عرضة بشكل كبير للزلازل... ما سر «صمود» تايوان أمام هذه الكوارث؟

المنطقة شهدت أمس أقوى زلزال منذ ربع قرن

إغلاق منطقة المبنى السكني المنهار في أعقاب الزلزال الذي ضرب هوالين في تايوان (إ.ب.أ)
إغلاق منطقة المبنى السكني المنهار في أعقاب الزلزال الذي ضرب هوالين في تايوان (إ.ب.أ)
TT

عرضة بشكل كبير للزلازل... ما سر «صمود» تايوان أمام هذه الكوارث؟

إغلاق منطقة المبنى السكني المنهار في أعقاب الزلزال الذي ضرب هوالين في تايوان (إ.ب.أ)
إغلاق منطقة المبنى السكني المنهار في أعقاب الزلزال الذي ضرب هوالين في تايوان (إ.ب.أ)

تعرضت تايوان أمس (الأربعاء) لأقوى زلزال تشهده منذ ربع قرن. قُتل ما لا يقل عن تسعة أشخاص وجُرح المئات، وتضررت المباني والطرق السريعة وتوقفت خدمة القطارات لفترة.

يقول الخبراء إن الزلازل القوية ليست غريبة على تايوان، إلا أنه تم احتواء آثارها على سكان الجزيرة ذات التقنية العالية البالغ عددهم 23 مليون نسمة، بفضل استعدادها الممتاز للزلازل، وفقاً لصحيفة «إندبندنت».

وفيما يلي نظرة فاحصة على تاريخ الزلازل في تايوان:

تقع تايوان على طول «حزام النار» في المحيط الهادي، وهو خط الصدوع الزلزالية الذي يحيط بالمحيط الهادي، حيث تحدث معظم الزلازل في العالم.

المنطقة معرضة بشكل خاص للزلازل بسبب التوتر المتراكم من تفاعلات الصفائح التكتونية، صفيحة بحر الفلبين والصفيحة الأوراسية، مما قد يؤدي إلى إطلاقات مفاجئة على شكل زلازل.

يمكن أن تؤدي الطبيعة الجبلية في المنطقة إلى اهتزاز الأرض، وحدوث انهيارات أرضية. ووقعت العديد من هذه الانهيارات الأرضية على الساحل الشرقي لتايوان بالقرب من مركز الزلزال الذي ضرب يوم الأربعاء بالقرب من مقاطعة هوالين الشرقية، عندما وصل الحطام المتساقط إلى الأنفاق والطرق السريعة، مما أدى إلى سحق المركبات وتسبب في سقوط القتلى.

لقطة بعيدة تُظهر موقع مبنى منهار في أعقاب الزلزال الذي ضرب هوالين في تايوان (رويترز)

ما مدى جاهزية تايوان للتعامل مع الزلازل؟

قالت وكالة مراقبة الزلازل في تايوان إن قوة زلزال أمس بلغت 7.2 درجة، في حين قدرت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية قوته بـ7.4 درجة. وألحق الزلزال أضراراً بعدة مبانٍ في هوالين لكنه لم يتسبب إلا في خسائر طفيفة في العاصمة تايبيه على الرغم من الشعور به بقوة هناك.

رجل يتفاعل بعد انهيار جدار في منزل بتايبيه بعد أن ضرب زلزال كبير شرق تايوان (أ.ف.ب)

وقع الزلزال في منتصف ساعة الذروة الصباحية، لكنه أدى إلى خروج الحياة العادية عن مسارها لفترة وجيزة من الوقت فقط. فبعد دقائق، كان الآباء يصطحبون أطفالهم مرة أخرى إلى المدرسة، وكان العمال يقودون سياراتهم إلى مكاتبهم.

قال ستيفن جاو، عالم الزلازل والأستاذ بجامعة ميسوري للعلوم والتكنولوجيا، إن «استعداد تايوان لمواجهة الزلازل يعد من بين الأكثر تقدماً في العالم... لقد طبقت الجزيرة قوانين بناء صارمة، وشبكة زلزالية ذات مستوى عالمي، وحملات تثقيفية عامة واسعة النطاق حول السلامة من الزلازل».

الرماد يغطي منحدر تشينغ شوي بعد وقوع زلزال في مدينة هوالين (أ.ف.ب)

وتقوم الحكومة باستمرار بمراجعة مستوى مقاومة الزلازل المطلوبة للمباني الجديدة والقائمة - الأمر الذي قد يزيد من تكاليف البناء - وتقدم إعانات مالية للمقيمين الراغبين في التحقق من مقاومة مبانيهم للزلازل.

في أعقاب زلزال عام 2016 في تاينان، على الساحل الجنوبي الغربي للجزيرة، أُدين خمسة أشخاص شاركوا في بناء مبنى سكني شاهق مكون من 17 طابقاً وكان المبنى الرئيسي الوحيد الذي انهار، مما أسفر عن مقتل العشرات، بتهمة الإهمال، وتم سجنهم.

وتقوم البلاد أيضاً بإجراء تدريبات خاصة بالزلازل في المدارس وأماكن العمل، بينما تحمل وسائل الإعلام العامة والهواتف المحمولة بانتظام إشعارات حول الزلازل والسلامة.

وقال جاو: «لقد عززت هذه الإجراءات بشكل كبير قدرة تايوان على الصمود في وجه الزلازل، مما ساعد على التخفيف من احتمالات وقوع أضرار كارثية وخسائر في الأرواح».

العيش مع الزلازل

سجلت تايوان والمياه المحيطة بها نحو ألفي زلزال بقوة 4.0 أو أكثر منذ عام 1980، وأكثر من 100 زلزال بقوة تزيد عن 5.5 درجة، وفقاً لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية.

ووقع أسوأ زلزال شهدته الجزيرة في السنوات الأخيرة في 21 سبتمبر (أيلول) عام 1999 بقوة 7.7 درجة. وتسبب في مقتل 2400 شخص وإصابة نحو 100 ألف وتدمير آلاف المباني.

وكان آخر زلزال مميت ضرب مقاطعة هوالين قد وقع عام 2018، مما أدى إلى انهيار فندق تاريخي ومبانٍ أخرى.

وأوضح جاو: «لسوء الحظ، سيستمر هذا المستوى العالي من النشاط الزلزالي لملايين السنين القادمة... وهذا يؤكد أهمية الاستعداد والقدرة على الصمود في مواجهة المخاطر المستمرة».


مقالات ذات صلة

تركيا: زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه

أوروبا شخص ينظر إلى الأنقاض والحطام بعد زلزال في كهرمان مرعش بتركيا 8 فبراير 2023 (رويترز)

تركيا: زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه

أفاد التلفزيون التركي، اليوم الأحد، بوقوع زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
يوميات الشرق شرم الشيخ شهدت زلزالاً بلغت قوته 4.25 درجة على مقياس ريختر (عبد الفتاح فرج)

ما أسباب تكرار الهزات الأرضية في شمال البحر الأحمر؟

سجّلت محطات شبكة الزلازل القومية، هزة أرضية على بُعد 12 كيلومتراً من مدينة شرم الشيخ، عند الساعة 7:34 صباحاً بتوقيت القاهرة، مما أثار انتباه السكان في المنطقة.

محمد السيد علي (القاهرة)
شؤون إقليمية قُبض على الإسرائيلي بوريس ولفمان في إسطنبول 2015 وسُلم لإسرائيل لاتهامه بالاتجار بالأعضاء وعاد إلى تركيا عام 2017 (إعلام تركية)

القبض على إسرائيلي في تركيا للاتجار بأعضاء اللاجئين السوريين

قررت محكمة تركية في إسطنبول توقيف إسرائيلي مطلوب من الإنتربول الدولي بنشرة حمراء، لتورطه في عمليات اتجار بالأعضاء في أوساط اللاجئين السوريين في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية سكان مالاطيا غادروا منازلهم وبقوا في الشوارع بسبب الهلع من الزلزال (إعلام تركي)

زلزال بقوة 5.9 درجة ضرب شمال تركيا وأعاد ذكريات «كهرمان ماراش»

ضرب زلزال بقوة 5.9 درجة على مقياس ريختر ولاية مالاطيا في شرق تركيا تأثرت به بعض المناطق في جنوب شرقي البلاد وفي شمال سوريا ولم يسفر عن ضحايا أو إصابات خطيرة

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية صورة أرشيفية لآثار الزلزال الذي ضرب ملاطية العام الماضي (غيتي)

شعر به سكان مدن سورية... زلزال بقوة 5.9 درجة يضرب جنوب شرق تركيا

أعلنت إدارة الكوارث والطوارئ التركية أن زلزالاً بقوة 5.9 درجة هز إقليم ملاطية في جنوب شرق تركيا، اليوم الأربعاء، وشعر به سكان مدن سورية.

«الشرق الأوسط» (اسطنبول)

كيم: التواصل الدبلوماسي السابق يؤكد العداء الأميركي «الثابت» لكوريا الشمالية

تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)
تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)
TT

كيم: التواصل الدبلوماسي السابق يؤكد العداء الأميركي «الثابت» لكوريا الشمالية

تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)
تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)

قال الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إن التواصل الدبلوماسي السابق بين بيونغ يانغ وواشنطن أكد عداء الولايات المتحدة «الثابت» تجاه بلاده، وفق ما ذكرت وكالة الإعلام الرسمية الكورية الشمالية الجمعة، قبل عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض قريبا، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وخلال ولايته الأولى، التقى ترمب وكيم ثلاث مرات لكنّ واشنطن فشلت في إحراز تقدم كبير في الجهود الرامية إلى نزع الأسلحة النووية في كوريا الشمالية.

ومنذ انهيار القمة الثانية بين كيم وترمب في هانوي عام 2019، تخلّت كوريا الشمالية عن الدبلوماسية وكثّفت جهودها لتطوير الأسلحة ورفضت العروض الأميركية لإجراء محادثات.

وخلال تحدّثه الخميس في معرض دفاعي لبعض أقوى أنظمة الأسلحة في كوريا الشمالية، لم يذكر كيم ترمب بالاسم، لكن آخر محادثات رفيعة المستوى مع الولايات المتحدة جرت تحت إدارته.

وقال كيم وفق وكالة الأنباء المركزية الكورية: «ذهبنا إلى أبعد ما يمكن مع الولايات المتحدة كمفاوضين، وما أصبحنا متأكدين منه هو عدم وجود رغبة لدى القوة العظمى في التعايش»، وأضاف أنه بدلا من ذلك، أدركت بيونغ يانغ موقف واشنطن وهو «سياسة عدائية ثابتة تجاه كوريا الشمالية».

وأظهرت صور نشرتها وكالة الأنباء المركزية الكورية ما يبدو أنه صواريخ باليستية عابرة للقارات وصواريخ فرط صوتية وراجمات صواريخ وطائرات مسيّرة في المعرض.

وذكرت الوكالة أن المعرض يضم «أحدث منتجات بيونغ يانغ لمجموعة الدفاع الوطني العلمية والتكنولوجية لكوريا الديمقراطية مع الأسلحة الاستراتيجية والتكتيكية التي تم تحديثها وتطويرها مجددا».

وقال كيم أيضا في كلمته إن شبه الجزيرة الكورية لم يسبق أن واجهت وضعا كالذي تواجهه راهنا و«قد يؤدي إلى أكثر الحروب النووية تدميرا».

وفي الأشهر الأخيرة، عززت كوريا الشمالية علاقاتها العسكرية مع موسكو، فيما قالت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية إن بيونغ يانغ أرسلت آلاف الجنود إلى روسيا لدعمها في حربها ضد أوكرانيا.

خلال لقاء سابق بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون (أ.ف.ب)

زعيمان «في الحب»

بعد أشهر من القمة التاريخية الأولى بين كيم وترمب في سنغافورة في يونيو (حزيران) 2018، قال الرئيس الأميركي وقتها خلال تجمع لمناصريه إنه والرئيس الكوري الشمالي وقعا «في الحب».

وكشف كتاب صدر في عام 2020 أن كيم استخدم الإطراء والنثر المنمق وتوجه إلى ترمب مستخدما تعبير «سُموّك» في الرسائل التي تبادلها مع الرئيس السابق.

لكنّ قمتهما الثانية في عام 2019 انهارت على خلفية تخفيف العقوبات وما سيكون على بيونغ يانغ التخلي عنه في المقابل.

وفي يوليو (تموز) من العام الحالي، قال ترمب متحدثا عن كيم: «أعتقد أنه يفتقدني»، و«من الجيد أن أنسجم مع شخص لديه الكثير من الأسلحة النووية».

وفي تعليق صدر في الشهر ذاته، قالت كوريا الشمالية إنه رغم أن ترمب حاول أن يعكس «العلاقات الشخصية الخاصة» بين رئيسَي البلدين، فإنه «لم يحقق أي تغيير إيجابي جوهري».