من باكستان، بحلول يوليو (تموز) من هذا العام، منذ بدء عملية الترحيل. جدير بالذكر أن الترحيل القسري واحتجاز المهاجرين الأفغان في إيران وباكستان، يثير باستمرار انتقاداً دولياً.

وقررت الحكومة الباكستانية، أخيراً، بعد تحمُّل العبء الإضافي، ترحيل جميع الأجانب المقيمين بصورة غير قانونية بمن في ذلك اللاجئون الأفغان في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وقد تم ترحيل بعض المواطنين الأفغان قسراً، بينما اضْطُرَّ آخرون إلى مغادرة باكستان خوفاً من الاعتقال والترحيل، وكان بعضهم في العقد الثالث من عمره، وتطأ قدمه الأراضي الأفغانية، للمرة الأولى، في حياته.

ووفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، اختار معظم العائدين عدم البقاء في مناطقهم الأصلية بسبب عدم وجود فرص عمل، أو لأنه لم يكن لديهم ما يكفي من المال لبناء المنزل.