زيارة شتاينماير لتركيا بمناسبة مئوية العلاقات الدبلوماسية تتجاوز رمزيتها

واجهته «احتجاجات غزة» منذ وصوله... ولقاؤه إمام أوغلو أحدث ضجيجاً

تركيات يتظاهرن ضد زيارة الرئيس الألماني فرنك شتاينماير في إسطنبول الثلاثاء (رويترز)
تركيات يتظاهرن ضد زيارة الرئيس الألماني فرنك شتاينماير في إسطنبول الثلاثاء (رويترز)
TT

زيارة شتاينماير لتركيا بمناسبة مئوية العلاقات الدبلوماسية تتجاوز رمزيتها

تركيات يتظاهرن ضد زيارة الرئيس الألماني فرنك شتاينماير في إسطنبول الثلاثاء (رويترز)
تركيات يتظاهرن ضد زيارة الرئيس الألماني فرنك شتاينماير في إسطنبول الثلاثاء (رويترز)

تحولت زيارة الرئيس الألماني فرنك فالتر شتاينماير الرمزية لتركيا، بمناسبة الذكرى المائة لقيام العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، إلى حدث ساخن ومثير للجدل والضجيج.

لا يرجع الضجيج الذي صاحب زيارة شتاينماير منذ بدايتها من إسطنبول الاثنين، وحتى ذهابه إلى غازي عنتاب إحدى ولايات البلاد المنكوبة بزلزالي 6 فبراير (شباط) 2023، الثلاثاء، أو المباحثات التي سيجريها مع الرئيس رجب طيب إردوغان في أنقرة الأربعاء، إلى طبيعة وخلفيات العلاقات التركية الألمانية التي غالباً ما يغلفها التوتر فقط.

فقد زادت مساحة الضجيج حول الزيارة، التي تعد الأولى للرئيس الألماني لتركيا منذ توليه الرئاسة قبل 7 سنوات، بسبب أجندتها، التي تضمنت لقاءات مع أكبر رمزين للمعارضة في تركيا حالياً في مواجهة الرئيس رجب طيب إردوغان، رئيسي بلديتي إسطنبول أكرم إمام أوغلو وأنقرة منصور ياواش، والاحتجاجات التي كانت في استقباله أينما حل بسبب موقف بلاده من الحرب في غزة، والجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.

الرئيس الألماني فرنك فالتر شتاينماير يتحدث للإعلام خلال زيارته مركزاً يرعى متضررين من الزلزال (د.ب.أ)

حرص الرئيس الألماني على توجيه رسائل ودية بمناسبة الاحتفال بمئوية العلاقات الدبلوماسية مع تركيا، حيث نشر حساب السفارة الألمانية رسالة منه، قال فيها: «بزيارتي، أريد التعبير عن العلاقة الوثيقة بين بلدينا».

دبلوماسية الشاورما

واصطحب شتاينماير، في سابقة هي الأولى، خلال رحلته لتركيا، المواطن الألماني من أصل تركي، عارف كيليش ومعه سيخ «دونر كباب» (شاورما) مجمدة تزن 60 كيلوغراماً، حيث قام بتقطيعها وتوزيعها على المارة بنفسه، واصطحب أيضاً عددا آخر من الضيوف بوصفهم نماذج لقصص نجاح المهاجرين الأتراك في ألمانيا.

وعمل جد عارف كليتش، وهو من «العمال الضيوف»، وهو التعبير الذي عرف به الأتراك الذين هاجروا إلى ألمانيا في الستينات للعمل، لسنوات في مصنع للحديد قبل أن يفتتح مطعمه للوجبات الخفيفة في 1986.

الرئيس الألماني فرنك فالتر شتاينماير يتحدث مع رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو الاثنين (أ.ف.ب)

وقال عارف: «الآن يأخذني الرئيس حفيداً إلى وطن أجدادي... أعتبر سفري في هذه الرحلة علامة تقدير كبيرة».

وهناك نوع من التراشق بين الأتراك والألمان حول منشأ كباب «الدونر» أو «الشاورما»، حيث ينسبه كل شعب إلى نفسه. وتقول الأرقام إن قطاع الكباب الألماني، الذي يبلغ حجم مبيعاته السنوية نحو 7 مليارات يورو، يعد رمزاً لنجاح اندماج الأتراك في المجتمع الألماني.

وشكل الاندماج في حد ذاته واحدة من المعارك بين إردوغان وحكومة المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، عندما رفض فرض تعليم الأتراك، الذين يقدر عددهم بـ 3.3 مليون منهم 1.2 مليون يحملون الجنسية التركية، في مدارس ألمانية، وإصراره على أن يتلقوا تعليمهم في المدارس التركية بلغتهم الأم.

وأطلقت وسائل إعلام في تركيا على لفتة الرئيس الألماني «دبلوماسية الشاورما».

أتراك يتظاهرون ضد زيارة الرئيس الألماني فرنك فالتر شتاينماير في إسطنبول الثلاثاء (رويترز)

ضجة لقاء إمام أوغلو

واستهل شتاينماير زيارته لتركيا من إسطنبول، حيث توجه إلى محطة قطار «سيركجي» في منطقة الفاتح التاريخية، وهي النقطة التي بدأت فيها هجرة العمالة إلى ألمانيا قبل 63 عاماً، تحت اسم «العمال الضيوف»، وكان في استقباله عند باب المحطة رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو. وعقد شتاينماير والقنصل العام لألمانيا في إسطنبول يوهانس ريجنبريشت اجتماعاً مغلقاً مع إمام أوغلو في مطعم «أورينت إكسبريس» التاريخي. وبعد الاجتماع، قام شتاينماير وإمام أوغلو بزيارة متحف السكك الحديدية مع والي إسطنبول داود غل.

ونقلت وسائل إعلام عن بعض حضور اللقاء أن إمام أوغلو عبّر عن أسفه الشديد، لأن علاقات تركيا مع ألمانيا والاتحاد الأوروبي سيئة جداً حالياً، وأن حديث إمام أوغلو أثار اهتمام شتاينماير بشدة، بينما أثار اللقاء ذاته ضجة واسعة في وسائل الإعلام وعبر منصات التواصل الإعلامي في تركيا، لأن أول لقاء للرئيس الألماني كان مع رئيس بلدية إسطنبول، الذي ينظر إليه على أنه الرئيس المحتمل المقبل لتركيا.

وأثناء تجوله في محطة سيركجي، تجمع العشرات من المتظاهرين، الذين اتهموا شتاينماير بدعم «الإبادة الجماعية» في قطاع غزة، وتكرر الأمر في غازي عنتاب، الثلاثاء، حيث توجه الرئيس الألماني لافتتاح مدرسة ابتدائية أقامتها بلاده لضحايا الزلزال، وأعلن المتظاهرون رفض وجوده لافتتاح المدرسة في يوم «الطفولة والسيادة الوطنية» الذي تحتفل به تركيا في 23 أبريل (نيسان) من كل عام، بينما تواصل إسرائيل قتل الأطفال في غزة بدعم من ألمانيا.

وفي الحالتين تدخلت الشرطة التركية لتفريق المتظاهرين، ووقعت اشتباكات بين الطرفين.

وكان آخر لقاء بين إردوغان وشتاينماير عقد خلال زيارة الرئيس التركي لبرلين في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ولم تكن الأجواء فيها ودية تماماً تجاه إردوغان الذي تعرّض لحملة واسعة من جانب سياسيين ووسائل إعلام ألمانية، بسبب تضامنه مع الفلسطينيين في غزة، واتهامه لإسرائيل بـ«ارتكاب جرائم ضد الإنسانية»، وتأييده لـ«حركة حماس»، ورفضه تصنيفها منظمة إرهابية.

وينظر إلى إردوغان في ألمانيا على أنه «يقمع المعارضة ويعادي الديمقراطية» رغم انتخابه ديمقراطياً في تركيا. كما تنشط أحزاب المعارضة التركية بقوة في أوساط الأتراك في ألمانيا.

قضايا خلافية

وهناك الكثير من القضايا الخلافية بين أنقرة وبرلين التي لا تنظر بارتياح لوضع الديمقراطية وحقوق الإنسان في تركيا ولا إلى سياستها الخارجية، فضلاً عن حالة الاستياء من تحركات الحكومة التركية ضد بعض المواطنين الأتراك المنتمين إلى حركة فتح الله غولن، وممارسة أنشطة تجسس عليهم عبر المراكز التابعة للشؤون الدينية التركية، التي نفذت السلطات الألمانية حملات ضدها، وأغلقت بعضها في السنوات الأخيرة.

في المقابل، تنتقد أنقرة انحياز ألمانيا لليونان وقبرص في خلافهما معها، وعرقلة مساعي انضمامها للاتحاد الأوروبي، ودعمها للمعارضة التركية على الرغم من تمتع إردوغان بشعبية كبيرة في أوساط الأتراك في ألمانيا، وتساهلها مع أنشطة «حزب العمال الكردستاني»، المصنف في البلدين منظمة إرهابية.


مقالات ذات صلة

ترمب يلتقي نتنياهو وينتقد تصريحات هاريس عن إسرائيل

المشرق العربي ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» أمس (آموس بن - غيرشوم / جي بي أو / د.ب.أ)

ترمب يلتقي نتنياهو وينتقد تصريحات هاريس عن إسرائيل

نفى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب وجود أي توتر في العلاقات بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معرباً عن تأييده ومساندته لإسرائيل.

هبة القدسي (واشنطن) علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي القوات الإسرائيلية تطلق قنابل إنارة فوق خان يونس في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: معارك خان يونس أجبرت 180 ألف شخص على النزوح

أفادت الأمم المتحدة بأن أكثر من 180 ألف فلسطيني اضطروا للنزوح خلال أربعة أيام من القتال العنيف حول مدينة خان يونس في جنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (خان يونس)
الولايات المتحدة​ صورة آخر لقاء جمع الرئيس دونالد ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب البيضاوي في 15 سبتمبر 2020 (أ.ب)

نتنياهو يلتقي ترمب بأمل الحصول على تأييد أكبر لإسرائيل

يراهن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في لقائه بالرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري، دونالد ترمب، على نيل تأييد أكبر لأمن إسرائيل.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)

أميركا ترجئ ترحيل بعض اللبنانيين بسبب التوتر بين إسرائيل و«حزب الله»

أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، الجمعة، أن الولايات المتحدة أرجأت ترحيل بعض المواطنين اللبنانيين من البلاد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الرئيس الأميركي جو بايدن يستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض 25 يوليو (أ.ب)

البيت الأبيض يحذّر نتنياهو من خطورة تنازلاته للمتطرفين في حكومته

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب عن أن اللقاءات الثلاثة التي أجراها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في واشنطن مع بايدن وهاريس وسوليفان، كانت صعبة للغاية.

نظير مجلي (تل أبيب)

قتيلان جراء الأمطار في اليابان... وإجلاء 4 آلاف شخص

شخص يمشي على طريق غمرته المياه في مقاطعة ياماغاتا (أ.ب)
شخص يمشي على طريق غمرته المياه في مقاطعة ياماغاتا (أ.ب)
TT

قتيلان جراء الأمطار في اليابان... وإجلاء 4 آلاف شخص

شخص يمشي على طريق غمرته المياه في مقاطعة ياماغاتا (أ.ب)
شخص يمشي على طريق غمرته المياه في مقاطعة ياماغاتا (أ.ب)

لقي شخصان على الأقل حتفهما في اليابان، (الجمعة)، بعدما تسببت الأمطار الغزيرة في ارتفاع منسوب الأنهر؛ مما أدى إلى إجلاء 4 آلاف شخص، وفقاً للسلطات ووسائل الإعلام.

وقالت «وكالة إدارة الحرائق والكوارث» إن السلطات المحلية في مقاطعتَي ياماغاتا وأكيتا شمال جزيرة هونشو الرئيسية، أصدرت إشعارات بإجلاء أكثر من 200 ألف شخص.

وذكرت قناة «إن إتش كاي» اليابانية أن ما لا يقل عن 4 آلاف شخص تم نقلهم إلى ملاجئ، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

صورة جوية من مروحية بحث وإنقاذ تظهر غرق منازل في مدينة بمقاطعة ياماغاتا (رويترز)

وفاض نهران في ياماغاتا ونهر في أكيتا، بحسب قناة «إن إتش كاي» التي بثّت مشاهد تظهر تدفقاً غزيراً لمياه تجرف سيارات عدة، منها سيارة للشرطة.

في ياماغاتا عُثر على شرطي في العشرين كان يبحث عن مفقود وسط المياه ثم أُعلنت وفاته، بحسب ما صرّح متحدث باسم الشرطة المحلية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وفي شمال منطقة أكيتا تم العثور على جثة وفقاً لتقارير إعلامية. وتحاول الشرطة تحديد ما إذا كانت لرجل مفقود سابقاً يبلغ (86 عاماً).

تدفق غزير لمياه نهر في أكيتا باليابان (أ.ف.ب)

ولا يزال عديد من الأشخاص مفقودين، بينهم مسعف وشرطي مسؤول أيضاً عن عمليات البحث، ورجل في الستين فُقد منذ انزلاق للتربة في أثناء أعمال شق طرق في بلدة يوزاوا في أكيتا وفقاً للإعلام.

أصدرت وكالة الأرصاد الجوية اليابانية أعلى مستوى تأهب لتساقط أمطار غزيرة في ياماغاتا هذا الأسبوع. ثم خفّضت مستوى الإنذار درجة واحدة على مقياسها المؤلف من 5 درجات.

شخص يمشي على طريق غمرته المياه في مقاطعة ياماغاتا (أ.ب)

لكن الوكالة دعت (الجمعة) إلى «اليقظة» في مواجهة خطر انزلاقات التربة والفيضانات. في السنوات الماضية تساقطت على اليابان أمطار غزيرة غير مسبوقة في أجزاء من البلاد، وتسببت بفيضانات وانزلاقات للتربة أدت أحياناً إلى سقوط ضحايا.