ذكرى أحداث تيانانمن: كيف خرجت صورة «رجل الدبابة» الشهيرة للنور؟

صورة الرجل الذي يقف أمام الدبابات في بكين (أ.ب)
صورة الرجل الذي يقف أمام الدبابات في بكين (أ.ب)
TT

ذكرى أحداث تيانانمن: كيف خرجت صورة «رجل الدبابة» الشهيرة للنور؟

صورة الرجل الذي يقف أمام الدبابات في بكين (أ.ب)
صورة الرجل الذي يقف أمام الدبابات في بكين (أ.ب)

أصبحت صورة «رجل الدبابة» أيقونة للحركة الاحتجاجية التي وقعت في ساحة تيانانمن في يونيو (حزيران) 1989، والتي تظهر محتجاً صينياً يقف وحيداً أمام دبابات.

وتعود الصورة الشهيرة للأذهان، بالتزامن مع الذكرى السنوية الخامسة والثلاثين لتلك الاحتجاجات التي واجهت فيها الحكومة الصينية حركة احتجاجات طلابية تظاهروا للمطالبة بالإصلاح السياسي في البلاد بحملة قمع دموية.

وأمر الحزب الشيوعي الصيني حينها بشن حملة عسكرية دموية على المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية، وفق شهود عيان، بينما لم تعلن السلطات الصينية عن عدد رسمي من القتلى، لكن التقديرات تتراوح بين مئات عدة وآلاف، حسبما أفاد تقرير لشبكة «سي إن إن».

وفازت صورة «رجل الدبابة» بجائزة أفضل صورة للصحافة العالمية في 1990، حيث تظهر الصورة رجلاً مجهولاً يرتدي قميصاً أبيض، ويداه ممسكتان بالحقائب، ويواجه رتلاً من الدبابات في شارع السلام في بكين.

كواليس الصورة

وبدأت كواليس الصورة في يوم الاثنين الموافق 5 يونيو (حزيران) 1989، إذ طلب ليو هيونغ شينغ، محرر الصور لوكالة «أسوشييتد برس» في بكين، من المصور جيف ويدنر الحصول على صور للقوات الصينية من أعلى فندق في بكين، والذي يتمتع بأفضل نقطة مراقبة في الميدان الشهير، بعد أن أصبح تحت السيطرة العسكرية.

وكان ويدنر قد سافر جواً من مكتب وكالة الأنباء في بانكوك قبل أسبوع للمساعدة في التغطية، وقد أصيب عندما بدأت حملة القمع، كما قال لشبكة «سي إن إن» في وقت سابق – بعد إصابته بحجر في رأسه، وإصابته بالإنفلونزا.

وانطلق ويدنر، ومعدات الكاميرا الخاصة به مخبأة في سترته، بالإضافة إلى عدسة طويلة مقاس 400 ملم في أحد جيوبه، وعدسة مزدوجة في جيب آخر، وفيلم في ملابسه الداخلية، وجسم الكاميرا في جيبه الخلفي.

وقال وندر: «كنت أقود دراجتي باتجاه فندق بكين ولم يكن هناك سوى الحطام والحافلات المتفحمة على الأرض، وفجأة، ظهر أن هناك أربع دبابات قادمة، يحرسها جنود يحملون أسلحة رشاشة ثقيلة. وأنا على دراجتي وأفكر أنني لا أستطيع أن أصدق أنني أفعل هذا».

طلاب صينيون يصرخون بعد اختراق حصار الشرطة خلال مسيرة مؤيدة للديمقراطية إلى ميدان تيانانمن في بكين 4 مايو 1989 (أ.ب)

وأضاف: «أسمع شائعات عن مصادرة أفلام وكاميرات صحافيين آخرين. كان عليّ أن أجد طريقة للوصول إلى الفندق، ثم نظرت داخل الردهة المظلمة، ووجدت طالباً جامعياً أجنبياً تقدمت نحوه وهمست: (أنا من وكالة «أسوشييتد برس»، هل يمكنك السماح لي بالذهاب إلى غرفتك؟ لالتقاط صورة)، فقال: (بالتأكيد)».

كان ذلك الشاب هو كيرك مارتسن، وهو طالب أميركي يدرس في بكين خلال منحة تبادل، ودخل ويدنر إلى غرفته في الفندق بالطابق السادس. ومن هناك، بدأ ويدنر بتصوير الدبابات وهي تتحرك على الطرق بالأسفل، وكان يسمع أحياناً رنين الجرس الذي يشير إلى مرور عربة تحمل جثة، أو نقل شخص مصاب إلى المستشفى، على حد قوله.

التقاط الصورة

وفي السياق، يقول جوناثان شاير، مصور شبكة «سي إن إن» والذي سافر إلى بكين لدعم زملائه خلال الاحتجاجات، إنه قام بتركيب كاميرا على شرفة غرفة في الفندق، حيث كانت الشبكة تبث تقارير حية عن حملة القمع طوال عطلة نهاية الأسبوع، ويتذكر قائلاً: «قال مصور آخر: (انظر إلى الرجل الذي يقف أمام الدبابات!)، فقمت للتو بتكبير الصورة وبدأت في التصوير بالفيديو».

وتابع شاير: «عندما توقف طابور الدبابات، كانوا يحاولون إخافة الرجل الواقف أمامها بإطلاق النار فوق رأسه، وكانت الرصاصات قريبة جداً لدرجة أنه كان بإمكانك سماع أزيزها».

بالعودة إلى غرفة مارتسن، كان ويدنر عند النافذة، يستعد لتصوير رتل من الدبابات القادمة على الطريق، عندما «خرج هذا الرجل الذي يحمل أكياس التسوق من الأمام وبدأ في التلويح بالأكياس»، وفق قوله، وتابع: «أنا فقط أنتظر إطلاق النار عليه، وأركز عليه، وأنتظر».

تهريب الصورة

ويستكمل المصور ويدنر إنه واجهته مشكلة؛ إذ كان المشهد بعيداً جداً بالنسبة لعدسته مقاس 400 ملم. فقام بتركيب مضاعف يسمح له بالتكبير بمقدار الضعف، وانتهز الفرصة، ووضع المضاعف على الكاميرا في محاولة لتقريب الصورة، والتقط الصورة.

وعن الرجل في الصورة، فيقول ويدنر إن «الرجل صعد على متن الدبابة الرئيسية وبدا أنه يتحدث إلى من كان بداخلها، ثم لاحقاً جاء رجال وأمسكوا هذا الرجل ولاذوا بالفرار». وإلى يومنا هذا لا نعرف من هو الرجل وماذا حدث له. لكنه يظل رمزاً قوياً للفرد الذي يقف في وجه سلطة الدولة، وفقاً لتقرير الشبكة الأميركية.

طالب صيني يتحدث إلى الجنود بينما تتجمع حشود في وسط بكين 3 يونيو 1989(أ.ف.ب)

ويتابع المصور أنه تواصل مع مديره، وأبلغه بإيصال نسخة الصورة من خلال أحد الطلاب الأجانب لمكتب وكالة «أسوشييتد برس» في بكين، حيث أرسل طالباً يخفي الفيلم في ملابسه الداخلية، وسرعان ما تم نقل الصور عبر خطوط الهاتف إلى بقية العالم.

والتقطت وسائل إعلام عديدة صورة لـ«رجل الدبابة»، لكن لقطة ويدنر كانت الأكثر استخداماً. ظهرت على الصفحات الأولى من الصحف في جميع أنحاء العالم، وتم ترشيحها في ذلك العام لجائزة «بوليتزر».

وقال ويدنر إنه لم يكن يعلم أن الصورة أحدثت مثل هذا التأثير حتى صباح اليوم التالي، عندما وصل إلى مكتب وكالة «أسوشييتد برس» للعثور على رسائل من المشاهدين والصحافيين في جميع أنحاء العالم.


مقالات ذات صلة

وزير خارجية الصين يطالب بوقف شامل لإطلاق النار في الشرق الأوسط دون تأخير

آسيا وزير الخارجية الصيني وانغ يي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة 28 سبتمبر 2024 (رويترز)

وزير خارجية الصين يطالب بوقف شامل لإطلاق النار في الشرق الأوسط دون تأخير

قال وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، اليوم (السبت)، إنه يجب ألا يكون هناك أي تأخير في التوصل إلى «وقف شامل لإطلاق النار» في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا جندي روسي يطلق طائرة مُسيرة صغيرة خلال أحد التدريبات (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

الاتحاد الأوروبي قلق إزاء تقرير عن إنتاج روسيا طائرات مُسيرة بدعم صيني

قالت متحدثة باسم الاتحاد الأوروبي إن التكتل يساوره «قلق بالغ» إزاء تقرير ذكر أن روسيا تطوِّر برنامج طائرات مُسيرة هجومية بدعم من الصين.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
رياضة عالمية الإسبانية سارة سوريبيس خلال مواجهتها أمام الصينية شينيو (الشرق الأوسط)

«دورة بكين»: الإسبانية سوريبيس تورمو تفوز برابع أطول لقاء بتاريخ التنس للسيدات

فازت الإسبانية سارة سوريبيس تورمو برابع أطول مباراة في تاريخ مسابقات التنس للسيدات، الخميس، خلال مشاركتها ببطولة الصين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
آسيا الرئيس الصيني شي جينبينغ (أ.ب)

«اختفاء» اقتصادي صيني بارز بعد انتقاد الرئيس في محادثة خاصة

اختفى أحد كبار الاقتصاديين في الصين بعد تأديبه لانتقاده رئيس البلاد شي جينبينغ خلال محادثة خاصة في منصة إلكترونية. ووفقاً لصحيفة «غارديان» البريطانية، فإن تشو…

«الشرق الأوسط» (لندن)

مقتل 46 شخصاً غرقاً خلال مهرجان ديني هندوسي بالهند

مشاركون بمهرجان ديني هندوسي قضوا غرقاً خلال طقوس غطس داخل أنهر وبحيرات ارتفع منسوب المياه فيها جراء الفيضانات (أ.ف.ب)
مشاركون بمهرجان ديني هندوسي قضوا غرقاً خلال طقوس غطس داخل أنهر وبحيرات ارتفع منسوب المياه فيها جراء الفيضانات (أ.ف.ب)
TT

مقتل 46 شخصاً غرقاً خلال مهرجان ديني هندوسي بالهند

مشاركون بمهرجان ديني هندوسي قضوا غرقاً خلال طقوس غطس داخل أنهر وبحيرات ارتفع منسوب المياه فيها جراء الفيضانات (أ.ف.ب)
مشاركون بمهرجان ديني هندوسي قضوا غرقاً خلال طقوس غطس داخل أنهر وبحيرات ارتفع منسوب المياه فيها جراء الفيضانات (أ.ف.ب)

قضى 46 شخصاً على الأقل؛ ومعظمهم أطفال (37 طفلاً)، غرقاً خلال مشاركتهم في مهرجان ديني بشرق الهند، على ما أفاد به مسؤول حكومي محلي «وكالة الصحافة الفرنسية» اليوم الخميس.

وأوضح المسؤول في «هيئة إدارة الكوارث»، بولاية بهار، أن المشاركين في المهرجان قضوا في حوادث غرق متفرقة بالولاية، خلال المشاركة في طقوس تقوم على الغطس في أنهر وبحيرات ارتفع منسوب المياه فيها جراء فيضانات وقعت في المدة الأخيرة.

وقال المسؤول؛ الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن «هؤلاء الناس تجاهلوا الارتفاع الخطر في منسوب الأنهر والمسطحات المائية عندما غطسوا للاحتفال» بالمهرجان.

وقعت سلسلة حوادث الغرق يومي الثلاثاء والأربعاء في 15 منطقة بولاية بهار، بمناسبة «مهرجان جيتيا بارف» الهندوسي الذي تشارك فيه الأمهات من أجل رفاه أطفالهن.

ويقام «مهرجان جيتيا بارف» الديني على مدى أيام عدة، كما يُحتفل به أيضاً في ولايتي أوتار برادش وجارخاند المجاورتين، وفي أجزاء من نيبال.

وأعلنت ولاية بهار عن تخصيص تعويضات لعائلات الضحايا، وفق مسؤولين حكوميين.

والعام الماضي، ذكرت وسائل إعلام محلية أن 22 شخصاً غرقوا خلال 24 ساعة في بهار، معظمهم أثناء الاحتفال بالمهرجان نفسه.

وتعدّ الحوادث المميتة أمراً شائعاً خلال المهرجانات الدينية الكبرى في الهند، خصوصاً تلك التي يشارك فيها الملايين.

وقُتل ما لا يقل عن 116 شخصاً في يوليو (تموز) الماضي خلال تجمع ديني هندوسي بولاية أوتار برادش، في أسوأ مأساة من نوعها منذ أكثر من عقد.

وتتعرض الهند لأمطار غزيرة وفيضانات مباغتة كل عام خلال موسم الرياح والأمطار الموسمية من يونيو (حزيران) إلى سبتمبر (أيلول).

ويعدّ موسم الرياح حيوياً للزراعة وللملايين الذين يتعيشون من الزراعة، ولكنه يلحق أيضاً دماراً واسعاً بسبب الانهيارات الأرضية والفيضانات التي يتسبب فيها، وتؤدي إلى مقتل مئات الأشخاص في جميع أنحاء جنوب آسيا.

ولقي أكثر من 200 شخص حتفهم بولاية كيرالا جنوب الهند في يوليو الماضي، عندما تسببت الأمطار الموسمية الغزيرة في حدوث انهيارات أرضية، أدت إلى طمر مزارع شاي تحت أطنان من التراب والصخور.

ويقول الخبراء إن التغير المناخي يؤدي إلى ازدياد الظواهر الجوية القصوى في جميع أنحاء العالم، فيما يؤدي بناء السدود وقطع أشجار الغابات ومشروعات التنمية في الهند إلى تفاقم الخسائر البشرية.

وأشارت دراسة أجراها «معهد بوتسدام» عام 2021 إلى أن الرياح الموسمية أصبحت منذ منتصف القرن العشرين أشد تقلباً وقوة.