إسلام آباد: لماذا لا يعد شنّ عملية عسكرية ضد «طالبان الباكستانية» فكرة جيدة؟

السكان في المناطق الحدودية الأفغانية يعارضون التصعيد

جندي من الجيش الباكستاني يقف للحراسة في إحدى المناطق خلال إحدى العمليات (الجناح الإعلامي للجيش الباكستاني)
جندي من الجيش الباكستاني يقف للحراسة في إحدى المناطق خلال إحدى العمليات (الجناح الإعلامي للجيش الباكستاني)
TT

إسلام آباد: لماذا لا يعد شنّ عملية عسكرية ضد «طالبان الباكستانية» فكرة جيدة؟

جندي من الجيش الباكستاني يقف للحراسة في إحدى المناطق خلال إحدى العمليات (الجناح الإعلامي للجيش الباكستاني)
جندي من الجيش الباكستاني يقف للحراسة في إحدى المناطق خلال إحدى العمليات (الجناح الإعلامي للجيش الباكستاني)

يعتقد المخططون العسكريون الباكستانيون أن هذه هي اللحظة المناسبة لشنّ عملية عسكرية واسعة النطاق ضد حركة «طالبان» الباكستانية، بعد أن صعّدت الأخيرة من أنشطتها الإرهابية في المناطق الحدودية بين باكستان وأفغانستان.

وكانت هناك مواجهات شبه يومية خلال الأشهر الستة الماضية بين القوات العسكرية الباكستانية ومقاتلي حركة «طالبان باكستان» في أجزاء مختلفة من المناطق الحدودية الباكستانية - الأفغانية.

جنود الجيش الباكستاني في دورية في شمال وزيرستان (الجيش الباكستاني)

100 مداهمة بشكل شهري

وقد صرَّح مسؤول عسكري كبير لوسائل الإعلام في إسلام آباد قائلاً: «إن الجيش الباكستاني ينفّذ بالفعل نحو 100 مداهمة لأوكار (طالبان باكستان) بشكل شهري».

من جانبهم، كثَّف مقاتلو «طالبان باكستان» أنشطتهم الإرهابية بما في ذلك الهجمات المسلحة على أهداف مدنية وعسكرية. وشمل ذلك أيضاً الهجمات الانتحارية على المنشآت والأفراد العسكريين.

وقبل نحو شهر، أعلنت الحكومة الباكستانية اعتزامها شنّ عملية عسكرية شاملة جديدة في المناطق الحدودية الباكستانية - الأفغانية.

جندي باكستاني في نقطة تفتيش عسكرية (الجناح الإعلامي للجيش الباكستاني)

وتعهّد وزير الدفاع الباكستاني، خواجة آصف، بأنه إذا اقتضت الحاجة فإن الجيش الباكستاني سينفّذ ضربات جوية في الأراضي الأفغانية تستهدف أوكار «طالبان باكستان» في المناطق الحدودية المتاخمة لأفغانستان.

ويقول مراقبون سياسيون إنه بعد الأخذ في الاعتبار الوضعَين السياسي والأمني في المناطق الحدودية الباكستانية - الأفغانية والمنطقة الأوسع، فإنه يمكننا القول إن خطط الحكومة الباكستانية شنّ عملية عسكرية لا تبدو فكرة جيدة.

جندي باكستاني ينزل من سيارة مدرعة (الجيش الباكستاني)

ويعارض السكان في المناطق الحدودية الباكستانية - الأفغانية بشدة شنّ أي عمليات عسكرية، وشهدت مدينة بانو، وهي مدينة قريبة من المناطق الحدودية الباكستانية - الأفغانية، مظاهرات حاشدة احتجاجاً على خطط الحكومة شنّ عملية عسكرية شاملة، وطالب المحتجون الحكومة بعدم شنّ عملية عسكرية، وبدلاً من ذلك، تفويض الشرطة المحلية للتصدي لمقاتلي «طالبان باكستان».

وهاجم المتظاهرون الغاضبون ثكنة عسكرية قريبة ونهبوا مستودعاً عسكرياً للحصص التموينية. وفي المقابل أطلق الجيش النار على المتظاهرين بعد أن زعم إطلاق النار من قبلهم على أفراد عسكريين.

جندي من الجيش الباكستاني يقوم بحراسة نقطة تفتيش في المناطق الحدودية الباكستانية (الجناح الإعلامي للجيش الباكستاني)

العملية العسكرية قضية الساعة

وانحازت حكومة إقليم خيبربختونخوا، بقيادة حزب «حركة الإنصاف» الباكستاني الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق عمران خان، إلى المحتجين عندما قال رئيس وزراء الإقليم علي أمين غندا بور في تجمع شعبي إنه لن يسمح للجيش بشنّ عملية عسكرية في المناطق الحدودية الباكستانية - الأفغانية. واتهمت الحكومة الاتحادية بقيادة حزب «الرابطة الإسلامية الباكستانية» (جناح نواز) عمال حزب حركة «الإنصاف» بإطلاق النار على القوات العسكرية. في حين يؤكد الجيش الباكستاني أن العملية العسكرية هي قضية الساعة.

وبالنظر إلى هذا المناخ السياسي المتوتر، فإن الحكومة الفيدرالية قد تلغي خططها لشنّ العملية العسكرية.

وفي الماضي، كان الجيش الباكستاني يطلب دائماً من الحكومة الفيدرالية تأمين توافق سياسي لدعم العمليات العسكرية ضد الميليشيات القبلية، وكان هناك توافق سياسي كامل بالفعل لدعم العمليات العسكرية التي تم إطلاقها بين عامي 2009 و2014.

وتعدّ هذه هي المرة الأولى التي تعارض فيها الأحزاب السياسية الرئيسية في البلاد خطط شنّ عمليات عسكرية، بينما يستمر تدهور الوضع الأمني في المناطق الحدودية الباكستانية - الأفغانية.

وهناك احتمالات كبيرة أن تبدأ الأحزاب السياسية المعارضة والحكومة في القتال فيما بينها في حالة دخول الجيش المناطق الحدودية الباكستانية - الأفغانية لشنّ عملية عسكرية.

وفي الماضي، استخدم القادة العسكريون الباكستانيون التوافق السياسي في المجتمع لدعم العمليات العسكرية بوصفها أداةً لإبقاء قواتهم متماسكةً.

جنود باكستانيون بعد إحدى العمليات ضد الإرهاب (الجيش الباكستاني)

«طالبان الأفغانية» تهدد

وفي الوقت نفسه، أشارت حركة «طالبان» الأفغانية أيضاً إلى أنها سترد باستخدام القوة في حالة قيام الجيش الباكستاني بشنّ ضربة عسكرية عبر الحدود ضد مخابئ «طالبان باكستان» في كابل.

وعندما شنّ الجيش الباكستاني غارات جوية ضد أهداف تابعة لـ«طالبان باكستان» في أفغانستان في الماضي، أصبحت العلاقة بين إسلام آباد وكابل متوترةً للغاية.

ومن غير الممكن توقع كيفية رد حركة «طالبان» الأفغانية في حال شنّت باكستان بالفعل ضربة جوية داخل كابل. ويرى الخبراء العسكريون الباكستانيون أن شنّ أي عملية عسكرية ضد «طالبان باكستان» على الجانب الباكستاني من الحدود لن ينجح إذا لم تكن هناك عملية مقابلة ضد مخابئ «طالبان» الباكستانية على الجانب الأفغاني من الحدود. لكن هذا يبدو مستحيلاً لأن حركة «طالبان» الأفغانية ليس لديها أي رغبة في شنّ مثل هذه العملية المقابلة.

ولذا فإن الاحتمال الوحيد المتاح أمام إسلام آباد هو شنّ غارات جوية ضد أهداف تابعة لـ«طالبان باكستان» على الجانب الأفغاني من الحدود، وهو ما قد يؤدي إلى نشوب صراع أكبر في المنطقة.

وصحيح أن حركة «طالبان» الأفغانية المتشرذمة لا تضاهي الجيش الباكستاني النظامي التقليدي من حيث قوة السلاح، ولكن بإمكان الحركة التسبب في تعطيل الحياة المدنية في إسلام آباد.


مقالات ذات صلة

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

أفريقيا أنصار مرشح المعارضة باسيرو ديوماي فاي يحضرون مسيرة حاشدة في أثناء فرز نتائج الانتخابات الرئاسية (إ.ب.أ)

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

مباحثات جرت، الجمعة، بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل»

الشيخ محمد (نواكشوط)
شؤون إقليمية محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

وقعت أعمال عنف ومصادمات بين الشرطة ومحتجين على عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيين بدلاً منهما.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

كيم: التواصل الدبلوماسي السابق يؤكد العداء الأميركي «الثابت» لكوريا الشمالية

تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)
تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)
TT

كيم: التواصل الدبلوماسي السابق يؤكد العداء الأميركي «الثابت» لكوريا الشمالية

تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)
تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)

قال الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إن التواصل الدبلوماسي السابق بين بيونغ يانغ وواشنطن أكد عداء الولايات المتحدة «الثابت» تجاه بلاده، وفق ما ذكرت وكالة الإعلام الرسمية الكورية الشمالية الجمعة، قبل عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض قريبا، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وخلال ولايته الأولى، التقى ترمب وكيم ثلاث مرات لكنّ واشنطن فشلت في إحراز تقدم كبير في الجهود الرامية إلى نزع الأسلحة النووية في كوريا الشمالية.

ومنذ انهيار القمة الثانية بين كيم وترمب في هانوي عام 2019، تخلّت كوريا الشمالية عن الدبلوماسية وكثّفت جهودها لتطوير الأسلحة ورفضت العروض الأميركية لإجراء محادثات.

وخلال تحدّثه الخميس في معرض دفاعي لبعض أقوى أنظمة الأسلحة في كوريا الشمالية، لم يذكر كيم ترمب بالاسم، لكن آخر محادثات رفيعة المستوى مع الولايات المتحدة جرت تحت إدارته.

وقال كيم وفق وكالة الأنباء المركزية الكورية: «ذهبنا إلى أبعد ما يمكن مع الولايات المتحدة كمفاوضين، وما أصبحنا متأكدين منه هو عدم وجود رغبة لدى القوة العظمى في التعايش»، وأضاف أنه بدلا من ذلك، أدركت بيونغ يانغ موقف واشنطن وهو «سياسة عدائية ثابتة تجاه كوريا الشمالية».

وأظهرت صور نشرتها وكالة الأنباء المركزية الكورية ما يبدو أنه صواريخ باليستية عابرة للقارات وصواريخ فرط صوتية وراجمات صواريخ وطائرات مسيّرة في المعرض.

وذكرت الوكالة أن المعرض يضم «أحدث منتجات بيونغ يانغ لمجموعة الدفاع الوطني العلمية والتكنولوجية لكوريا الديمقراطية مع الأسلحة الاستراتيجية والتكتيكية التي تم تحديثها وتطويرها مجددا».

وقال كيم أيضا في كلمته إن شبه الجزيرة الكورية لم يسبق أن واجهت وضعا كالذي تواجهه راهنا و«قد يؤدي إلى أكثر الحروب النووية تدميرا».

وفي الأشهر الأخيرة، عززت كوريا الشمالية علاقاتها العسكرية مع موسكو، فيما قالت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية إن بيونغ يانغ أرسلت آلاف الجنود إلى روسيا لدعمها في حربها ضد أوكرانيا.

خلال لقاء سابق بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون (أ.ف.ب)

زعيمان «في الحب»

بعد أشهر من القمة التاريخية الأولى بين كيم وترمب في سنغافورة في يونيو (حزيران) 2018، قال الرئيس الأميركي وقتها خلال تجمع لمناصريه إنه والرئيس الكوري الشمالي وقعا «في الحب».

وكشف كتاب صدر في عام 2020 أن كيم استخدم الإطراء والنثر المنمق وتوجه إلى ترمب مستخدما تعبير «سُموّك» في الرسائل التي تبادلها مع الرئيس السابق.

لكنّ قمتهما الثانية في عام 2019 انهارت على خلفية تخفيف العقوبات وما سيكون على بيونغ يانغ التخلي عنه في المقابل.

وفي يوليو (تموز) من العام الحالي، قال ترمب متحدثا عن كيم: «أعتقد أنه يفتقدني»، و«من الجيد أن أنسجم مع شخص لديه الكثير من الأسلحة النووية».

وفي تعليق صدر في الشهر ذاته، قالت كوريا الشمالية إنه رغم أن ترمب حاول أن يعكس «العلاقات الشخصية الخاصة» بين رئيسَي البلدين، فإنه «لم يحقق أي تغيير إيجابي جوهري».