يتوجه الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأحد، إلى فيتنام ساعياً إلى بلوغ عتبة جديدة في العلاقات بين البلدين على خلفية المنافسة المتنامية مع الصين خصوصاً، ومسألة حقوق الإنسان بدرجة أقل. منذ عام 1995، زار جميع رؤساء الولايات المتحدة الدولة الواقعة في جنوب شرقي آسيا. وقال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جايك سوليفان في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، إن زيارة بايدن لهانوي جزء من جهد مستمر منذ عقود لـ«التغلب على الإرث المشترك المؤلم لحرب فيتنام».
وسيكون هذا الإرث حاضراً بقوة خلال هذه الرحلة التي سيتخللها الاثنين زيارة النصب التذكاري للسيناتور الجمهوري الأميركي جون ماكين الذي شارك في هذا النزاع، وتوفي في عام 2018. والأحد، يتوجه الرئيس الأميركي الذي شارك في قمة مجموعة العشرين في نيودلهي، إلى هانوي للقاء زعيم الحزب الشيوعي الحاكم نغوين فو ترونغ وعقد مؤتمر صحافي. وسيلتقي الديمقراطي البالغ 80 عاماً رئيس وزراء فيتنام ورئيسها الاثنين، كما سيشارك في اجتماع مع رجال أعمال».
خطوة رائعة
وأكد مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض أن هذه الزيارة تمثل «خطوة رائعة». ويتوقع الخبراء أن تدخل الولايات المتحدة وفيتنام في «شراكة استراتيجية واسعة»، وهي أعلى درجة من التقارب الدبلوماسي تقيمها هانوي. وعدّ غريغوري بولينغ، الخبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومقره واشنطن أن «الأمر يبدو منفصلاً عن الواقع بالنسبة لنا نحن الأميركيين، لكن بالنسبة لفيتنام (...) فهو مهم حقاً».
وحتى الآن، لم تختبر فيتنام مثل هذه الشراكة إلا مع روسيا والهند وكوريا الجنوبية والصين. ويضع بايدن الصين نصب عينيه بهذه الزيارة، فهو يجري نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً في آسيا من أجل مواجهة ثاني قوة في العالم. لكن بكين لم تقف مكتوفة؛ فقد أرسلت وفداً رفيعاً إلى فيتنام هذا الأسبوع. وتعهد المسؤولون في البلدين اللذين واجها عدة نزاعات حدودية بين 1979 و1991، بحسب «وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا)»، «تعزيز التضامن والتعاون». وقال السفير الفيتنامي السابق لدى الولايات المتحدة (2011 - 2014)، نغوين كووك كوونغ، إن بلاده «لطالما قالت إنها لا تنحاز إلى أي طرف، ولا تختار الولايات المتحدة ضد الصين. والأميركيون يعرفون ذلك جيداً». إلا أن الرئيس الأميركي يراهن على أن فيتنام لا تمانع التقرب من واشنطن، في حين تشكل مطالبات بكين في بحر الصين الجنوبي مصدراً شبه دائم للتوتر في المنطقة. ويفكر جو بايدن الذي يخوض حملة لإعادة انتخابه، أيضاً في الناحية الاقتصادية؛ إذ يريد إنشاء قنوات صناعية عالمية أقل اعتماداً على الصين، ولهذا فهو يحتاج إلى فيتنام التي تبحث عن شركاء ورؤوس أموال من أجل الارتقاء على الصعيد التقني.
حقوق الإنسان
وسيوازن بايدن بين المصلحة الاستراتيجية والدفاع عن حقوق الإنسان الذي يشكل أساس دبلوماسيته، وفقاً للبيت الأبيض. وتأتي زيارته بعد وقت قصير من نشر لجنة تابعة للحكومة الأميركية تقريراً قاسياً عن الحرية الدينية دانت فيه الانتهاكات «المستمرة التي يبدو أنها تتفاقم» للحرية الدينية في فيتنام. وتشير وزارة الخارجية الأميركية بشكل خاص إلى «مشكلات كبيرة في مجال حقوق الإنسان» في البلاد. وأكد جيك سوليفان: «إننا نثير دائماً القضايا المتعلقة بحرية التعبير وحرية الدين وحقوق الإنسان الأساسية الأخرى. (...) وهذه الرحلة لن تكون استثناءً». وفي فيتنام، لا يعول الناشطون على ذلك. وقال لي كونغ دينه، وهو محامٍ فيتنامي سابق سُجن بتهمة التآمر: «لا أتوقع أن تمارس الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ضغوطاً جدية»، معتبراً أنه في ظل المصالح الاستراتيجية والتجارية «لم تعد حماية حقوق الإنسان أولوية».