تواجه الحكومة الباكستانية الجديدة القادمة ثلاثة تحديات صعبة تتمثل في «التطرف، والإرهاب، والعنف السياسي»، بدء من الإرهاب الصريح والجماعات المسلحة بما في ذلك حركة «طالبان» الباكستانية، والجماعات الشيعية العائدة من سوريا، مروراً بالجماعات السياسية السلمية غير المسلحة والساخطة التي تعتقد أنها حُرمت من الفوز الانتخابي باستخدام وسائل غير منصفة.
يُذكر أن الجيش الباكستاني يشارك بنشاط في عمليات عسكرية ضد جماعات «طالبان» الباكستانية والجماعات البلوشية الانفصالية. ولكن منذ عام 2020 اعتقلت الشرطة الباكستانية عدداً من أعضاء لواء «زينبونيا» الشيعي المتشدد، الذي يضم مقاتلين باكستانيين وشيعيين أفغانيين جنّدتهم الاستخبارات الإيرانية للقتال في الحرب الأهلية السورية.
ويواجه المسلحون الشيعة العائدون من سوريا اتهامات بتأجيج العنف الطائفي ومحاولة اغتيال عالم دين سُنّي. وسوف تواجه الحكومة الباكستانية الجديدة ظاهرة عنف جديدة تُوصف الآن في باكستان بأنها عنف سياسي من جانب الجماعات السياسية الساخطة.
وجرى التنافس على الانتخابات البرلمانية في 8 فبراير (شباط) تحت شعار معاقبة المتورطين في هجمات الغوغاء على المنشآت العسكرية في 9 مايو (أيار) 2023، عندما قاد عمران خان نشطاء من «حركة الإنصاف» الباكستانية وهاجموا المنشآت العسكرية في لاهور، وراوالبندي، والكثير من المدن الأخرى.
وتُظهر النتائج بوضوح أن حزب «حركة الإنصاف» فاز بأصوات شعبية، وأن الحزب الذي كان يُطالب باتخاذ إجراء قضائي ضد عمال «حركة الإنصاف»، أي حزب الرابطة الإسلامية (نواز)، لم يحقق نتائج بشكل جيد في الانتخابات. إلا أن حزب الرابطة الإسلامية في وضع مريح يسمح بتشكيل حكومة في إسلام آباد بمساعدة أحزاب صغيرة أخرى. بدأت حركة الإنصاف بالفعل الاحتجاج على ما وصفتها بالمؤامرة لحرمانها من تفويضها الانتخابي.
بعد يومين من الانتخابات، صرح مسؤول رفيع المستوى في حكومة تصريف الأعمال لوسائل الإعلام بأن بعض العناصر الساخطة تخطط مرة أخرى لشن هجمات على المنشآت العسكرية. وقد أبلغتنا وكالات الاستخبارات أنها اعترضت محادثات هاتفية مع أشخاص يناقشون شن هجمات على منشآت عسكرية. سيكون هذا تحدياً صعباً للغاية للحكومة الجديدة التي ستتولى السلطة في وقت ما في منتصف مارس (آذار) المقبل.
وقد فازت «حركة الإنصاف»، وهي المجموعة التي شاركت في الهجمات على المنشآت العسكرية، بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات البرلمانية، غير أنها لن تتمكن من تشكيل الحكومة، وقد اتُّهمت مرة أخرى بالتخطيط لهجوم آخر من هذا القبيل.
يقول المراقبون السياسيون إن نتيجة الانتخابات تُظهر أن الإجراءات القضائية ضد أنصار «حركة الإنصاف» ليست قضية شائعة للغاية. ومع ذلك، سوف يتعين على الحكومة الجديدة مواصلة الإجراءات القضائية ضد العنف السياسي الذي يقوم به عمال «حركة الإنصاف».
ومن المرجَّح أن تلقي هذه الخطوة التي لا تحظى بشعبية بظلالها على القرارات السياسية للحكومة الجديدة المتعلقة بتصاعد أعمال العنف التي تقودها حركة «طالبان» في شمال غربي البلاد.
«طالبان» نجحت في تعطيل الحياة المدنية
ويقول الخبراء إن الغارات العسكرية المستمرة على الإرهاب ومخابئ المسلحين في المناطق الحدودية الأفغانية - الباكستانية ليست ناجحة للغاية بوصفها خياراً سياسياً. ومنذ ذلك الحين، نجحت «طالبان» نجاحاً باهراً في تعطيل الحياة المدنية من خلال هجماتها الإرهابية المتقطعة في المراكز الحضرية.
هذا، وقد أعلن مسؤول عسكري رفيع المستوى، في أثناء حديثه إلى «الشرق الأوسط»، عدم موافقته على هذا التقييم، قائلاً: «انظروا كيف نجحت قواتنا الأمنية في إجراء العملية الانتخابية بسلام في الجزء الشمالي الغربي من البلاد»، من ناحية أخرى، ألحقت الجماعات الانفصالية البلوشية أضراراً بالغة بالعملية الانتخابية في بلوشستان، و«اضطررنا إلى تعليق خدمات الهاتف المحمول في جميع أنحاء البلاد يوم الانتخابات فقط بسبب الهجمات الإرهابية التي نفذتها الجماعات البلوشية الانفصالية. تعتزم حكومة تصريف الأعمال إبلاغ الحكومة الجديدة بأن الانفصاليين البلوش نقلوا معسكراتهم من أفغانستان إلى بلوشستان الإيرانية ويعملون من هناك الآن».
الأمر الثاني المهم بشأن الجماعات البلوشية هو «حصولهم على أسلحة أميركية فتاكة متروكة في أفغانستان بعد انسحاب القوات الأميركية»، حسبما ذكر مسؤول.
كان المقاتلون البلوش قد استخدموا مؤخراً الأسلحة الأميركية في هجمات شنوها على منشآت عسكرية في بلوشستان. ورغم أن الجماعات المسلحة الشيعية المدعومة من إيران قد تكون الأكثر تأثيراً في الحياة المدنية في باكستان، «فإن المسلحين الشيعة العائدين من سوريا قد انخرطوا في عمليات قتل تستهدف علماء الدين السنة، وهم الآن تحت أعيننا»، وفقاً لتصريح مسؤول رفيع المستوى.
وسوف تواجه الحكومة الباكستانية الجديدة ضغوطاً شديدة للتعامل مع الظروف الاقتصادية المتدهورة، وارتفاع موجة العنف والتطرف والإرهاب من مختلف الأنواع، حيث أصبح الاقتصاد الباكستاني في حالة سيئة للغاية مع تضاؤل الصادرات وارتفاع فاتورة الواردات. ولا يوجد شيء في الخزائن لتمويل حرب مطولة ضد العنف المسلح والإرهاب.