ما سر ضعف المعارضة الأفغانية؟!

وسط تمرد محدود في 12 مقاطعة

تدريبات عسكرية أثناء حفل التخرج في قندهار الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
تدريبات عسكرية أثناء حفل التخرج في قندهار الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
TT

ما سر ضعف المعارضة الأفغانية؟!

تدريبات عسكرية أثناء حفل التخرج في قندهار الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
تدريبات عسكرية أثناء حفل التخرج في قندهار الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)

هل تواجه حكومة «طالبان» أي تهديد عسكري كبير من أكثر من 5 جماعات مقاومة، أعلنت عن نفسها وانطلاق عملياتها داخل 12 مقاطعة أفغانية، ضد حكومة «طالبان» المؤقتة في كابل؟

في حين يرى خبراء عسكريون دوليون أن «طالبان» لا تواجه في الوقت الحالي أي تهديد عسكري كبير يهدد وجودها من أي من جماعات المقاومة المسلحة التي أعلنت انطلاق عملياتها في مارس (آذار) 2022، حدث بالفعل تمرد محدود في 12 مقاطعة على الأقل، من أصل 34 في أفغانستان. وأفادت وسائل الإعلام الأفغانية بوقوع 13 هجوماً كبيراً ضد قوات «طالبان» منذ سيطرة الجماعة على كابل في أغسطس (آب) 2021.

ووقعت أحدث هذه الهجمات في ضاحية كابيسا، حيث أعلنت جماعة مقاومة مغمورة تطلق على نفسها «جبهة تحرير أفغانستان» نجاحها في قتل 4 من مقاتلي «طالبان» وإصابة اثنين آخرين خلال هجوم ضد قاعدة تتبع الجماعة في المقاطعة.

ووفقاً لبيان صحافي رسمي صادر عن «جبهة تحرير أفغانستان»، «وقع الهجوم مساء الأحد، 22 أكتوبر (تشرين الأول)، بمنطقة ريج روان بوسط كابيسا».

وزير الخارجية الأفغاني أمير خان متقي (وسط) يصل لحضور مؤتمر صحافي لتقديم تقرير الإنجازات السنوية للوزارة في كابل في 22 أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

ووفقاً للبيان الصحافي: «سيطرت جبهة تحرير أفغانستان على قاذفة صواريخ تعود لـ(طالبان) في أعقاب الهجوم. وأكد سكان محليون سماع دوي إطلاق نار بالمنطقة، لكن لم ترد تفاصيل محددة». يذكر أن نظام «طالبان» لا يعترف بهذه الحوادث أو الاعتداءات.

معبر طورخم الحدودي بين باكستان وأفغانستان (متداولة)

يذكر أن «جبهة تحرير أفغانستان» كانت قد أطلقت في وقت سابق 5 صواريخ على مبنى بمنطقة هيس أوال كوهستان في مقاطعة كابيسا، بعد منتصف ليل الجمعة 20 أكتوبر. وعقب الهجوم، أعلنت الجبهة مسؤوليتها عن مقتل اثنين من مقاتلي «طالبان».

جنود من «طالبان» يحضرون حفل تخرج في قندهار (إ.ب.أ)

وفي سياق متصل، أعلنت نحو 6 جماعات مناهضة لـ«طالبان» وجودها في مارس وأبريل (نيسان) 2022. ويقول خبراء «هناك إجماع عام بين جماعات المقاومة على أن الوضع على الأرض بات يستدعي التمرد».

ومن أبرز هذه الجماعات «جبهة المقاومة الوطنية الأفغانية»، التي يقودها نجل القائد العسكري الأسطوري أحمد شاه مسعود. وتسعى الجبهة إلى تقديم صورة يمكنها محاكاة نجاح مسعود في مواجهة السوفيات في عقد التسعينات، الذي تحقق بفضل الدعم الخارجي السخي.

جنود من «طالبان» يحضرون حفل تخرج في قندهار (إ.ب.أ)

من جهتها، جذبت «جبهة تحرير أفغانستان» الانتباه في مارس 2022، ويعتقد بأنها كانت بقيادة الجنرال ياسين ضياء، وزير الدفاع السابق ورئيس الأركان العامة للجيش الوطني الأفغاني. وأعلنت الجماعة مسؤوليتها عن بعض الهجمات ضد «طالبان» في أقاليم تتنوع ما بين بدخشان وقندهار.

وتعدّ «حركة التحرير الوطنية الإسلامية الأفغانية»، وهي من مجموعة البشتون الرئيسية الوحيدة. وجرى تشكيل الحركة في فبراير (شباط) 2022 بقيادة عبد المتين سليمان خيل، عضو مجموعة القوات الخاصة التابعة للجيش الوطني الأفغاني، رداً على مزاعم قتل «طالبان» جنوداً عسكريين سابقين.

وتتضمن جماعات المقاومة الأخرى التي أعلنت عن نفسها الفترة الأخيرة، «جبهة الحرية والديمقراطية»، و«جنود هازارستان»، و«فيلق الحرية» و«جبهة تحرير أفغانستان». ولا تتوافر سوى معلومات قليلة عن هذه الجماعات.

كما شكّل نحو 40 من أمراء الحرب الأفغان والسياسيين المنفيين «المجلس الأعلى للمقاومة الوطنية» في تركيا في مايو (أيار) 2022 لإظهار مناهضتهم لـ«طالبان». ومن بين الأعضاء حاكم ولاية بلخ السابق، عطا محمد نور، وعضو «جبهة المقاومة الوطنية الأفغانية» أحمد والي مسعود، والزعيم الشيعي محمد محقق.

وعبّر خبراء عسكريون عن اعتقادهم بأن هناك عاملين مسؤولين عن تدني مستوى نجاح هذه الجماعات في ساحة المعركة.

أولاً، لم تتلقَ هذه الجماعات مستوى المساعدة العسكرية نفسه من دول أجنبية التي كان القائد العسكري أحمد شاه مسعود يتلقاها من دول، مثل إيران وروسيا والهند خلال التسعينات. ثانياً، تفتقر هذه الجماعات إلى الوحدة فيما بينها.

وتعدّ طاجيكستان الدولة الوحيدة في المنطقة التي عارضت «طالبان» علناً، ووفرت ملاذاً للقادة الأفغان المنفيين. ومع ذلك، من غير الواضح ما إذا كانت طاجيكستان تقدم مساعدات مالية وعسكرية لهذه القوات، إلى جانب توفير الملاذ والدعم الإعلامي لقضيتهم.


مقالات ذات صلة

«طالبان» حليف غير متوقَّع في مكافحة الإرهاب

تحليل إخباري يقف أعضاء «طالبان» التابعون لوزارة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» في نقطة تفتيش على طول طريق على مشارف ولاية هرات... 4 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

«طالبان» حليف غير متوقَّع في مكافحة الإرهاب

بعد 3 سنوات على خروج الائتلاف الغربي من أفغانستان وسط فوضى عارمة مع سيطرة «طالبان» على كابل، باتت الحركة محاوراً غير متوقَّع في مكافحة الإرهاب.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
أوروبا عناصر من الشرطة الألمانية المختصة بمكافحة الإرهاب (غيتي)

تحريك دعوى قضائية في ألمانيا ضد 3 مراهقين للاشتباه بإعدادهم لهجوم إرهابي إسلاموي

حرك الادعاء العام الألماني دعوى قضائية ضد 3 مراهقين من ولاية شمال الراين-ويستفاليا بتهمة الإعداد لهجوم إرهابي إسلاموي.

«الشرق الأوسط» (دوسلدورف )
شمال افريقيا الرئيس التونسي قيس سعيّد في اجتماع قبل أيام حول ملف الهجرة غير النظامية مع وزير الداخلية خالد النوري وكاتب الدولة للأمن سفيان بالصادق (من موقع الرئاسة التونسية)

تونس: إيقافات ومحاكمات لتونسيين وأفارقة متهمين بتهريب البشر

كشفت مصادر أمنية وقضائية رسمية تونسية أن الأيام الماضية شهدت حوادث عديدة في ملف «تهريب البشر» من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء نحو تونس.

كمال بن يونس (تونس)
شؤون إقليمية مجلس الأمن القومي التركي برئاسة إردوغان أكد استمرار العمليات العسكرية ودعم الحل في سوريا (الرئاسة التركية)

تركيا ستواصل عملياتها ضد «الإرهاب» ودعم الحل السياسي في سوريا

أكدت تركيا أنها ستواصل عملياتها الهادفة إلى القضاء على التنظيمات الإرهابية في سوريا إلى جانب تكثيف جهود الحل السياسي بما يتوافق مع تطلعات ومصالح الشعب السوري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا قوات باكستانية خلال دورية في بيشاور (وسائل إعلام باكستانية)

فشل جهود الحكومة الباكستانية في منع تصاعد العنف بالبلاد

استمر العنف في الارتفاع بمقاطعتين مضطربتين في باكستان مع مواصلة الجيش المشاركة في عمليات مكافحة الإرهاب في شمال غربي وجنوب غربي البلاد

عمر فاروق (إسلام آباد )

روسيا: دعوات إلى دعم إيران ترافقها تلميحات رسمية

المرشد الإيراني علي خامنئي يستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في طهران العام الماضي (موقع خامنئي)
المرشد الإيراني علي خامنئي يستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في طهران العام الماضي (موقع خامنئي)
TT

روسيا: دعوات إلى دعم إيران ترافقها تلميحات رسمية

المرشد الإيراني علي خامنئي يستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في طهران العام الماضي (موقع خامنئي)
المرشد الإيراني علي خامنئي يستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في طهران العام الماضي (موقع خامنئي)

عزَّزت تصريحات مسؤولين روس وخبراء في وسائل إعلام رسمية، اليوم (الأربعاء)، عن المواجهة بين إسرائيل وإيران، تكهنات حول موقف موسكو، في حال تفاقم التوتر، ودعمها المحتمل لطهران.

وفي حين حافظت الرئاسة الروسية على موقف حذر تجاه احتمالات تطوّر موقفها، نبه معلقون روس إلى أن إلحاق هزيمة استراتيجية بطهران سيشكل «ضرراً لا يُعوَّض» بالنسبة إلى موسكو.

وحذر «الكرملين» من أن الوضع في الشرق الأوسط يتطور في «الاتجاه الأكثر إثارة للقلق»، داعياً جميع الأطراف إلى ضبط النفس. وحمّل واشنطن مسؤولية تصعيد التوتر، لتقديمها «دعماً غير مشروط» لإسرائيل.

ورداً على سؤال عما ستفعله موسكو في حال تدهور الموقف أكثر، وما إذا كانت ستدعم إيران في حالة دخولها في صراع شامل مع إسرائيل، قال الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف: «لدينا اتصالات مع جميع الأطراف في هذا الصراع. وسنستمر في إجراء هذه الاتصالات، وندعو جميع الأطراف إلى ضبط النفس».

وعززت صيغة الرد تكهنات عدة، خصوصاً بعدما برزت مواقف في روسيا تدعو إلى تقديم الدعم لطهران. ونشرت وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية الروسية مقالة لمعلق سياسي رأى فيها أن «إسرائيل أشعلت حرب لبنان الثالثة، وتشعل فتيل حرب عالمية ثالثة».

وذكّر معلقون بتلويح الرئيس فلاديمير بوتين، في وقت سابق، بتسليح خصوم الولايات المتحدة وحلفائها، على خلفية مواصلة واشنطن تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا.

الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف (إ.ب.أ)

وفي هذا الإطار تحديداً، حملت تصريحات بيسكوف حول موقف واشنطن دلالات مهمة، عندما قال إن «الولايات المتحدة تدعم إسرائيل في الصراع بالشرق الأوسط... وتقدم دعماً غير مشروط لها؛ إمدادات الأسلحة والمساعدات المالية وبالطبع المساعدة العسكرية التقنية. هذه حقائق معروفة».

كان لافتاً أيضاً نفي بيسكوف صحة معطيات إسرائيلية عن احتمال ترتيب اتصال هاتفي لبوتين مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، رغم أنه قال إن بلاده تحافظ على اتصالات مع الأطراف في المنطقة. وعندما سُئل الناطق الروسي عن صحة تقارير إسرائيلية عن اتصال مرتقب مع نتنياهو، أجاب: «لا توجد حالياً ترتيبات بهذا الشأن».

في الوقت ذاته، نقلت وسائل إعلام حكومية روسية عن وزير الخارجية، سيرغي لافروف، أن موسكو «تنطلق من حقيقة أن إسرائيل تريد جر الولايات المتحدة إلى حرب في الشرق الأوسط، بينما يتصرف القادة الإيرانيون بمسؤولية كبيرة، ويجب تقييم ذلك بشكل صحيح».

لافروف خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي (رويترز)

وكتب محلِّل سياسي في منصة «فوكوس» أن «الإيرانيين يدركون جيداً أن المهمة الرئيسية للإسرائيليين هي التأثير على إيران استراتيجياً، وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا من خلال جر الولايات المتحدة إلى الحرب».

ووفقاً لإيغور سيميفولوس، مدير «مركز دراسات الشرق الأوسط»، فإن «إيران ما زالت مترددة، لكن فترة التردُّد ستنتهي بعد قمة مجموعة (بريكس) المنتظَرة في مدينة كازان الروسية بين 22 و24 أكتوبر (تشرين الأول)».

وزاد الخبير: «تحتاج إيران إلى اتفاق مع موسكو، حيث يجب ضمان الأمن الإيراني... إن إضعاف إيران حالياً لا يصب في صالح روسيا، بل في صالح خصومها»، ملاحظاً أن موسكو قد تخسر «حليفاً مهماً في حرب أوكرانيا، وهذا أمر لا يمكن السماح به».

إلى ذلك، قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن روسيا تدعو جميع الأطراف المعنية بالصراع في الشرق الأوسط إلى ممارسة ضبط النفس، ومنع المزيد من تدهور الوضع.

وأضافت: «ندعو مرة أخرى جميع الأطراف المعنية إلى ممارسة ضبط النفس، لمنع المزيد من التدهور في الوضع العسكري السياسي وانزلاق المنطقة إلى هاوية حرب كبرى».

وأشارت إلى أن «مثل هذا السيناريو الكارثي لا يلبي مصالح أي من البلدان... نأمل أن يستغل جميع اللاعبين الدوليين ذوي التفكير البنّاء أي فرص متاحة لمنع ذلك».

وناقش لافروف التصعيد في الشرق الأوسط مع السفراء العرب في موسكو. وقالت زاخاروفا إنه تم خلال اللقاء «تبادل وجهات النظر، وركز المشاركون في الاجتماع على التصعيد المستمر غير المسبوق للعنف في المنطقة، ودعا المشاركون في الاجتماع إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية في منطقة الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. كما تم الإعراب عن القلق العميق بشأن المخاطر المتزايدة لاندلاع حرب واسعة النطاق في الشرق الأوسط، مع عواقب مدمّرة على المنطقة بأكملها، بما في ذلك على خلفية الهجوم الصاروخي الإيراني الانتقامي على مواقع إسرائيلية».