اعتداء مسلح ضد قاعدة جوية أحدث هجومٍ يؤرق باكستان

بعد يوم من تعرض 14 جندياً لكمين انتهى بقتلهم في مقاطعة بلوشستان

في باكستان بالقرب من الحدود مع أفغانستان تصاعدت التوترات الحدودية بين البلدين منذ عودة «طالبان» إلى السلطة في العاصمة كابل قبل عامين (رويترز)
في باكستان بالقرب من الحدود مع أفغانستان تصاعدت التوترات الحدودية بين البلدين منذ عودة «طالبان» إلى السلطة في العاصمة كابل قبل عامين (رويترز)
TT

اعتداء مسلح ضد قاعدة جوية أحدث هجومٍ يؤرق باكستان

في باكستان بالقرب من الحدود مع أفغانستان تصاعدت التوترات الحدودية بين البلدين منذ عودة «طالبان» إلى السلطة في العاصمة كابل قبل عامين (رويترز)
في باكستان بالقرب من الحدود مع أفغانستان تصاعدت التوترات الحدودية بين البلدين منذ عودة «طالبان» إلى السلطة في العاصمة كابل قبل عامين (رويترز)

أعلن الجيش الباكستاني أنه تصدى بنجاح لهجوم شنه مسلحون على قاعدة جوية وسط البلاد، السبت. يأتي الحادث في أعقاب هجوم صارخ آخر على الجيش، تسبب في تجديد المخاوف بخصوص عدم استقرار الوضع الأمني في البلاد.

ووقعت محاولة اختراق قاعدة ميانوالي الجوية للتدريب بعد يوم من تعرض 14 جندياً كانوا في قافلة لكمين انتهى بقتلهم داخل مقاطعة بلوشستان جنوب غرب البلاد. وأعلنت حركة «الجهاد» الباكستانية، جماعة متشددة غير معروفة، مسؤوليتها عن الهجوم على القاعدة الجوية، مدعية أن هدفها تدمير الطائرات التي قالت إنها استخدمت ضد المدنيين، حسب تقرير لـ«نيويورك تايمز» الاثنين. ولم يتسن التحقق من هذا الادعاء على الفور.

امرأة أفغانية تجلس مع أطفالها بين أنقاض مخيم اللاجئين المدمر على مشارف المدينة حيث يفر آلاف اللاجئين الأفغان من باكستان إلى وطنهم الأم تحت وطأة احتمال الترحيل الجماعي (د.ب.أ)

وقد لاحظ محللون معنيون بمجال الدفاع في باكستان توجهاً مثيراً للقلق يتمثل في زيادة الهجمات على الأهداف العسكرية. على نطاق أوسع، زادت وتيرة العنف المتطرف في البلاد بشكل كبير منذ استيلاء «طالبان» عام 2021 على أفغانستان المجاورة.

وأدى ذلك إلى تفاقم التوترات بين الحكومة الباكستانية ومسؤولي جماعة «طالبان» الأفغانية، الذين رفضوا الاتهامات الباكستانية بتوفير مأوى لجماعات مسلحة، بما في ذلك حليفتها جماعة «طالبان» الباكستانية. وتبعاً لما أفاده مسؤولون عسكريون، فإن الهجوم ضد القاعدة الجوية، التي تعد منشأة تخضع لدرجة كبيرة من التأمين، بدأ حوالي الساعة الثالثة صباحاً، عندما استخدم المهاجمون سلماً لتسلق الجدار. وبحلول منتصف النهار، كان جميع المهاجمين التسعة قد سقطوا قتلى.

أما الطائرات المقاتلة الموجودة داخل القاعدة الجوية، والمخزنة داخل حظائر خرسانية، فقد نجت من الأذى. ومع ذلك، قال مسؤولون إن ثلاث طائرات أخرى وصفوها بأنها غير عاملة، تضررت.

مسؤولو الأمن الباكستانيون يتفقدون موقع انفجار في كويتا عاصمة مقاطعة بلوشستان (إ.ب.أ)

ولم يتضح ما إذا كانت القوات التي دافعت عن القاعدة الجوية قد تعرضوا لأي إصابات. من جهته، وصف أشفق آرين، المارشال الجوي المتقاعد، الهجمات، بأنها «تطور مثير للقلق»، يمكن ربطه بتنشيط الخلايا النائمة ورد الفعل على الترحيل الأخير للأفغان الذين يعيشون بشكل غير قانوني في باكستان.

والشهر الماضي، طلبت السلطات الباكستانية، في تحول كبير في سياستها، من جميع المواطنين الأجانب الذين يعيشون في البلاد دون وثائق، مغادرة البلاد، بحلول الأول من نوفمبر (تشرين الثاني).

جنود الجيش الباكستاني في حالة استنفار بالقرب من موقع تفجير إرهابي خارج مسجد الشرطة في بيشاور (إ.ب.أ)

وثمة اعتقاد واسع أن هذه السياسة تستهدف الأفغان على وجه التهديد. وقد غادر أكثر من 70.000 منهم البلاد. وخلال الأسابيع الأخيرة، فر الكثير منهم من «طالبان»، ويعيش بعضهم في باكستان منذ عقود. وأشار شفعت شاه، فريق متقاعد، إلى أن توقيت الهجمات يتماشى مع الموعد النهائي الذي حددته باكستان، ووصف البيان الأخير الصادر عن القائم بأعمال وزير دفاع «طالبان»، الذي حذر من عواقب خطوة الترحيل، بأنه «تهديد علني». وعبّر أرين عن اعتقاده بأن الهجوم على القاعدة الجوية كان مهماً، لأن المنشأة يجري استخدامها للتدريب المتقدم على الطائرات المقاتلة.

كما أن قربها من مقاطعة خيبر بختونخوا، التي شهدت تصاعداً في أعمال العنف المرتبطة بـ«طالبان» خلال الأشهر الأخيرة، والتي كانت هدفاً منذ فترة طويلة لهجمات المسلحين، يزيد من أهميتها الاستراتيجية. ويرى البعض أن تصاعد أعمال العنف يمكن أن يؤثر على الانتخابات العامة، ويزيد احتمالية تأجيلها. وكان من المقرر في البداية عقدها بحلول هذا الشهر، لكن الأزمة السياسية التي أعقبت إقالة عمران خان عام 2022 من منصب رئيس الوزراء، تسببت في إرجائها. ويقبع خان حالياً في السجن ويواجه مجموعة من الدعاوى القانونية، بما في ذلك الفساد وإثارة الفتنة ـ اتهامات ينفيها جميعاً. وبعد أشهر من الشكوك، أعلنت لجنة الانتخابات في البلاد، الخميس، أن الانتخابات ستجرى في الثامن من فبراير (شباط).


مقالات ذات صلة

«طالبان» حليف غير متوقَّع في مكافحة الإرهاب

تحليل إخباري يقف أعضاء «طالبان» التابعون لوزارة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» في نقطة تفتيش على طول طريق على مشارف ولاية هرات... 4 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

«طالبان» حليف غير متوقَّع في مكافحة الإرهاب

بعد 3 سنوات على خروج الائتلاف الغربي من أفغانستان وسط فوضى عارمة مع سيطرة «طالبان» على كابل، باتت الحركة محاوراً غير متوقَّع في مكافحة الإرهاب.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
أوروبا عناصر من الشرطة الألمانية المختصة بمكافحة الإرهاب (غيتي)

تحريك دعوى قضائية في ألمانيا ضد 3 مراهقين للاشتباه بإعدادهم لهجوم إرهابي إسلاموي

حرك الادعاء العام الألماني دعوى قضائية ضد 3 مراهقين من ولاية شمال الراين-ويستفاليا بتهمة الإعداد لهجوم إرهابي إسلاموي.

«الشرق الأوسط» (دوسلدورف )
شمال افريقيا الرئيس التونسي قيس سعيّد في اجتماع قبل أيام حول ملف الهجرة غير النظامية مع وزير الداخلية خالد النوري وكاتب الدولة للأمن سفيان بالصادق (من موقع الرئاسة التونسية)

تونس: إيقافات ومحاكمات لتونسيين وأفارقة متهمين بتهريب البشر

كشفت مصادر أمنية وقضائية رسمية تونسية أن الأيام الماضية شهدت حوادث عديدة في ملف «تهريب البشر» من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء نحو تونس.

كمال بن يونس (تونس)
شؤون إقليمية مجلس الأمن القومي التركي برئاسة إردوغان أكد استمرار العمليات العسكرية ودعم الحل في سوريا (الرئاسة التركية)

تركيا ستواصل عملياتها ضد «الإرهاب» ودعم الحل السياسي في سوريا

أكدت تركيا أنها ستواصل عملياتها الهادفة إلى القضاء على التنظيمات الإرهابية في سوريا إلى جانب تكثيف جهود الحل السياسي بما يتوافق مع تطلعات ومصالح الشعب السوري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا قوات باكستانية خلال دورية في بيشاور (وسائل إعلام باكستانية)

فشل جهود الحكومة الباكستانية في منع تصاعد العنف بالبلاد

استمر العنف في الارتفاع بمقاطعتين مضطربتين في باكستان مع مواصلة الجيش المشاركة في عمليات مكافحة الإرهاب في شمال غربي وجنوب غربي البلاد

عمر فاروق (إسلام آباد )

روسيا لرفع «طالبان» من لائحة الإرهاب... وتعارض نشر قوات أجنبية في أفغانستان

صورة من «نوفوستي» لاجتماع سابق لـ«صيغة موسكو»
صورة من «نوفوستي» لاجتماع سابق لـ«صيغة موسكو»
TT

روسيا لرفع «طالبان» من لائحة الإرهاب... وتعارض نشر قوات أجنبية في أفغانستان

صورة من «نوفوستي» لاجتماع سابق لـ«صيغة موسكو»
صورة من «نوفوستي» لاجتماع سابق لـ«صيغة موسكو»

سارت موسكو خطوة إضافية نحو تطوير العلاقات مع حكومة حركة «طالبان» في أفغانستان. وأكد مسؤولون روس أن قرار رفع الحركة من قوائم الإرهاب الروسية قد «اتخذ على أعلى المستويات».

ورعت وزارة الخارجية الروسية، الجمعة، الاجتماع السادس لمجموعة العمل الدولية، التي تحمل تسمية «صيغة موسكو»، وهي تناقش بشكل دوري الملفات المتعلقة بالوضع في أفغانستان.

وأفادت الوزارة في بيان بأن المشاركين «أعربوا عن الاهتمام بتطوير مشروعات البنية التحتية الإقليمية، وأشاروا أيضاً إلى آفاق التعاون الاستثماري».

روسيا دعت الدول الغربية إلى رفع العقوبات المفروضة على أفغانستان (وزارة الخارجية الروسية)

وأوضح البيان أن «المشاركين في مؤسسة التمويل الدولية أبدوا اهتمامهم بتطوير مشروعات البنية التحتية الإقليمية بمشاركة أفغانستان، وأشاروا إلى آفاق التبادلات الاقتصادية والتجارية والتعاون الاستثماري مع كابل».

وأكدت الأطراف المشاركة، وفقاً للبيان الروسي، دعمها وجود أفغانستان دولةً مستقلة وموحدة وسلمية، وأعربت عن استعداد تقديم المساعدة لكابل في مجالات مكافحة الإرهاب والمخدرات.

وأشارت الوزارة إلى أن الأطراف نوهت أيضاً بضرورة تقديم مساعدة إنسانية دولية لأفغانستان، وهو أمر قالت موسكو: «إنه لا ينبغي تسييسه».

أحد أفراد أمن «طالبان» يتحدث مع بائع أعلام خارج مسجد عيد جاه في كابل 20 أبريل 2023 (أ.ف.ب)

وبدا أن الاهتمام الرئيسي انصّب خلال اللقاءات على تعزيز المسار الذي أطلقته موسكو لرفع الحركة الأفغانية عن قوائم الإرهاب.

وقال زامير كابولوف، الممثل الرئاسي الروسي في الشأن الأفغاني، إن موسكو تأمل في أن يجري بالمستقبل القريب جداً الإعلان عن رفع حركة «طالبان» من قائمة المنظمات الإرهابية بالاتحاد الروسي. مؤكداً أن القرار بهذا الشأن قد اتخذ على أعلى المستويات.

وأضاف: «الأمر لا يتعلق بالرغبة. لقد جرى اتخاذ قرار أساسي بشأن هذه القضية. ويجب أن تتم هذه العملية في إطار القانون الروسي». وقال كابولوف عقب الاجتماع: «إن القرار النهائي سيتم الإعلان عنه في المستقبل القريب جداً».

يقف أفراد أمن «طالبان» حراسة على طول أحد الطرق عشية الذكرى الثالثة لاستيلاء الحركة على أفغانستان 13 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

في غضون ذلك، أعلنت الخارجية الروسية أن الوزير سيرغي لافروف، الذي حضر الاجتماع، أجرى على هامشه محادثات مع وزير الخارجية الأفغاني أمير متكي، ركّزت على العمل المشترك في مشروعات استراتيجية، خصوصاً في مجالي الطاقة والزراعة.

وزير خارجية «طالبان» بالإنابة أمير خان متقي يتحدّث خلال مؤتمر صحافي في كابل 14 سبتمبر 2021 (رويترز)

ووفقاً للبيان الروسي، فقد «تم التأكيد خلال لقاء الوزيرين على المصلحة المشتركة لروسيا وأفغانستان في الحفاظ على علاقات سياسية موثوقة، وبناء تعاون تجاري واقتصادي متبادل المنفعة، مع التركيز بشكل خاص على تطوير المشروعات في مجالات الطاقة والزراعة».

وأشار إلى «الدور القيادي لآليات التفاوض الإقليمية بشأن أفغانستان، وفي المقام الأول (صيغة موسكو) للمشاورات»، مشيراً إلى «النتائج العكسية للإملاءات الخارجية بشأن قضايا التنمية الداخلية في أفغانستان».

وكان لافروف قد ركّز في كلمته الاستهلالية للقاء «صيغة موسكو» على معارضة بلاده نشر بنى تحتية عسكرية لدول ثالثة في أفغانستان، وفي الدول المجاورة لها.

وأضاف: «مع الأخذ في الاعتبار المناقشات الجارية في الغرب، نودّ أن نؤكد مرة أخرى عدم قبول عودة البنية التحتية العسكرية لدول ثالثة إلى أراضي أفغانستان، أو نشر منشآت عسكرية جديدة في الدول المجاورة تحت أي ذريعة».

وتابع وزير الخارجية الروسي، أنه كما يتبين من التاريخ، فإن استعراض القوة في هذه المنطقة من قبل لاعبين خارجيين لا يؤدي إلا إلى تفاقم المشاكل المحلية.

وشدد لافروف على ضرورة «تقديم المساعدة لأفغانستان في الحرب ضد التهديد الإرهابي المستمر هناك».

وأضاف: «بالطبع، لا يزال نطاق المهام التي لم يتم حلها، والتي تواجه كابل، في مجال مكافحة الإرهاب كبيرًا. ولا تزال مجموعات إرهابية مختلفة موجودة في أفغانستان أو تشنّ غارات من الخارج. ومن مصلحتنا المشتركة تزويد السلطات الأفغانية بما يلزم لتعزيز قدراتها في هذا الشأن».

ويعد هذا الاجتماع السادس لـ«صيغة موسكو» للمشاورات حول القضايا الأفغانية، التي أطلقتها موسكو في العام 2017، وتشارك فيها إلى جانب روسيا، الهند وإيران وكازاخستان وقيرغيزستان والصين وباكستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان.

ومهّدت موسكو لجولة المشاورات، بالإعلان عن جدول أعمال، يشمل مناقشة قضايا تعزيز عملية المصالحة الوطنية الأفغانية، وتوسيع التفاعل بين دول المنطقة وكابل في المجالات السياسية والاقتصادية، ومكافحة الإرهاب، والمخدرات.