«طالبان الباكستانية» نحو تكتيك «حرب العصابات» في المناطق الحدودية مع أفغانستان

تعمل على تنفيذ عمليات كر وفر ضد أهداف عسكرية ومدنية

جندي باكستاني يقف حارساً على نقطة تفتيش عسكرية في المناطق القبلية (الداخلية الباكستانية)
جندي باكستاني يقف حارساً على نقطة تفتيش عسكرية في المناطق القبلية (الداخلية الباكستانية)
TT

«طالبان الباكستانية» نحو تكتيك «حرب العصابات» في المناطق الحدودية مع أفغانستان

جندي باكستاني يقف حارساً على نقطة تفتيش عسكرية في المناطق القبلية (الداخلية الباكستانية)
جندي باكستاني يقف حارساً على نقطة تفتيش عسكرية في المناطق القبلية (الداخلية الباكستانية)

غيرت حركة «طالبان الباكستانية» بشكل جذري من تكتيكاتها العسكرية في مناطق التمرد الذي تشنّه ضد حكومة باكستان في المناطق الحدودية مع أفغانستان. لم تعد الحركة تسعى إلى احتلال أراضٍ داخل الحدود الباكستانية، وبدلاً من ذلك تعمل على تنفيذ عمليات كر وفر ضد أهداف عسكرية ومدنية باكستانية في الجزء الشمالي الغربي من البلاد.

هجمات كر وفر

يقول عسكريون إن مقاتلي «طالبان الباكستانية» يشاركون الآن في هجمات كر وفر على غرار حرب العصابات الكلاسيكية ضد قوات الأمن الباكستانية في المناطق الحدودية مع أفغانستان.

ورد الجيش الباكستاني بسرعة على هذا التغيير في تكتيكات «طالبان الباكستانية» من خلال تشكيل مجموعات عسكرية صغيرة تقوم بغارات عسكرية على مخابئ «طالبان الباكستانية» في المنطقة.

الجدير بالذكر أن الجيش الباكستاني هو في الأساس قوة عسكرية تقليدية يركز تدريبه ودوافعه على حرب تقليدية محتملة مع الهند. ومع ذلك، وفي أعقاب أحداث 11 سبتمبر (أيلول) وبدء التمرد في المناطق الحدودية مع أفغانستان، خضع الجيش لتدريب على عمليات مكافحة التمرد على يد خبراء بريطانيين وأميركيين.

هجمات على قوات الأمن الباكستانية

وخلال شهر يوليو (تموز)، شنت «طالبان الباكستانية» 3 هجمات كر وفر كبرى على قوات الأمن الباكستانية في المناطق الحدودية مع أفغانستان. وبالمثل، خاض الجيش الباكستاني 5 اشتباكات لتبادل إطلاق النار مع مقاتلي «طالبان الباكستانية» في أجزاء مختلفة من المناطق الحدودية مع أفغانستان.

وكان آخر هذه الهجمات قد نفذها مقاتلو «طالبان الباكستانية» في منطقة «دير» بالقرب من الحدود الأفغانية عندما حاول 3 مقاتلين مهاجمة قوات الأمن الباكستانية على أطراف الحدود. وعشية 21/22 يوليو الجاري، حوصر المتسللون وجرى التعامل معهم بفاعلية، وبعد تبادل لإطلاق عنيف للنار، لقي الإرهابيون الثلاثة مصرعهم، حسبما ورد في بيان صحافي صادر عن الجناح الإعلامي للجيش الباكستاني.

وعشية 15/16 يوليو الجاري، نفذ الإرهابيون هجوماً على «المركز الصحي الريفي كيري شاموزاي» في منطقة «ديرة إسماعيل خان»، وفتحوا النار بشكل عشوائي على موظفي المركز الصحي ليلقى 5 مدنيين أبرياء مصرعهم بينهم عاملتان صحيتان وطفلان وحارس جراء الهجوم.

وقع الهجوم الثالث في الساعات الأولى من صباح يوم 15 يوليو عندما هاجمت مجموعة من 10 إرهابيين ثكنة «بانو»، غير أن المحاولة أُحبطت بفاعلية من قبل أفراد قوات الأمن، مما أجبر الإرهابيين على تفجير سيارة محملة بالمتفجرات في الجدار المحيط بالثكنة.

وقال مسؤولون عسكريون إن الهجمات جميعها كانت حرب عصابات لم يحاول فيها مقاتلو طالبان احتلال أي أراضٍ.

في الماضي، انخرطت «طالبان الباكستانية» في تكتيكات احتلال الأراضي على الجانب الباكستاني من الحدود الدولية. فبين عامي 2007 و2014، كانت «طالبان الباكستانية» تسيطر بشكل فعال على جنوب وزيرستان، حيث تم طردهم من قبل قوات الأمن الباكستانية في العمليات العسكرية عام 2009.

انتقل قادة ومقاتلو «طالبان الباكستانية»بعد ذلك إلى شمال وزيرستان، حيث تم طردهم من قبل الجيش الباكستاني في عملية عسكرية عام 2014. وكان مقاتلو «طالبان الباكستانية» يقيمون في مدن وبلدات حدودية أفغانية، حيث بدأوا بالتسلل إلى باكستان بعد انتصار «طالبان الأفغانية» في كابل.

وتشارك «طالبان الباكستانية» الآن في تمرد منخفض المستوى في جميع أنحاء المقاطعات الثماني في المناطق الحدودية مع أفغانستان. وطوال شهر يوليو، وقع تبادل لإطلاق النار بين قوات الجيش الباكستاني في بيشاور وشمال وزيرستان وجنوب وزيرستان، وباجور، وخَيبر في المناطق الحدودية مع أفغانستان.

رجال شرطة يفسحون المجال لشاحنة السجن بعد مداهمة أمنية لمقر حزب تحريك الإنصاف الباكستاني في إسلام آباد في 22 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

وكانت الحكومة الباكستانية قد أعلنت سابقاً عن شن عملية عسكرية ضد «طالبان الباكستانية» في المناطق الحدودية. ومع ذلك، عارضت الأحزاب المعارضة الرئيسية، بما في ذلك «حركة الإنصاف الباكستانية»، و«حزب عوامي الوطني»، و«جمعية علماء الإسلام»، سياسة الحكومة بدعوى أن العملية العسكرية ستؤدي إلى نزوح واسع النطاق للسكان.

ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الحكومة تخطط لشن عملية عسكرية ضخمة مثل تلك التي نفذتها في عام 2014، أم أن قواتها ستواصل الغارات المحدودة على مخابئ «طالبان الباكستانية» في المناطق الحدودية.


مقالات ذات صلة

«الكردستاني» يرهن نزع أسلحته بخطوات من تركيا أولاها الإفراج عن أوجلان

شؤون إقليمية جانب من اجتماع رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش ونوابه (البرلمان التركي - «إكس»)

«الكردستاني» يرهن نزع أسلحته بخطوات من تركيا أولاها الإفراج عن أوجلان

بدأ البرلمان التركي مشاوراته بشأن تشكيل لجنة لوضع الأساس القانوني لـ«عملية السلام والحل الديمقراطي» لمواكبة عملية حل حزب «العمال الكردستاني» وإلقاء أسلحته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ جنود أميركيون خلال تدريبات (موقع العمليات الخاصة للجيش الأميركي)

العمليات الخاصة الأميركية تُحذّر متقاعديها من تهديد إرهابي

أصدرت قيادة العمليات الخاصة في الجيش الأميركي تحذيراً لبعض كبار العسكريين المتقاعدين الذين خدموا في العراق أو سوريا بأنهم هدف محتمل لتهديد إرهابي.

علي بردى (واشنطن)
شؤون إقليمية أفراد من قوات الدرك التركية يقتادون عناصر من «داعش» إلى إحدى مديريات الدرك (حساب وزير الداخلية التركي في «إكس»)

تركيا توقف 153 من عناصر «داعش» في عمليات أمنية موسعة

أوقفت قوات الأمن التركية 153 من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي في حملات شملت عدة ولايات.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا حارس أمن يقف خارج مبنى وزارة الدفاع البريطانية في وايت هول وسط لندن... 29 سبتمبر 2010 (رويترز)

تسريب بيانات في أفغانستان يكشف هويات جواسيس وقوات خاصة بريطانية

كشفت وسائل إعلام بريطانية، عن تسريب صادم للبيانات كشف هويات جواسيس وعناصر من القوات الخاصة البريطانية، إلى جانب تفاصيل تتعلق بآلاف الأفغان الذبن تم إجلاؤهم

«الشرق الأوسط» (لندن - كابل )
أوروبا أقلعت طائرة تابعة للخطوط الجوية القطرية من مطار لايبزيغ - هاله وعلى متنها 81 شخصاً لإعادتهم إلى بلدهم الأصلي أفغانستان. هذه هي المرة الثانية التي تُرحّل فيها ألمانيا مواطنين أفغاناً منذ تولي «طالبان» السلطة في أغسطس 2021 (د.ب.أ)

ألمانيا ترحل مواطنين أفغاناً إلى بلادهم

للمرة الثانية منذ تولي «طالبان» السلطة في أفغانستان في أغسطس (آب) 2021، ترحل ألمانيا مواطنين أفغاناً إلى بلادهم.

«الشرق الأوسط» (برلين)

سفن تحمل نفطاً روسياً تدور حول «الرجاء الصالح» لتجنب هجمات البحر الأحمر

ناقلة النفط «مينرفا فيرا» (موقع مارين ترافيك)
ناقلة النفط «مينرفا فيرا» (موقع مارين ترافيك)
TT

سفن تحمل نفطاً روسياً تدور حول «الرجاء الصالح» لتجنب هجمات البحر الأحمر

ناقلة النفط «مينرفا فيرا» (موقع مارين ترافيك)
ناقلة النفط «مينرفا فيرا» (موقع مارين ترافيك)

ذكرت بيانات شحن من مجموعة بورصات لندن وثلاثة متعاملين في قطاع النفط أن عدداً من الناقلات التي تديرها اليونان وتنقل نفطاً روسياً إلى آسيا تتجنب بشكل متزايد البحر الأحمر، وتختار بدلاً من ذلك الطريق الأطول حول أفريقيا؛ بسبب التهديد الأمني المتصاعد من هجمات جماعة «الحوثي» اليمنية.

يأتي ذلك بعد هجوم بمسيرات وقارب سريع، في وقت سابق من هذا الشهر، على ناقلة بضائع ترفع علم ليبيريا وتشغلها شركة يونانية قبالة اليمن، مما أسفر عن مقتل أربعة بحارة. كما أغرقت جماعة «الحوثي» المدعومة من إيران سفينة أخرى في يوليو (تموز)، منهية بذلك فترة من الهدوء لم تدم طويلاً في المنطقة.

وانخفضت حركة الملاحة في البحر الأحمر، الشريان الحيوي لتجارة النفط والسلع العالمية، انخفاضاً حاداً منذ أن بدأ الحوثيون تنفيذ هجمات في المنطقة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وتصف حركة «الحوثي» الهجمات بأنها تضامن مع الفلسطينيين في حرب قطاع غزة.

وتخلت أغلب الشركات الغربية المالكة للسفن عن مسار قناة السويس، العام الماضي، لكن أغلب شحنات النفط الروسي استمرت في المرور عبر المنطقة، مستفيدة من العلاقات الوثيقة بين موسكو وإيران التي تدعم «الحوثيين».

ونشطت شركات شحن يونانية في الآونة الأخيرة، وفقاً لوكالة «رويترز»، في مجال نقل خام الأورال الروسي مع انخفاض سعره إلى ما دون سقف السعر الغربي البالغ 60 دولاراً للبرميل، مما يسمح لها بتقديم خدمات النقل والتأمين، مع الامتثال للعقوبات بموجب شروط سقف السعر التي فرضتها مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى.

وتظهر بيانات مجموعة بورصات لندن أن ناقلات مثل «مينيرفا إلبيدا»، و«مينرفا فيرا»، و«نيسوس إيوس»، التي تحمل إجمالي 300 ألف طن من خام الأورال غادرت في أواخر يونيو (حزيران) وأوائل يوليو (تموز)، وهي الآن في طريقها إلى الهند عبر طريق رأس الرجاء الصالح.

ولم يرد أي من مديري السفن اليونانية على طلبات متكررة من وكالة «رويترز» عبر البريد الإلكتروني للحصول على تعليق. ولم تتمكن «رويترز» من تحديد الجهة التي أصدرت قرار تغيير المسار.

وتلك الناقلات جزء من أساطيل، ولهذه الأساطيل سفن رست في موانئ إسرائيلية منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لذلك قد تكون هدفاً محتملاً للحوثيين، حسبما تقول شركة «غارد» النرويجية للتأمين على الملاحة البحرية.

هجمات الحوثيين منذ بدء التصعيد البحري تسببت في غرق 4 سفن وقتل 8 بحارة على الأقل (إ.ب.أ)

وأحجمت شركة «غارد» عن التعليق على الأمن في البحر الأحمر. ولم تتضح هوية الشركات التي كانت تقدم تأميناً ضد مخاطر الحرب للناقلات الثلاث المذكورة.

ويستغرق الإبحار عبر طريق رأس الرجاء الصالح حول جنوب قارة أفريقيا عادة ضعف الوقت مقارنة بالبحر الأحمر إلى أوروبا، والذي يستغرق عادة 15 يوماً.

وزادت علاوات تأمين مخاطر الحرب على العبور من البحر الأحمر منذ بدء هجمات «الحوثيين» بأكثر من الضعف، مما أضاف مئات الآلاف من الدولارات من التكاليف الإضافية على كل رحلة مدتها سبعة أيام.