أرمينيا تسجّل وصول أكثر من 42 ألف لاجئ من كاراباخ

ألمانيا تزيد المساعدات الإنسانية للأرمن إلى 5 ملايين يورو

TT

أرمينيا تسجّل وصول أكثر من 42 ألف لاجئ من كاراباخ

لاجئون يقفون إلى جانب سيارة في غوريس (أ.ف.ب)
لاجئون يقفون إلى جانب سيارة في غوريس (أ.ف.ب)

أعلنت أرمينيا، اليوم (الأربعاء)، وصول 42500 لاجئ من ناغورنو كاراباخ إلى أراضيها منذ الهجوم الأذربيجاني الخاطف، أي ما يمثل ثلث عدد سكان الإقليم الانفصالي ذي الغالبية الأرمنية.وفتحت أذربيجان الطريق الوحيدة التي تصل الإقليم بأرمينيا (الأحد)، بعد أربعة أيام من موافقة الانفصاليين على إلقاء السلاح بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار أعاد المنطقة المتنازع عليها إلى سيطرة باكو.

وتُواصل أرمينيا، اليوم (الأربعاء)، استقبال عشرات آلاف اللاجئين من كاراباخ، بعد أسبوع من الهجوم الخاطف الذي نفّذته أذربيجان في هذه المنطقة الانفصالية بالقوقاز، وغالبية سكانها من الأرمن.

وكان رئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان، قد أعلن، الأسبوع الماضي، أن بلاده التي يبلغ عدد سكانها 2.9 مليون نسمة تستعدّ لاستقبال 40 ألف لاجئ من ناغورنو كاراباخ.

وتعهّدت أذربيجان بالسماح للانفصاليين، الذين يسلّمون أسلحتهم، بالذهاب إلى أرمينيا، وفتحت، الأحد، الطريق الوحيدة التي تربط كاراباخ بهذا البلد، بعد 4 أيام من استسلام الانفصاليين، والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار ووضع المنطقة تحت سيطرة باكو.

ويتواصل تدفّق السيارات، التي تُقلّ عائلات وممتلكات إلى آخر نقطة تفتيش أذربيجانية، قبل دخول الأراضي الأرمينية عن طريق مَعبر لاتشين. وأدّى التدفق الضخم للاجئين إلى اختناقات مرورية ضخمة على الطريق الوحيدة التي تربط «عاصمة» الإقليم ستيباناكيرت بأرمينيا.

أرمن فارّون من كاراباخ (إ.ب.أ)

يقول كثيرون إن الرحلة من ستيباناكيرت إلى الحدود، التي تبعد عن «عاصمة» كاراباخ 80 كيلومتراً، استغرقت 24 ساعة، دون طعام، وحتّى دون ماء أحياناً، خصوصاً أن المنطقة الانفصالية التي كانت خاضعة لحصار أذربيجاني منذ أشهر، تفتقر إلى شتّى أنواع السلع الأساسية.

وقال مصدر حكومي أذربيجاني، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أمس (الثلاثاء)، إن حرس الحدود الأذربيجانيين يبحثون عن أشخاص يُشتبه في ارتكابهم «جرائم حرب»، وسط اللاجئين الذين يغادرون كاراباخ إلى أرمينيا.

«أصبحنا كلاباً مشرَّدة»

والبعض يفرُّ مشياً. وقال رجل، في أثناء مروره أمام الجنود الأذربيجانيين: «طردونا». وقالت امرأة: «تركت بيتي لأبقى على قيد الحياة (...) ليعلم العالم أننا أصبحنا كلاباً مشرَّدة».

وبدأ، مساء الأحد، تدفّق اللاجئين إلى مدينة غوريس، التي يبلغ عدد سكانها نحو عشرين ألف نسمة، وتعدّ المحطّة الأولى للفارّين من كاراباخ.

وأمام مسرح غوريس، يتواصل تدفّق الحافلات الصغيرة، ومن هناك يتوّجه البعض إلى يريفان وكبرى المدن الأرمينية.

مساء الاثنين، انفجر مستودع للوقود في الجيب، وسط نزوح جماعي، ما أدى إلى مقتل 68 شخصاً على الأقل، وإصابة 290 آخرين، في حين اعتُبر 105 آخرون في عداد المفقودين، وفق الانفصاليين.

لاجئون في انتظار العبور لمركز تسجيل يتبع «الهلال الأحمر» (أ.ف.ب)

أرمينيا وأذربيجان جمهوريتان سوفياتيتان سابقتان تَواجهتا عسكرياً في ناغورنو كاراباخ، في الفترة الممتدة من عام 1988 إلى 1994 (30 ألف قتيل)، وفي خريف عام 2020 (6500 قتيل).

ووفق آخِر حصيلة صادرة عن الانفصاليين الأرمن، فإن العملية العسكرية الأذربيجانية، التي انتهت ظهر الأربعاء الماضي، خلّفت ما لا يقل عن 200 قتيل.

وتعهّد الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، الاثنين، بأن حقوق الأرمن في هذا الجيب الذي يحتلّه جيشه ستكون «مضمونة».

تحرك دبلوماسي

وفي بروكسل، اجتمع، أمس (الثلاثاء)، مسؤولون دبلوماسيون كبار يمثّلون فرنسا وألمانيا وأذربيجان وأرمينيا.

وسمحت المحادثات بـ«نقاشات مكثّفة بين المشاركين حول أهمية الاجتماع المحتمل لقادة» أرمينيا وأذربيجان، على هامش قمة أوروبية غير رسمية في غرناطة مقرَّرة الخامس من أكتوبر (تشرين الأول)، وهو اجتماع مخطّط له منذ فترة طويلة، ولم يجرِ إلغاؤه.

ويوم الأربعاء، دعت برلين باكو إلى السماح لمراقبين دوليين بدخول كاراباخ. وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، في بيان: «نعمل بكل قوانا مع شركائنا لإرسال مراقبين في أسرع وقت. السماح بإرسال مراقبين دوليين سيشكل دليل ثقة على أن أذربيجان جادّة في التزامها بأمن سكان كاراباخ ورفاهيتهم».

سيدة مُسنة من بين اللاجئين الأرمن الفارّين من كاراباخ (أ.ف.ب)

وشدّدت على أنه مِن حق سكان هذا الإقليم العيش في سلام بديارهم، مشيرةً إلى أن ألمانيا سترفع مساعدتها الإنسانية من مليوني يورو إلى 5 ملايين، عبر «اللجنة الدولية للصليب الأحمر».

ودعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أمس (الثلاثاء)، أذربيجان إلى احترام تعهّدها بحماية مدنيّي كاراباخ، وإتاحة وصول المساعدات الإنسانية إلى المنطقة، في اتصال هاتفي مع الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف.

وقال المتحدث باسم «الخارجية» الأميركية ماثيو ميلر، إن بلينكن «شدّد على الضرورة المُلحّة لوضع حد للقتال، وضمان الحماية غير المشروطة، وحرية التنقّل للمدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق إلى كاراباخ».

من جهتها، دعت فرنسا، أمس (الثلاثاء)، إلى «تحرّك دبلوماسي دولي»، في مواجهة «تخلي روسيا عن أرمينيا». وعدّت باريس النزوح «الكثيف» للأرمن من كاراباخ يحدث «على مرأى من روسيا المتواطئة»، التي تنشر قوة حفظ سلام في المنطقة.


مقالات ذات صلة

المشرق العربي مواطنون وفرق إنقاذ يبحثون عن ناجين بين الأنقاض بعد غارة إسرائيلية على مبنيين في حي عين الدلب شرقي مدينة صيدا الساحلية الجنوبية في لبنان الأحد 29 سبتمبر 2024 (أ.ب)

خدمات الطوارئ اللبنانية مثقلة وتحتاج إلى معدات أفضل لإنقاذ الأرواح

يكافح لبنان من أجل توفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والرعاية الطبية، وتأمين خدمات الطوارئ وأدت الحرب والأزمات المتلاحقة إلى تعميق شعور السكان بالتخلي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق من مخيّم البؤس إلى ملاعب البرازيل... الكرة تحقق حلم 4 لاجئين سوريين

من مخيّم البؤس إلى ملاعب البرازيل... الكرة تحقق حلم 4 لاجئين سوريين

يودّع أحمد وحافظ وعمر وقيس عائلاتهم في مخيّم الزعتري ويطيرون على أجنحة الحلم إلى البرازيل، حيث يبدأون رحلة احتراف كرة القدم.

كريستين حبيب (بيروت)
العالم العربي اجتماع مصري مع مسؤولين أمميين لإطلاق برنامج دعم اللاجئين (الخارجية المصرية)

تنسيق مصري - أممي لاستيعاب ازدياد الوافدين السودانيين

مع ازدياد أعداد الوافدين السودانيين إلى مصر، تعمل «مفوضية اللاجئين» على تنسيق مكثف مع السلطات المصرية، من أجل استيعاب نحو 1.2 مليون (لاجئ وطالب لجوء).

عصام فضل (القاهرة)
خاص وقت اللعب يُهدِّئ وطأة أيام لا تليق بالبراءة (الشرق الأوسط)

خاص يوغا وميداليات رياضية لأطفال الحرب النازحين في مدرسة ببيروت

في مدرسة النزوح، بعضهم يرى نفسه رونالدو وآخر ميسي. وتدور المباراة. يتحوّل بعض الأهل جمهور المشجّعين، ويعلو تصفيق من عمق المأساة.

فاطمة عبد الله (بيروت)

فشل جهود الحكومة الباكستانية في منع تصاعد العنف بالبلاد

قوات باكستانية خلال دورية في بيشاور (وسائل إعلام باكستانية)
قوات باكستانية خلال دورية في بيشاور (وسائل إعلام باكستانية)
TT

فشل جهود الحكومة الباكستانية في منع تصاعد العنف بالبلاد

قوات باكستانية خلال دورية في بيشاور (وسائل إعلام باكستانية)
قوات باكستانية خلال دورية في بيشاور (وسائل إعلام باكستانية)

استمر العنف في الارتفاع في مقاطعتين مضطربتين في باكستان مع مواصلة الجيش المشاركة في عمليات مكافحة الإرهاب في شمال غربي وجنوب غربي البلاد. غير أن الغارات والعمليات العسكرية فشلت على ما يبدو في منع الجماعات الإرهابية من تنفيذ هجمات مميتة على قوات الأمن.

يُذكر أن قوات الأمن الباكستانية تقوم بعمليات مكافحة تمرد منخفضة الكثافة في جنوب غربي وشمال غربي البلاد. بيد أن العنف آخذ في الارتفاع في هذه المناطق، وفقاً لتقرير صادر عن منظمة بحثية مقرها إسلام آباد.

القوات الباكستانية بعد اعتقالها لمسلحين في جنوب البلاد (الجيش الباكستاني)

وقد تجاوز الآن مجموع عدد الوفيات الناجمة عن أعمال العنف الإرهابية في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2024 الأرقام المسجلة في عام 2023 بأكمله. فقد قُتل ما لا يقل عن 1534 شخصاً خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، بالمقارنة مع 1523 حالة وفاة مسجلة طوال السنة الماضية. ويبدو أن الحكومة الباكستانية عاجزة عن منع تصاعد أعمال العنف في البلاد في مواجهة استمرار وتيرة المصادمات بين قوات الأمن والجماعات الإرهابية الباكستانية قرب الشريط القبلي. وبحسب تقرير صادر عن مركز البحوث والدراسات الأمنية، فقد سجلت الفترة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول) زيادة مذهلة في عدد الوفيات بنسبة بلغت 90 بالمائة مقارنة بالربع السابق. وقد وقعت جميع الوفيات تقريباً المسجلة خلال هذه الفترة - نحو 97 بالمائة - في خيبر بختونخوا وبلوشستان، وهو ما يمثل أعلى عدد من الضحايا في المنطقة خلال عقد من الزمن. وفي شهر سبتمبر، نفذت قوات الأمن الباكستانية عدة عمليات قائمة على الاستخبارات في مناطق الحدود الباكستانية - الأفغانية جرى خلالها تبادل كثيف لإطلاق النار بين قواتها والمسلحين، مما أسفر عن مقتل أكثر من ثلاثين مسلحاً.

مركبات محترقة بعد هجوم شنه الانفصاليون البلوش بمنطقة مساخيل في بلوشستان (وسائل إعلام باكستانية)

وتكمن المشكلة في أنه كلما زاد عدد المسلحين الذين يُقتلون على أيدي قوات الأمن الباكستانية، زاد عدد المسلحين الذين يشقون طريقهم عائدين إلى الأراضي الباكستانية من المدن والبلدات الحدودية في أفغانستان. وفي بعض الأحيان ينجح الجيش الباكستاني في منع هؤلاء الإرهابيين من دخول باكستان. ولكن في أغلب الأحيان، وبسبب طبيعة الحدود التي يسهل اختراقها، ينجح المسلحون في دخول الأراضي الباكستانية من دون أي مانع أو عائق.

فرقة من القوات الخاصة العسكرية الباكستانية خلال عرض اليوم الوطني (الجيش الباكستاني)

وكما يقول مسؤول عسكري باكستاني في 19 سبتمبر، اكتشفت قوات الأمن في منطقة سبينووام العامة، في إقليم وزيرستان الشمالي، حركة لمجموعة من سبعة إرهابيين، كانوا يحاولون التسلل عبر الحدود الباكستانية - الأفغانية.

وشهدت باكستان أكثر الفترات عنفاً في العام حتى الآن، حيث شهد الربع الثالث من عام 2024 زيادة حادة في الإرهاب؛ إذ قُتل نحو 722 شخصاً، من بينهم مدنيون وأفراد أمن ومسلحون، في حين أصيب 615 آخرون في 328 حادثة مسجلة.

وتشير تقارير المراكز البحثية الباكستانية إلى أن عدد الفصائل المتحالفة مع حركة «طالبان» الباكستانية المحظورة قد ارتفع إلى 60 فصيلاً، وكان فصيل «نعيم بخاري» من جماعة «عسكر جنجوي» أحدث إضافة إرهابية.

«جيش تحرير بلوشستان»

ورغم أن العديد من الهجمات الإرهابية خلال هذه الفترة لم تتبنَّ أي جهة مسؤوليتها، فقد أعلنت عدة جماعات، بما في ذلك «جيش تحرير بلوشستان»، و«جيش بلوشستان المتحد»، وحركة «طالبان» الباكستانية، وجماعة «غول باهادور»، مسؤوليتها عن حوادث محددة بارزة.

إضافة إلى ذلك، يشتبه في أن جماعة «جيش العدل» المسلحة، التي تتخذ من إيران مقراً لها، متورطة في هجمات معينة في بلوشستان، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني. وأفاد التقرير بأنه «في حين شهدت منطقة خيبر بختونخوا زيادة كبيرة في العنف؛ إذ سجلت 77 بالمائة و159 بالمائة زيادة في الهجمات على التوالي، شهدت مقاطعات أخرى مثل البنجاب والسند انخفاضاً نسبياً في النشاط الإرهابي».

قوات عسكرية باكستانية خلال مسيرة في جبال وزيرستان الشمالية المغطاة بالثلوج (وسائل إعلام باكستانية)

وأضاف: «الزيادة في قوة شرطة خيبر بختونخوا وبلوشستان تشير إلى وجود جهد مركز من جانب الجماعات المسلحة لزعزعة استقرار هذه المناطق. وقد تحمل المدنيون وطأة هذا العنف؛ إذ يمثلون 66 بالمائة من الوفيات، يليهم أفراد الأمن والمسؤولون الحكوميون».

وشكلت الهجمات التي استهدفت المدنيين وأفراد الأمن وممثلي الحكومة نسبة 82 بالمائة من جميع الحوادث، مما يعكس اتجاهاً مقلقاً يتمثل في تحويل المتمردين تركيزهم بعيداً عن المواجهات المباشرة مع قوات الأمن إلى استهداف أكثر المجموعات ضعفاً.