هل المُسلح الذي تصدّر قائمة المطلوبين في أفغانستان بات الآن أملها الأكبر في التغيير؟

سراج الدين حقاني قدّم نفسه في صورة رجل الدولة البراغماتي الواقعي والدبلوماسي

الملا سراج الدين حقاني خلال مقابلة في كابل 2024 (نيويورك تايمز)
الملا سراج الدين حقاني خلال مقابلة في كابل 2024 (نيويورك تايمز)
TT

هل المُسلح الذي تصدّر قائمة المطلوبين في أفغانستان بات الآن أملها الأكبر في التغيير؟

الملا سراج الدين حقاني خلال مقابلة في كابل 2024 (نيويورك تايمز)
الملا سراج الدين حقاني خلال مقابلة في كابل 2024 (نيويورك تايمز)

أجرت كريستينا غولدبام مقابلة مع الملا سراج الدين حقاني، وزير الداخلية في حكومة «طالبان»، وتحدّثت مع أكثر من 70 خبيراً ودبلوماسياً ومسؤولاً أفغانياً، إلى جانب جنود من حركة «طالبان»، وغيرهم، وكذلك راجعت مئات الصفحات من الوثائق من أجل كتابة هذا الموضوع.

أثار اسم خلال الجزء الأكبر من العقدين الماضيين الخوف والذعر بين المواطنين الأفغان، أكثر مما أثار أي اسم آخر؛ إنه اسم سراج الدين حقاني.

آثار الخوف والذعر

كان حقاني بالنسبة إلى كثيرين مثل «البُعبع»، أو ملك الموت الذي يملك سلطة تحديد مَن يعيش ومَن يموت خلال الحرب التي كانت تقودها الولايات المتحدة الأميركية على أفغانستان. لقد نشر رجاله من منفذي التفجيرات الانتحارية من حركة «طالبان»، والذين نفذوا مذابح ضد القوات الأميركية ومدنيين أفغان على حد سواء.

الملا حقاني يحضر حفل تخرج ضباط شرطة في كابل عام 2022 وكان هذا أول ظهور علني له على الإطلاق (إ.ب.أ)

وتصدّر حقاني القائمة الأميركية لأبرز المطلوبين في أفغانستان، بصفته وتد حركة الجهاد العالمية، الذي يُشبه الشبح، والذي تربطه علاقات عميقة وقوية بتنظيم «القاعدة» وشبكات إرهابية أخرى؛ حيث تم رصد جائزة قدرها 10 ملايين دولار لمن يساعد في الإيقاع به.

قدّم نفسه بصورة مختلفة

مع ذلك منذ انسحاب القوات الأميركية عام 2021، وعودة حركة «طالبان» إلى سدّة الحكم، قدّم حقاني نفسه بصورة مختلفة تماماً، وهي صورة رجل الدولة البراغماتي الواقعي، والدبلوماسي الذي يمكن التعويل عليه، وصوت الاعتدال النسبي في حكومة منغمسة في التطرف الديني.

تُمثل عملية التغيير الشامل لسراج الدين حقاني جزءاً من صراع أكبر داخل حركة «طالبان»، تجلّى خلال السنوات الثلاث الماضية، حتى مع عمل الحركة لتكريس صورة الجبهة الموحدة.

يوجد في قلب الحركة، هبة الله آخند زاده، الأمير ورئيس الدولة، وهو رجل دين متشدد أدّى حرمانه للمرأة من حقوقها إلى عزل أفغانستان عن الساحة العالمية. ومع سيطرة الشيخ هبة الله على السياسات الرئيسية بشكل شبه كامل، بزغ حقاني بوصفه منافسه الأكثر صموداً ومثابرة.

حشد حقاني بشكل خاص الدعم من أجل السماح للفتيات بالعودة إلى المدارس بعد الصف السادس (متداولة)

وحشد حقاني بشكل خاص الدعم من أجل السماح للفتيات بالعودة إلى المدارس بعد الصف السادس، وللسيدات باستئناف العمل في الهيئات الحكومية، وفق عدد من المسؤولين في حركة «طالبان» والمسؤولين الأجانب.

ومع إدانة هبة الله للقيم الغربية، ورفضه مطالب الغرب، قدّم حقاني نفسه بصفته جسراً. لقد ذهب في جولات دبلوماسية، وأجرى محادثات في الأروقة الخلفية لدعم رؤيته المقبولة بدرجة أكبر، والترويج للمصالح المشتركة، مثل السيطرة على الجماعات الإرهابية داخل الأراضي الأفغانية.

جولات دبلوماسية

لقد أسس علاقات مع بعض الأعداء السابقين في أوروبا وروسيا والصين ودول إسلامية، على حد قول مسؤولين أجانب. وأخبرني حقاني في بداية العام الحالي خلال مقابلة في كابل، وهي الثانية مع صحافي غربي: «لقد قادتنا 20 عاماً من الجهاد إلى النصر. بدأنا الآن فصلاً جديداً من الانخراط الإيجابي مع العالم، وأنهينا فصل العنف والحرب».

سراج الدين حقاني خلال مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز» في كابل (نيويورك تايمز)

شعر كثير من الدبلوماسيين الغربيين بصدمة من تحول حقاني، متسائلين ما إذا كان ذلك قابلاً للتصديق أم لا. إن حقاني لغز بحق، فقد كان يوماً ما سياسياً جائعاً نهماً للسلطة، وجهادياً، وكانت يداه مخضبتين بالدماء، حتى إن تاريخ ومحل ميلاده غير واضحين. وربما لا يتعلق وعده باستعادة حقوق المرأة كثيراً بالإصلاح الشخصي بقدر ما يتعلق بحسابات تجذب الدول الغربية إلى جانبه في مواجهته الشيخ هبة الله.

لدى حقاني وعائلته تاريخ طويل من الخدمات، كان سرياً يوماً ما. في عدد من المرات، خلال الحرب التي كانت تقودها الولايات المتحدة الأميركية في أفغانستان، سعت عائلة حقاني إلى التقارب مع الولايات المتحدة الأميركية، وفق ما كشف تحقيق أجرته صحيفة «نيويورك تايمز». مع ذلك رفض المسؤولون الأميركيون التعاون مع حقاني في أغلب الوقت، حيث كانوا يرونه شخصاً ميؤوساً منه، وغير موثوق به، في ضوء ما كان يمارسه من عمليات القتل الجماعي خلال الحرب.

ويقول بعض الدبلوماسيين الآن إن محاولات حقاني لإجراء حوار كانت تُمثل فرصاً ضائعة، وتوضح كيف صنعت الحرب الأميركية ضد الإرهاب الأعداء الذين سعت لتدميرهم لاحقاً، وهو ما يُفسر استمرار الحرب الأميركية في أفغانستان لعشرين عاماً.

تحول إلى رجل دولة

جلست مع حقاني في إحدى الليالي في بداية العام الحالي في قصر من طابقين على أطراف المنطقة الخضراء القديمة المحصّنة بكابل. إنه رجل في الأربعينات من العمر، قوي البنية، ذو لحية سوداء خشنة، وتعلو وجهه نظرة متمرد تحول إلى رجل دولة.

ظل حقاني يتحدث طوال 3 ساعات تقريباً عن تفاصيل نشأته، التي كانت مجهولة يوماً ما، وحساباته القاسية ضد القوات الأميركية، والتعاملات التي كانت سرية في الماضي بين عائلته ومسؤولين أميركيين. كذلك أكّد طموحه وآماله تجاه أفغانستان، التي بدأت تتخلص من العنف والحرب أخيراً.

يا لها من صورة مثيرة، وإن كان من الصعب تخيلها، لبلد عانى من عشرات الانقلابات، وحرب أهلية، وغزو من جانب قوتين كبيرتين. كذلك تأتي من شخص غير متوقع، مسؤول عن المئات، إن لم يكن الآلاف، من عمليات القتل خلال الحرب التي كانت تقودها الولايات المتحدة الأميركية في أفغانستان.

لقد ولد حقاني أثناء فترة احتلال الاتحاد السوفياتي للبلاد في 1979، ونشأ في مدينة ميران شاه، التي كانت تعجّ باللاجئين الأفغان في المنطقة الحدودية داخل باكستان.

بالقرب من أسامة بن لادن

وكان والده، جلال الدين حقاني، قائداً بارزاً للمجاهدين أو المتمردين الأفغان الذين كانوا يخوضون حرباً مقدسة ضد القوات السوفياتية، والذي كوّن علاقات مع رعاة أقوياء في جنوب آسيا والخليج العربي. كذلك أقام علاقات مع الاستخبارات المركزية الأميركية، التي أمدّته بمئات الآلاف من الدولارات نقداً والأسلحة.

لقد نشأ أيضاً بالقرب من أسامة بن لادن، الذي أسس تنظيم «القاعدة» لاحقاً بدعم من عائلة حقاني، وحتى عندما كان سراج الدين لا يزال طفلاً، كان الجيران والأقارب ينادونه بالـ«خليفة»، وهو من يخلف القائد في الحكم.

عندما تحدّث حقاني عن الحرب، بدا عليه الارتياح، وطلّ من عينيه وميض الحنين إلى الأيام الخوالي. مع ذلك عندما تحوّل مسار الحديث إلى سياسة «طالبان» الداخلية وسياستها الخارجية، كان أكثر حذراً وحرصاً، فقد كان يتوقف قليلاً بعد كل سؤال ويناقش بعض النقاط، ثم يجيب.

وفي الوقت الذي منحت فيه الحركة الأولوية للوحدة خوفاً من أن يُعيد أي انشقاق البلاد إلى الحرب مرة أخرى، ظهر على السطح صراع بعيد عن أنظار العامة، يكشف عن شخصيات أكثر براغماتية، مثل حقاني في مواجهة الأمير المتشدد شيخ هبة الله.

في غضون أشهر قليلة بعد تولي حركة «طالبان» السلطة منذ 3 سنوات، فرض الشيخ هبة الله قبضة حديدية على الوضع في البلاد، ونصّب نفسه صانع القرار الأوحد في كل السياسات المهمة، والتعيينات في المناصب الحكومية.

أفراد أمن «طالبان» يقفون أمام السفارة الأميركية فيما يحتفلون بالذكرى الثالثة لاستيلاء الحركة على أفغانستان (أ.ف.ب)

يتساءل بعض الدبلوماسيين عما إذا كان الإرهاب القادم من أفغانستان يُمثل حقّاً خطراً عالمياً، وهو ما يضعف الدافع نحو التعامل مع حقاني، في حين لا يزال الشعور بانعدام الثقة هو المهيمن على الموقف بالنسبة إلى آخرين، خصوصاً بعدما جرى اكتشاف أن عائلة حقاني كانت تؤوي أيمن الظواهري، زعيم تنظيم «القاعدة»، في منزل آمن في كابل، وتم قتله داخله على أثر هجوم أميركي عام 2022. كذلك اتهم مسؤولون باكستانيون عائلة حقاني بتوفير ملاذ آمن لحركة «طالبان باكستان» المسلحة، التي تعد الحليف الأيديولوجي لحركة «طالبان» في أفغانستان، والتي عادت لتتصدر المشهد في باكستان منذ استعادة حركة «طالبان» السلطة.

يقول هانز جاكوب شينلدر، منسق سابق في الأمم المتحدة: «إن التعاون مع عائلة حقاني فكرة خطيرة. أنت لا تعلم أي جانب سيدعمون في اليوم الذي تتفق فيه معهم؛ هل هو جانبك، أم جانبهم، أم جانب إرهابيين دوليين».


مقالات ذات صلة

مقتل 20 جندياً كاميرونياً في هجوم نفّذته «بوكو حرام»

أفريقيا جنود كاميرونيون في كولوفاتا بالكاميرون 16 مارس 2016 (رويترز)

مقتل 20 جندياً كاميرونياً في هجوم نفّذته «بوكو حرام»

قُتل 20 جندياً كاميرونياً، الثلاثاء، في هجوم نفذه متطرفون من جماعة بوكو حرام في شمال شرقي نيجيريا قرب الحدود مع الكاميرون.

«الشرق الأوسط» (أبوجا)
آسيا الملا هبة الله أخوند زاده زعيم حركة «طالبان» (أ.ب)

«طالبان» تعلن مقايضة سجينين أميركيَّين مقابل «مساعد بن لادن الخاص»

اعترفت «طالبان» باحتجازها سجينين أميركيَّين، مشددة على أنها لن تمنحهما حريتهما دون إطلاق سراح مواطن أفغاني (المساعد الخاص لأسامة بن لادن)، محتجز في غوانتامو.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد - كابل)
آسيا احتجز ضباط الشرطة نساء يدعمن لجنة «بلوشستان ياكجهتي» (BYC) خلال احتجاج يطالب بالإفراج عن الدكتور مارانغ بلوش وهو ناشط بمجال حقوق الإنسان في كراتشي بباكستان (رويترز)

الأمن الباكستاني يحبط هجوماً إرهابياً على نقطة أمنية

أحبطت الشرطة الباكستانية هجوماً إرهابياً نفذه مسلحون مجهولون الاثنين على نقطة تفتيش أمنية في بلدة جانجي الواقعة على الحدود بين إقليمي البنجاب وخيبر بختونخواه.

الولايات المتحدة​ سراج الدين حقاني وزير داخلية «طالبان» يلقي خطاباً في العاصمة كابل (متداولة)

أميركا تلغي المكافأة المرصودة للقبض على وزير داخلية «طالبان»

ألغت الولايات المتحدة المكافأة المرصودة لمن يدلي بمعلومات للقبض على ثلاثة مسؤولين كبار بحركة «طالبان»، من بينهم وزير الداخلية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
أوروبا تجمع الشرطة الفرنسية الأدلة من موقع هجوم بسلاح أبيض في ميلوز شرق منطقة الإلزاس حيث يشتبه بأن رجلاً قتل شخصاً وأصاب اثنين من ضباط الشرطة البلدية (أ.ف.ب)

محاكمة 6 أشخاص بتهمة التخطيط لأعمال عنف في فرنسا

بدأت في «محكمة الأحداث الخاصة» بباريس، الاثنين، محاكمة 6 أشخاص، كان أحدهم يبلغ 16 عاماً حين الواقعة، بتهمة التخطيط لأعمال عنف مشابهة لما قام به تنظيم «داعش».

«الشرق الأوسط» (باريس)

«طالبان» تعلن مقايضة سجينين أميركيَّين مقابل «مساعد بن لادن الخاص»

الملا هبة الله أخوند زاده زعيم حركة «طالبان» (أ.ب)
الملا هبة الله أخوند زاده زعيم حركة «طالبان» (أ.ب)
TT

«طالبان» تعلن مقايضة سجينين أميركيَّين مقابل «مساعد بن لادن الخاص»

الملا هبة الله أخوند زاده زعيم حركة «طالبان» (أ.ب)
الملا هبة الله أخوند زاده زعيم حركة «طالبان» (أ.ب)

اعترفت جماعة «طالبان» باحتجازها سجينين أميركيَّين، مشددة على أنها لن تمنحهما حريتهما إلا مقابل إطلاق سراح مواطن أفغاني (المساعد الخاص لأسامة بن لادن)، محتجز في خليج غوانتانامو، بحسب ما ذكرته وسائل إعلام محلية أفغانية.

وبحسب تقارير بثتها قناة «أمو تي في»، وهي قناة إعلامية مستقلة يديرها صحافيون أفغان، قال هبة الله أخوند زاده، الزعيم الأعلى لـ«طالبان»، في تسجيل صوتي: «أفغاني مسجون في غوانتانامو».

وأضاف في التسجيل: «أميركيان مسجونان هنا. وهم يطلبون منا إطلاق سراحهما بسلام. ونحن نقول: أطلقوا سراح سجيننا بسلام كذلك... لماذا لا تفعلون ذلك؟».

ولم تتمكَّن صحيفة «التليغراف» البريطانية من التحقق من التسجيل الصوتي بشكل مستقل، وطلبت الحصول على تعليق من «طالبان».

وفي سياق متصل، لم يتم كشف هوية السجينين الأميركيَّين. ومع ذلك، فإنه لا يزال هناك أميركيان، على الأقل، مفقودَين في أفغانستان: بول أوفربي، ومحمود حبيبي.

معتقل في معسكر دلتا بغوانتانامو (نيويورك تايمز)

وكانت آخر مرة شوهد فيها أوفربي (74 عاماً) في مدينة خوست بأفغانستان، في مايو (أيار) 2014. وقد اختفى وهو في طريقه إلى شمال وزيرستان بباكستان، للقاء سراج الدين حقاني، زعيم «شبكة حقاني»، وإجراء مقابلة معه من أجل تأليف كتاب عن «طالبان» والحرب في أفغانستان.

أعربت عائلة محمود حبيبي المواطن الأميركي الذي اعتقلته حركة «طالبان» عن ثقتها في أن إدارة ترمب ستضغط من أجل إطلاق سراحه (متداولة)

أما حبيبي، فاختفى عام 2022، بعد يوم من غارة أميركية بطائرات دون طيار أسفرت عن مقتل زعيم تنظيم «القاعدة»، أيمن الظواهري، في منطقة شيربور بكابل. واتهمته «طالبان» بمساعدة القوات الأميركية في استهداف زعيم «القاعدة».

من ناحيتها، دأبت «طالبان» على نفي مزاعم احتجازها لهما.

واختفى محمود حبيبي عام 2022، بعد اتهامه بمساعدة غارة أميركية ضد الظواهري.

وبحسب التقارير الواردة، فإن تعليقات أخوند زاده، التي صرَّح بها، الاثنين، جاءت في أثناء تجمع في قندهار، وتتعلق بالإفراج عن محمد رحيم، وهو مواطن أفغاني محتجز في خليج غوانتانامو بموجب قانون الحرب لأجل غير مسمى منذ عام 2008.

محمد رحيم معتقل أفغاني منذ عام 2008 في غوانتانامو (غيتي)

وقد أُلقي القبض على الأفغاني، الذي وُصف بأنه «المساعد الخاص» لأسامة بن لادن، من قبل وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) في باكستان عام 2007، ويعدّ آخر معتقل نُقل إلى غوانتانامو في ظل إدارة بوش.

وحتى اليوم، لم تُوجَّه إليه أي تهمة جنائية. ومع ذلك، فإن ملفاً استخباراتياً صدر عام 2016 وصفه بأنه «رسول لتنظيم القاعدة». وتؤكد لجنة المراجعة الدورية الأميركية أن استمرار احتجازه ضروري للأمن الوطني.

يذكر أن واشنطن غزت أفغانستان عام 2001 للقضاء على تنظيم «القاعدة» الإرهابي، والقبض على زعيمه أسامة بن لادن، ثم غادرت قواتها عام 2021 في انسحاب فوضوي.

ومنذ ذلك الحين، حاولت «طالبان» تطبيع العلاقات بين البلدين.

وبالفعل، أطلقت «طالبان» سراح 3 أميركيين منذ يناير (كانون الثاني)، وكان آخرهم جورج غليزمان (66 عاماً) ميكانيكي طيران، من أتلانتا بجورجيا.

وقد احتجزته استخبارات «طالبان» في ديسمبر (كانون الأول) 2022، وصنَّفته الحكومة الأميركية «محتجزاً ظلماً»، في العام التالي.

أما بول أوفربي، فمفقود في أفغانستان منذ عام 2014. وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، الخميس، أن إطلاق سراحه جاء في إطار صفقة مع إدارة ترمب، أسهم بها مفاوضون قطريون وصفهم وسطاء.

كما جرى الإفراج في صفقة مماثلة في يناير، عن الأميركيين رايان كوربيت وويليام ماكينتي. في المقابل، أطلقت واشنطن سراح خان محمد، الذي اعتُقل في ساحة المعركة في ننكرهار بأفغانستان، وأُدين لاحقاً بتهمة الإرهاب والتورط في الاتجار بالمخدرات عام 2008، وصدر بحقه حكم بالسجن المؤبد مرتين.

وأُطلق سراح غليزمان دون إطلاق سراح أي أفغاني في المقابل. وجاء القرار «لأسباب إنسانية»، بحسب وزارة الخارجية الأفغانية. في الوقت ذاته، ازدادت التوقعات بأن إدارة ترمب ستسعى جاهدة لإطلاق سراح الأميركيين.

دبلوماسية ترمب

من جهته، قال غرايم سميث، كبير المحللين لدى «مجموعة الأزمات الدولية (إنترناشيونال كرايسس غروب)»، في تصريحات لـ«التليغراف»: «لا (طالبان) ولا الحكومة الأميركية تُخضع نفسها للمحاكم الدولية، لذلك لا يوجد حكم محايد لمطالباتهما القانونية».

واستطرد: «في مثل هذه الحالات، يكون الحل الوحيد الدبلوماسية. وهذا بالضبط ما شهدناه، فقد أجرت إدارة ترمب اتصالات وجهاً لوجه مع قيادات داخل أفغانستان في الأيام الأخيرة أكثر مما أجراه الدبلوماسيون الأميركيون من اتصالات منذ سنوات. واليوم، النتائج تتحدَّث عن نفسها».

في سياق متصل، قال مايكل كوغلمان، مدير «معهد جنوب آسيا» التابع لـ«مركز ويلسون» بواشنطن: «إن هذا التواصل بين (طالبان) والولايات المتحدة بشأن الأسرى الأميركيين، بالغ الأهمية لأنه أصبح أكثر تواتراً وعلنية».

وتابع: «تدرك (طالبان) أن تحرير الأسرى الأميركيين، هدف أساسي لإدارة ترمب في أفغانستان، وربما يُشكِّل أولويتها الأولى هناك. وهذا بدوره يمنح (طالبان) نفوذاً».

من ناحية أخرى، جدَّدت عائلة حبيبي، الخميس، مناشدتها للإفراج عنه، قائلةً إن هناك «أدلة دامغة» على أنه لا يزال محتجزاً لدى «طالبان».

وقال أحمد، أحد أشقاء حبيبي، في بيان: «نحن على ثقة من أن إدارة ترمب ستتمسَّك بضرورة إطلاق سراح أخي، بوصف ذلك شرطاً لإحراز تقدم على صعيد العلاقات مع الولايات المتحدة».