الروهينغا في هجرة جديدة هرباً من مخيمات بنغلاديش

يصل اللاجئون إلى إندونيسيا بأعداد غير مسبوقة منذ 2015

لاجئون من الروهينغا ينزلون من مركب في إقليم أتشيه الإندونيسي في 16 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
لاجئون من الروهينغا ينزلون من مركب في إقليم أتشيه الإندونيسي في 16 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
TT

الروهينغا في هجرة جديدة هرباً من مخيمات بنغلاديش

لاجئون من الروهينغا ينزلون من مركب في إقليم أتشيه الإندونيسي في 16 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
لاجئون من الروهينغا ينزلون من مركب في إقليم أتشيه الإندونيسي في 16 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)

اختار محمد رضوي، على غرار العديد من أبناء الروهينغا، المجازفة والقيام برحلة محفوفة بالمخاطر عبر البحر، على العيش في البؤس في مخيم في بنغلاديش حيث يواجه القتل والخطف والابتزاز.

يقول محمد (27 عاماً) الذي وصل إلى إقليم أتشيه، في أقصى غرب إندونيسيا، حيث لجأ أكثر من ألف من مواطنيه منذ أسبوعين: «لسنا بأمان في بنغلاديش، لذلك قررت الذهاب إلى إندونيسيا للنجاة بحياتي وحياة عائلتي».

يوضح هذا الأب لطفلين، الذي ينتظر مع نحو 500 شخص آخر في ملجأ مؤقت في لوكسوماوي، أنه يتمنى عيش «حياة هادئة».

ويقول اللاجئون الذين يصلون إلى إندونيسيا بأعداد غير مسبوقة منذ 2015، إنهم يهربون من العنف المتزايد في مخيمات «كوكس بازار» وجوارها، حيث يبقى أكثر من مليون لاجئ من الروهينغا عرضة لعصابات تمارس الخطف والتعذيب لقاء فدية.

لاجئون من الروهينغا في ملجأ مؤقت في لوكسوماوي بإقليم أتشيه في 26 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)

يقول اللاجئ، الذي اصطحب معه زوجته وطفليهما وشقيقه: «خطفتني إحدى هذه المجموعات، طلبوا مني 500 ألف تاكا (4500 دولار) لشراء أسلحة، قالوا لي إنهم سيقتلونني إن لم أتمكن من دفع المبلغ لهم».

في نهاية المطاف، تمكن من دفع 300 ألف تاكا فأطلقوا سراحه، واستقل قارباً ووصل إلى إندونيسيا في 21 نوفمبر (تشرين الثاني).

تؤوي بنغلاديش قرابة مليون لاجئ من الروهينغا، الأقلية المسلمة بمعظمها والتي تعاني من الاضطهاد في ميانمار (بورما) حيث غالبية السكان من البوذيين.

ويتكدس اللاجئون في مخيمات مكتظة حيث يعانون من انعدام الأمن وسط ظروف حياة بائسة.

ويجازف الآلاف منهم بحياتهم كل سنة ويقومون برحلات بحرية خطيرة ومكلفة في مراكب متداعية في غالب الأحيان.

ووصل أكثر من ألف منهم إلى إندونيسيا منذ 15 نوفمبر، في حين تتوجه مراكب أخرى إلى الأرخبيل.

اللاجئة عائشة (19 عاماً) تحمل طفلتها في ملجأ مؤقت في لوكسوماوي بإقليم أتشيه في 24 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)

وحاول بعض سكان قرى أتشيه الأسبوع الماضي رد المراكب، وعمدت الشرطة إلى «تكثيف» الدوريات البحرية لمنع وصول اللاجئين إلى سواحل البلد.

وإندونيسيا غير موقعة على اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين، وتؤكد أنها غير ملزمة باستقبالهم، مشيرة بالاتهام إلى الدول المجاورة التي أغلقت أبوابها أمامهم.

ليالٍ بلا نوم

وتفيد منظمة «هيومن رايتس ووتش» بأن عصابات إجرامية وعناصر مجموعات مسلحة إسلامية تنشر الرعب في مخيمات اللاجئين البالغ عددها نحو 12 مخيماً في بنغلاديش.

وحددت وزارة الدفاع في بنغلاديش ما لا يقل عن 11 مجموعة مسلحة تنشط في المخيمات، لكن المنظمات غير الحكومية تؤكد أن داكا لا تبذل جهوداً كافية لحماية اللاجئين من أعمال العنف.

أفراد من الروهينغا محتجزون في مركز للشرطة ببنغلاديش بعد ضبطهم وهم يحاولون الفرار من مخيم للاجئين في 25 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)

وقالت عائشة (19 عاماً)، وهي لاجئة وصلت في المركب ذاته مثل محمد رضوي: «كانوا يطلبون المال كل مساء ويهددون بخطف زوجي، لم أكن أستطيع النوم في الليل بسببهم».

وفي نهاية المطاف دفعت العائلة 200 ألف تاكا (1819 دولاراً) لوسطاء لنقلها بحراً إلى إندونيسيا هرباً من ضغوط المجرمين.

وقُتل نحو 60 من الروهينغا في أعمال عنف وقعت في المخيمات هذه السنة، بحسب شرطة بنغلاديش.

«الموت في البحر»

بالرغم من مخاطر الرحلة، تقول عائشة إنه كان أفضل لها «الموت في البحر على الموت في المخيم».

وتؤكد أنها تبحث عن «مكان آمن» لأولادها «على أمل أن يتمكنوا من إتمام دروسهم».

وأوضحت كريس ليوا مديرة منظمة «أراكان بروجيكت» لحقوق الروهينغا، أن ما فاقم الوضع المعيشي في المخيمات هو خفض عمليات توزيع المواد الغذائية، ما دفع عائلات بكاملها إلى الرحيل.

وقالت إن «مواصفات (المهاجرين) مختلفة، هناك الآن الكثير من الأطفال الصغار والعائلات بين الساعين للهروب ببساطة من بنغلاديش».

ولجأت عائلة عائشة في غرفة بلا نوافذ في مدينة لوكسوماوي، حيث ينام مئات النساء والأطفال على فرش بلا مراوح وسط الرطوبة الاستوائية الخانقة، لكن عائشة تؤكد أن هذا أفضل بكثير من العيش في الخوف في مخيم في بنغلاديش.


مقالات ذات صلة

تونس: إيقافات ومحاكمات لتونسيين وأفارقة متهمين بتهريب البشر

شمال افريقيا الرئيس التونسي قيس سعيّد في اجتماع قبل أيام حول ملف الهجرة غير النظامية مع وزير الداخلية خالد النوري وكاتب الدولة للأمن سفيان بالصادق (من موقع الرئاسة التونسية)

تونس: إيقافات ومحاكمات لتونسيين وأفارقة متهمين بتهريب البشر

كشفت مصادر أمنية وقضائية رسمية تونسية أن الأيام الماضية شهدت حوادث عديدة في ملف «تهريب البشر» من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء نحو تونس.

كمال بن يونس (تونس)
أميركا اللاتينية رئيسة المكسيك الجديدة كلوديا شينباوم باردو توجه رسالة إلى أنصارها بعد فوزها في الانتخابات (د.ب.أ)

الرئيسة المكسيكية: مقتل 6 مهاجرين برصاص الجيش «فعل مؤسف»

ندّدت الرئيسة المكسيكية، كلوديا شينباوم، الخميس، بمقتل 6 مهاجرين من مصر والسلفادور والبيرو، الثلاثاء، برصاص الجيش في جنوب البلاد، معتبرة أنه «فعل مؤسف».

«الشرق الأوسط» (مكسيكو)
أوروبا رئيس الوزراء البريطاني العمالي كير ستارمر (رويترز)

أكثر من 25 ألف مهاجر وصلوا إلى بريطانيا منذ بداية العام

أظهرت أرقام مؤقتة، الاثنين، أن عدد المهاجرين الذين وصلوا إلى بريطانيا عبر المانش بواسطة قوارب صغيرة تجاوز 25 ألفاً منذ بداية العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أفريقيا أحد سواحل العاصمة السنغالية داكار (أ.ف.ب)

العثور على 30 جثة داخل قارب قبالة سواحل داكار

عثرت البحرية السنغالية، الأحد، على قارب جنح على بعد عشرات الكيلومترات قبالة سواحل داكار وعلى متنه 30 جثة على الأقل، حسبما أعلن الجيش.

«الشرق الأوسط» (داكار)
شمال افريقيا «الحرس الوطني التونسي» ينقذ قارباً يحمل مهاجرين غير نظاميين (أرشيفية - صفحة الحرس الوطني التونسي على فيسبوك)

الحرس البحري التونسي ينقذ 28 مهاجراً من الغرق

قال الحرس الوطني التونسي، اليوم (الخميس)، إن وحدات من البحرية أنقذت 28 مهاجراً تونسياً، من بينهم امرأة وطفلاها، بعد تسرُّب المياه إلى قارب كان يقلهم.

«الشرق الأوسط» (تونس)

أفغانستان تؤكد أنها اعتقلت المسؤولين عن اعتداءات تبناها تنظيم «داعش»

أفراد أمن مسلحون من «طالبان» يركبون دراجات نارية على طول طريق في خوست في 30 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
أفراد أمن مسلحون من «طالبان» يركبون دراجات نارية على طول طريق في خوست في 30 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

أفغانستان تؤكد أنها اعتقلت المسؤولين عن اعتداءات تبناها تنظيم «داعش»

أفراد أمن مسلحون من «طالبان» يركبون دراجات نارية على طول طريق في خوست في 30 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
أفراد أمن مسلحون من «طالبان» يركبون دراجات نارية على طول طريق في خوست في 30 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

أعلن المتحدث باسم حكومة «طالبان»، ذبيح الله مجاهد، الاثنين، أنه تم اعتقال «الأعضاء الرئيسيين» المسؤولين عن الهجمات التي أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عنها في أفغانستان.

وأعلن ذبيح الله مجاهد على منصة «إكس» أن «القوات الخاصة للإمارة اعتقلت أعضاء رئيسيين في جماعة متمردة مسؤولة عن الهجوم على موظفي المديرية المسؤولة عن مراقبة تنفيذ المراسيم في الثاني من سبتمبر (أيلول)».

وكان تنظيم «داعش» أعلن مسؤوليته عن العملية الانتحارية على المديرية التي أدت إلى مقتل ستة أشخاص، بحسب مصادر رسمية.

أفراد أمن مسلحون من «طالبان» يركبون دراجات نارية على طول طريق في خوست في 30 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

وتابع المتحدث أن هؤلاء الأشخاص الذين اعتقلوا في كابل وفي مقاطعتي فارياب (غرب) ونانغارهار (شرق) «كانوا متورطين في هجمات أخرى في العاصمة وضد سياح أجانب في باميان» (وسط) في مايو (أيار).

وأدى هذا الهجوم الذي تبناه تنظيم «داعش» إلى مقتل ستة أشخاص بينهم ثلاثة سياح إسبان.

وأكد المتحدث أن الانتحاري المسؤول عن الهجوم على المديرية في سبتمبر «دخل أفغانستان من معسكر تدريب تابع لـ(تنظيم الدولة الإسلامية ولاية خراسان)» ببلوشستان)، الإقليم الباكستاني الحدودي؛ في إشارة إلى الفرع الإقليمي للتنظيم المتطرف.

وتتبادل كابل وإسلام آباد الاتهامات بعدم التحرك ضد المقاتلين الموجودين على أراضيهما الذين ينفذون هجمات في كلا البلدين.

«داعش ولاية خراسان»

وأوضح المتحدث أن «قادة وأعضاء العمليات في تنظيم (داعش ولاية خراسان) بدعم أجهزة استخبارات أجنبية، استقروا في بلوشستان وخيبر بختونخوا» شمال غربي باكستان.

وتابع: «يواصلون تنسيق الهجمات في أفغانستان ودول أخرى». ورداً على سؤال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» لم يصدر تعليق عن إسلام آباد على الفور.

أفراد أمن مسلحون من «طالبان» يركبون دراجات نارية على طول طريق في خوست في 30 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

واتهمت باكستان والصين وإيران وروسيا في بيان مشترك نشر الجمعة «الجماعات الإرهابية في أفغانستان» مثل تنظيمي «داعش» و«القاعدة» أو «حركة طالبان» الباكستانية بأنها تمثل «تهديداً خطيراً».

وأضاف مجاهد أن طاجيكياً «كان يخطط لهجوم انتحاري» اعتقل أثناء عملية القوات الخاصة الأفغانية.

وفي مارس (آذار) شهدت موسكو أعنف هجوم نفذه تنظيم «داعش ولاية خراسان»، حيث قُتل 145 شخصاً في قاعة للحفلات الموسيقية على يد أربعة مسلحين جميعهم من طاجيكستان.

في أغسطس (آب) أكد مجاهد أن كابل «سحقت تنظيم (داعش)، وهو تأكيد يكرره قادة (طالبان) بانتظام». وأكد أنه «لم تعد هناك أي جماعة من هذا النوع تشكل تهديداً لأي شخص في أفغانستان».

رغم استتباب الأمن عموماً منذ عودة «طالبان» إلى السلطة عام 2021، فإن أفغانستان لا تزال تشهد من حين لآخر هجمات لتنظيم «داعش» أو لتنظيم «داعش ولاية خراسان».

بعد وقت قصير من إعلان تنظيم «داعش» ما يسمى بـ«الخلافة» في العراق وسوريا عام 2014، أعلن أعضاء سابقون في «حركة طالبان باكستان» ولاءهم لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، وانضم إليهم لاحقاً أفغان محبطون ومنشقون من «طالبان».

وفي أوائل عام 2015، اعترف تنظيم «داعش» بتأسيس «ولاية» في «خراسان»، وهو الاسم القديم الذي يطلق على منطقة تضم أجزاء من أفغانستان الحالية وباكستان وإيران وآسيا الوسطى.

ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم حكومة «طالبان» خلال إحاطة في كابل أفغانستان 3 يوليو 2024 (إ.ب.أ)

وأسس التنظيم عام 2015 بمنطقة أشين الجبلية في مقاطعة ننجارهار شرق أفغانستان، وهي الوحيدة التي تمكنت من إقامة وجود ثابت وكذلك في منطقة كونار المجاورة.

وفي كل المناطق الأخرى اشتبك التنظيم مع «طالبان» رغم أنه تمكن من تشكيل خلايا نائمة في أماكن أخرى بأفغانستان، خصوصاً في العاصمة، وباكستان المجاورة، وفقاً للأمم المتحدة.

وتفيد أحدث التقديرات بأن أعداد مقاتلي التنظيم تتراوح بين 500 وبضعة آلاف، بحسب تقرير لمجلس الأمن الدولي صدر، في يوليو الماضي.