خبير فرنسي: الصين لم تعد تملك الوسائل لتحقيق طموحاتها في أفريقيا

الرئيس الصيني شي جينبينغ وزوجته بنغ لي يوان يصلان إلى قاعة للترحيب بقادة دول أفريقية خلال حفل استقبال في منتدى التعاون الصيني الأفريقي في قاعة الشعب الكبرى في بكين، الصين 4 سبتمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الصيني شي جينبينغ وزوجته بنغ لي يوان يصلان إلى قاعة للترحيب بقادة دول أفريقية خلال حفل استقبال في منتدى التعاون الصيني الأفريقي في قاعة الشعب الكبرى في بكين، الصين 4 سبتمبر 2024 (رويترز)
TT

خبير فرنسي: الصين لم تعد تملك الوسائل لتحقيق طموحاتها في أفريقيا

الرئيس الصيني شي جينبينغ وزوجته بنغ لي يوان يصلان إلى قاعة للترحيب بقادة دول أفريقية خلال حفل استقبال في منتدى التعاون الصيني الأفريقي في قاعة الشعب الكبرى في بكين، الصين 4 سبتمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الصيني شي جينبينغ وزوجته بنغ لي يوان يصلان إلى قاعة للترحيب بقادة دول أفريقية خلال حفل استقبال في منتدى التعاون الصيني الأفريقي في قاعة الشعب الكبرى في بكين، الصين 4 سبتمبر 2024 (رويترز)

بمناسبة استضافة الرئيس الصيني شي جينبينغ قادة أفارقة في بكين، الأربعاء، مع انطلاق قمة صينية - أفريقية، يحلّل الخبير زافييه أوريغان، الباحث الفرنسي المتخصص بشؤون الصين - أفريقيا، أسباب تباطؤ العلاقات الاقتصادية بين الصين والقارة الأفريقية بعد عقدين من النمو الشديد في العلاقة بين الطرفين، ويرى أن الصين لم تعد تمتلك الوسائل لتحقيق طموحاتها في أفريقيا.

الديون وتغيّر مزاج القادة الأفارقة

يقول زافييه أوريغان في لقاء أجرته معه صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية ونشر في الصحيفة، أمس (الثلاثاء)، إن الديون الأفريقية المستحقة للصين وصعوبة سدادها هي أحد أسباب تباطؤ العلاقات الاقتصادية بين الصين وأفريقيا، ولكن هناك أيضاً عوامل أخرى، أبرزها مرتبط بتغيّر مزاج النخب الأفريقية. فبحسب أوريغان، «لقد مضى زمن السذاجة والملائكة، منذ أزمة (كورونا) التي تسببت في تباطؤ عام للاقتصادات الأفريقية، يفكّر الأفارقة مرتين قبل التوقيع على اتفاقية مع الصين أو أي جهة فاعلة صينية».

بات الساسة الأفارقة يحللون نص الاتفاق. وقبل كل شيء، يتم وضع هذا الاقتراح في منافسة مع اقتراحات الشركاء الآخرين للدولة الأفريقية المعنية، سواء الشريك الهندي أو التركي أو غيرهما من الدول. فصيغة «الصفقة المربحة للجانبين» التي تروّج لها الصين، لم تعد صالحة للاستخدام مع الأفارقة. فقد أدرك الزعماء الأفارقة أن الرابح الأكبر في هذه الصفقات هو الصين. وكذلك أدركوا أن الفائزين الصغار من الصفقات أو حتى الخاسرين منها هم القادة الأفارقة أنفسهم، وفق الخبير أوريغان.

الرئيس الصيني شي جينبينغ (وسط) وزوجته بنغ لي يوان يستعدان لالتقاط صورة جماعية مع زعماء دول أفريقية قبل حفل عشاء خلال منتدى التعاون الصيني الأفريقي (FOCAC) في قاعة الشعب الكبرى في بكين، الصين 4 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

تراجع كبير في القروض الصينية

بحسب صحيفة «لوفيغارو»، تباطأت القروض الصينية لدول القارة الأفريقية من 28 ملياراً عام 2016 إلى 4 مليارات في عام 2023. ويقول الخبير أوريغان في هذا الإطار: «تظل أنغولا وجنوب أفريقيا تتمتعان بالأفضلية بالحصول على قروض صينية. ويستمر الصينيون في الإقراض، ولكن من الواضح أنهم أصبحوا أكثر حذراً في مواجهة حكومة شبه مفلسة، لا تسيطر إلا على جزء من أراضيها (مثلاً في حالة دولة الكونغو الديمقراطية). وتطالب السلطات الصينية أيضاً بمزيد من الضمانات لقروضها».

صعوبات أمنية

تراجعت القروض من جانب المستثمرين الصينيين، سواء من رجال الأعمال أو الممولين. فقد وجدوا أن عليهم التعامل مع تعقيدات الجغرافيا السياسية في الدول الأفريقية، وما تواجهها دول أفريقية من تحديات أمنية.

بحسب الخبير أوريغان: «على الرغم من وعودهم بعدم التدخل وباحترام السلطات المحلية وسيادة الدول، فإن الصينيين متورطون على نحو متزايد في السياقات السياسية المحلية، وقد تحولوا إلى أصحاب مصلحة جيوسياسيين، مع ما يترتب على ذلك من مخاطر اقتصادية».

وأضاف: «إن الصينيين مجبرون على الانخراط في حلول سياسية معقدة. باختصار، لقد تحولت دول أفريقية نحو لاعبين اقتصاديين وسياسيين تقليديين، مثل أوروبا والولايات المتحدة».

الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فايي، والرئيس الصيني شي جينبينغ وزوجته بنغ لي يوان في صورة قبل حفل العشاء لقمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي 2024 التي تعقد في قاعة الشعب الكبرى في بكين، الصين 4 سبتمبر 2024 (رويترز)

تموضع سياسي للصين

يلحظ الخبير أوريغان المزيد من التموضع السياسي للصين في أفريقيا. فالقادة الصينيون، وفق أوريغان، يتحدثون بسهولة مع نظرائهم الأفارقة حول إصلاح الحوكمة العالمية، أو إصلاح المؤسسات الدولية، أو تمجيد السيادة المعاد اكتشافها والكفاح ضد «الاستعمار». وهذا في الواقع أمر جديد تماماً لأن الصين تقدّم عادة للدول الأفريقية مواقف اقتصادية ووعوداً إنمائية، وبالتأكيد دائماً ضمن منطق التضامن بين دول الجنوب.

يقول أوريغان: «في الواقع، هذه الكلمات التي يستخدمها الصينيون في حديثهم السياسي مع الدول الأفريقية، تسعد دائماً المستمع الأفريقي ولا تكلّف الكثير، لكنّ هذا الخطاب الصيني يخفي حقيقة أن الصين لم تعد تمتلك الوسائل اللازمة لسياستها الأفريقية».

ولا تزال أفريقيا ذات أهمية أساسية بالنسبة للصين، وفق أوريغان. أولاً، لأن الوصول إلى المواد الخام أمر ضروري للنمو الصيني، ولكن أيضاً لأن أفريقيا عميل مهم لصادراتها. فالصين ترسل إنتاجاتها منخفضة الجودة إلى أفريقيا.

الرئيس الصيني شي جينبينغ (وسط) وزوجته بنغ لي يوان يلتقطان صورة جماعية مع زعماء دول أفريقية، قبل حفل عشاء ترحيبي لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي في قاعة الشعب الكبرى في بكين، الصين 4 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)

من هو زافييه أوريغان؟

زافييه أوريغان هو أستاذ جامعي محاضر في الجامعة الكاثوليكية في مدينة ليل الفرنسية. جغرافي حائز على دكتوراه في الجغرافيا الجيوسياسية من المعهد الفرنسي للجيوسياسة. يعمل كذلك باحثاً مشاركاً في معاهد عديدة. عضو أمانة لجنة الجغرافيا السياسية التابعة للجنة الجغرافية الوطنية الفرنسية (CNFG)، وعضو لجنة تحرير مجلة «العالم الصيني» ( Monde Chinois)، بحسب موقع «المعهد الفرنسي للجيوسياسة»، ومركزه سان دوني في فرنسا.

زافييه أوريغان متخصص بالجغرافيا السياسية لأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وفي العلاقات بين الصين وأفريقيا، والهند وأفريقيا، والعلاقات بين آسيا وأفريقيا، وطرق الحرير الجديدة، والتنمية واقتصاديات التنمية ونظرية المعرفة في الجغرافيا السياسية.

صدر لأوريغان عدد من الكتب باللغة الفرنسية متخصصة بالجغرافيا السياسية، منها:

- «الجغرافيا السياسية للصين في ساحل العاج» (سنة 2016).

- «ديناميات الصين في أفريقيا وأميركا اللاتينية - القضايا والتحديات والآفاق» (سنة 2019).


مقالات ذات صلة

الإعصار «ياغي» يخلّف قتيلين و92 جريحاً في الصين... ويتجه نحو فيتنام

آسيا شاحنة تظهر وسط الأمطار الغزيرة والرياح العاتية الناجمة عن إعصار «ياغي» (أ.ف.ب)

الإعصار «ياغي» يخلّف قتيلين و92 جريحاً في الصين... ويتجه نحو فيتنام

خلّف الإعصار الكبير «ياغي» ما لا يقل عن قتيلين و92 جريحاً في جزيرة هاينان السياحية في جنوب الصين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
آسيا الرئيس التايواني لاي شينغ-تي يشاهد عرضاً لقاذفة صواريخ «ستينجر» المتعددة التي قدمها الجنود أثناء زيارته داخل قاعدة عسكرية في مقاطعة بينغو بتايوان في 6 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)

رئيس تايوان يزور قوات الجيش في جزيرة قريبة من الصين

أعرب الرئيس التايواني لاي شينغ-تي (الجمعة) عن امتنانه للجيش على حماية البلاد، وتعهد دعمه خلال زيارته سفينة حربية متمركزة في جزيرة نائية تقع غرب تايوان.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
العالم الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ ورئيس الوزراء النرويجي يوناس جار ستور خلال مؤتمر صحافي مشترك في مقر إقامة رئيس الوزراء في أوسلو - النرويج 6 سبتمبر 2024 (إ.ب.أ)

«الناتو» يحض الصين على التوقف عن دعم حرب روسيا في أوكرانيا

دعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ، الجمعة، الصين إلى التوقف عن دعم حرب روسيا في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
آسيا أب يحمل طفليه في ضواحي شنغهاي بالصين - 3 يونيو 2021 (رويترز)

الصين توقف تبنّي الخارج لأطفالها

قال متحدث باسم الحكومة الصينية، الخميس، إن الحكومة لم تعد تسمح بتبني الخارج لأطفال الصين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
شمال افريقيا الرئيس الصيني يرحب بالبرهان خلال المأدبة المسائية التي أقامها للقادة المشاركين بالمنتدى (مجلس السيادة)

البرهان يطالب برفع تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي

قال إن «ميليشيا الدعم السريع» هدفت من تمردها إلى الاستيلاء على السلطة بقوة السلاح؛ خدمةً لأطماع قوى إقليمية غير راشدة.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

الجيش الباكستاني: مقتل 90 إرهابياً في البلاد خلال أغسطس

طلاب القوات الجوية الباكستانية يسيرون خارج ضريح مؤسس باكستان محمد علي جناح للاحتفال بيوم الدفاع عن البلاد في كراتشي في 6 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
طلاب القوات الجوية الباكستانية يسيرون خارج ضريح مؤسس باكستان محمد علي جناح للاحتفال بيوم الدفاع عن البلاد في كراتشي في 6 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

الجيش الباكستاني: مقتل 90 إرهابياً في البلاد خلال أغسطس

طلاب القوات الجوية الباكستانية يسيرون خارج ضريح مؤسس باكستان محمد علي جناح للاحتفال بيوم الدفاع عن البلاد في كراتشي في 6 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
طلاب القوات الجوية الباكستانية يسيرون خارج ضريح مؤسس باكستان محمد علي جناح للاحتفال بيوم الدفاع عن البلاد في كراتشي في 6 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

أعلن الجيش الباكستاني، الخميس، إن 90 إرهابياً قُتلوا في 4 آلاف و21 عملية عبر البلاد خلال شهر أغسطس (آب) الماضي.

جنود من القوات الجوية الباكستانية يحضرون احتفالاً في ضريح مؤسس باكستان محمد علي جناح في يوم الدفاع في كراتشي بباكستان في 6 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

وقال مدير عام العلاقات العامة بالقوات المسلحة الباكستانية أحمد شريف شودري، في مؤتمر صحافي في مدينة راولبندي شرقي البلاد، إن القوات الأمنية ووكالات إنفاذ القانون الأخرى شاركت في العمليات القائمة على المعلومات الاستخباراتية، وفقاً لموقع «إكسبرس تريبيون» الباكستاني.

وأضاف شودري أنه تم تنفيذ 32 ألفاً و173 عملية خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أغسطس (آب) من العام الحالي، ما وجّه ضربة قوية لقوة الإرهابيين.

«جيش تحرير بلوشستان»

وأظهر تقرير، الثلاثاء، أن المسلحين كانوا يشنون نحو هجومين يومياً في باكستان خلال شهر أغسطس (آب) الماضي، ما أسفر عن مقتل 84 شخصاً، وهو ما يسلّط الضوء على تقلبات الدولة النووية في جنوب آسيا. وجاء في التقرير الصادر عن «معهد باك لدراسات السلام»، ومقره إسلام آباد، أنه بينما نفذ مسلحون إسلامويون معظم الهجمات، كان المتمردون القوميون وراء معظم الوفيات التي تم تسجيلها خلال الشهر.

وقد كان الهجوم الأكثر دموية، هو هجوم منسق شنته جماعة «جيش تحرير بلوشستان» المتمردة على العديد من المواقع بجنوب غربي البلاد في 26 أغسطس، ما أسفر عن مقتل أكثر من 50 شخصاً.

رجال أمن باكستانيون يتفقدون مكان انفجار عبوة ناسفة استهدفت سيارة للشرطة في بيشاور بباكستان في 16 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)

وأضاف التقرير أن إقليم خيبر باختونخوا الواقع في شمال غربي البلاد على الحدود مع أفغانستان، ظل المنطقة الأكثر تضرراً من الهجمات، حيث شهد حدوث 29 هجوماً، ما أسفر عن مقتل 25 شخصاً.

وبالإضافة إلى ذلك، ذكر شودري أن 193 ضابطاً وجندياً فقدوا حياتهم في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2024.