موجة حر غير مسبوقة تضرب أجزاء من آسيا

امرأة تحمل مشروبات غازية باردة للبيع خارج القصر الملكي في بنوم بنه بكمبوديا 29 أبريل 2024 (إ.ب.أ)
امرأة تحمل مشروبات غازية باردة للبيع خارج القصر الملكي في بنوم بنه بكمبوديا 29 أبريل 2024 (إ.ب.أ)
TT

موجة حر غير مسبوقة تضرب أجزاء من آسيا

امرأة تحمل مشروبات غازية باردة للبيع خارج القصر الملكي في بنوم بنه بكمبوديا 29 أبريل 2024 (إ.ب.أ)
امرأة تحمل مشروبات غازية باردة للبيع خارج القصر الملكي في بنوم بنه بكمبوديا 29 أبريل 2024 (إ.ب.أ)

تعاني مناطق شاسعة في آسيا من الفلبين إلى بورما (ميانمار)، من موجة حر ومن ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة؛ ما أجبر ملايين الأطفال على البقاء في منازلهم، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ما المناطق المتضررة؟ تجتاح موجة الحر معظم مناطق جنوب وجنوب شرقي آسيا، وسُجّلت درجات حرارة غير مسبوقة في الأيام الأخيرة في مدينة تشوك في بورما وفي مانيلا عاصمة الفلبين.

وحذرت السلطات التايلاندية من ظروف مناخية «قاسية»، بينما توقعت السلطات في كمبوديا وميانمار وفيتنام والهند وبنغلاديش أن تتجاوز الحرارة 40 درجة.

وتأثر شمال اليابان أيضاً، حيث تجاوزت درجات الحرارة 25 درجة في سابورو، وهو أمر غير مسبوق في هذا الوقت من العام.

ما أسباب هذه الحرارة؟ عادة ما تكون الأشهر التي تسبق موسم الأمطار دافئة، ولكن تخطت درجات الحرارة إلى حد كبير هذا العام المتوسط المسجّل في كثير من البلدان.

ويرى خبراء أن موجات الحر أصبحت أطول وأكثر شدّة وتواتراً بسبب الاحتباس الحراري.

وأكدت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة أن آسيا تشهد ارتفاعاً في درجات الحرارة بنحو يتخطّى المتوسط العالمي.

ولفت خبير الأرصاد الجوية والباحث في جامعة التكنولوجيا في سيدني، ميلتون سبير، في حديث لـ«وكالة الصحافة الفرنسية » إلى أن ظاهرة «إل نينو» المناخية أدّت إلى تفاقم الوضع هذا العام. وقال: «إن قلة السُّحُب خلال ظاهرة إل نينو تزيد احتمال أن ترتفع درجات الحرارة في المتوسط».

ولفت إلى أنّ الحرارة عند سطح البحر، تكون حالياً أعلى من المعتاد بدرجات عدة، «ما يسهم في إبقائها أعلى من المتوسط في داخل الأراضي أثناء الليل»، ومن ثم «صعودها من مستويات أعلى» نهاراً.

وتؤدي عوامل أخرى دوراً أيضاً، مثل إزالة الغابات التي تقلل مساحات الظل، وتزيد المساحات الجافة، وتوسع المدن حيث تمتص الهياكل الخرسانية والزجاجية والفولاذية الحرارة بدلاً من عكسها.

من السكان المتضررون؟ تؤثر الحرارة الشديدة خصوصاً على الأطفال وكبار السن والأشخاص الذين يعانون من أمراض أو من إعاقات. وغالباً ما يفتقر الذين يعيشون في الفقر إلى حلول لتبريد منازلهم، أو يضطرون إلى العمل في ظروف لا توفر الحماية الكافية من الحرارة.

وأكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) أن 243 مليون طفل في مناطق المحيط الهادئ وشرق آسيا معرَّضون لخطر موجات الحر.

وحذّرت الخبيرة في مجال الصحة في مكتب «اليونيسيف» الإقليمي سلوى الإرياني من أن «تعرض الأطفال لموجات الحر يؤدي إلى الإجهاد الحراري». وقالت لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يمكن أن تتطور مشكلات خطيرة، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، وفشل الأعضاء، وخلل في العضلات والأعصاب».

كيف تستجيب البلدان؟ طلبت السلطات في كثير من البلدان من مواطنيها البقاء في منازلهم. وفي نيبال وُضعت المستشفيات في حالة تأهب، في حين دعت السلطات في كمبوديا المدارس الرسمية إلى إبقاء الأبواب والنوافذ مفتوحة للتهوية.

وقررت بنغلاديش والفلبين إغلاق المدارس لعدة أيام. ولكن لفتت سلوى الإرياني إلى أنه في ظل غياب مكيفات الهواء والمباني المناسبة، لا يعيش قسم كبير من الأطفال الذين اضطروا إلى البقاء في المنازل بوسائل التبريد.

إلى متى؟ في بنغلاديش، لا يُتوقع أن تنخفض درجات الحرارة قبل الخميس على أقرب تقدير.

وفي تايلاند، حذر خبراء الأرصاد الجوية من أن الأمطار السنوية قد لا تهطل قبل أواخر مايو (أيار)، أي بعد أسابيع من الموعد المعتاد.

وتوقع ميلتون سبير أن تستمر درجات الحرارة المرتفعة بشكل عام، حتى مع هطول الأمطار الموسمية.

وقال: «سيستمر حدوث موجات الحر بشكل أكثر تواتراً؛ لأن حرارة المحيطات والغلاف الجوي ترتفع تدريجياً بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري»؛ ما يشكل مخاطر على المحاصيل والماشية، وكذلك على البشر الذين يعملون في الخارج.

وأضاف سبير أن التكيّف أساسي، لا سيما من خلال توفير «مبانٍ لأحياء مستدامة مزودة بمكيّفات للهواء، يمكن أن يقصدها الناس أثناء النهار والنوم فيها ليلاً».


مقالات ذات صلة

«اليونيسيف» تحذر من أن مستقبل الأطفال «في خطر»

العالم طفل فلسطيني أثناء فرز القمامة في مكب نفايات بقطاع غزة (أ.ب)

«اليونيسيف» تحذر من أن مستقبل الأطفال «في خطر»

حذّرت منظمة «اليونيسيف» من التحول الديموغرافي والتداعيات المتزايدة لظاهرة الاحترار وتهديد التكنولوجيا المتصلة، وكلها «توجهات كبرى» ترسم مستقبلاً قاتماً للأطفال.

«الشرق الأوسط» (الأمم المتحدة (أميركا))
بيئة رجل يسكب الماء على رأسه أثناء موجة حر في هيوستن بولاية تكساس بالولايات المتحدة - 25 أغسطس 2023 (رويترز)

دراسة: ارتفاع درجات الحرارة يزيد خطر الإصابة بالرجفان الأذيني

تشير دراسة جديدة إلى أن موجات الحر قد تزيد خطر الإصابة بالرجفان الأذيني، وهو اضطراب في ضربات القلب، إلى ضعفين أو 3 أضعاف، لا سيما إذا لم يكن القلب بصحة جيدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
بيئة متوسط درجات الحرارة كان مرتفعاً للغاية منذ يناير حتى أكتوبر (أ.ب)

علماء: عام 2024 سيكون الأكثر حرارة على الإطلاق

كشفت خدمة «كوبرنيكوس» لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي اليوم (الخميس) عن أن عام 2024 سيتخطى 2023 ليصبح العام الأعلى حرارة منذ بدء التسجيلات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق تغير المناخ يرفع درجات الحرارة إلى مستويات جديدة خطيرة (أ.ف.ب)

تقرير: مستويات قياسية من الوفيات المرتبطة بالحرارة في عام 2023

حذّر تقرير جديد أعدّه مجموعة من الأطباء وخبراء الصحة من أن تغير المناخ يرفع درجات الحرارة إلى مستويات جديدة خطيرة، كما يفاقم مشكلة الجفاف والأمن الغذائي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
بيئة تظهر صورة القمر الاصطناعي العاصفة الاستوائية «ميلتون» وهي تشتد وتتجه للتحول إلى إعصار قبل وصولها إلى فلوريدا في خليج المكسيك في 6 أكتوبر 2024 (رويترز)

لماذا يجعل الاحتباس الحراري الأعاصير أكثر قوة؟

يؤدي الاحتباس الحراري إلى ارتفاع درجات حرارة مياه المحيطات؛ مما يجعل الأعاصير أكثر قوة. ومع ذلك، هذا لا يعني بالضرورة أنه سيكون هناك المزيد من الأعاصير.

«الشرق الأوسط» (باريس)

كيم: التواصل الدبلوماسي السابق يؤكد العداء الأميركي «الثابت» لكوريا الشمالية

تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)
تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)
TT

كيم: التواصل الدبلوماسي السابق يؤكد العداء الأميركي «الثابت» لكوريا الشمالية

تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)
تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)

قال الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إن التواصل الدبلوماسي السابق بين بيونغ يانغ وواشنطن أكد عداء الولايات المتحدة «الثابت» تجاه بلاده، وفق ما ذكرت وكالة الإعلام الرسمية الكورية الشمالية الجمعة، قبل عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض قريبا، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وخلال ولايته الأولى، التقى ترمب وكيم ثلاث مرات لكنّ واشنطن فشلت في إحراز تقدم كبير في الجهود الرامية إلى نزع الأسلحة النووية في كوريا الشمالية.

ومنذ انهيار القمة الثانية بين كيم وترمب في هانوي عام 2019، تخلّت كوريا الشمالية عن الدبلوماسية وكثّفت جهودها لتطوير الأسلحة ورفضت العروض الأميركية لإجراء محادثات.

وخلال تحدّثه الخميس في معرض دفاعي لبعض أقوى أنظمة الأسلحة في كوريا الشمالية، لم يذكر كيم ترمب بالاسم، لكن آخر محادثات رفيعة المستوى مع الولايات المتحدة جرت تحت إدارته.

وقال كيم وفق وكالة الأنباء المركزية الكورية: «ذهبنا إلى أبعد ما يمكن مع الولايات المتحدة كمفاوضين، وما أصبحنا متأكدين منه هو عدم وجود رغبة لدى القوة العظمى في التعايش»، وأضاف أنه بدلا من ذلك، أدركت بيونغ يانغ موقف واشنطن وهو «سياسة عدائية ثابتة تجاه كوريا الشمالية».

وأظهرت صور نشرتها وكالة الأنباء المركزية الكورية ما يبدو أنه صواريخ باليستية عابرة للقارات وصواريخ فرط صوتية وراجمات صواريخ وطائرات مسيّرة في المعرض.

وذكرت الوكالة أن المعرض يضم «أحدث منتجات بيونغ يانغ لمجموعة الدفاع الوطني العلمية والتكنولوجية لكوريا الديمقراطية مع الأسلحة الاستراتيجية والتكتيكية التي تم تحديثها وتطويرها مجددا».

وقال كيم أيضا في كلمته إن شبه الجزيرة الكورية لم يسبق أن واجهت وضعا كالذي تواجهه راهنا و«قد يؤدي إلى أكثر الحروب النووية تدميرا».

وفي الأشهر الأخيرة، عززت كوريا الشمالية علاقاتها العسكرية مع موسكو، فيما قالت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية إن بيونغ يانغ أرسلت آلاف الجنود إلى روسيا لدعمها في حربها ضد أوكرانيا.

خلال لقاء سابق بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون (أ.ف.ب)

زعيمان «في الحب»

بعد أشهر من القمة التاريخية الأولى بين كيم وترمب في سنغافورة في يونيو (حزيران) 2018، قال الرئيس الأميركي وقتها خلال تجمع لمناصريه إنه والرئيس الكوري الشمالي وقعا «في الحب».

وكشف كتاب صدر في عام 2020 أن كيم استخدم الإطراء والنثر المنمق وتوجه إلى ترمب مستخدما تعبير «سُموّك» في الرسائل التي تبادلها مع الرئيس السابق.

لكنّ قمتهما الثانية في عام 2019 انهارت على خلفية تخفيف العقوبات وما سيكون على بيونغ يانغ التخلي عنه في المقابل.

وفي يوليو (تموز) من العام الحالي، قال ترمب متحدثا عن كيم: «أعتقد أنه يفتقدني»، و«من الجيد أن أنسجم مع شخص لديه الكثير من الأسلحة النووية».

وفي تعليق صدر في الشهر ذاته، قالت كوريا الشمالية إنه رغم أن ترمب حاول أن يعكس «العلاقات الشخصية الخاصة» بين رئيسَي البلدين، فإنه «لم يحقق أي تغيير إيجابي جوهري».