محادثات للمرة الأولى بين ممثلي «طالبان» ومسؤولين أمميين

جدول الأعمال يركز على مكافحة المخدرات والقضايا الاقتصادية

المتحدث باسم «طالبان» ذبيح الله مجاهد يتحدث إلى المبعوث الروسي إلى أفغانستان زامير كابولوف في الدوحة الأحد (أ.ب)
المتحدث باسم «طالبان» ذبيح الله مجاهد يتحدث إلى المبعوث الروسي إلى أفغانستان زامير كابولوف في الدوحة الأحد (أ.ب)
TT

محادثات للمرة الأولى بين ممثلي «طالبان» ومسؤولين أمميين

المتحدث باسم «طالبان» ذبيح الله مجاهد يتحدث إلى المبعوث الروسي إلى أفغانستان زامير كابولوف في الدوحة الأحد (أ.ب)
المتحدث باسم «طالبان» ذبيح الله مجاهد يتحدث إلى المبعوث الروسي إلى أفغانستان زامير كابولوف في الدوحة الأحد (أ.ب)

بدأت في العاصمة القطرية الدوحة الأحد، محادثات للمرة الأولى بين ممثلين لحكومة «طالبان» الأفغانية ومسؤولين أمميين ومبعوثين خاصين إلى البلد الواقع في آسيا الوسطى، حسبما أفاد متحدث باسم الأمم المتحدة.

ويعدّ الاجتماع الذي ترعاه الأمم المتحدة ويستمر يومين، الجولة الثالثة من المحادثات التي تستضيفها قطر خلال ما يقارب عاماً، لكنها الأولى التي تضم سلطات «طالبان».

ويواجه المجتمع الدولي صعوبة في التعامل مع حكومة «طالبان» منذ عودة الحركة في عام 2021 إلى السلطة، علماً بأن أي دولة أخرى لم تعترف بها حتى الآن. وتهدف المحادثات التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في مايو (أيار) 2023، إلى «زيادة المشاركة الدولية مع أفغانستان بطريقة أكثر متانة وتنسيقاً وتنظيماً»، وفقاً للأمم المتحدة. وقال المتحدث الأممي إنهم التقوا وفد «طالبان»، وإن «المناقشات التحضيرية قد بدأت في شكل منفصل مع الأمم المتحدة ومع المبعوثين الخاصين الحاضرين وممثلي (طالبان)».

ومن المفترض أن يجتمع مسؤولون أمميون وأكثر من 20 مبعوثاً، من بينهم الممثل الخاص للولايات المتحدة في أفغانستان، مع وفد حكومة «طالبان» برئاسة المتحدث باسمها ذبيح الله مجاهد، حسبما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويشمل جدول الأعمال مكافحة المخدرات والقضايا الاقتصادية، وهي موضوعات رئيسية بالنسبة إلى السلطات في الدولة الفقيرة. وسرت شكوك حول حضور حكومة «طالبان» للمحادثات بعد عدم إشراكها في الجولة الأولى، ثم رفضها دعوة إلى حضور الجولة الثانية في فبراير (شباط) الماضي.

استيفاء الشروط

وكانت سلطات «طالبان» استُبعدت من الاجتماع الذي عُقد في 1 مايو 2023، ثمّ رفضت المشاركة بالاجتماع الثاني في فبراير إلّا إذا كان أعضاؤها الممثلين الوحيدين للبلاد.

وتم استيفاء هذا الشرط في هذه الجولة، وستتاح الفرصة أمام وفود الأمم المتحدة والوفود الدولية للقاء ممثلي المجتمع المدني، بما فيهم جماعات حقوق المرأة، في 2 يوليو (تموز) بعد اختتام الاجتماعات الرئيسية.

ومنذ استيلائها على السلطة في أغسطس (آب) 2021، تفرض حركة «طالبان» قيوداً على النساء بصورة خاصة، بينما تندّد الأمم المتحدة بسياسات تكرّس التمييز و«الفصل القائم على النوع الاجتماعي». وأُغلقت أبواب الثانويات ثم الجامعات أمام النساء، وكذلك المتنزهات وصالات الرياضة وغيرها.

وانتقدت جماعات حقوق الإنسان استبعاد النساء الأفغانيات من الاجتماعات الرئيسية، وعدم إدراج قضايا حقوق الإنسان في جدول الأعمال.

وقبل انعقاد اجتماع الأمم المتحدة، أكد المسؤول في وزارة الخارجية بحكومة «طالبان» ذاكر جلالي الأحد، أن أي اجتماعات تعقد بعد 1 يوليو «لا علاقة لها» بجدول الأعمال الرسمي. وأثارت هذه الخطوة غضباً بين المنظمات، بما في ذلك الناشطون بمجال حقوق المرأة.

رضوخ

وقالت رئيسة منظمة «العفو الدولية» أنييس كالامار في بيان قبل المحادثات، إن «الرضوخ لشروط (طالبان) لضمان مشاركتها في المحادثات من شأنه أن يخاطر بإضفاء شرعية على نظام القمع المؤسسي القائم على أساس الجنس». وصرح مجاهد في مؤتمر صحافي بكابل عشية المحادثات، بأن سلطات «طالبان»، «تعترف بالقضايا المتعلقة بالمرأة». وشدّد مجاهد على أن «هذه القضايا هي قضايا أفغانستان»، موضحاً: «نعمل على إيجاد طريق منطقية نحو الحلول داخل أفغانستان حتى لا تقع بلادنا، لا سمح الله، في الصراع والخلاف مرة أخرى».

وفي هذا السياق، قال حميد حكيمي الخبير في الشؤون الأفغانية، إن هناك قلقاً «حقيقياً» في المجتمع الدولي حيال حقوق المرأة ودور المجتمع المدني بالبلاد. لكنه أوضح أن صناع السياسة الدوليين «بينما يتقبلون أن (طالبان) ليست لاعباً مثالياً في اللعبة، فإنهم يدركون أيضاً وجود هذه الفجوة التي لم يملأها الأفغان أنفسهم». وفي السنوات الأخيرة، قطعت حكومات ومنظمات دولية ووكالات إنسانية عدة تمويلها لأفغانستان أو قلصته إلى حد بعيد رداً على عودة «طالبان» إلى السلطة، ما أدى إلى ضربة خطيرة للاقتصاد المتعثر أصلاً. وأضاف حكيمي: «من ناحية، هناك وضع إنساني يتطلب التمويل، ومن ناحية أخرى لا يمكن التخفيف من المعاناة الإنسانية من دون مشاركة سياسية».

وقبل محادثات الأحد، عقد وفد حكومة «طالبان» اجتماعات في الدوحة مع مبعوثين خاصين من روسيا والهند وأوزبكستان، حسبما قال مجاهد عبر حسابه على موقع «إكس». كما أشار إلى أن الوفد التقى ممثلاً للسعودية وأجرى محادثات بنّاءة، لافتاً إلى أن الرياض تريد إعادة فتح سفارتها بكابل في أقرب وقت.


مقالات ذات صلة

«طالبان» تطالب الغرب بغض الطرف عن القيود المفروضة على الأفغانيات

آسيا الملا ذبيح الله مجاهد في اليوم الافتتاحي لاجتماع بقيادة الأمم المتحدة في قطر حول تعزيز التواصل مع أفغانستان (إ.ب.أ)

«طالبان» تطالب الغرب بغض الطرف عن القيود المفروضة على الأفغانيات

طالبت حركة «طالبان» الغرب بتجاهل الإجراءات التي تفرضها على النساء والفتيات الأفغانيات، من أجل تحسين العلاقات الخارجية.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد – الدوحة)
آسيا المتحدث باسم حكومة طالبان ذبيح الله مجاهد يتحدث مع الصحافيين خلال مؤتمر صحافي في كابل السبت (إ.ب.أ)

لأول مرة بمشاركة طالبان... انطلاق مؤتمر في الدوحة بشأن أفغانستان برعاية الأمم المتحدة

من المقرر أن ينطلق الأحد ولمدة يومين مؤتمر برعاية الأمم المتحدة في الدوحة، يهدف إلى تعزيز التواصل الدولي مع طالبان، ويضم وفداً من حركة طالبان للمرة الأولى

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
آسيا المتحدث باسم حكومة «طالبان» ذبيح الله مجاهد في ندوة صحافية بكابل 29 يونيو (أ.ف.ب)

«طالبان»: حقوق نساء أفغانستان شأن داخلي

منذ استيلائها على السلطة في أغسطس 2021، تطبق حركة «طالبان» تفسيرها المتشدّد للشريعة، مشدّدة القيود على النساء بصورة خاصة.

«الشرق الأوسط» (كابل)
آسيا عناصر من حركة طالبان الباكساتية (أرشيفية)

إسلام آباد تعتقل اثنين من كبار قادة حركة «طالبان باكستان»

قالت السلطات الباكستانية إن قوات الأمن ألقت القبض على اثنين من كبار قادة حركة «طالبان» الباكستانية جنوب غربي البلاد المضطرب.

«الشرق الأوسط» (كويتا)
آسيا قوات من «طالبان» في كابل (أ.ب)

الأمم المتحدة: اجتماع الدوحة مع «طالبان» ليس لمناقشة الاعتراف بها

سيكون الاجتماع، الذي سيحضره ممثلون عن نحو 25 دولة، هو الثالث من نوعه في الدوحة لكنه الأول الذي تشارك فيه حركة «طالبان».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

داغستان الروسية تعلن حصيلة جديدة لضحايا هجمات إرهابية طالت كنيستين ومعبدين يهوديين

لقطة من فيديو نشرته لجنة مكافحة الإرهاب الروسية تظهر عناصر من أمن الدولة خلال عملية «مكافحة الإرهاب» في داغستان (أ.ف.ب)
لقطة من فيديو نشرته لجنة مكافحة الإرهاب الروسية تظهر عناصر من أمن الدولة خلال عملية «مكافحة الإرهاب» في داغستان (أ.ف.ب)
TT

داغستان الروسية تعلن حصيلة جديدة لضحايا هجمات إرهابية طالت كنيستين ومعبدين يهوديين

لقطة من فيديو نشرته لجنة مكافحة الإرهاب الروسية تظهر عناصر من أمن الدولة خلال عملية «مكافحة الإرهاب» في داغستان (أ.ف.ب)
لقطة من فيديو نشرته لجنة مكافحة الإرهاب الروسية تظهر عناصر من أمن الدولة خلال عملية «مكافحة الإرهاب» في داغستان (أ.ف.ب)

خلّفت هجمات استهدفت كنيستين أرثوذكسيتين ومعبدين يهوديين في داغستان أواخر يونيو (حزيران) 22 قتيلاً، معظمهم من عناصر الشرطة، بحسب حصيلة جديدة أعلنها زعيم المنطقة الواقعة في القوقاز الروسي، بعد مرور أكثر من أسبوع على الأحداث.

رئيس جمهورية داغستان الروسية سيرغي ميليكوف يزور كنيسة تعرضت للهجوم (إ.ب.أ)

وفي 23 يونيو، هاجم مسلحون هذه المواقع الدينية ونقطة تفتيش للشرطة في وقت متزامن في محج قلعة عاصمة داغستان وفي مدينة ديربنت الساحلية، ولم تتبنّ أيّ جهة الهجمات بعد.

وقال الزعيم سيرغي ميليكوف «للأسف الشديد، قُتل 22 شخصاً نتيجة الهجمات الإرهابية»، مضيفاً أنهم 17 عنصراً من الشرطة وخمسة مدنيين.

وأكد المحقّقون في نهاية يونيو أن قساً أرثوذكسياً من بين القتلى. وكانت حصيلة سابقة أفادت بسقوط 20 قتيلاً.

وأتت سلسلة الهجمات بعد ثلاثة أشهر من الهجوم على قاعة «كروكوس سيتي هول» في ضواحي موسكو الذي تبنّاه تنظيم الدولة الإسلامية، وأسفر عن مقتل 145 شخصاً.

الهجوم الإرهابي في جمهورية داغستان الروسية (متداولة)

ولم تُعلن سوى تفاصيل قليلة حول هويات المهاجمين ودوافعهم في داغستان، وهي منطقة غير مستقرة ذات غالبية مسلمة. وقُتل العديد منهم بحسب السلطات.

وقال سيرغي ميليكوف الاثنين إن أحدهم كان «مشاركاً» في احتجاجات مناهضة لإسرائيل تخللتها أعمال شغب في مطار محج قلعة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

حينها، اقتحم حشد من الرجال مدرج المطار عندما هبطت طائرة آتية من إسرائيل، وذلك وسط توتّرات في جميع أنحاء العالم مرتبطة بالنزاع بين الدولة العبرية وحركة «حماس» في غزة.

كما أشار سيرغي ميليكوف بأصابع الاتهام إلى الغرب، من دون تقديم أدلة على اتهاماته. وقال إن الغربيين «يمكنهم التأثير على تحضير الأشخاص القادرين على ارتكاب مثل هذه الجرائم وحالتهم الآيديولوجية».

وكانت السلطات الروسية قد اتهمت كييف بتأدية دور في الهجوم على قاعة «كروكوس سيتي هول»، رغم عدم وجود أدلة وإعلان تنظيم «داعش» مسؤوليته عنه.

رئيس جمهورية داغستان الروسية سيرغي ميليكوف يزور كنيسة تعرضت للهجوم (إ.ب.أ)

«إرهابيون دوليون»

إلى ذلك، قال سيرغي ميليكوف، رئيس منطقة داغستان الروسية، حيث شن مسلحون الشهر الماضي هجمات مميتة في مدينتين، إن التهديد الأمني يأتي من «منظمات إرهابية دولية».

ونقلت وسائل إعلام رسمية عن ميليكوف، رئيس المنطقة ذات الأغلبية المسلمة، قوله إن 22 شخصاً لقوا حتفهم في الهجمات التي وقعت يوم 23 يونيو واستهدفت كنائس ومعابد يهودية ضمن أهداف أخرى.

وقال خبراء أمنيون غربيون إن الهجمات دليل آخر على أن روسيا، المنشغلة بحربها في أوكرانيا، تواجه مشكلة متنامية مع عنف المتشددين الإسلاميين في الداخل. لكن ميليكوف أصر على أن التهديد خارجي.

وقال فيما نقلته وكالات الإعلام الروسية «النشاط المتزايد لمنظمات إرهابية دولية ما زال يمثل عنصر التهديد الرئيسي الذي يؤثر على الوضع في الجمهورية (داغستان)».

وأضاف «وبغض النظر عن كيفية محاولتهم إقناعنا بأن الأحداث في داغستان وقعت لأسباب داخلية، فأنا، عن نفسي، لن أصدق هذا أبداً».

وأوضح أن هناك أدلة مباشرة وغير مباشرة تشير إلى دور «أعدائنا المباشرين» في الهجمات، لكنه لم يحدد من هم ولا ما هي الأدلة».

وأردف ميليكوف قائلاً «وفي هذا الصدد، ليس من الضروري أن يتواجد مدربون غربيون أو غيرهم على أراضي داغستان، لأن هذه الأجهزة الخاصة وزعماء المنظمات الإرهابية اليوم يستخدمون الإنترنت والشبكات الاجتماعية، وقد يؤثرون على كل من التدريب والحالة الآيديولوجية للأشخاص القادرين على ارتكاب مثل هذه الجرائم».

وجاءت الهجمات في داغستان بعد ثلاثة أشهر من اقتحام مسلحين قاعة للحفلات الموسيقية قرب موسكو بأسلحة آلية وإضرام النار فيها، مما أسفر عن مقتل 145 شخصاً في مذبحة أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عنها.

ووجهت روسيا أصابع الاتهام إلى أوكرانيا بالمسؤولية عن هذا الهجوم، دون تقديم أدلة. ورفضت أوكرانيا الادعاء ووصفته بأنه سخيف.

ونقلت وكالات الإعلام الروسية عن الشيخ أحمد عبد اللاييف، مفتي داغستان، قوله خلال اجتماع مع ميليكوف إنه سيتم قريباً إصدار فتوى بحظر النقاب. وذكرت تقارير أعقبت هجمات 23 يونيو أن أحد المسلحين خطط للفرار واضعاً نقاباً.

ونُقل عن عبد اللاييف قوله إنه سيتم حظر النقاب إلى حين إقرار السلام والهدوء في المنطقة، موضحاً أن على الرجال الذين لا يريدون كشف وجوه زوجاتهم في أماكن عامة إبقاءهن في البيوت».