لماذا تستضيف استخبارات «طالبان» المسلحين الأجانب؟ (تحليل إخباري)

تسليح المسلحين الطاجيك بأسلحة أميركية لصالح جماعة «أنصار الله»

سراج الدين حقاني وزير الداخلية الأفغاني (الداخلية الأفغانية)
سراج الدين حقاني وزير الداخلية الأفغاني (الداخلية الأفغانية)
TT

لماذا تستضيف استخبارات «طالبان» المسلحين الأجانب؟ (تحليل إخباري)

سراج الدين حقاني وزير الداخلية الأفغاني (الداخلية الأفغانية)
سراج الدين حقاني وزير الداخلية الأفغاني (الداخلية الأفغانية)

تستضيف أجهزة استخبارات «طالبان» في شمال شرق أفغانستان حوالي 300 عائلة من طاجيكستان وأوزبكستان، حيث يعدُّ الأفراد الذكور في هذه العائلات أعضاء فاعلين في «الحركة الإسلامية الأوزبكية» و«أنصار الله» في طاجيكستان.

وزارة الداخلية الأفغانية (الإعلام الأفغاني)

وبدأت حركة «طالبان» الأفغانية بتسليح المسلحين والإرهابيين الطاجيك بأسلحة أميركية لصالح جماعة «أنصار الله» في طاجيكستان. ويتحرك مقاتلو «أنصار الله» على متن سيارات جيب أميركية بالقرب من الحدود الأفغانية مع طاجيكستان في الشمال.

وكشف مصدر في أفغانستان أن «300 عائلة مرتبطة بـ(الحركة الإسلامية الأوزبكية) و(أنصار الله) في طاجيكستان استقرت في المنطقة الشمالية الشرقية، لا سيما في ولاية بدخشان».

ولا يعدُّ تنظيم «أنصار الله» في طاجيكستان و«الحركة الإسلامية الأوزبكية» المنظمات المسلحة الوحيدة المتمركزة في أفغانستان، التي تستضيفها استخبارات «طالبان».

أحد أفراد أمن «طالبان» يقف للحراسة بينما يؤدي المصلون المسلمون الأفغان صلاة ظهر الجمعة الأولى من شهر رمضان في مسجد جوزارغا في هيرات (أ.ف.ب)

في الواقع، تم نقل عملية التعامل وإدارة الجماعات المسلحة والإرهابية الأجنبية بالكامل إلى استخبارات «طالبان»، التي تعمل تحت إشراف وزير داخلية «طالبان»، سراج الدين حقاني.

جلال الدين حقاني حارب الغزو السوفياتي لبلاده في ثمانينات القرن الماضي وآنذاك كانت تعده وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) شخصية مهمة (الإعلام الأفغاني)

ويدير حقاني فصيله الخاص من «طالبان»، المعروف بـ«شبكة حقاني»، ويترأس الآن الجهاز الأمني لنظام «طالبان»، خصوصاً أجهزة الاستخبارات. تسهل استخبارات «طالبان» إقامة هذه الجماعات في المجتمع الأفغاني.

فمنذ أغسطس (آب) 2021، تم إصدار بطاقات تسجيل لهذه الجماعات ومقاتليها، وأجبروا على إبقاء استخبارات «طالبان» على علم بتحركاتهم داخل أفغانستان.

أطفال أفغان يحضرون فصلاً دراسياً في مدرسة في الهواء الطلق على مشارف منطقة فايز آباد، مقاطعة بدخشان في 27 مارس 2023 (أ.ف.ب)

بالإضافة إلى المسلحين من دول وسط آسيا، تستضيف أجهزة استخبارات «طالبان» الأفغانية أيضاً انفصاليين مسلمين من الصين يُطلق عليهم اسم حركة «تركستان الشرقية الإسلامية» التي تتمتع بحضور فعال أيضاً في أفغانستان.

حاجي فرقان، صيني مسلم، هو قائد «حركة تركستان الشرقية»، ويقضي معظم وقته في مدينة «فيض آباد»، مركز ولاية بدخشان، وتزوج في ولاية بدخشان وحصل على هوية وجواز سفر . كلف قادة «طالبان» استخبارات الحركة بدمج بعض مقاتلي هذه الجماعات في صفوف «طالبان» لإبقائهم مشغولين بمهام الأمن الداخلي داخل أفغانستان من أجل منعهم من شن هجمات داخل آسيا الوسطى والبر الرئيسي للصين.

علاقات وثيقة وودية مع الصين

وتتمتع «طالبان» الأفغانية بعلاقات وثيقة وودية مع الصين، وبالتالي نقلت الاستخبارات الأفغانية جميع الجماعات المسلحة والإرهابية من الأراضي الصينية بعيداً عن الحدود الأفغانية القصيرة مع الصين. وهناك تركيز كبير للمسلحين الطاجيك في مدن شمال أفغانستان بالقرب من حدودها مع طاجيكستان.

ويخدم هؤلاء المسلحون الطاجيك في واجبات الأمن المحلي مع «طالبان» الأفغانية ويحملون أسلحة أميركية ويستقلون سيارات جيب عسكرية أميركية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن «طالبان» الأفغانية وزعت الأسلحة الأميركية على هؤلاء المسلحين الأجانب وكأنها حلوى. وخلفت القوات الأميركية المنسحبة وراءها كمية كبيرة من المعدات العسكرية ومركبات النقل التي سيطرت عليها «طالبان الأفغان»، ووزعوها بين حلفائهم في الجماعات الأجنبية المسلحة.

وكان أحد المستفيدين من الأسلحة الأميركية حركة «طالبان» الباكستانية التي بدأت باستخدام هذه الأسلحة في هجماتها الإرهابية على قوات الأمن الباكستانية داخل باكستان.

10 آلاف مسلح من «طالبان الباكستانية»

جدير بالذكر أن استخبارات «طالبان» تستضيف بشكل مباشر جماعات مقاتلة من تنظيم «القاعدة»، التي وفقاً لتقارير الأمم المتحدة تدير معسكرات تدريب في 8 مواقع بأفغانستان.

وحسب التقديرات الباكستانية الرسمية، يوجد حوالي 10 آلاف من مسلحي حركة «طالبان» الباكستانية في أفغانستان مع عائلاتهم. يقيم معظم هؤلاء المسلحين برفقة عائلاتهم في مناطق ولاية ننجرهار بالقرب من «خط دورلاند».

كانت استخبارات «طالبان» تحت قيادة رئيسها سراج الدين حقاني هي التي أقنعت قيادة حركة «طالبان» الباكستانية بإجراء محادثات مع الحكومة الباكستانية. ويتمتع سراج الدين حقاني بعلاقات وثيقة مع جهاز الأمن الباكستاني، وهي العلاقة التي استغلها في إقناع القادة الباكستانيين بإجراء محادثات مع حركة «طالبان» الباكستانية. ويشكل عدد كبير من مقاتلي «طالبان» الباكستانية جزءاً من أجهزة الأمن والاستخبارات الأفغانية.


مقالات ذات صلة

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

أفريقيا أنصار مرشح المعارضة باسيرو ديوماي فاي يحضرون مسيرة حاشدة في أثناء فرز نتائج الانتخابات الرئاسية (إ.ب.أ)

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

مباحثات جرت، الجمعة، بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل»

الشيخ محمد (نواكشوط)
شؤون إقليمية محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

وقعت أعمال عنف ومصادمات بين الشرطة ومحتجين على عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيين بدلاً منهما.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

32 قتيلاً في أعمال عنف طائفية بباكستان

عناصر من الشرطة الباكستانية (أرشيفية - إ.ب.أ)
عناصر من الشرطة الباكستانية (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

32 قتيلاً في أعمال عنف طائفية بباكستان

عناصر من الشرطة الباكستانية (أرشيفية - إ.ب.أ)
عناصر من الشرطة الباكستانية (أرشيفية - إ.ب.أ)

قتل 32 شخصاً على الأقل في أعمال عنف طائفية جديدة في شمال غربي باكستان، وفق ما أفاد مسؤول محلي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» اليوم (السبت) بأنه بعد يومين من هجمات استهدفت أفراداً من الطائفة الشيعية أسفرت عن مقتل 43 شخصاً.

ومنذ الصيف، خلفت أعمال العنف بين السنة والشيعة في إقليم كورام الواقع في ولاية خيبر بختونخوا الواقعة على الحدود مع أفغانستان، نحو 150 قتيلاً.

والخميس، أطلق نحو عشرة مهاجمين النار على قافلتين تقلان عشرات العائلات الشيعية بمواكبة الشرطة في هذه المنطقة الجبلية. وقتل ما لا يقل عن 43 شخصاً ولا يزال «11 مصابا» في حالة «حرجة»، بحسب السلطات.

ومساء أمس (الجمعة)، بعد يوم طويل شيع خلاله الضحايا وساده التوتر في كورام على وقع مسيرات للشيعة نددت بـ«حمام دماء»، قال ضابط كبير في الشرطة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «الوضع تدهور». وأضاف «هاجم شيعة غاضبون مساء سوق باغان المحسوب خصوصاً على السنة» موضحاً أن «المهاجمين المزودين بأسلحة خفيفة ورشاشة وقذائف هاون أطلقوا النار» طوال ثلاث ساعات و«قام سنّة بالرد» عليهم.

من جهته، قال مسؤول محلي لم يشأ كشف هويته للوكالة إن «أعمال العنف بين المجموعتين الشيعية والسنية تواصلت (السبت) في أماكن مختلفة، وسجل مقتل 32 شخصاً في آخر حصيلة هم 14 من السنة و18 من الشيعة».

وذكر مسؤول محلي آخر هو جواد الله محسود أن «مئات المتاجر والمنازل تم إحراقها» في منطقة سوق باغان، لافتاً إلى «بذل جهود من أجل إعادة الهدوء، وتم نشر قوات أمنية والتأمت مجالس قبلية (جيرغا)».

ومحور النزاعات بين القبائل ذات المعتقدات المختلفة هو مسألة الأراضي في المنطقة، حيث تتقدم قواعد الشرف القبلية غالباً على النظام الذي تسعى قوات الأمن إلى إرسائه.