7 مراحل... مليار ناخب و14 مليار دولار: كيف تنظم الهند أكبر انتخابات في العالم؟

مستويات الإقبال تجاوزت 64 % في المرحلة الأولى من الاقتراع

مودي لدى عقده تجمعاً انتخابياً في بنغلور السبت (إ.ب.أ)
مودي لدى عقده تجمعاً انتخابياً في بنغلور السبت (إ.ب.أ)
TT

7 مراحل... مليار ناخب و14 مليار دولار: كيف تنظم الهند أكبر انتخابات في العالم؟

مودي لدى عقده تجمعاً انتخابياً في بنغلور السبت (إ.ب.أ)
مودي لدى عقده تجمعاً انتخابياً في بنغلور السبت (إ.ب.أ)

تشهد الهند، هذا الأسبوع، وحتى شهر يونيو (حزيران)، أكبر ماراثون انتخابي في العالم، حيث دُعي نحو 969 مليون ناخب مسجل، أي أكثر من 10 في المائة من سكان العالم، للتصويت على 543 مقعداً برلمانياً في 36 ولاية ومنطقة.

وتم تسجيل أكثر من 2600 حزب سياسي لخوض هذه الانتخابات. إلا أن 10 منها فقط تشغل 86 في المائة من إجمالي مقاعد «لوك سابها»، المجلس الأدنى بالبرلمان الهندي. ويعدّ المرشح الأوفر حظاً في الانتخابات العامة هو رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، وحزبه بهاراتيا جاناتا، الذي يتولى السلطة منذ عام 2014 ويسعى لولاية ثالثة.

وبوصفها أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم، بأكثر من 1.4 مليار نسمة، وواحدة من أسرع الاقتصادات نمواً، فإن نتيجة الانتخابات العامة في الهند سيكون لها تأثير على المستوى الدولي. فقد أصبحت الهند شريكاً جوهرياً لدول، بينها بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا، التي تعزز شراكتها الاقتصادية والتجارية مع نيودلهي في مسعى لمواجهة تصاعد النفوذ الصيني.

7 مراحل

نظراً لمساحتها الضخمة، ينقسم التصويت في الهند إلى 7 مراحل عبر الولايات المختلفة، ويستمر ما يقارب 6 أسابيع. ويتم التصويت باستخدام آلات إلكترونية في أكثر من مليون مركز اقتراع. وتنشر لجنة الانتخابات الهندية 15 مليون شخص للإشراف على العملية. ومن المتوقع أن يتم إغلاق التصويت في 1 يونيو، ليتم فرز النتائج وإعلانها في 4 يونيو.

ناخبون ينتظرون الإدلاء بأصواتهم في ولاية تشاتيسغار الجمعة (أ.ف.ب)

وتُعدّ الانتخابات الهندية أيضاً من بين الأعلى تكلفة في العالم. ففي انتخابات عام 2019، أنفقت الأحزاب السياسية ما يُقدر بنحو 8.7 مليار دولار. ويتوقع أن يرتفع هذا الرقم في الدورة الانتخابية الحالية إلى 14.4 مليار دولار، وفق تقديرات مركز الدراسات الإعلامية بنيودلهي.

وحددت المرحلة الأولى مصير 1623 مرشحاً لشغل 102 مقعد برلماني في 21 ولاية ومنطقة اتحادية، في 19 أبريل (نيسان)، وسط إجراءات أمنية مشددة. وبلغت نسبة المشاركة في المرحلة الأولى من التصويت 64.03 في المائة، وفق لجنة الانتخابات الهندية. ومن المتوقع أن تشهد المرحلة الثانية الاقتراع على 86 مقعداً، في 26 أبريل، بينما تشهد المرحلة الثالثة التصويت على 94 مقعداً في 7 مايو (أيار). وتجري المرحلة الرابعة من التصويت على 96 مقعداً في 13 مايو، بينما تجري المرحلة الخامسة في 20 مايو. أما المرحلة السادسة، فمتوقعة في 25 مايو للتصويت على 57 مقعداً، بينما تشهد المرحلة السابعة والأخيرة الاقتراع على 57 مقعداً في 1 يونيو.

كيف يجري الاقتراع؟

تعقد الهند انتخابات عامة مرة كل 5 سنوات. ومن شأن انتخابات عام 2024 اختيار مجلس النواب الثامن عشر في البرلمان. وتشرف «لجنة الانتخابات الهندية» على الانتخابات الوطنية في البلاد، التي تنشر مراقبي الانتخابات لضمان الشفافية طوال أسابيع التصويت. يتم التصويت بصورة متدرجة حسب المناطق، التي تحددها لجنة الانتخابات الهندية بناء على عوامل مثل عدد سكان الدولة، إلى جانب عوامل سياسية مثل احتمال وقوع اضطرابات أو المخاوف الأمنية. ولتأمين الحصول على الأغلبية، يجب أن يحصل الحزب أو الائتلاف على 272 مقعداً في البرلمان.

عملية معقدة

أُجريت أول انتخابات عامة في الهند المستقلة في 1951-1952. وكانت في ذلك الوقت أكبر ممارسة ديمقراطية في العالم، إذ استمرت نحو 4 أشهر، من أكتوبر (تشرين الأول) 1951 إلى فبراير (شباط) 1952.

ناخبون ينتظرون الإدلاء بأصواتهم في جامو الجمعة (أ.ف.ب)

وستكون الانتخابات الحالية الأكبر التي تجريها الهند حتى الآن، حيث تم تسجيل نحو مليار ناخب، سيكون 48 في المائة منهم نساء. وقد أضيف إلى الناخبين أكثر من 20 مليون ناخب شاب في الفئة العمرية بين 18 و29 عاماً. وتعد عملية الانتخابات الهندية معقدة للغاية، فالقواعد الانتخابية تقضي بأن يكون مركز الاقتراع متاحاً على مسافة كيلومترين (1.2 ميل) من كل منزل. وعلى مدى المراحل السبع، سيُدلي الناخبون بأصواتهم في أكثر من 1.25 مليون مركز اقتراع، عبر 5.5 مليون جهاز تصويت إلكتروني تم إنشاؤها في جميع أنحاء الولايات الهندية البالغ عددها 28 ولاية، مع 9 أقاليم اتحادية، يديرها 15 مليون شخص للإشراف على العمليات.

وبسبب رقعتها الجغرافية الهائلة، تُنقل آلات التصويت محمولة على ظهر الخيول والفيلة، وبالنسبة لبعض السكان، لا يمكن الوصول إلى مراكز الاقتراع إلا عن طريق القوارب. وتتباهى البلاد أيضاً بوجود أعلى مركز اقتراع في العالم، على ارتفاع 15256 قدماً (4650 متراً) في جبال الهيمالايا.

المرشح الأوفر حظاً

بعد فترتين رئاسيتين، يتطلع رئيس الوزراء ناريندرا مودي للفوز بولاية ثالثة، معتمداً على مستويات شعبية مرتفعة. يرى الصحافي شيخار غوبتا أن الانتخابات الحالية لن تحمل أي مفاجآت، إذ يسعى مودي البالغ من العمر 73 عاماً، إلى تأمين فترة ولاية ثالثة نادرة في منصبه اعتماداً إلى حد كبير على قوة شعبيته.

مودي مخاطباً أنصاره في كارنتاكا السبت (رويترز)

وحصل حزب مودي، بهاراتيا جاناتا، بالفعل على أغلبية برلمانية قوية في انتخابات 2019، عندما فاز بـ303 مقاعد، بينما حصل شركاؤه في الائتلاف على 352 صوتاً. وهذه المرة، يبدو الحزب واثقاً من الفوز، ويطمح إلى تأمين ائتلافه 400 مقعد على الأقل، في البرلمان الذي يتألف من 543 مقعداً. يضيف غوبتا أن هذه الانتخابات تتمحور حول شخص ناريندرا مودي. «فهو أكثر شعبية من حزبه، كما أن شعبيته تتغلب على أي قضية قد تواجه الناخبين».

وأوضح: «في عهد رئيس الوزراء مودي، تشهد البلاد ولاءً شعبياً لشاغلي المناصب لم يكن له مثيل في تاريخ الهند. فهو لا يزال يتمتع بشعبية عاصفة، بعد عقد من الزمان في منصبه، شهدت خلاله الهند تصاعد نفوذها الدبلوماسي والاقتصادي، فضلاً عن جهود حكومته لجعل عقيدة الأغلبية في البلاد (الهندوسية) أكثر توافقاً مع سياساتها».

شعبية مودي

يصور مودي نفسه معارضاً للنخبة السياسية الفاسدة في البلاد. ودعمت هذه الصورة خلفيته المتواضعة، إذ نشأ في أسرة فقيرة وكان يساعد والده في بيع الشاي.

ناخبات أمام أحد مراكز الاقتراع في ولاية تيلانغانا جنوب الهند خارج المعاقل المضمونة لـ«بهاراتيا جاناتا» الجمعة (رويترز)

وفي ظل حكم مودي، حقق اقتصاد الهند ازدهاراً لافتاً. فقد أصبحت اليوم خامس أكبر اقتصاد على العالم، مع ناتج محلي إجمالي يبلغ 3.7 تريليون دولار، وقد وضعت نصب عينيها أن تصبح ثالث أكبر اقتصاد على العالم بحلول عام 2027. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو اقتصاد الهند بنسبة 6.8 في المائة في عام 2024. وفي هذا الصدد، يرى الصحافي مانيش تشيبر أن أحد أسباب شعبية مودي يكمن في تحويله الهند إلى «قوة عالمية يتودد لها الغرب»، ونقل عن ناخبين هنود قولهم إن ذلك «كان سبباً في شعورهم بالفخر والاعتزاز بأنهم هنود».

في المقابل، يواجه مودي انتقادات حادة لـ«استغلاله الدين في تقويض أركان المشهد السياسي والثقافي في البلاد على مدى العقد الماضي». إلا أن الأجندة القومية الهندوسية لمودي أكسبته الدعم بين الأغلبية الهندوسية في الهند، البالغة 80 في المائة، ما يؤهّله للفوز بالأصوات بين المجتمعات الفقيرة والريفية والطبقات الدنيا، وكذا الناخبين الأثرياء من المناطق الحضرية ذات الغالبية الهندوسية، فضلاً عن الطبقات الوسطى الصاعدة.

تخبط المعارضة

يواجه حزب «بهاراتيا جاناتا» الذي يقوده مودي، إلى جانب «التحالف الوطني الديمقراطي»، أحزاب معارضة يمثّلها ائتلاف «التحالف الوطني الهندي التنموي الشامل» (I.N.D.I.A). وتتألف هذه الكتلة، التي تشكّلت لإزاحة حزب «بهاراتيا جاناتا» عن السلطة، من حزب «المؤتمر» وهو أكبر أحزاب المعارضة، وأحزاب إقليمية بارزة مثل «حزب ساماجوادي»، و«حزب مؤتمر ترینامول»، و«حزب درافيدا مونيترا خازاغام»، و«حزب آم آدمي». ويُعدّ حزب المؤتمر، وهو الحزب المعارض الرئيسي، أقدم حزب سياسي في البلاد، يعود تاريخه إلى عام 1885 عندما حكم البريطانيون شبه القارة الهندية. ولكن مكانة هذا الحزب الكبير تراجعت بشكل حادّ في الحياة السياسية الهندية منذ عام 2014، مع صعود ناريندرا مودي السريع. ويقول مانيش تشيبر: «لم يعد كثيرون ينظرون إلى حزب المؤتمر بوصفه بديلاً حقيقياً، بعد أن خسر بشكل دراماتيكي جولتين متتاليتين من الانتخابات العامة، وتراجعه مؤخراً في استطلاعات الرأي على مستوى الولايات لصالح حزب (بهاراتيا جاناتا). وحتى الآن، يفتقر حزب المؤتمر مع راهول غاندي إلى شخصية محفزة تتمتع بكاريزما تستطيع منافسة مودي، الذي تبدو شعبيته على الساحة الوطنية وكأنها أكبر من أي قضية بعينها».


مقالات ذات صلة

عشرات «الطعون» الجديدة تلاحق انتخابات «النواب» المصري

شمال افريقيا مصريون يستعدون لدخول أحد مراكز الاقتراع في انتخابات مجلس النواب (المنظمة المصرية لحقوق الإنسان)

عشرات «الطعون» الجديدة تلاحق انتخابات «النواب» المصري

تلاحق عشرات الطعون نتائج المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب المصري، لتضاف إلى سلسلة طعون رافقت المرحلة الأولى، وأدت إلى إعادة الانتخابات ببعض الدوائر.

علاء حموده (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون أمام اللجان في انتخابات إعادة إحدى الدوائر الملغاة بالإسكندرية الأربعاء (تنسيقية شباب الأحزاب)

تراجع جديد للمعارضة المصرية في المرحلة الثانية لانتخابات «النواب»

تتسارع استعدادات المرشحين لخوض جولات الإعادة في انتخابات مجلس النواب المصري (الغرفة الأولى للبرلمان) وسط ضغوط كبيرة تلاحق أحزاب المعارضة

علاء حموده (القاهرة )
شمال افريقيا على الرغم من قبول البعض بمبدأ إجراء الانتخابات الرئاسية فإنهم أبدوا مخاوفهم من عقبات كبيرة تعترض المسار الذي اقترحته المفوضية (مفوضية الانتخابات)

كيف يرى الليبيون إمكانية إجراء الانتخابات الرئاسية في أبريل المقبل؟

رفض مجلس حكماء وأعيان طرابلس إجراء الانتخابات الرئاسية قبل وجود دستور، وذهب إلى ضرورة تجديد الشرعية التشريعية أولاً عبر الانتخابات البرلمانية.

علاء حموده (القاهرة )
المشرق العربي الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال صورة تذكارية على هامش «قمة شرم الشيخ» يوم 13 أكتوبر 2025 (إعلام حكومي)

ضغوط أميركية تواصل إرباك «التنسيقي» العراقي

نأت المرجعية الدينية في النجف عن أي حراك بشأن حسم المرشح لمنصب رئيس الوزراء، في حين تحدثت مصادر عن ارتباك في خطط «الإطار التنسيقي».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي أعضاء مبادرة «عراقيون» بعد اجتماعهم في بغداد يوم 26 أبريل 2025 (الشرق الأوسط)

نخب عراقية تحذر من عودة «ظاهرة سجناء الرأي»

حذر العشرات من الناشطين والمثقفين العراقيين من تصاعد ظاهرة الدعاوى التي يقيمها في الآونة الأخيرة «مقربون من السلطة أو يحركها مخبرون سريون ضد أصحاب الرأي».

فاضل النشمي (بغداد)

أين يُدفن مسلمو اليابان؟

صورة لمقبرة إسلامية في اليابان من موقع «halaljapan»
صورة لمقبرة إسلامية في اليابان من موقع «halaljapan»
TT

أين يُدفن مسلمو اليابان؟

صورة لمقبرة إسلامية في اليابان من موقع «halaljapan»
صورة لمقبرة إسلامية في اليابان من موقع «halaljapan»

لم تكن قضية الدفن في اليابان مطروحة على نحو واسع في السنوات الماضية، فالمجتمع الذي اعتاد منذ عقود طويلة على الحرق (الكريماتوريوم) بوصفه الطقس الجنائزي شبه الوحيد، لم يعرف تقليد الأرض، ولا القبور المفتوحة، ولا الأبنية الحجرية التي تتعانق فوقها شواهد الموتى. في بلد تشكّل الجبال ثلاثة أرباع مساحته، وتنافس المدن بضيق شوارعها على كل شبر من اليابسة، بدا الموت نفسه خاضعاً لحسابات المكان، مسيّجاً بقواعد عمرانية وثقافية صارمة، جعلت من الحرق خياراً إجبارياً لا يخطر ببال أحد تجاوزه.

هنا، تتغلب العقيدة على الجغرافيا، وتنتصر الضرورة على الطقوس؛ فالحرق هو الخاتمة الطبيعية لأغلب اليابانيين، بنسبة تتجاوز 99 في المائة. نهاية تتماهى مع الفلسفة البوذية والشينتو، لكنها أيضاً استجابة عملية لجغرافيا لا تسمح بترف المدافن، ولا بشواهد ممتدة على مدى البصر كما يعتاد الناس في بلدان أخرى، في حين يُعامل الدفن باعتباره استثناءً نادراً، لا سند له سوى حالات خاصة أو ظروف قاهرة. لكن هذا النظام، الذي ظلّ عقوداً بلا منازع، بدأ يواجه اختباراً جديداً مع اتساع الجالية المسلمة في البلاد، والتي تتراوح أعدادها وفق تقديرات متقاطعة بين 200 و350 ألف مسلم. هذه الجالية، التي تنمو في الجامعات والمصانع والبحث العلمي والتجارة، تحمل معها تقليداً جنائزياً لا يعرف المساومة: دفن الميت في الأرض، وفق شروط شرعية ثابتة، لا حرق فيها ولا تبديل.

كيف وأين يُدفن المسلمون في اليابان؟

بدأت أسئلة جديدة تُطرح حول كيف وأين يُدفن المسلمون في اليابان؟ فجاءت الإجابة مُربكة: مساحات قليلة ومتباعدة، بعضها في أطراف كوبي، وأخرى في ريف هوكايدو البعيد، في حين تُحرم مناطق واسعة من توهوكو شمالاً إلى كيوشو جنوباً من أي موطئ قدم لمدفن إسلامي، تاركة آلاف الأسر أمام خيارات قاسية لا تعرف سوى السفر أو الترحيل أو مواجهة فراغ تشريعي لا يعترف بالحاجة.

ومع أن مطالب الجالية المسلمة لم تكن كاسحة أو مُربكة للدولة؛ إذ اقتصر طلبهم على مساحات محدودة في ضواحي المدن تُدار وفق شروط صارمة تتوافق مع القوانين الصحية، فإن التجاوب الرسمي ظل باهتاً. برزت اعتراضات محلية تتحدث عن مخاوف بيئية من تلوث المياه الجوفية، رغم أن خبراء الصحة والبيئة لم يجدوا ما يدل على خطورة الدفن الإسلامي إذا نُظّم بطريقة مناسبة.

لحظة الانفجار البرلماني

وفي خضم هذا الجدل الصامت، انفجر الملف فجأة داخل البرلمان الياباني، حين وقفت النائبة أوميمورا ميزوهو العضوة البارزة في حزب سانسيتو المحافظ، لتعلن أن اليابان «لا تحتاج إلى أي مقابر جديدة»، وأن الحرق «هو النظام الطبيعي والمتوافق مع تركيبة هذا البلد».

ومضت خطوة أبعد من ذلك، بدعوة المسلمين إلى التفكير في «بدائل منطقية»، من بينها القبول بالحرق أو ترحيل الجثامين إلى الخارج، مستشهدة بتجارب أوروبية وأميركية، كما قالت، من دون أن تذكر أن هذه التجارب نفسها تواجه انتقادات واسعة عندما تتعارض مع حقوق الأقليات الدينية.

غضب في صفوف الجالية المسلمة

وقد جاء تصريحها كصاعقة في أوساط الجالية المسلمة، التي رأت فيه إشارة واضحة إلى توجّه رسمي نحو إغلاق الباب أمام أي توسع في المقابر الإسلامية، خصوصاً بعد أن حظي كلامها بتأييد عدد من النواب الذين تحدثوا عن «عجز اليابان عن تحمل أعباء ثقافية جديدة بسبب ضيق الأرض».

فجأة، تحولت القضية من نقاش بلدي إلى مشهد سياسي وطني واسع، وبات المسلمون يشعرون بأن حقهم في الدفن وفقاً لشريعتهم يُناقَش الآن في البرلمان باعتباره عبئاً، لا احتياجاً دينيّاً وإنسانياً مشروعاً.

وبين ضغط الجغرافيا اليابانية، وتمسّك المسلمين بواجباتهم الشرعية، ومواقف سياسية تزداد تصلباً، تبدو أزمة المقابر الإسلامية مرشحة لتتحول إلى اختبار حقيقي لقدرة اليابان على مواكبة مجتمع أصبح أكثر تنوعاً مما كان عليه قبل عقد واحد فقط. وبينما تبقى القبور قليلة، يظل السؤال الأكبر معلّقاً فوق المشهد الياباني: هل ستتسع أرض اليابان للموتى المسلمين بعد أن ضاقت بحاجات الأحياء، أو أن رحلتهم الأخيرة ستظل تبدأ في اليابان... لكنها لا تنتهي فيها؟


رئيس كوريا الجنوبية يشعر بأن عليه الاعتذار لبيونغ يانغ عن تصرفات سلفه

الرئيس الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ خلال اجتماع مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض (ا.ب)
الرئيس الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ خلال اجتماع مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض (ا.ب)
TT

رئيس كوريا الجنوبية يشعر بأن عليه الاعتذار لبيونغ يانغ عن تصرفات سلفه

الرئيس الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ خلال اجتماع مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض (ا.ب)
الرئيس الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ خلال اجتماع مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض (ا.ب)

قال الرئيس الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ، اليوم (الأربعاء)، إنه يشعر بأن عليه تقديم اعتذار لكوريا الشمالية بسبب أوامر سلفه بإرسال مسيّرات ومنشورات دعائية عبر الحدود.

وقال في مؤتمر صحافي عقده في مناسبة مرور عام على إعلان الرئيس السابق يون سوك يول الأحكام العرفية وإدخال البلاد في حالة من الفوضى لفترة وجيزة: «أشعر بأن علي أن أعتذر لكنني أتردد في قول ذلك بصوت عال».

وأضاف: «أخشى أنه إذا فعلت ذلك، قد يتم استخدامه في المعارك الأيديولوجية أو لاتهامي بأنني مؤيد للشمال».

من جهة أخرى، أكد ميونغ أن سيول يجب ألا تأخذ طرفاً بين اليابان والصين في ظل توتر العلاقات بين البلدين بسبب قضية تايوان.

وقال: «هناك خلاف بين اليابان والصين، والانحياز إلى أي طرف منهما لا يؤدي إلا إلى تفاقم التوترات».

وأشار إلى أن «المقاربة المثالية هي التعايش واحترام واحدنا الآخر والتعاون قدر الإمكان»، واصفا شمال شرق آسيا بأنها "منطقة شديدة الخطورة من حيث الأمن العسكرير.وتصاعد الخلاف بين طوكيو وبكين بعدما صرحت رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي بأن طوكيو قد تتدخل عسكرياً إذا غزت الصين تايوان ما أثار ردود فعل دبلوماسية حادة من بكين التي دعت مواطنيها إلى تجنب السفر إلى اليابان.وتعتبر الصين تايوان التي تتمتع بحكم ذاتي جزءاً من أراضيها ولم تستبعد ضمها بالقوة إذا لزم الأمر.


الفلبين: الحوثيون سيفرجون عن مواطنين ناجين من غرق سفينة في البحر الأحمر

أعمدة الدخان تتصاعد من سفينة الشحن «إم في ماجيك سيز» التي ترفع علم ليبيريا وتديرها شركة يونانية بعد تعرضها لهجوم قبالة جنوب غربي اليمن (رويترز)
أعمدة الدخان تتصاعد من سفينة الشحن «إم في ماجيك سيز» التي ترفع علم ليبيريا وتديرها شركة يونانية بعد تعرضها لهجوم قبالة جنوب غربي اليمن (رويترز)
TT

الفلبين: الحوثيون سيفرجون عن مواطنين ناجين من غرق سفينة في البحر الأحمر

أعمدة الدخان تتصاعد من سفينة الشحن «إم في ماجيك سيز» التي ترفع علم ليبيريا وتديرها شركة يونانية بعد تعرضها لهجوم قبالة جنوب غربي اليمن (رويترز)
أعمدة الدخان تتصاعد من سفينة الشحن «إم في ماجيك سيز» التي ترفع علم ليبيريا وتديرها شركة يونانية بعد تعرضها لهجوم قبالة جنوب غربي اليمن (رويترز)

أعلنت السلطات الفلبينية، اليوم الثلاثاء، أن الحوثيين سيطلقون سراح تسعة من مواطنيها هم أفراد طاقم سفينة شحن أغرقها المتمردون اليمنيون، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

ونجا التسعة بعد غرق سفينة «إيترنيتي سي» التي ترفع العلم الليبيري، وكانت من بين سفينتين تجاريتين غرقتا في البحر الأحمر في يوليو (تموز).

ونشر الحوثيون تسجيلاً مصوراً للهجوم على السفينة حينذاك قائلين إنهم أنقذوا عدداً غير محدد من أفراد الطاقم ونقلوهم إلى موقع آمن.

وأفادت الخارجية الفلبينية بأنها تلقت وعداً من سلطنة عمان بأنه «سيتم الإفراج عن تسعة بحارة فلبينيين من (إم/في إيترنيتي سي) المشؤومة، احتجزهم الحوثيون كرهائن في البحر الأحمر».

وذكر البيان الذي أشار إلى جهود الحكومة العمانية أنهم سينقلون أولاً من صنعاء إلى عُمان قبل العودة إلى بلادهم.

ورفض متحدث باسم وزارة الخارجية تحديد موعد لعملية إطلاق سراحهم، أو الإفصاح عما إذا كانت مرتبطة بأي شروط.

ووضع غرق سفينتي «إتيرنيتي سي» و«ماجيك سيز» في يوليو حداً لتوقف دام عدة شهور للهجمات التي شنّها الحوثيون على حركة الملاحة في البحر الأحمر، والتي بدأت بعد اندلاع حرب غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ودفعت الهجمات التي يقول الحوثيون إنها استهدفت سفن الشحن المرتبطة بإسرائيل تضامناً مع الفلسطينيين، العديد من الشركات لتجنّب هذا المسار، حيث يمر عادة نحو 12 في المائة من الشحنات التجارية في العالم.

ويشكّل البحارة الفلبين نحو 30 في المائة من قوة الشحن التجاري العالمية. وشكّل مبلغ قدره نحو سبعة مليارات دولار أرسلوه إلى بلدهم عام 2023، نحو خُمس التحويلات التي تُرسل إلى الأرخبيل.