الهروب الكبير... أحد أخطر المطلوبين في اليابان يتخفى كعامل بناء لـ49 عاماً

ملصق يُظهر صورة ساتوشي كيريشيما الذي كان عضواً في منظمة متطرفة مسؤولة عن هجمات في العاصمة اليابانية بالسبعينات (أ.ف.ب)
ملصق يُظهر صورة ساتوشي كيريشيما الذي كان عضواً في منظمة متطرفة مسؤولة عن هجمات في العاصمة اليابانية بالسبعينات (أ.ف.ب)
TT

الهروب الكبير... أحد أخطر المطلوبين في اليابان يتخفى كعامل بناء لـ49 عاماً

ملصق يُظهر صورة ساتوشي كيريشيما الذي كان عضواً في منظمة متطرفة مسؤولة عن هجمات في العاصمة اليابانية بالسبعينات (أ.ف.ب)
ملصق يُظهر صورة ساتوشي كيريشيما الذي كان عضواً في منظمة متطرفة مسؤولة عن هجمات في العاصمة اليابانية بالسبعينات (أ.ف.ب)

قضى ساتوشي كيريشيما ما يقرب من نصف قرن في محاولة التهرب من الاعتقال، حتى تدخل الموت، حيث كانت اعترافاته الأخيرة مدهشة. فبعد أن عاش حياة مزدوجة كمجرم متخف وعامل بناء، تم إدخال الرجل البالغ من العمر 70 عاماً الشهر الماضي إلى مستشفى بالقرب من طوكيو، حيث أخبر الموظفين أنه في الواقع أحد أخطر المطلوبين الهاربين في البلاد، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

وفي صورة أحدث قدمها أحد معارفه لوسائل الإعلام اليابانية، من الممكن تمييز التشابه مع الصورة بالأبيض والأسود التي زيّنت صناديق الشرطة اليابانية لعقود من الزمن، والتي تظهر طالباً جامعياً مبتسماً يرتدي نظارة طبية وشعره يصل إلى كتفيه.

في حين أنه شارك تفاصيل عن عائلته ومنظمته الإجرامية التي لا يعرفها أحد سواه، أكدت أدلة الحمض النووي هذا الأسبوع أن الرجل المريض كان بالفعل كيريشيما، وهو جزء من مجموعة متطرفة مسؤولة عن موجة من الإرهاب دامت تسعة أشهر في منتصف السبعينات، هزّت اليابان حينها.

وأعاد قراره بتسليم نفسه ذكريات جماعية متجددة عن وقت كان فيه المتطرفون اليساريون المنظمون يشكلون تهديدا خطيرا للجمهور، سواء في اليابان أو في الخارج.

بصفته عضواً في وحدة ساسوري (العقرب) التابعة للجبهة المسلحة لشرق آسيا المناهضة لليابان، زُعم أن كيريشيما قام بزرع وتفجير قنبلة محلية الصنع أدت إلى إتلاف مبنى في حي غينزا بمنطقة طوكيو في أبريل (نيسان) عام 1975. ولم تقع إصابات حينها.

كما كان يشتبه في تورطه بأربع هجمات أخرى في نفس العام استهدفت شركات يابانية كبرى حددتها المجموعة على أنها «متعاونة» في المغامرات العسكرية اليابانية في النصف الأول من القرن العشرين.

وفي الحادث الأكثر شهرة، زرعت المجموعة قنبلة في المقر الرئيسي لشركة «ميتسوبيشي» للصناعات الثقيلة في طوكيو، ما أسفر عن مقتل ثمانية أشخاص وإصابة أكثر من 360 آخرين، على ما يبدو لأن الشركة كانت تزود القوات الأميركية بالمعدات خلال حرب فيتنام.

وظلّ ذلك الهجوم الإرهابي الأكثر دموية في اليابان حتى أطلقت طائفة «أوم شينريكيو» غاز السارين في مترو أنفاق طوكيو سنة 1995.

مُلصق يظهر ساتوشي كيريشيما (أعلى وسط) الذي قضى ما يقرب من 50 عاماً هارباً حتى اعترف وهو على فراش الموت بأنه عضو في جماعة إرهابية (أ.ب)

قبل وقت قصير من وفاته بسرطان المعدة في أواخر يناير (كانون الثاني) في نفس المستشفى الذي كان يتلقى العلاج فيه كمريض خارجي لمدة عام تقريبا، قال كيريشيما للموظفين: «أريد أن أقابل موتي باسمي الحقيقي»، مضيفا أنه يأسف لدوره في تلك الهجمات.

وبينما أحالت الشرطة قضايا التفجيرات إلى النيابة العامة، فإن وفاة كيريشيما أجبرت المحققين على تحديد كيف تمكّن مجرم بارز من الاختباء على مرأى من الجميع لمدة 49 عاماً.

في مايو (أيار) عام 1975، ألقت الشرطة القبض على ثمانية أشخاص، من بينهم ماساشي ديدوجي، لتورطهم في الهجمات. وحُكم عليه وعلى شخص آخر بالإعدام، لكن ديدوجي توفي بسبب السرطان في مايو (أيار) 2017 بينما كان ينتظر تنفيذ الحكم.

ولد كيريشيما في محافظة هيروشيما، والتحق بمدرسة محلية، وبدأ حياته متطرفا سياسيا بينما كان يدرس القانون في جامعة ميجي جاكوين في طوكيو.

وتحت اسم هيروشي أوشيدا، أمضى المجرم الهارب نحو 40 عاماً في العمل بشركة بناء في فوجيساوا، وهي مدينة تقع جنوب طوكيو. وبحسب ما ورد، تجنّب المعاملات المصرفية وطلب الحصول على أمواله نقداً لتجنب ترك أثر ورقي قد يؤدي إلى القبض عليه.

لم يكن لديه رخصة قيادة أو هاتف جوال أو تأمين صحي، وكان يدفع تكاليف العلاج في المستشفى من أمواله الخاصة.


مقالات ذات صلة

«المافيا» تهدد على طريقة فيلم «العراب»... رأس حصان وبقرة ممزقة يرعبان صقلية

أوروبا منظر عام لجزيرة صقلية (وسائل إعلام إيطالية)

«المافيا» تهدد على طريقة فيلم «العراب»... رأس حصان وبقرة ممزقة يرعبان صقلية

هزَّ العثور على رأس حصان مقطوع، وبقرة حامل ممزقة وعجلها الميت بداخلها ملطخين بالدماء، جزيرة صقلية، إذ تعاملت السلطات مع الحادث باعتباره تهديداً من قبل المافيا.

«الشرق الأوسط» (روما)
يوميات الشرق الشرطة ألقت القبض على سارات رانجسيوثابورن في بانكوك عام 2023 (إ.ب.أ)

مدينة لهم بالمال... الإعدام لتايلاندية متهمة بقتل 14 من أصدقائها بـ«السيانيد»

حُكم على امرأة في تايلاند بالإعدام، بعدما اتُّهمت بقتل 14 من أصدقائها بمادة السيانيد.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)
أوروبا ماريوس بورغ هويبي نجل ولية العهد النرويجية الأميرة ميته ماريت (أ.ف.ب)

توقيف نجل أميرة النرويج بشبهة الاغتصاب

أعلنت الشرطة النرويجية، الثلاثاء، توقيف نجل ولية العهد الأميرة ميته ماريت للاشتباه في ضلوعه في عملية اغتصاب.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
شؤون إقليمية عائلات الأطفال ضحايا عصابة حديثي الولادة في وقفة أمام المحكمة في إسطنبول رافعين لافتات تطالب بأقصى عقوبات للمتهمين (أ.ف.ب)

تركيا: محاكمة عصابة «الأطفال حديثي الولادة» وسط غضب شعبي واسع

انطلقت المحاكمة في قضية «عصابة الأطفال حديثي الولادة» المتورط فيها عاملون في القطاع الصحي والتي هزت تركيا منذ الكشف عنها وتعهد الرئيس رجب طيب إردوغان بمتابعتها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا شرطيان إيطاليان (رويترز - أرشيفية)

توقيفات ومصادرة 520 مليون يورو في تحقيق أوروبي بشأن المافيا والتهرب الضريبي

ألقت الشرطة في أنحاء أوروبا القبض على 43 شخصاً وصادرت 520 مليون يورو، في تحقيق أوروبي بمؤامرة إجرامية للتهرب من ضريبة القيمة المضافة.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)

ميانمار في مقدمة الدول الأكثر تضرراً من الألغام المضادة للأفراد

مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)
مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)
TT

ميانمار في مقدمة الدول الأكثر تضرراً من الألغام المضادة للأفراد

مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)
مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)

تصدرت ميانمار خلال عام 2023 قائمة الدول التي تسببت فيها الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة في أكبر عدد من الوفيات والإصابات، وسط زيادة في عدد الضحايا في شتى أنحاء العالم، على ما كشف مرصد الألغام الأرضية، الأربعاء.

تسببت الألغام ومخلفات الحرب من المتفجرات في مقتل أو إصابة ما لا يقل عن 5.757 شخصاً في العام الفائت (مقارنة بـ4.710 ضحايا في عام 2022)، 84 في المائة من بينهم من المدنيين، في نحو خمسين دولة، وفقاً للتقرير السنوي للمنظمة.

وتشمل الحصيلة التي ارتفعت بنسبة 20 في المائة خلال عام واحد، 1983 قتيلاً و3663 جريحاً، يضاف إليهم 111 ضحية أخرى، لا تشير إحصائيات التقرير إلى ما إذا كانوا قد نجوا أم لا.

كما تسببت الألغام المضادة للأفراد وحدها في سقوط 833 ضحية، مقارنة بـ628 في عام 2022.

وتأتي ميانمار في المركز الأول من حيث ضحايا الألغام والقنابل غير المنفجرة (1003)، متقدمة على سوريا (933) التي تصدرت الترتيب خلال السنوات الثلاث الماضية، ثم أفغانستان (651) وأوكرانيا (580)، بحسب ما جاء في التقرير.

وتم زرع العبوات الناسفة في كامل الأراضي في ميانمار التي شهدت عقوداً من الاشتباكات بين الجيش والجماعات المتمردة العرقية.

وازدادت أعمال العنف إثر الانقلاب العسكري في فبراير (شباط) 2021 ضد حكومة أونغ سان سو تشي، ما تسبب في ظهور عشرات الجماعات الجديدة المعادية للمجلس العسكري العائد إلى السلطة.

لم توقّع ميانمار على اتفاقية أوتاوا بشأن حظر وإزالة الألغام المضادة للأفراد، والتي انضمت إليها 164 دولة ومنطقة.

ويشير يشوا موسر بوانغسوان، الذي عمل على إعداد التقرير، إلى أن العدد الإجمالي للضحايا قد يكون أعلى بكثير مما تم الإعلان عنه؛ لأن جمع البيانات الميدانية يعد أمراً مستحيلاً؛ بسبب الاشتباكات، فضلاً عن وجود قيود أخرى.

وأوضح خلال مؤتمر صحافي في بانكوك: «لا يوجد نظام مراقبة طبي في البلاد يمكنه تقديم بيانات رسمية بأي شكل من الأشكال».

وأضاف: «نحن نعلم استناداً إلى الأدلة التي لم يتم التحقق منها أنها هائلة».

ويشير التقرير إلى «زيادة كبيرة» في استخدام الألغام المضادة للأفراد من قبل الجيش في ميانمار، لا سيما بالقرب من أعمدة الهواتف المحمولة وخطوط الأنابيب، والبنية التحتية».

وتقول المجموعة التي أعدت التقرير إنها عثرت على أدلة تثبت أن قوات المجلس العسكري واصلت استخدام المدنيين «لإرشاد» الجنود إلى المناطق الملغومة، على الرغم من أن القانون الدولي يجرّم هذا السلوك.

ويُتهم الجيش في ميانمار بانتظام من قبل القنصليات الغربية والمدافعين عن حقوق الإنسان بارتكاب فظائع وجرائم حرب.

وصادر معارضو المجلس العسكري الألغام «في كل شهر بين يناير (كانون الثاني) 2022 وسبتمبر (أيلول) 2024، في جميع أنحاء البلاد تقريباً»، بحسب التقرير الذي يستند إلى دراسة للصور الفوتوغرافية.

وقالت منظمة «اليونيسيف» في أبريل (نيسان) إن «كل الأطراف» استخدمت الألغام الأرضية «دون تمييز».

وأكدت جماعات متمردة أيضاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنها تزرع ألغاماً.

ومرصد الألغام الأرضية هو القسم البحثي للحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية (ICBL)، وهي شبكة من المنظمات غير الحكومية.

والألغام المضادة للأفراد هي أجهزة متفجرة تستمر في قتل وتشويه الناس بعد فترة طويلة من انتهاء الصراعات والحروب.

وهي مدفونة أو مخبأة في الأرض، وتنفجر عندما يقترب منها شخص ما أو يلامسها.

وعدّت الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية، الأربعاء، قرار الولايات المتحدة بتزويد أوكرانيا «بالألغام المضادة للأفراد غير الدائمة» المجهزة بجهاز تدمير ذاتي أو إبطال ذاتي، لتعزيز دفاعات كييف ضد الغزو الروسي، «كارثياً».

وأوضحت المنظمة، في بيان: «يجب على أوكرانيا أن تعلن بوضوح أنها لا تستطيع قبول هذه الأسلحة ولن تقبلها».