أعرب رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، الأحد، لنظيره الصيني لي تشيانغ عن استيائه من «تدخلات» بكين في ديمقراطية المملكة المتحدة، بعد الكشف مؤخراً عن توقيف شخصين بشبهة التجسس في وقت سابق من هذا العام. ويأتي الكشف عن القضية في وقت أبدت فيه لندن مؤخراً رغبة في الحوار مع بكين، بعد سنوات من الجمود في العلاقات. وأكدت الشرطة البريطانية في بيان: «أوقف عناصر شرطة مكافحة الإرهاب المكلفة بالتحقيق في التهديدات على الدولة وقضايا التجسس رجلَين في 13 مارس (آذار) للاشتباه في انتهاكهما المادة الأولى من قانون الأسرار الرسمية لعام 1911». وألقي القبض على الأول في منطقة أكسفورد، والثاني في إدنبره. وقالت شرطة لندن إنه أُطْلِق سراحهما بانتظار اتخاذ خطوة جديدة مطلع أكتوبر (تشرين الأول)، دون مزيد من التفاصيل.
ووفق صحيفة «صنداي تايمز»، كان الرجل الثاني على اتصال بنواب من حزب المحافظين الحاكم في أثناء عمله مساعداً في البرلمان. وكان من بين هؤلاء وزير الأمن السابق توم توغندات، ورئيسة لجنة الشؤون الخارجية التابعة لمجلس العموم أليشيا كيرنز. وأفادت الصحيفة بأن هذا الرجل بريطاني عمل في السياسة الدولية، بما في ذلك العلاقات مع بكين، وسبق أن عمل في الصين.
استياء بريطاني
قال سوناك لقنوات بريطانية على هامش قمة مجموعة العشرين في الهند: «بالطبع، لا أستطيع التعليق على تفاصيل التحقيق الحالي، لكن في ما يتعلق بلقائي مع رئيس الوزراء الصيني، فقد أثرتُ مجموعة مخاوف في مجالات التباين وعلى وجه الخصوص قلقي الشديد من أي تدخل في ديمقراطيتنا البرلمانية». وشدد على أن ذلك «غير مقبول إطلاقاً».
ووفقاً لمتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء، فقد التقى رئيس الوزراء البريطاني المحافظ نظيره الصيني، الأحد، على هامش قمة نيودلهي، وأعرب عن «قلقه العميق من التدخلات الصينية في الديمقراطية البرلمانية البريطانية». ووفقاً لوكالة أنباء «شينخوا» الرسمية، قال لي تشيانغ إنه يتعين على الصين وبريطانيا إدارة خلافاتهما واحترام المصالح الأساسية ومصادر القلق الرئيسية لكل بلد.
وقد تضاعف عدد التحقيقات المرتبطة بالتهديدات من دول أجنبية 4 مرات في العامين الماضيين وفق الشرطة البريطانية. وكشفت الاستخبارات البريطانية العام الماضي عن قضية كريستين لين، وهي عميلة للحكومة الصينية «شاركت في أنشطة تدخّل سياسي نيابة عن الحزب الشيوعي الصيني من خلال محاورة أعضاء البرلمان» في لندن. وفي يوليو (تموز)، أعلنت لجنة الاستخبارات والأمن في مجلس العموم أنّ الصين كانت تستهدف المملكة المتحدة.
تدهور العلاقات
وبعد «العصر الذهبي» الذي أراده رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون في عام 2015، تدهورت العلاقات بين لندن وبكين بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
وتتباين مواقف البلدين، لا سيما بشأن قمع الحركة المؤيدة للديمقراطية في هونغ كونغ، المستعمرة البريطانية السابقة، وكذلك بشأن مصير أقلية «الأويغور» المسلمة في منطقة شينجيانغ أو اتهامات بانتهاكات حقوق الإنسان في التبت.
وكان وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي قد قام بزيارة رسمية للصين في أواخر أغسطس (آب)، وأشار إلى أنه أثار قضية حقوق الإنسان مع جميع المسؤولين الصينيين الذين التقى بهم. وقالت بكين إنّ الوضع في «هونغ كونغ وشينجيانغ هو من الشؤون الداخلية للصين»، مضيفة أنّ الحكومة الصينية «لا تقبل أيّ تدخل أجنبي».
وتزامنت زيارة كليفرلي للصين، وهي الأولى لوزير خارجية بريطاني منذ 2018، مع نشر تقرير برلماني في لندن ينتقد بكين بشدّة، بوصفها «تهديداً للمملكة المتحدة ومصالحها»، داعياً الحكومة إلى تطوير «دبلوماسية ردع».