خطة باكستان لشن عمليات ضد المتطرفين تواجه معارضة شديدة

قبل هجوم عسكري ضد حركة «طالبان» في المناطق الحدودية الأفغانية

سيارات جيب عسكرية باكستانية وجنود يقومون بعملية تطهير في شمال وزيرستان (الجيش الباكستاني)
سيارات جيب عسكرية باكستانية وجنود يقومون بعملية تطهير في شمال وزيرستان (الجيش الباكستاني)
TT

خطة باكستان لشن عمليات ضد المتطرفين تواجه معارضة شديدة

سيارات جيب عسكرية باكستانية وجنود يقومون بعملية تطهير في شمال وزيرستان (الجيش الباكستاني)
سيارات جيب عسكرية باكستانية وجنود يقومون بعملية تطهير في شمال وزيرستان (الجيش الباكستاني)

تواجه الحكومة والجيش الباكستانيان معارضة شديدة من قِبل الأحزاب السياسية في خيبر بختونخوا، لتخطيطهما لشنّ هجوم عسكري جديد ضد حركة «طالبان» الباكستانية.

وأعلنت حكومة رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف، في وقت مبكر من الشهر الحالي، خطة لشن هجوم عسكري شامل ضد حركة «طالبان» الباكستانية في المناطق الحدودية مع أفغانستان، وقالت القيادة العسكرية للبلاد، في بيان صحافي، إن العملية العسكرية باتت ضرورة مُلِحة لتحقيق الاستقرار في البلاد.

3 أحزاب معارضة ضد الخطة العسكرية

ومع ذلك، قالت ثلاثة أحزاب معارضة -بما في ذلك حزب «تحريك إنصاف» بقيادة (رئيس الوزراء السابق) عمران خان، وحزب «جماعة علماء الإسلام» بقيادة مولانا فضل الرحمن، وحزب «عوامي الوطني»، في تصريحات عامة-: إن هذه العملية العسكرية ستؤدي إلى زعزعة استقرار البلاد بشكل كبير.

القوات الباكستانية تقف بالقرب من أحد المباني بعد انفجار قنبلة في مدينة ديرا إسماعيل خان (الجيش الباكستاني)

وفي عملية عسكرية سابقة ضد حركة «طالبان» باكستان عام 2009، أجلت الحكومة الباكستانية ثلاثة ملايين شخص من وادي سوات، قبل أن تتمكّن من إرسال الجيش؛ الأمر الذي تسبّب في معاناة كبيرة للسكان، ولذلك تعارض الأحزاب السياسية العملية الحالية؛ بسبب الخوف من نزوح السكان المحليين على نطاق واسع.

ويحتاج القادة العسكريون الباكستانيون بشدة إلى بناء إجماع سياسي، قبل أن يتمكنوا من إرسال قوات إلى المنطقة لشنّ عمليات عسكرية.

انتشار جنود باكستانيين مسلحين بأسلحة ثقيلة في شمال وزيرستان (الجيش الباكستاني)

جدير بالذكر أن جميع القادة العسكريين، منذ الجنرال مشرف، قد طالبوا بالحصول على شرعية من الجهات السياسية الفاعلة، قبل إرسال قواتهم للقيام بعمليات عسكرية في المناطق القبلية أو في وادي سوات.

ولا يزال الشعب الباكستاني يحمل ذكريات حية عن الطريقة التي اعتادت بها حكومتا حزب «الشعب» الباكستاني، وحزب «الرابطة الإسلامية الباكستانية» في السابق؛ إذ يجري جمع اللاعبين السياسيين كافّة حول طاولة واحدة في منزل رئيس الوزراء، لبناء توافق في الآراء حول العمليات العسكرية الوشيكة.

ولطالما أكد القادة العسكريون أنهم يحتاجون دائماً إلى الحصول على الدعم السياسي والشرعية من اللاعبين السياسيين، قبل إرسال قواتهم لشنّ عمليات عسكرية، وقد مارسوا الضغوط على الحكومات السياسية لبناء توافق سياسي لدعم العمليات العسكرية، وكان هذا هو الوقت الذي انتشرت فيه التقارير عن حالات الفرار من صفوف القوات شبه العسكرية المنتشرة في المناطق القبلية.

وكان التوافق السياسي أداة قوية في أيدي القادة العسكريين للحفاظ على تماسك قواتهم، وعلاوة على ذلك، فإن الجيش أراد أن يتمتع بخيار احتياطي في حال حدوث أي أخطاء.

مواطنون يحيّون بعضهم بعد صلاة عيد الفطر في كراتشي بباكستان 10 أبريل 2024 (إ.ب.أ)

ومنذ عام 2014، أصبح المشهد السياسي الباكستاني شديد الاستقطاب بشكل عميق، ويقول المراقبون السياسيون إن التوافق السياسي غير ممكن في ظل هذه الظروف، حتى لو كنا نواجه وضعاً يشبه الحرب الأهلية.

وغيّر القادة العسكريون في هذه الفترة مرشحيهم في السباق السياسي مرتين، إذ استخدموا أولاً عمران خان بوصفه «حصان طروادة»؛ لكسر التوافق الذي يقوده زرداري ونواز شريف، والذي كان يحاول إبعاد الجيش عن السياسة.

قواعد دعم في خيبر بختونخوا

وأبدت «حركة تحريك إنصاف»، و«عوامي الوطني»، و«جماعة علماء الإسلام» -وهي الأحزاب السياسية الثلاثة ذات الصلة بالعمليات العسكرية، لأن لديها قواعد دعم في خيبر بختونخوا، وهي المنطقة التي يجب أن تُجرى فيها العمليات- رفضها علانية شن العمليات العسكرية الجديدة التي أعلنها رئيس الوزراء شهباز شريف، ولذا اضطرت الحكومة إلى التراجع بعدها.

جنود الجيش الباكستاني في حالة استنفار بالقرب من موقع تفجير إرهابي خارج مسجد الشرطة في بيشاور (إ.ب.أ)

وخلال الأسبوعين الأولين من أبريل الماضي، نفّذت القوات الباكستانية خمس غارات، مستندة إلى معلومات استخباراتية على مخابئ للمسلحين في منطقتي وزيرستان الشمالية والجنوبية في خيبر بختونخوا.

وقال مسؤولون عسكريون إنه خلال هذه الغارات الخمس قتلت قوات الأمن الباكستانية ما لا يقل عن 15 هدفاً من ذوي القيمة العالية والمسلحين.

معلومات استخباراتية

وأوضح المسؤولون أن كل هذه العمليات كانت تستند إلى معلومات استخباراتية، وهو ما يعني عملياً أنه في كل غارة من هذه الغارات قدّمت أجهزة الاستخبارات الباكستانية معلومات حول وجود أهداف عالية القيمة في تلك المخابئ المحددة، التي داهمتها القوات الباكستانية بعد ذلك.

وأوضح رئيس الوزراء الباكستاني، في وقت لاحق، أنه لا يجري التخطيط لشن أي عمليات واسعة النطاق، ولن يكون من الخطأ القول إن الجيش الباكستاني يخوض عملية عسكرية في المناطق الحدودية الباكستانية- الأفغانية بالفعل منذ وصول حركة «طالبان» إلى السلطة في كابل.

وقد كثّف الجيش الباكستاني عمليات ذات النطاق الصغير في المناطق الحدودية لمنع الجماعات المسلحة، بما في ذلك حركة «طالبان» الباكستانية، وغيرها من الجماعات الأخرى التي شُكلت مؤخراً، والتي تُعد امتداداً لحركة «طالبان» الباكستانية.

جدير بالذكر هنا أن حركة «طالبان» الباكستانية ومقاتليها لا يتمركزون في منطقة معينة من المنطقة الحدودية الباكستانية- الأفغانية، وإنما ينتشرون في جميع أنحاء المقاطعات الـ7 للمناطق القبلية السابقة، وفي معظم الأوقات، يختبئ مقاتلو حركة «طالبان» الباكستانية في مساكن خاصة مبنية من الطين في وزيرستان الشمالية والجنوبية.

ولا يمكن للجيش أن يظل في حالة تأهب أو أن ينشر قواته في المناطق السكنية في هذه المناطق، ولذا فإنه يضطر إلى الاعتماد على أجهزة الاستخبارات لتزويده بمعلومات دقيقة حول وجود المسلحين في أي منطقة بعينها.


مقالات ذات صلة

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

أفريقيا أنصار مرشح المعارضة باسيرو ديوماي فاي يحضرون مسيرة حاشدة في أثناء فرز نتائج الانتخابات الرئاسية (إ.ب.أ)

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

مباحثات جرت، الجمعة، بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل»

الشيخ محمد (نواكشوط)
شؤون إقليمية محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

وقعت أعمال عنف ومصادمات بين الشرطة ومحتجين على عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيين بدلاً منهما.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

كيم: التواصل الدبلوماسي السابق يؤكد العداء الأميركي «الثابت» لكوريا الشمالية

تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)
تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)
TT

كيم: التواصل الدبلوماسي السابق يؤكد العداء الأميركي «الثابت» لكوريا الشمالية

تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)
تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)

قال الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إن التواصل الدبلوماسي السابق بين بيونغ يانغ وواشنطن أكد عداء الولايات المتحدة «الثابت» تجاه بلاده، وفق ما ذكرت وكالة الإعلام الرسمية الكورية الشمالية الجمعة، قبل عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض قريبا، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وخلال ولايته الأولى، التقى ترمب وكيم ثلاث مرات لكنّ واشنطن فشلت في إحراز تقدم كبير في الجهود الرامية إلى نزع الأسلحة النووية في كوريا الشمالية.

ومنذ انهيار القمة الثانية بين كيم وترمب في هانوي عام 2019، تخلّت كوريا الشمالية عن الدبلوماسية وكثّفت جهودها لتطوير الأسلحة ورفضت العروض الأميركية لإجراء محادثات.

وخلال تحدّثه الخميس في معرض دفاعي لبعض أقوى أنظمة الأسلحة في كوريا الشمالية، لم يذكر كيم ترمب بالاسم، لكن آخر محادثات رفيعة المستوى مع الولايات المتحدة جرت تحت إدارته.

وقال كيم وفق وكالة الأنباء المركزية الكورية: «ذهبنا إلى أبعد ما يمكن مع الولايات المتحدة كمفاوضين، وما أصبحنا متأكدين منه هو عدم وجود رغبة لدى القوة العظمى في التعايش»، وأضاف أنه بدلا من ذلك، أدركت بيونغ يانغ موقف واشنطن وهو «سياسة عدائية ثابتة تجاه كوريا الشمالية».

وأظهرت صور نشرتها وكالة الأنباء المركزية الكورية ما يبدو أنه صواريخ باليستية عابرة للقارات وصواريخ فرط صوتية وراجمات صواريخ وطائرات مسيّرة في المعرض.

وذكرت الوكالة أن المعرض يضم «أحدث منتجات بيونغ يانغ لمجموعة الدفاع الوطني العلمية والتكنولوجية لكوريا الديمقراطية مع الأسلحة الاستراتيجية والتكتيكية التي تم تحديثها وتطويرها مجددا».

وقال كيم أيضا في كلمته إن شبه الجزيرة الكورية لم يسبق أن واجهت وضعا كالذي تواجهه راهنا و«قد يؤدي إلى أكثر الحروب النووية تدميرا».

وفي الأشهر الأخيرة، عززت كوريا الشمالية علاقاتها العسكرية مع موسكو، فيما قالت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية إن بيونغ يانغ أرسلت آلاف الجنود إلى روسيا لدعمها في حربها ضد أوكرانيا.

خلال لقاء سابق بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون (أ.ف.ب)

زعيمان «في الحب»

بعد أشهر من القمة التاريخية الأولى بين كيم وترمب في سنغافورة في يونيو (حزيران) 2018، قال الرئيس الأميركي وقتها خلال تجمع لمناصريه إنه والرئيس الكوري الشمالي وقعا «في الحب».

وكشف كتاب صدر في عام 2020 أن كيم استخدم الإطراء والنثر المنمق وتوجه إلى ترمب مستخدما تعبير «سُموّك» في الرسائل التي تبادلها مع الرئيس السابق.

لكنّ قمتهما الثانية في عام 2019 انهارت على خلفية تخفيف العقوبات وما سيكون على بيونغ يانغ التخلي عنه في المقابل.

وفي يوليو (تموز) من العام الحالي، قال ترمب متحدثا عن كيم: «أعتقد أنه يفتقدني»، و«من الجيد أن أنسجم مع شخص لديه الكثير من الأسلحة النووية».

وفي تعليق صدر في الشهر ذاته، قالت كوريا الشمالية إنه رغم أن ترمب حاول أن يعكس «العلاقات الشخصية الخاصة» بين رئيسَي البلدين، فإنه «لم يحقق أي تغيير إيجابي جوهري».