مناورات صينية «تحذيرية» تعزز التوتر مع تايوان

بكين نشرت خلالها مقاتلات وسفناً حربية... وواشنطن عدّتها «غير مبررة»

لقطة فيديو تُظهر قارباً صينياً لدى مروره بزورق تايواني خلال التدريبات العسكرية الصينية الاثنين (أ.ب)
لقطة فيديو تُظهر قارباً صينياً لدى مروره بزورق تايواني خلال التدريبات العسكرية الصينية الاثنين (أ.ب)
TT

مناورات صينية «تحذيرية» تعزز التوتر مع تايوان

لقطة فيديو تُظهر قارباً صينياً لدى مروره بزورق تايواني خلال التدريبات العسكرية الصينية الاثنين (أ.ب)
لقطة فيديو تُظهر قارباً صينياً لدى مروره بزورق تايواني خلال التدريبات العسكرية الصينية الاثنين (أ.ب)

اختتمت الصين يوماً من المناورات العسكرية في محيط تايوان، الاثنين، نشرت خلالها مقاتلات وسفناً حربية في إطار ما وصفته بأنه «تحذير شديد اللهجة» إلى القوى «الانفصالية» في الجزيرة التي تحظى بالحكم الذاتي. وتَعد الصين تايوان جزءاً من أراضيها وتعهدت بتوحيدها مع البرّ الرئيسي، بالقوة إن لزم الأمر.

خريطة نشرها الجيش الصيني تُظهر مواقع تدريباته العسكرية حول تايوان الاثنين (أ.ف.ب)

وتعد هذه المناورات الجديدة، التدريبات الرابعة من نوعها خلال العامين الأخيرين. ورأت واشنطن الداعمة لتايبيه أن هذه المناورات «غير مبررة» وتزيد خطر التصعيد، بينما دعا الاتحاد الأوروبي جميع الأطراف إلى «ضبط النفس»، محذّراً من أي «تحرّكات أحادية» يمكن أن تغيّر الوضع القائم.

وعند نحو الساعة السادسة مساءً (10:00 ت.غ)، بعد 13 ساعة على بدء المناورات، أعلنت بكين أنها «أتمَّتها بنجاح». وقال المتحدث باسم الجيش لي شي، في بيان، إن المناورات التي أطلق عليها اسم «السيف المشترك-2024ب»، (Joint Sword-2024B)، «اختبرت بالكامل قدرات العمليات المشتركة المتكاملة لجنودها». وأضاف أن «القوات تبقى في حالة تأهب دائمة، وتواصل تعزيز جهوزيتها القتالية من خلال التدريب الشاق، وستحبط (المحاولات الانفصالية لاستقلال تايوان)».

رئيس تايوان لاي تشينغ-تي يُلقي خطابه خلال احتفالات العيد الوطني أمام المكتب الرئاسي في تايبيه الخميس الماضي (أ.ف.ب)

ومنذ توليه منصبه في مايو (أيار)، يشدد الرئيس التايواني لاي تشينغ-تي على تعهّده بالدفاع عن سيادة تايوان، مما يثير غضب بكين التي تصفه بـ«الانفصالي». وتعهَّد لاي، الاثنين، بـ«حماية تايوان الديمقراطية وصون الأمن القومي»، فيما لفتت وزارة الدفاع إلى أنها وضعت «القوات المناسبة» في حالة تأهب استجابةً للمناورات. وردّت الناطقة باسم الخارجية الصينية ماو نينغ، بالقول إن «استقلال تايوان وإرساء السلام في مضيق تايوان أمران متعارضان».

ورصدت تايوان 125 طائرة صينية، بينها مقاتلات ومُسيّرات، في محيط الجزيرة بين الساعة الخامسة صباحاً (21:02 ت.غ) و16:30، وفق ما أفاد مسؤول في وزارة الدفاع في تايبيه، واصفاً العدد بأنه «قياسي» بالنسبة ليوم واحد. كما تم رصد 17 سفينة حربية. وذكرت وزارة الدفاع التايوانية أنه تم إعلان «حالة تأهب مرتفعة» في الجزر المحيطة التابعة لتايوان.

وتفيد بكين بأن المناورات ترسل «تحذيراً شديد اللهجة بشأن الأعمال الانفصالية لقوى (الاستقلال في تايوان)». وقال لي، في وقت سابق، إن المناورات جرت «في مناطق شمال جزيرة تايوان وجنوبها وشرقها». وأضاف أن المناورات ركّزت على «دوريات الاستعداد القتالي البحري والجوي وحصار الموانئ والمناطق الرئيسية» و«الهجوم على أهداف بحرية وبرية.

وأُقيمت آخر مناورات صينية واسعة النطاق في مايو الماضي، بعد ثلاثة أيام على تنصيب لاي وأُطلق عليها «السيف المشترك-2024أ»، (Joint Sword-2024A)، وتواصلت ليومين.

زوارق عسكرية تايوانية في ميناء كيلوناغ العسكري الاثنين تزامناً مع المناورات العسكرية الصينية (إ.ب.أ)

«عمليات تفتيش» لخفر السواحل

كما يشارك خفر السواحل في هذه المناورات العسكرية عبر إجراء «عمليات تفتيش»، وفق مصادر رسمية. وأظهر رسم نشره خفر السواحل، الأساطيل الأربعة تحيط بتايوان وتبحر في محيطها في اتجاه عكس عقارب الساعة.

وأفاد خفر السواحل في محافظة فوجيان بشرق الصين، أقرب مناطق البرّ الرئيسي من الجزيرة، بأنهم ينفّذون «دوريات إنفاذ قانون شاملة» في المياه قرب جزر ماتسو التي تسيطر عليها تايوان. من جهتهم أعلن خفر السواحل التايوانيون أنهم رصدوا مجموعات سفن تابعة لنظرائهم الصينيين حول تايوان.

وعززت الصين نشاطاتها العسكرية في محيط تايوان في الأعوام الأخيرة، ونشرت مقاتلات وطائرات وسفناً حربية للإبقاء على حضور شبه دائم حول مياه الجزيرة.

وأكدت وزارة الدفاع التايوانية، الاثنين، أنه «في مواجهة تهديدات العدو، فإن جميع ضباط وجنود البلاد في حالة تأهّب تامة». ودعا الرئيس لاي إلى اجتماع أمني «رفيع المستوى» رداً على المناورات، وفق ما أعلن الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي التايواني جوزف وو، الذي أكد أن المناورات «تتعارض مع القانون الدولي واللوائح الدولية».

وتعهّد الرئيس التايواني في خطاب بمناسبة العيد الوطني، الخميس، بـ«مقاومة ضم» الجزيرة، وشدد على أن تايبيه «ليست تابعة» لبكين. ولطالما دافع حزب لاي «الديمقراطي التقدمي» عن سيادة وديمقراطية تايوان التي تحظى بحكومة وجيش وعملة خاصة بها.

مركبات عسكرية مسلحة تقوم بدورية خارج مطار سونغشان في تايبيه تزامناً مع المناورات العسكرية الصينية الاثنين (أ.ف.ب)

«الانتقال إلى القتال»

وأكدت بكين من جانبها، الاثنين، أن المناورات «عملية مشروعة وضرورية من أجل حماية سيادة الدولة والوحدة الوطنية».

وشدد الباحث في الأكاديمية الصينية للدراسات العسكرية اللفتنانت كولونيل فو جنغنان، في فيديو نشره الإعلام الرسمي، على أن المناورات قد «تنتقل من التدريب إلى القتال في أي وقت». وأضاف: «في حال قام انفصاليو تايوان باستفزاز واحد، ستقْدم عملية جيش التحرير الشعبي (الجيش الصيني) على خطوتها الأولى».

وأعلن خفر السواحل في تايوان احتجاز رجل صيني على إحدى الجزر التابعة لتايبيه بعد «اقتحام محتمل للمنطقة الرمادية»، في إشارة إلى تكتيكات لا ترقى إلى مستوى أعمال حربية مباشرة.

وفي ساعات الذروة الصباحية، بدا سكان تايبيه غير مبالين بالمناورات. وقال المهندس بنجامين هسياو (34 عاماً): «لن أشعر بالذعر كثيراً لأنهم غالباً ما يُجرون مناورات»، موضحاً: «هذه ليست المرة الأولى خلال السنوات الأخيرة».

وتحدثت وكالة الصحافة الفرنسية عن مشاهدة خمس مركبات عسكرية محمّلة بأسلحة رشاشة تسيّر دورية بعد ظُهر الاثنين، في محيط مطار سونغشان في تايبيه، علماً بأنه قاعدة عسكرية جوية أيضاً.

وتعود جذور الخلاف الراهن بين الصين وتايوان إلى الحرب الأهلية التي هزمت فيها القوى الشيوعية بقيادة ماو تسي تونغ، القوى القومية بقيادة شيانغ كاي-شيك، وفرار الأخيرة إلى الجزيرة.


مقالات ذات صلة

طوكيو تعرب لبكين عن «مخاوف جدية» بشأن الوضع في بحر الصين الجنوبي

آسيا رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا (أ.ب)

طوكيو تعرب لبكين عن «مخاوف جدية» بشأن الوضع في بحر الصين الجنوبي

أعرب رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا للرئيس الصيني شي جينبينغ عن قلقه بشأن الوضع في بحر الصين الجنوبي حيث تتزايد الحوادث في المياه المتنازع عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
آسيا الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس يصادق على قوانين تُحدد المياه الإقليمية للفلبين (إ.ب.أ)

الفلبين تصادق على قوانين جديدة «لحماية» مجالها البحري

أصدر الرئيس الفلبيني، فرديناند ماركوس، قوانين تُحدد المياه الإقليمية للفلبين، وتفرض ممرات ثابتة لمرور السفن والطائرات الأجنبية، ما أثار رد فعل قوياً من الصين.

«الشرق الأوسط» (مانيلا)
آسيا مدمرة تبحر في مضيق تايوان (أ.ف.ب)

تايبيه تعلن عبور حاملة طائرات صينية مضيق تايوان

أبحرت حاملة طائرات صينية في مضيق تايوان، الأربعاء، وفق ما أعلن عنه وزير الدفاع التايواني، ويلينغتون كو، غداة إجراء بكين مناورات بالذخيرة الحيّة قرب الجزيرة.

«الشرق الأوسط» (تايبيه (تايوان))
الولايات المتحدة​ اللواء ماركوس إيفانز القائد العام للفرقة الخامسة والعشرين للمشاة في الجيش الأميركي (يسار) والرقيب أول شون كاري يؤديان التحية العسكرية خلال مراسم وضع إكليل الزهور لتكريم الجنود الأميركيين الذين لقوا حتفهم خلال الحرب العالمية الثانية بمقبرة مانيلا الأميركية بالفلبين الاثنين (أ.ب)

جنرال أميركي: نشر الصواريخ في الفلبين «مهم للغاية» للاستعداد القتالي

قال جنرال أميركي إن نشر الجيش الأميركي صواريخ متوسطة المدى في شمال الفلبين كان «مهماً للغاية»، وسمح للقوات الأميركية والفلبينية بالتدريب المشترك على استخدامها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
آسيا طائرة حربية تايوانية خلال هبوطها في قاعدة جوية عقب الاستنفار استجابةً لتدريبات عسكرية صينية حول تايوان (إ.ب.أ)

تايوان ترصد عدداً «قياسياً» من الطائرات الصينية حول الجزيرة

أعلنت وزارة الدفاع الوطني التايوانية، الاثنين، أن الصين استخدمت 125 طائرة عسكرية في مناورات موجَّهة ضد تايوان، وهو رقم قياسي ليوم واحد.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)

43 قتيلًا في هجوم شمال باكستان

خلال تشييع شخص قُتل بالهجمات في باكستان الخميس... في باراشينار شمال غربي باكستان في 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)
خلال تشييع شخص قُتل بالهجمات في باكستان الخميس... في باراشينار شمال غربي باكستان في 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)
TT

43 قتيلًا في هجوم شمال باكستان

خلال تشييع شخص قُتل بالهجمات في باكستان الخميس... في باراشينار شمال غربي باكستان في 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)
خلال تشييع شخص قُتل بالهجمات في باكستان الخميس... في باراشينار شمال غربي باكستان في 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)

ارتفعت حصيلة هجومين استهدفا، أمس (الخميس)، موكبين لعائلات شيعية في شمال غربي باكستان، الذي يشهد عنفاً طائفياً، إلى 43 شخصاً من بينهم 7 نساء و3 أطفال.

وقال جاويد الله محسود، المسؤول المحلي في كورام؛ حيث وقع الهجومان، إنه بالإضافة إلى القتلى «أُصيب 16 شخصاً، منهم 11 في حالة حرجة».

وأكد شرطي في الموقع هذه الحصيلة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طالباً عدم الكشف عن هويته، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال مسؤول محلي آخر في باراشينار، معقل الشيعة في كورام، إن «السكان أقاموا اعتصاماً في أثناء الليل في السوق المركزية يتواصل حتى الآن».

ورداً على ذلك «قُطعت شبكة الهاتف الجوال، وفُرض حظر تجول على الطريق الرئيس» و«عُلّقت» حركة المرور.

من جهته، أشار محسود إلى أن مجلساً قبلياً «عُقد من أجل إعادة فرض السلام والنظام».

منذ يوليو (تموز)، خلّفت أعمال العنف بين القبائل الشيعية والسُّنِّية في هذه المنطقة الجبلية أكثر من 70 قتيلاً، بحسب اللجنة الباكستانية لحقوق الإنسان، وهي منظمة غير حكومية مدافعة عن الحريات في البلاد.

وتندلع بشكل دوري اشتباكات قبلية وطائفية، ثم تتوقف حين يتم التوصل إلى هدنة من قبل مجلس قبلي (الجيرغا). وبعد أسابيع أو أشهر تتجدد أعمال العنف.

وشهدت كورام في يوليو، وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) حوادث سقط فيها قتلى.

منذ ذلك الحين تواكب الشرطة العائلات التي تنتقل إلى المناطق التي يسكنها أتباع الديانة الأخرى.

وتتعلق النزاعات بين القبائل ذات المعتقدات المختلفة، خصوصاً بمسألة الأراضي في المنطقة؛ حيث تكون قواعد الشرف القبلية قوية، وغالباً ما تسود على النظام الذي تكافح قوات الأمن للحفاظ عليه.