بلينكن يحذر الصين من أي هجوم «مسلح» ضد الفلبين

بكين ترفض التدخل الأميركي في بحر الصين الجنوبي

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال اجتماعه مع الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس في قصر مالاكانانغ الرئاسي في مانيلا (رويترز)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال اجتماعه مع الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس في قصر مالاكانانغ الرئاسي في مانيلا (رويترز)
TT

بلينكن يحذر الصين من أي هجوم «مسلح» ضد الفلبين

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال اجتماعه مع الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس في قصر مالاكانانغ الرئاسي في مانيلا (رويترز)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال اجتماعه مع الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس في قصر مالاكانانغ الرئاسي في مانيلا (رويترز)

​حذَّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الثلاثاء، الصين، من مغبة القيام بأي هجوم «مسلح» ضد الفلبين، مؤكداً الالتزام «الحازم» من الولايات المتحدة الدفاع عن حليفتها، في انعكاس للتوترات المتزايدة التي تهدد بجر المنطقة إلى حرب.

ولكن في دليل على أن واشنطن تأمل في تهدئة الوضع، لم يشر بلينكن إلى أن الاستفزازات الصينية الأخيرة، والتي تشمل صدم سفن فلبينية وضربها بخراطيم المياه، تجاوزت الحدود لتصل إلى هجمات «مسلحة».

وخلال مؤتمر صحافي مع نظيره الفلبيني أنريكي مانالو، سئل بلينكن عن كيفية ردع ما يسميه بعض المحللين «تكتيكات الإكراه» الصينية في «المنطقة الرمادية» المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، والتي يفيد المسؤولون الفلبينيون بأنها تشمل توجيه أشعة ليزر عالية الطاقة نحو سفينة تابعة لخفر السواحل الفلبيني، وإصابة بعض أفراد الطاقم بالعمى الموقت، فتحدث بلينكن عن تدابير دبلوماسية، وليست عسكرية. وقال: «أعتقد أن مجرد ظهور تلك الأعمال أثار بيانات واضحة من عدد من الدول الأخرى لدعم الفلبين، ضد هذه الأعمال الاستفزازية التي تشكل تهديداً للسلام والأمن وحرية الملاحة والحقوق الأساسية بموجب القانون الدولي».

ناشطون فلبينيون يحتجون على زيارة بلينكن لمانيلا الثلاثاء (رويترز)

وأضاف أن «هذه الممرات المائية ضرورية للفلبين وأمنها واقتصادها؛ لكنها مهمة أيضاً لمصالح المنطقة والولايات المتحدة والعالم»، مستطرداً بأنه «لهذا السبب نقف مع الفلبين، ونتمسك بالتزاماتنا الدفاعية الحازمة، بما في ذلك بموجب معاهدة الدفاع المشترك».

محاولة التوازن

وكثيراً ما أكد مسؤولون أميركيون كبار أن «أي هجوم مسلح» ضد سفن وطائرات فلبينية والقوات المسلحة وخفر السواحل، من شأنه أن يؤدي إلى تفعيل معاهدة الدفاع الأميركية الفلبينية المشتركة لعام 1951، والتي تلتزم واشنطن بموجبها الدفاع عن حليفتها.

وعبر الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس عن «قلق شديد» من مواجهات وقعت في الفترة الأخيرة، وأثارت سجالاً دبلوماسياً بين مانيلا وبكين.

وحدة مدفعية فلبينية خلال تدريبات شمال مانيلاً في 15 مارس الحالي (أ.ف.ب)

وهذه الزيارة للفلبين هي الثانية لبلينكن منذ تولي الرئيس فرديناند ماركوس جونيور الحكم عام 2022. وتأتي في إطار جولة آسيوية قصيرة تهدف إلى تعزيز دعم الولايات المتحدة لحلفائها الإقليميين في مواجهة الصين.

وحاول بلينكن أن يكون متوازناً في إظهار سعي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إذابة الجليد الأخير في العلاقات مع بكين، بينما تقف بلاده أيضاً بحزم ضد أي عدوان صيني في المنطقة. وكان يشير أيضاً إلى الدعم الأميركي القوي لمانيلا، في وقت التوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين. والتقى بلينكن أيضاً الرئيس ماركوس الذي أعاد سياسة بلاده الخارجية نحو واشنطن منذ خلف رودريغو دوتيرتي الذي سخر من الولايات المتحدة، واحتضن بكين.

قمة ثلاثية

وتسبق زيارة بلينكن اجتماعاً ثلاثياً مقرراً في واشنطن الشهر المقبل، بين الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس ماركوس ورئيس الحكومة اليابانية فوميو كيشيدا.

ولدى إعلان القمة الثلاثية مع الحليفين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، قالت الناطقة باسم البيت الأبيض كارين جان- بيار، إن القادة سيدفعون باتجاه «رؤية مشتركة لمنطقة محيط هندي- هادئ حرة ومفتوحة».

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مصافحاً نظيره الفلبيني أنريكي مانالو في مانيلا (أ.ب)

وقبيل اجتماعاته، جال بلينكن في مصنع لأشباه الموصلات، معتبراً الفلبين «شريكاً يزداد أهمية» في ضمان سلاسل إمداد «متينة» للرقائق.

وتسعى الولايات المتحدة لترسيخ ريادتها في هذا القطاع لأسباب تتعلق بالأمن القومي، وأيضاً في مواجهة المنافسة مع الصين.

وترى الولايات المتحدة فائدة اقتصادية واستراتيجية في تجديد الصداقة مع الفلبين؛ لأنها واحدة من 7 دول تحصل على تمويل من «قانون تشيبس» للرقائق لعام 2022 الذي أقره الكونغرس بدعم من الرئيس بايدن. ويسمح القانون بتمويل إضافي لتعزيز الأبحاث، وتصنيع أشباه الموصلات في الولايات المتحدة، ولتنويع سلسلة التوريد للتكنولوجيا المتقدمة في أميركا.

وتطالب الصين بالسيادة على بحر الصين الجنوبي بأكمله تقريباً، متجاهلة مطالب مماثلة من عدد من دول جنوب شرقي آسيا، ومنها الفلبين، وعلى الرغم من قرار قضائي دولي عدَّ مطالبتها لا تستند إلى أساس.

ليست طرفاً

وعقب تصريحات بلينكن، أفاد الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان، بأن «الولايات المتحدة ليست طرفاً في مسألة بحر الصين الجنوبي، ولا يحق لها التدخل في قضايا بحرية بين الصين والفلبين».

وتعاملت وسائل الإعلام الصينية مع زيارة بلينكن بازدراء. ونشرت صحيفة «غلوبال تايمز» أن «استخدام واشنطن لمانيلا كوكيل لتعطيل الوضع في بحر الصين الجنوبي، يمكن أن يؤدي إلى مواجهة استراتيجية إقليمية بمستوى غير مسبوق»، مرفقة الموضوع بصورة لبلينكن متجهماً ومقطباً.

وكانت بكين قد اتهمت واشنطن باستخدام الفلبين «بيدقاً» في الخلاف حول بحر الصين الجنوبي وشعاب أخرى.


مقالات ذات صلة

طوكيو تعرب لبكين عن «مخاوف جدية» بشأن الوضع في بحر الصين الجنوبي

آسيا رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا (أ.ب)

طوكيو تعرب لبكين عن «مخاوف جدية» بشأن الوضع في بحر الصين الجنوبي

أعرب رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا للرئيس الصيني شي جينبينغ عن قلقه بشأن الوضع في بحر الصين الجنوبي حيث تتزايد الحوادث في المياه المتنازع عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
آسيا الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس يصادق على قوانين تُحدد المياه الإقليمية للفلبين (إ.ب.أ)

الفلبين تصادق على قوانين جديدة «لحماية» مجالها البحري

أصدر الرئيس الفلبيني، فرديناند ماركوس، قوانين تُحدد المياه الإقليمية للفلبين، وتفرض ممرات ثابتة لمرور السفن والطائرات الأجنبية، ما أثار رد فعل قوياً من الصين.

«الشرق الأوسط» (مانيلا)
آسيا مدمرة تبحر في مضيق تايوان (أ.ف.ب)

تايبيه تعلن عبور حاملة طائرات صينية مضيق تايوان

أبحرت حاملة طائرات صينية في مضيق تايوان، الأربعاء، وفق ما أعلن عنه وزير الدفاع التايواني، ويلينغتون كو، غداة إجراء بكين مناورات بالذخيرة الحيّة قرب الجزيرة.

«الشرق الأوسط» (تايبيه (تايوان))
الولايات المتحدة​ اللواء ماركوس إيفانز القائد العام للفرقة الخامسة والعشرين للمشاة في الجيش الأميركي (يسار) والرقيب أول شون كاري يؤديان التحية العسكرية خلال مراسم وضع إكليل الزهور لتكريم الجنود الأميركيين الذين لقوا حتفهم خلال الحرب العالمية الثانية بمقبرة مانيلا الأميركية بالفلبين الاثنين (أ.ب)

جنرال أميركي: نشر الصواريخ في الفلبين «مهم للغاية» للاستعداد القتالي

قال جنرال أميركي إن نشر الجيش الأميركي صواريخ متوسطة المدى في شمال الفلبين كان «مهماً للغاية»، وسمح للقوات الأميركية والفلبينية بالتدريب المشترك على استخدامها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
آسيا لقطة فيديو تُظهر قارباً صينياً لدى مروره بزورق تايواني خلال التدريبات العسكرية الصينية الاثنين (أ.ب)

مناورات صينية «تحذيرية» تعزز التوتر مع تايوان

اختتمت الصين يوماً من المناورات العسكرية في محيط تايوان، الاثنين، نشرت خلالها مقاتلات وسفناً حربية.

«الشرق الأوسط» (تايبيه - بكين)

كيم: التواصل الدبلوماسي السابق يؤكد العداء الأميركي «الثابت» لكوريا الشمالية

تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)
تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)
TT

كيم: التواصل الدبلوماسي السابق يؤكد العداء الأميركي «الثابت» لكوريا الشمالية

تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)
تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)

قال الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إن التواصل الدبلوماسي السابق بين بيونغ يانغ وواشنطن أكد عداء الولايات المتحدة «الثابت» تجاه بلاده، وفق ما ذكرت وكالة الإعلام الرسمية الكورية الشمالية الجمعة، قبل عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض قريبا، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وخلال ولايته الأولى، التقى ترمب وكيم ثلاث مرات لكنّ واشنطن فشلت في إحراز تقدم كبير في الجهود الرامية إلى نزع الأسلحة النووية في كوريا الشمالية.

ومنذ انهيار القمة الثانية بين كيم وترمب في هانوي عام 2019، تخلّت كوريا الشمالية عن الدبلوماسية وكثّفت جهودها لتطوير الأسلحة ورفضت العروض الأميركية لإجراء محادثات.

وخلال تحدّثه الخميس في معرض دفاعي لبعض أقوى أنظمة الأسلحة في كوريا الشمالية، لم يذكر كيم ترمب بالاسم، لكن آخر محادثات رفيعة المستوى مع الولايات المتحدة جرت تحت إدارته.

وقال كيم وفق وكالة الأنباء المركزية الكورية: «ذهبنا إلى أبعد ما يمكن مع الولايات المتحدة كمفاوضين، وما أصبحنا متأكدين منه هو عدم وجود رغبة لدى القوة العظمى في التعايش»، وأضاف أنه بدلا من ذلك، أدركت بيونغ يانغ موقف واشنطن وهو «سياسة عدائية ثابتة تجاه كوريا الشمالية».

وأظهرت صور نشرتها وكالة الأنباء المركزية الكورية ما يبدو أنه صواريخ باليستية عابرة للقارات وصواريخ فرط صوتية وراجمات صواريخ وطائرات مسيّرة في المعرض.

وذكرت الوكالة أن المعرض يضم «أحدث منتجات بيونغ يانغ لمجموعة الدفاع الوطني العلمية والتكنولوجية لكوريا الديمقراطية مع الأسلحة الاستراتيجية والتكتيكية التي تم تحديثها وتطويرها مجددا».

وقال كيم أيضا في كلمته إن شبه الجزيرة الكورية لم يسبق أن واجهت وضعا كالذي تواجهه راهنا و«قد يؤدي إلى أكثر الحروب النووية تدميرا».

وفي الأشهر الأخيرة، عززت كوريا الشمالية علاقاتها العسكرية مع موسكو، فيما قالت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية إن بيونغ يانغ أرسلت آلاف الجنود إلى روسيا لدعمها في حربها ضد أوكرانيا.

خلال لقاء سابق بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون (أ.ف.ب)

زعيمان «في الحب»

بعد أشهر من القمة التاريخية الأولى بين كيم وترمب في سنغافورة في يونيو (حزيران) 2018، قال الرئيس الأميركي وقتها خلال تجمع لمناصريه إنه والرئيس الكوري الشمالي وقعا «في الحب».

وكشف كتاب صدر في عام 2020 أن كيم استخدم الإطراء والنثر المنمق وتوجه إلى ترمب مستخدما تعبير «سُموّك» في الرسائل التي تبادلها مع الرئيس السابق.

لكنّ قمتهما الثانية في عام 2019 انهارت على خلفية تخفيف العقوبات وما سيكون على بيونغ يانغ التخلي عنه في المقابل.

وفي يوليو (تموز) من العام الحالي، قال ترمب متحدثا عن كيم: «أعتقد أنه يفتقدني»، و«من الجيد أن أنسجم مع شخص لديه الكثير من الأسلحة النووية».

وفي تعليق صدر في الشهر ذاته، قالت كوريا الشمالية إنه رغم أن ترمب حاول أن يعكس «العلاقات الشخصية الخاصة» بين رئيسَي البلدين، فإنه «لم يحقق أي تغيير إيجابي جوهري».