اختتمت في أنقرة، الاثنين، جولة مشاورات للآلية الاستراتيجية التركية الأميركية لبحث القضايا الإقليمية والدولية وقضايا العلاقات الثنائية.
ترأست القائمة بأعمال نائب وزير الخارجية الأميركي، فيكتوريا نولاند، ونائب وزير الخارجية التركي، براق أكجابار، جولة المشاورات التي عقدت على مدى يومين بدعوة من الجانب التركي.
وبدأت اجتماعات الآلية الاستراتيجية التركية الأميركية في 4 أبريل (نيسان) 2022، عقب لقاء بين الرئيسين رجب طيب إردوغان وجو بايدن، في أكتوبر (تشرين الأول) 2021 في روما.
والتقى وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، نولاند بمقر الخارجية في أنقرة الأحد. كما عقدت نولاند اجتماعاً مع نائب وزير الخارجية أحمد يلديز، حول التطورات في الشرق الأوسط وأفريقيا.
وعقدت جولة المشاورات غداة إعطاء الإدارة الأميركية، الجمعة، الضوء الأخضر لبيع مقاتلات «إف 16 بلوك 70» لتركيا بمبلغ 23 مليار دولار بعد سنوات من الجدل والمفاوضات والأخذ والرد، وذلك عقب مصادقة تركيا على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الذي كان مطلباً أميركياً ملحاً.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إنها قدمت الإخطار الرسمي إلى الكونغرس بشأن عملية البيع، تشمل حصول تركيا على 40 طائرة جديدة من طراز «إف 16 بلوك 70» و97 من مجموعات التحديث لأسطولها القديم، وحصول اليونان على 40 طائرة من طراز «إف 35» مقابل 8 مليارات دولار.
وانتظرت واشنطن أن تتسلم وثيقة تصديق تركيا على عضوية السويد في «الناتو» حتى ترسل وزارة الخارجية الإخطار الرسمي الذي يتعين أن يرد عليه الكونغرس خلال 15 يوماً.
وصدّق البرلمان التركي، الثلاثاء الماضي، على بروتوكول انضمام السويد للناتو، ليُنهي عشرين شهراً من المفاوضات بين استوكهولم وأنقرة بهذا الشأن، كانت بمثابة اختبار لعلاقات أنقرة مع حلفائها الغربيين الراغبين في تشكيل جبهة موحدة ضد موسكو في سياق الغزو الروسي لأوكرانيا، ووقّع الرئيس رجب طيب إردوغان وثيقة الانضمام بعد 48 ساعة فقط من تصديق البرلمان، وبعد 24 ساعة من توجيه الرئيس جو بايدن خطاب توصية إلى قادة لجان الكونغرس بشأن إتمام البيع.
وشكّل ملف «إف 16» واحداً من الملفات التي ألقت بظلال سلبية على العلاقات بين أنقرة وواشنطن لسنوات، بعدما رفضت الأخيرة منحها مقاتلات «إف 35» الشبحية المتطورة لحصولها على منظومة الدفاع الجوي الصاروخي الروسية «إس 400» ضمن حزمة عقوبات في مجال الصناعات الدفاعية.
وتسيطر ملفات خلافية عميقة أخرى على العلاقات التركية الأميركية، أهمها الموقف الأميركي تجاه ما تسميه تركيا «المنظمات الإرهابية» في إشارة إلى حزب «العمال الكردستاني» والحزب «الديمقراطي الكردي» في سوريا، ووحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تعدها الولايات المتحدة الحليف الوثيق في الحرب التي يشنها التحالف الدولي على «تنظيم داعش» الإرهابي في سوريا، بينما تعدها أنقرة تنظيماً إرهابياً، وامتداداً لـ«العمال الكردستاني» داخل سوريا، فضلاً عن «تنظيم غولن الإرهابي» في إشارة إلى حركة «الخدمة» التابعة للداعية التركي المقيم بالولايات المتحدة منذ عام 1999 فتح الله غولن، والذي تتهمه أنقرة بالوقوف وراء محاولة انقلاب فاشلة وقعت في تركيا في 15 يوليو (تموز) 2016.
ولم يشهد الملفان الأخيران أي تقدم بسبب الإصرار الأميركي على التعاون مع الوحدات الكردية ودعمها بالأسلحة والتدريب، ورفض تسليم غولن لتركيا بسبب ما ترجعه واشنطن إلى عدم تقديم أنقرة أدلة دامغة تدينه وحركته بالتورط في محاولة الانقلاب.
والعام الماضي، أكدت تركيا الحاجة إلى حوار استراتيجي جيوسياسي موسع مع الولايات المتحدة في مواجهة كثير من التحديات في العالم التي لا يصلح معها الحوار التكتيكي، بدءاً من الطاقة والهجرة، وصولاً إلى مكافحة الإرهاب والحرب في أوكرانيا، والتوترات في الشرق الأوسط، والأوضاع في أفغانستان وليبيا وشرق البحر المتوسط وغيرها من المسائل.