بنغلاديش: مقتل 300 شخص في المظاهرات المناهضة للحكومة

محتجّون يدعون لمسيرة رغم قرار السلطات حظر التجوال

جانب من التظاهرات المناهضة للحكومة في بنغلاديش أمس (أ.ب)
جانب من التظاهرات المناهضة للحكومة في بنغلاديش أمس (أ.ب)
TT

بنغلاديش: مقتل 300 شخص في المظاهرات المناهضة للحكومة

جانب من التظاهرات المناهضة للحكومة في بنغلاديش أمس (أ.ب)
جانب من التظاهرات المناهضة للحكومة في بنغلاديش أمس (أ.ب)

دعا طلاب محتجّون في بنغلاديش إلى مسيرة نحو العاصمة دكا، اليوم الاثنين، في تحدٍّ لحظر التجوال الشامل؛ للضغط على رئيسة الوزراء، الشيخة حسينة، للاستقالة، وذلك غداة اشتباكات دامية في البلد الواقع في جنوب آسيا، أسفرت عن مقتل نحو مائة شخص. واندلعت احتجاجات وأعمال عنف في بنغلاديش، الشهر الماضي، بعد أن طالب مجموعة طلاب بإلغاء نظام الحصص المثير للجدل في الوظائف الحكومية. وتطورت الاحتجاجات إلى حملة تهدف إلى الإطاحة بحسينة التي فازت بولاية رابعة على التوالي في يناير (كانون الثاني) الماضي، في انتخابات قاطعتها المعارضة.

وبلغت الحصيلة الإجمالية للمواجهات، خلال التظاهرات المناهضة للحكومة في بنغلاديش، 300 قتيل، على الأقل، بعد مقتل 94 شخصاً، أمس الأحد، وهي الحصيلة اليومية الأعلى، خلال أسابيع من الاحتجاجات، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».

متظاهرون يقومون بإحراق متجر في العاصمة دكا أمس (أ.ف.ب)

ويستند هذا التعداد إلى تقارير من الشرطة ومسؤولين وأطباء في المستشفيات. ويتوقع أن تستأنف الاحتجاجات، اليوم، وسط انتشار كثيف للجيش والشرطة في دكا، مترافقاً مع دوريات على الطرق الرئيسية، وقَطع تلك المؤيدة إلى مقر رئيسة الوزراء الشيخة حسينة، التي يطالب المحتجّون باستقالتها بعد 15 عاماً في السلطة.

الشرطة البنغلاديشية تقوم بنقل عنصر أمني بعد إصابته في العاصمة دكا أمس (رويترز)

وتُعدّ الاضطرابات، التي دفعت الحكومة إلى قطع خدمات الإنترنت، أكبر اختبار لها منذ الاحتجاجات الدامية التي أعقبت فوز الشيخة حسينة بفترة رابعة على التوالي في المنصب، خلال انتخابات جرت في يناير الماضي، وقاطعها «حزب بنغلاديش الوطني»؛ وهو حزب المعارضة الرئيسي في البلاد.

واتهم معارضون، إلى جانب جماعات لحقوق الإنسان، حكومة الشيخة حسينة باستخدام القوة المفرطة لإخماد الحراك، وهو ما تنفيه رئيسة الوزراء والحكومة.



الشيخة حسينة تفر من بنغلاديش تحت ضغط الاحتجاجات

حشود تحتفل في العاصمة البنغلاديشية بعد استقالة رئيسة الوزراء وفرارها إلى الخارج الاثنين (أ.ف.ب)
حشود تحتفل في العاصمة البنغلاديشية بعد استقالة رئيسة الوزراء وفرارها إلى الخارج الاثنين (أ.ف.ب)
TT

الشيخة حسينة تفر من بنغلاديش تحت ضغط الاحتجاجات

حشود تحتفل في العاصمة البنغلاديشية بعد استقالة رئيسة الوزراء وفرارها إلى الخارج الاثنين (أ.ف.ب)
حشود تحتفل في العاصمة البنغلاديشية بعد استقالة رئيسة الوزراء وفرارها إلى الخارج الاثنين (أ.ف.ب)

​فرّت رئيسة الوزراء الشيخة حسينة من بنغلاديش، الاثنين، لينتهي حكمها الذي استمر 15 عاماً، بعد أكثر من شهر على تظاهرات أوقعت مئات القتلى، بينما أعلن الجيش أنه يعمل على تشكيل حكومة انتقالية.

وسعت حسينة منذ أوائل يوليو (تموز) لإخماد تظاهرات واسعة منددة بحكومتها؛ لكنها فرَّت غداة يوم سجل أكبر عدد من الضحايا، مع مقتل نحو 100 شخص.

وأعلن قائد الجيش الجنرال وقر الزمان، في خطاب على التلفزيون الحكومي، أن حسينة تنحت وقدمت استقالتها، مؤكداً أن الجيش سيشكل حكومة انتقالية. وقال إن «البلد عانى كثيراً، والاقتصاد تضرر، وقُتل عدد كبير من الناس، وحان الوقت لوقف العنف... آمل بعد خطابي أن يتحسن الوضع».

وفرَّت حسينة (76 عاماً) من بنغلاديش على متن مروحية، بعد وقت قصير من اقتحام متظاهرين مقرها في دكا.

طائرة الهليكوبتر التي يعتقد أنها أقلت الشيخة حسينة إلى الخارج بعد استقالتها الاثنين (رويترز)

ونقلت قناة «سي إن إن نيوز 18» عن مصادر استخباراتية قولها إن الشيخة حسينة وصلت إلى مدينة أجراتالا، في شمال شرقي الهند، الاثنين، بعد فرارها من دكا.

ولوّح محتجون مبتهجون بالأعلام، ورقص بعضهم على ظهر دبابة في الشارع، صباح الاثنين، قبل أن يقتحم مئات بوابات المقر الرسمي لرئيسة الحكومة. وعرضت قناة «بنغلاديش 24» مشاهد لحشود يقتحمون المقر وهم يلوحون للكاميرا ابتهاجاً. وحطّم آخرون تمثالاً لوالدها الشيخ مجيب الرحمن، زعيم الاستقلال.

محتجون بنغلاديشيون يحتفلون قرب جامعة دكا بعد تنحي الشيخة حسينة وفرارها إلى الخارج الاثنين (أ.ف.ب)

«فراغ سياسي»

وحذر مايكل كوغلمان، مدير معهد جنوب آسيا في مركز ويلسون بواشنطن، من أن رحيل حسينة «سيترك فراغاً كبيراً». وقال: «إذا كان الانتقال سلمياً، مع تشكيل حكومة مؤقتة تتولى السلطة حتى إجراء الانتخابات، فإن مخاطر عدم الاستقرار ستكون متواضعة، والعواقب ستكون محدودة... لكن إذا كان هناك انتقال عنيف أو فترة من عدم اليقين، فقد يؤدي ذلك إلى مزيد من زعزعة الاستقرار والمشكلات في الداخل والخارج».

وقبل مغادرتها المقر، دعا نجل حسينة قوات الأمن إلى منع أي انقلاب على حكمها. وقال سجيب واجد جوي، المقيم في الولايات المتحدة، في منشور على «فيسبوك»: «واجبكم هو الحفاظ على سلامة شعبنا وبلدنا، والحفاظ على الدستور». وأضاف: «هذا يعني عدم السماح لأي حكومة غير منتخبة بالوصول إلى السلطة لدقيقة واحدة، هذا واجبكم».

قوات الجيش تحرس بعض الشوارع في دكا الاثنين (أ.ب)

ودعمت قوات الأمن حكومة حسينة خلال فترة الاضطرابات التي بدأت الشهر الماضي احتجاجاً على تخصيص أكثر من نصف الوظائف الحكومية لشرائح معينة، قبل أن تتصاعد الدعوات المطالبة باستقالتها. وقُتل 94 شخصاً على الأقل، الأحد، بينهم 14 شرطياً، في أكثر الأيام دموية خلال الاحتجاجات.

واندلعت مواجهات بين آلاف المتظاهرين المناهضين للحكومة وأنصارها، استخدموا فيها العصي والسكاكين، بينما أطلقت قوات الأمن النار. وارتفعت بذلك الحصيلة الإجمالية للمواجهات منذ بدء التظاهرات في مطلع يوليو إلى 300 قتيل على الأقل، وفق تعداد صحافي استناداً لتقارير الشرطة ومسؤولين حكوميين وأطباء في مستشفيات.

الشيخة حسينة تتحدث إلى الصحافة ومراقبي الانتخابات غداة فوزها في انتخابات 8 يناير 2024 (أرشيفية- أ.ف.ب)

التظاهرة النهائية

يذكر أن الجيش أعلن حالة طوارئ في يناير 2007، عقب اضطرابات سياسية واسعة، وشكَّل حكومة تصريف أعمال مدعومة من الجيش لعامين. ثم حكمت حسينة بنغلاديش منذ 2009، وفازت بولاية رابعة في انتخابات يناير التي لم تشهد منافسة حقيقية.

وتتهم منظمات حقوق الإنسان حكومتها بإساءة استخدام مؤسسات الدولة لترسيخ إمساكها بالسلطة والقضاء على المعارضة، بما في ذلك عبر القتل خارج نطاق القضاء.

وبدأت التظاهرات إثر إعادة العمل بنظام حصص خصص أكثر من نصف الوظائف الحكومية لفئات معينة من المواطنين.

وتصاعدت التظاهرات رغم إلغاء المحكمة العليا قرار تفعيل النظام.

وكان عناصر من الجيش والشرطة على متن آليات مدرعة في دكا، قد قطعوا الطرق المؤدية إلى مقر حسينة بالأسلاك الشائكة، صباح الاثنين. لكن حشود المتظاهرين نزلت إلى الشارع وأزالت الحواجز. وقدّرت صحيفة «بيزنس ستاندرد» أن 400 ألف متظاهر نزلوا إلى الشوارع؛ لكن لم يتسنَّ التأكد من العدد.

وقال آصف محمود، أحد قادة الاحتجاج الرئيسيين في حملة العصيان المدني على مستوى البلاد: «حان الوقت للتظاهرة النهائية».

وخلافاً للشهر الماضي، لم يتدخل رجال الشرطة والجيش في أوقات كثيرة، الأحد، لقمع الاحتجاجات، واكتفوا بالمراقبة.

وفي توبيخ بالغ الدلالة للشيخة حسينة، طالب قائد سابق للجيش يحظى باحترام البنغلاديشيين، الحكومة، بسحب قواتها من الشوارع والسماح بالتظاهرات. وقال إقبال كريم بويان لصحافيين، الأحد: «هؤلاء المسؤولون عن دفع شعب هذا البلد إلى حالة من البؤس الشديد يجب تقديمهم إلى العدالة». وجذبت الحركة الاحتجاجية أشخاصاً من كل أطياف المجتمع البنغلاديشي، بينهم نجوم سينما وموسيقيون ومغنُّون.