باكستان تواجه استمرار الهجمات الإرهابية مع استعداد البلاد لقمة «منظمة شانغهاي للتعاون»

اعتماد خطة أمنية مفصلة خلال اجتماع ترأسه وزير الداخلية

جندي يشير إلى وسائل الإعلام بينما يقوم مسؤولون أمنيون بفحص موقع انفجار تسبب في إصابة وتدمير مركبات خارج مطار كراتشي باكستان الاثنين 7 أكتوبر 2024 (أ.ب)
جندي يشير إلى وسائل الإعلام بينما يقوم مسؤولون أمنيون بفحص موقع انفجار تسبب في إصابة وتدمير مركبات خارج مطار كراتشي باكستان الاثنين 7 أكتوبر 2024 (أ.ب)
TT

باكستان تواجه استمرار الهجمات الإرهابية مع استعداد البلاد لقمة «منظمة شانغهاي للتعاون»

جندي يشير إلى وسائل الإعلام بينما يقوم مسؤولون أمنيون بفحص موقع انفجار تسبب في إصابة وتدمير مركبات خارج مطار كراتشي باكستان الاثنين 7 أكتوبر 2024 (أ.ب)
جندي يشير إلى وسائل الإعلام بينما يقوم مسؤولون أمنيون بفحص موقع انفجار تسبب في إصابة وتدمير مركبات خارج مطار كراتشي باكستان الاثنين 7 أكتوبر 2024 (أ.ب)

بينما تستعد باكستان لأنشطة دبلوماسية رفيعة المستوى تتمثل في اجتماع قمة «منظمة شانغهاي للتعاون» في إسلام آباد، تتواصل الهجمات الإرهابية في البلاد مع مقتل ضابطي شرطة في هجوم مسلح من قبل مسلحين مشتبه بهم.

وتستضيف باكستان قمة «منظمة شانغهاي للتعاون» في 15 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي وهي القمة التي سيشارك فيها رؤساء دول وحكومات من العديد من دول المنطقة.

وقد تم اعتماد خطة أمنية مفصلة للفعاليات خلال اجتماع ترأسه وزير الداخلية الفيدرالي محسن نقفي، يوم الأربعاء.

وشدد وزير الداخلية على أهمية استضافة قمة «منظمة شانغهاي للتعاون»، مشيراً إلى أن العديد من رؤساء الدول سيحضرون القمة، مما يمنح البلاد شرفاً عظيماً.

وقال الوزير إنه سيتم نشر قوات إضافية من الجيش الباكستاني ووحدات الحرس، وفيلق الحدود وشرطة البنجاب لضمان التأمين الشامل للضيوف.

يقف جنود شبه عسكريين على أهبة الاستعداد بالقرب من جانب انفجار أدى إلى إصابة بعض الأشخاص وتدمير مركبات خارج مطار كراتشي في باكستان الأحد 6 أكتوبر 2024 (أ.ب)

ومنذ يومين فقط، استهدف الانفصاليون البلوش قافلة مهندسين صينيين في كراتشي، مما أسفر عن مقتل صينيين اثنين في هجوم انتحاري.

مسؤولون أمنيون يعملون في موقع انفجار تسبب في إصابة وتدمير مركبات خارج مطار كراتشي في باكستان الاثنين 7 أكتوبر 2024 (أ.ب)

ويشن الانفصاليون البلوش تمرداً في محافظة بلوشستان الجنوبية، حيث تعمل الشركات والمهندسون الصينيون في العديد من مشاريع التنمية.

رئيس الوزراء الباكستاني يشارك في قمتي «منظمة شانغهاي للتعاون» في كازاخستان (متداولة)

وفي أعقاب مقتل المهندسين الصينيين، التقى رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف بالسفير الصيني في إسلام آباد حيث أكد له أن قمة «منظمة شانغهاي للتعاون» ستُعقد في ظل إجراءات أمنية مشددة، حيث تعد الصين كدولة باقتصادها القوي العمود الفقري لـ«منظمة شانغهاي للتعاون» كمنظمة إقليمية.

ومن ناحية أخرى، أطلق مسلحون مشتبه بهم على دراجة نارية النار على سيارة تقل ضباط شرطة في معقل سابق لحركة طالبان الباكستانية، مما أسفر عن مقتل اثنين منهم وإصابة اثنين آخرين، حسبما قالت الشرطة، وفقاً لما ذكره مسؤول الشرطة المحلية شير أفضل في مدينة «تانك» في مقاطعة خيبر بختونخوا على الحدود مع أفغانستان.

ولم تعلن أي مجموعة مسؤوليتها عن الهجوم، لكن يُرجح أن يقع اللوم على طالبان الباكستانية، المعروفة باسم «تحريك طالبان باكستان»، التي كثيراً ما تستهدف قوات الأمن في البلاد.

وتعتبر حركة طالبان الباكستانية جماعة محظورة في إسلام آباد، وعلى الرغم من انفصالها عن حركة طالبان الأفغانية، فإنها لا تزال حليفاً مقرباً لها.

ويتزايد الوضع الأمني والسياسي في باكستان تعقيداً مع اقتحام الأحزاب السياسية المعارضة، بما في ذلك حزب «حركة الإنصاف الباكستانية» الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق عمران خان، العاصمة الفيدرالية، الأسبوع الماضي، مع متظاهرين غاضبين، مما جعل الأمن في البلاد يبدو غير مستقر.

بديل للنظام الدولي

قوات الجيش تقوم بدوريات في شوارع إسلام آباد (متداولة)

ويُنظر إلى «منظمة شانغهاي للتعاون» في إسلام آباد باعتبارها بديلاً للنظام الدولي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة.

وينظر مفكرو السياسة الخارجية والخبراء الاستراتيجيون في باكستان إلى هذه المنظمة باعتبارها منتدى يوفر مساحة للسياسة الخارجية الباكستانية للعمل في جو خالٍ من الهيمنة الغربية.

ولا تبدو النخبة الحاكمة في إسلام آباد مستعدة للتحول التام من بلد يعتمد على الغرب إلى آخر يمكنه اتباع سياسة خارجية مستقلة في سياق المناطق المتكاملة اقتصادياً التي تشمل جنوب آسيا، وآسيا الوسطى، وجنوب غربي آسيا، وبالطبع تشمل هذه المناطق القوة الاقتصادية للصين وروسيا.

ولكن هناك مجموعة متزايدة من الآراء في باكستان ترى أن منظمات مثل «منظمة شانغهاي للتعاون» بمثابة منتدى يمكن لباكستان من خلاله تبني سياسة خارجية مستقلة بعيداً عن مخاوف الهيمنة السياسية والاقتصادية والعسكرية الغربية.

وهناك تزايد في الآراء داخل النخبة الحاكمة الباكستانية بأن إسلام آباد تحتاج إلى النمو الاقتصادي وتوسيع القدرات الإنتاجية وزيادة صادراتها أكثر من مجرد الروابط السياسية على المستوى الدولي، والتي حققتها من خلال تعاونها مع الغرب.

ومن هذا المنطلق، يبدو أن جدول الأعمال الاقتصادي لـ«منظمة شانغهاي للتعاون» جذاب للغاية للنخبة السياسة في باكستان في ظل الظروف الحالية.

كما أن تركيز «منظمة شانغهاي للتعاون» على مكافحة الإرهاب يتوافق جيداً مع الوضع الأمني الداخلي لباكستان، وسيساعد البلاد في مواصلة تحقيق أهدافها في مجال مكافحة الإرهاب بشكل عام.

وتواجه باكستان حالة من عدم اليقين السياسي والأمني على الصعيد الداخلي، ففي الأسبوعين اللذين سبقا قمة «منظمة شانغهاي للتعاون» في إسلام آباد، شهدت البلاد أولاً احتجاجاً سياسياً بقيادة حزب المعارضة الرئيسي «حركة الإنصاف الباكستانية»، ثم هجوماً إرهابياً في كراتشي أسفر عن مقتل مواطنين صينيين اثنين.

فرصة لباكستان

قوات الجيش تقوم بدوريات في إسلام آباد (وسائل إعلام باكستانية)

وبجانب النجاح الدبلوماسي، فإن قمة «منظمة شانغهاي للتعاون» توفر فرصة لباكستان لتقديم نفسها على الساحة الدولية باعتبارها دولة مسؤولة تسيطر على أراضيها وسياستها الخارجية، فمنذ أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001، ارتبط اسم إسلام آباد في مختلف المنصات بالأخبار السيئة، في سياق تعرض سيادتها الداخلية للتهديد من قبل الجماعات الإرهابية، فيما سيطرت الولايات المتحدة على سياستها الخارجية من خلال نفوذها السياسي والعسكري في المنطقة.

ولذلك فإن قمة «منظمة شانغهاي للتعاون» تمثل نقطة تحول محتملة لباكستان للخروج من ظل الهيمنة الغربية.


مقالات ذات صلة

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)
أوروبا القاتل النرويجي أندرس بيرينغ بريفيك (إ.ب.أ)

«سفاح النرويج» يطلب الإفراج المشروط للمرة الثانية

مَثُل القاتل النرويجي، أندرس بيرينغ بريفيك، الذي قتل 77 شخصاً في حادث تفجير وإطلاق نار عشوائي عام 2011، أمام المحكمة، الثلاثاء، لحضور جلسة استماع بشأن إطلاق

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التقى حليفه دولت بهشلي الخميس الماضي وسط تأكيدات عن خلافات بينهما (الرئاسة التركية)

حليف إردوغان استبعد الخلاف معه... وهاجم مَن يخدمون «أولاد بايدن» بالتبني

أشعل رئيس حزب «الحركة القومية»، شريك حزب «العدالة والتنمية» في «تحالف الشعب»، جدلاً جديداً حول حلّ المشكلة الكردية في تركيا، ونفى وجود أي خلاف مع الرئيس إردوغان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

انفجار سيارة مفخخة بشمال غربي باكستان يسفر عن مقتل 12 جندياً

جنود باكستانيون (رويترز - أرشيفية)
جنود باكستانيون (رويترز - أرشيفية)
TT

انفجار سيارة مفخخة بشمال غربي باكستان يسفر عن مقتل 12 جندياً

جنود باكستانيون (رويترز - أرشيفية)
جنود باكستانيون (رويترز - أرشيفية)

قال الجيش الباكستاني، اليوم الأربعاء، إن انتحارياً فجّر سيارته المفخخة في نقطة تفتيش عسكرية بشمال غربي باكستان، مما أسفر عن مقتل 12 جندياً، في ظل تواصل أعمال العنف بالبلاد.

وأضاف الجيش، في بيان، أن ستة مسلَّحين، على الأقل، لقوا حتفهم أيضاً في معركة بالأسلحة النارية أعقبت التفجير الانتحاري، واستمرت عدة ساعات في منطقة بانو بإقليم خيبر بختونخوا، وفق ما نقلته «وكالة الأنباء الألمانية».

وأعلنت جماعة تابعة لحركة «طالبان باكستان»، التي تختلف عن نظيرتها الأفغانية، ولكنها تريد الإطاحة بالحكومة، مسؤوليتها عن الهجوم.

وذكرت وكالة «أسوشييتد برس» أن فصيلاً منشقاً عن حركة «طالبان باكستان»، يُعرف باسم «جماعة حفيظ جول بهادور»، أعلن، في بيان، مسؤوليته عن الهجوم.

ولم يردْ تعليق فوري من جانب الحكومة، ولكن مسؤولي أمن واستخبارات قالوا إن أفراد الأمن يتعقبون منفّذي الهجوم.

ووقع التفجير الانتحاري بعد يوم من مقتل ثمانية جنود باكستانيين على الأقل، وتسعة مسلحين، في تبادل لإطلاق النار بالمنطقة نفسها المتاخمة لأفغانستان.

وتُلقي إسلام آباد اللوم على حكام «طالبان» في أفغانستان؛ لأنهم يتساهلون أو يساعدون المسلحين الباكستانيين الذين يشنون هجمات عبر الحدود من مخابئهم الجبلية. وترفض كابل هذه الاتهامات وتقول إنها لا أساس لها.

وتصاعدت أعمال العنف في باكستان منذ عودة «طالبان» إلى مقاليد السلطة في أفغانستان في عام 2021، وأطلقت سراح آلاف المسلحين الباكستانيين من السجون الأفغانية.