باكستان: 51 قتيلاً في هجمات منسَّقة لـ«جيش تحرير البلوش»

تظهر الصورة مركبات متفحمة بعد أن نفّذ مسلحون انفصاليون هجمات مميتة في إقليم بلوشستان، باكستان، 26 أغسطس 2024 (رويترز)
تظهر الصورة مركبات متفحمة بعد أن نفّذ مسلحون انفصاليون هجمات مميتة في إقليم بلوشستان، باكستان، 26 أغسطس 2024 (رويترز)
TT

باكستان: 51 قتيلاً في هجمات منسَّقة لـ«جيش تحرير البلوش»

تظهر الصورة مركبات متفحمة بعد أن نفّذ مسلحون انفصاليون هجمات مميتة في إقليم بلوشستان، باكستان، 26 أغسطس 2024 (رويترز)
تظهر الصورة مركبات متفحمة بعد أن نفّذ مسلحون انفصاليون هجمات مميتة في إقليم بلوشستان، باكستان، 26 أغسطس 2024 (رويترز)

قال مسؤولون في باكستان، اليوم (الاثنين)، إن 51 شخصا على الأقل قُتلوا في هجمات شنها مسلحون انفصاليون على مراكز للشرطة وخطوط سكك حديدية ومركبات على طرق سريعة في إقليم بلوشستان بجنوب غرب البلاد.

وهذه أوسع الهجمات نطاقا منذ سنوات في إطار تمرد عرقي يشنه مسلحون منذ عقود للمطالبة بانفصال الإقليم الغني بالموارد عن باكستان.ويوجد في بلوشستان عدد من المشروعات الكبرى التي تديرها الصين، من بينها ميناء استراتيجي ومنجم ذهب ونحاس.

سيارة محترقة أضرم فيها مسلحون النار بعد أن قتلوا ركاباً على طريق سريع في موساخيل، وهي منطقة في إقليم بلوشستان في جنوب غرب باكستان، 26 أغسطس 2024 (أ.ب)

وقال وزير الداخلية محسن نقوي في بيان "تلك الهجمات هي خطة مُعدة لنشر الفوضى في باكستان"، وأضاف دون تفاصيل أن قوات الأمن قتلت 12 مسلحا في عمليات تلت الهجمات.وقال مسؤولون إن أكبر الهجمات استهدف مركبات مختلفة من حافلات إلى شاحنات البضائع على طريق سريع رئيسي، مما تسبب في مقتل 23 على الأقل واحتراق 35 مركبة.وذكر محمد كاشف المسؤول بالسكك الحديدية أن عبوات ناسفة انفجرت في خط يربط بين باكستان وإيران وجسر سكك حديدية يربط بين كويتا عاصمة الإقليم وبين باقي مناطق باكستان.وأضاف أن حركة القطارات توقفت من كويتا وإليها.

وقالت الشرطة إنها عثرت على ست جثث لم يتم التعرف عليها بعد بالقرب من جسر السكك الحديدية.وفي الوقت نفسه تقريبا استهدف المسلحون مراكز للشرطة وقوات الأمن في الإقليم، وفقا للمسؤولين. وتسبب أحد الهجمات في مقتل ما لا يقل عن عشرة.

ونفّذ الهجوم عشرات المسلّحين، صباح الاثنين، في منطقة موسى خيل بإقليم بلوشستان الفقير، حيث تُواجه قوات الأمن أعمال عنف طائفية وعِرقية وانفصالية، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأعلن «جيش تحرير البلوش»، المجموعة الانفصالية المسلَّحة الأكثر نشاطاً في المنطقة، مسؤوليته عن عمليات إطلاق النار، في بيان أرسله لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» بالبريد الإلكتروني.

وقال المسؤول الرفيع بمنطقة موسى خيل، نجيب الله كاكار، للوكالة: «قُتل 22 شخصاً على الأقل، وجُرح خمسة، عندما أوقف مسلّحون عدة حافلات وشاحنات كبيرة وصغيرة على الطريق السريعة الرابطة بين البنجاب وبلوشستان».

وأضاف أنه «جرى تفتيش المركبات المتوجّهة من وإلى البنجاب، والتعرّف على هويات البنجابيين وإطلاق النار عليهم».

وأوضح أن من بين القتلى ثلاثة بلوش، و19 بنجابياً؛ معظمهم عمال.

وذكر أن «عدد المسلّحين كان بين 30 و40».

وأكد مسؤول رفيع آخر بالمنطقة يُدعى حميد زهري حصيلة القتلى، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

رجل يبكي والده الذي توفي في إطلاق نار من قبل مسلحين انفصاليين في مستشفى في كويتا بباكستان في 26 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

وأفاد «جيش تحرير البلوش» بأن القتلى عسكريون بزي مدنيّ جرى «التعرّف على هوياتهم، وبعد ذلك قتلهم من قِبل مقاتلي جيش تحرير البلوش»، دون تقديم أدلة على ذلك.

وبلوشستان أكبر أقاليم باكستان وأفقرها، رغم وفرة الموارد الطبيعية.

وكثّف الانفصاليون البلوش، في السنوات الأخيرة، هجماتهم على البنجابيين والسنديين القادمين من مناطق باكستانية أخرى، والذين يعملون في الإقليم، كما شنّوا هجمات على شركات الطاقة الأجنبية التي يَعدُّونها تستغلّ المنطقة دون مشاركة الثروات.

والبنجاب أكبر المجموعات العِرقية الست الرئيسية في باكستان، ويُنظر إليها على أنها المهيمنة في صفوف قوات الجيش، التي تخوض معارك لسحق المجموعات المسلّحة في بلوشستان.

وفي هجومٍ مُشابه خلال أبريل، قُتل 11 عاملاً بنجابياً بعد خطفهم من حافلة في مدينة ناوشكي ببلوشستان.

وأعرب رئيس الوزراء، شهباز شريف، عن «حزنه العميق وإدانته الاعتداء الإرهابي»، في بيان صدر عن مكتبه، الاثنين.


مقالات ذات صلة

أستراليا: إصابة 4 أشخاص بحادث طعن عشوائي في سيدني

آسيا الشرطة الأسترالية في موقع حادث الطعن بمدينة سيدني (رويترز)

أستراليا: إصابة 4 أشخاص بحادث طعن عشوائي في سيدني

قالت الشرطة الأسترالية، الأحد، إن 4 أشخاص بينهم شرطي أصيبوا بجروح في حادث طعن عشوائي في سيدني، هو الأحدث في سلسلة من الهجمات بأسلحة بيضاء في المدينة هذا العام.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
أوروبا عربات للشرطة في موقع حادث الطعن بمدينة زولينغن (أ.ب) play-circle 00:39

قتلى ومصابون في حادث طعن بألمانيا... وتوقيف شخص في إطار التحقيقات

أعلنت الشرطة الألمانية، السبت، توقيف شخص في إطار التحقيق في الهجوم المميت بسكين الذي وقع، مساء الجمعة، بمدينة زولينغن غرب ألمانيا.

«الشرق الأوسط» (برلين )
آسيا يتجمع أفراد الإنقاذ في موقع سقوط حافلة تقل ركاباً هنوداً في نهر مارسيانجدي في منطقة تانا هون في نيبال... 23 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

سقوط حافلة ركاب بنهر في نيبال ومقتل 27 هندياً

قال متحدث باسم الشرطة في نيبال، اليوم (الجمعة)، إن 27 شخصا على الأقل لاقوا حتفهم وأصيب 16 بعد أن سقطت حافلة تقل 43 هنديا في نهر.

«الشرق الأوسط» (كاتماندو)
شمال افريقيا الطريق الدائري يشهد حوادث رغم توسعته (وزارة النقل المصرية)

مصر: حادث مروع بـ«الدائري» يعيد الاتهامات إلى سيارات النقل

أعاد الحادث الذي شهده الطريق الدائري في العاصمة المصرية القاهرة فجر (الأربعاء) الاتهامات بشأن مسؤولية سيارات النقل في الحوادث الكبرى.

أحمد عدلي (القاهرة)
أوروبا عناصر الإنقاذ في المنطقة التي غرق فيها اليخت الفاخر قبالة ساحل بورتيسيلو بالقرب من مدينة باليرمو الصقلية في إيطاليا 20 أغسطس 2024 (رويترز)

العثور على جثتي رائد الأعمال البريطاني لينش وابنته في اليخت الغارق قبالة إيطاليا

تم الإعلان عن العثور على جثتي رائد الأعمال البريطاني مايك لينش وابنته في اليخت الغارق قبالة إيطاليا.

«الشرق الأوسط» (روما)

باكستان: صدمة بعد قتل انفصاليين بلوش 51 من أبناء البنجاب

سيارة محترقة بعد أن نفَّذ مسلحون انفصاليون هجمات مميتة في إقليم بلوشستان الاثنين (تلفزيون رويترز)
سيارة محترقة بعد أن نفَّذ مسلحون انفصاليون هجمات مميتة في إقليم بلوشستان الاثنين (تلفزيون رويترز)
TT

باكستان: صدمة بعد قتل انفصاليين بلوش 51 من أبناء البنجاب

سيارة محترقة بعد أن نفَّذ مسلحون انفصاليون هجمات مميتة في إقليم بلوشستان الاثنين (تلفزيون رويترز)
سيارة محترقة بعد أن نفَّذ مسلحون انفصاليون هجمات مميتة في إقليم بلوشستان الاثنين (تلفزيون رويترز)

تعمّ مشاعر الصدمة مختلف أرجاء باكستان جراء مقتل 51 عاملاً من عرق البنجاب داخل إقليم بلوشستان، على أيدي جماعة انفصالية مسلحة من البلوش. في أثناء الهجوم، أوقف مقاتلون بلوش حافلة كانت متجهة من إقليم البنجاب الباكستاني إلى منطقة نائية من بلوشستان وقتلوا العمال، مساء الأحد. وطلب الانفصاليون البلوش من ركاب الحافلة النزول في منطقة موسى خيل في بلوشستان، وحدّدوا هويات العمال بصفتهم بنجابيين من بطاقات هويتهم الوطنية وقتلوهم.

مركبات محترقة بعد أن نفَّذ مسلحون انفصاليون هجمات مميتة في إقليم بلوشستان الاثنين (تلفزيون رويترز)

حركة التمرد البلوشي

يذكر أن حركة التمرد البلوشية، بقيادة جماعات انفصالية، تمارس أعمال قتل عرقية منذ عام 2006، عندما قتلت قوات الأمن الباكستانية أحد زعمائها القبليين. وفي مناسبات عدة سابقة، قتل الانفصاليون البلوش مستوطنين وزواراً وعمالاً بنجابيين كانوا يزورون بلوشستان.

من جهته، أعلن «جيش تحرير البلوش»؛ الجماعة الانفصالية المسلحة الأكثر نشاطاً، مسؤوليته عن الهجوم، في بيان أرسله، عبر البريد الإلكتروني، إلى مؤسسات إخبارية رائدة في مختلف أرجاء باكستان.

واليوم، تقود الحركةَ الانفصاليةَ في بلوشستان الطبقةُ المتوسطة الناشئة من الأطباء والمهندسين والمعلمين من أبناء المجتمع البلوشي، بينما في البداية قادها زعماء قبليون من البلوش.

وزير الداخلية: دماء الضحايا لن تذهب سدى

وفي بيان له، أدان وزير الداخلية الباكستاني، محسن نقفي، «حادث القتل المروع»، متعهداً بأن «دماء الضحايا لن تذهب سدى».

وقال مسؤول في الشرطة المحلية إن المسلحين أغلقوا طريق البنجاب - بلوشستان السريعة في منطقة موسى خيل، مساء الأحد، «حيث أوقفوا الحافلة المشؤومة، وطلبوا من الركاب النزول منها وحدّدوا هويتهم على أنهم بنجابيون، وقتلوهم على الفور».

وقالت الشرطة إن شاهد عيان قدّر عدد المسلحين المتورطين في القتل بنحو 40 شخصاً.

يذكر أن الانفصاليين البلوش سبق لهم قتل عمال بنجابيين... مثلاً، في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، قتل الانفصاليون البلوش عمالاً من البنجاب في منطقة توربات. ووفقاً للشرطة، كانت عمليات القتل مستهدفة.

أشخاص ينظرون إلى مركبات أحرقها مسلحون بعد مقتل ركاب على طريق سريعة في موساخيل وهي منطقة في إقليم بلوشستان في جنوب غربي باكستان (أ.ب)

الملاحظ أن جميع الضحايا ينتمون إلى مناطق مختلفة في جنوب البنجاب؛ ما يوحي بأن الاختيار وقع عليهم لخلفيتهم العرقية. عام 2019، أوقف مسلحون حافلة بالقرب من أورمارا، قرب منطقة جوادر، وأطلقوا النار على 14 شخصاً، بينهم أفراد من القوات البحرية والقوات الجوية وخفر السواحل، بعد التحقق من بطاقات الهوية الوطنية الخاصة بهم.

محاربو القبائل البلوشية (وسائل الإعلام الباكستانية)

تجدر الإشارة إلى أن شرارة حركة التمرد في بلوشستان انطلقت سبعينات القرن الماضي، في عهد رئيس الوزراء آنذاك ذو الفقار علي بوتو، لكنها توقفت بعد أن أقدم الدكتاتور العسكري ضياء الحق على شنق ذو الفقار علي بوتو، بعد صدور حكم بإدانته من المحكمة العليا، في قضية تتعلق بقتل خصم سياسي.

وبدأت المرحلة الثانية من التمرد عام 2006، عندما كان الجنرال برفيز مشرّف يحكم باكستان. في ذلك الوقت، قتلت قوات الأمن الباكستانية زعيماً قبلياً شهيراً، أكبر بوجتي؛ ما أشعل أعمال تمرد واسعة النطاق.

الانفصاليون البلوش في مخابئهم (وسائل الإعلام الباكستانية)

ونظراً لانتماء أفراد قوات الأمن الباكستانية، في الغالب، إلى عرق البنجاب، فإن كراهية البلوش تجاههم غالباً ما تنصبّ على العمال البنجابيين العزل والأبرياء الذين يذهبون إلى بلوشستان للمشاركة في جهود التنمية الكبيرة التي بدأتها باكستان في السنوات الأخيرة.

ويرى خبراء عسكريون أن استيلاء جماعة «طالبان» على السلطة في كابل، بثّ حياة جديدة في أوصال حركة التمرد البلوشي، الذي سحقته قوات الأمن الباكستانية في وقت سابق. والآن، طوَّر الانفصاليون البلوشيون، الذين هم في الأساس علمانيون من الناحية الآيديولوجية، علاقات مع جماعة «طالبان» الباكستانية ذات التوجه الديني.

الانفصاليون البلوش في مخابئهم (وسائل الإعلام الباكستانية)

وظهرت إحدى علامات هذا التقارب، عندما نفذ الانفصاليون البلوش هجمات انتحارية عدة بعد اتصالهم بحركة «طالبان» الباكستانية. جدير بالذكر أنه على امتداد أكثر عن 40 عاماً من التمرد، لم ينفذ الانفصاليون البلوش قط أي هجمات انتحارية حتى عام 2022.

في سياق متصل، أفاد بيان صحافي بأن رئيس الوزراء شهباز شريف، وجّه الإدارة المحلية بالتعاون الكامل مع أسر الضحايا، وتقديم المساعدة الطبية للمصابين. كما وجّه وكالات إنفاذ القانون للتحقيق الفوري في الحادث. وتعهد رئيس الوزراء معاقبة الإرهابيين المسؤولين عن الحادث بشدة، مشدداً على أن أي صورة من صور الإرهاب غير مقبولة في البلاد.