هل ستقيم واشنطن علاقات دبلوماسية مع «طالبان»؟

طالبت الولايات المتحدة كابل بتحسين وضع حقوق الإنسان وحقوق المرأة

أمن «طالبان» يفحص سيارة عند نقطة تفتيش في قندهار بأفغانستان (إ.ب.أ)
أمن «طالبان» يفحص سيارة عند نقطة تفتيش في قندهار بأفغانستان (إ.ب.أ)
TT

هل ستقيم واشنطن علاقات دبلوماسية مع «طالبان»؟

أمن «طالبان» يفحص سيارة عند نقطة تفتيش في قندهار بأفغانستان (إ.ب.أ)
أمن «طالبان» يفحص سيارة عند نقطة تفتيش في قندهار بأفغانستان (إ.ب.أ)

عَرَضَ دبلوماسي أميركي رفيع المستوى، في وقت سابق من الأسبوع الماضي، على حركة «طالبان» تقديم المساعدة الفنية لتحقيق الاستقرار في الوضع الاقتصادي في أفغانستان ومكافحة تهريب المخدرات.

عناصر «طالبان» تجري فحصاً أمنياً لسيارة عند نقطة تفتيش في قندهار 30 يوليو 2023 (إ.ب.أ)

وعلى الرغم من أن واشنطن لا تقيم علاقات دبلوماسية مع نظام «طالبان» وليس لها أي وجود دبلوماسي في كابل، فإنه ليست هناك طريقة لتقديم هذه المساعدة الفنية لهذا النظام المنعزل دون إقامة شكل من أشكال الاتصال أو الوجود في كابل.

وعلى ما يبدو، طالبت الولايات المتحدة بتحسين وضع حقوق الإنسان وحقوق المرأة بشكل أكثر دقة بوصفه شرطاً مسبقاً لإجراء هذه المحادثات، كما تراقب واشنطن من كثب تعامل نظام «طالبان» مع الجماعات الإرهابية الموجودة في أجزاء مختلفة من أفغانستان.

سيدتان تمران أمام صالون تجميل في منطقة شهر ناو في كابل في 4 يوليو الماضي بعدما أمرت سلطات «طالبان» الأفغانية بإغلاق صالونات التجميل في أنحاء البلاد (أ.ف.ب)

وذكرت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان أصدرته، أن الجانب الأميركي كرر التعبير عن مخاوفه بشأن «تدهور حقوق الإنسان» في كابل، ودعا حركة «طالبان» من جديد إلى إلغاء الحظر المفروض على التعليم الثانوي للفتيات، وتوظيف النساء، والإفراج عن الأميركيين المحتجزين.

وصحيح أن النهج البراغماتي الأميركي في السياسة الخارجية يعد نموذجاً في عالم السياسة الدولية، ولكن أحياناً ما تتعارض مؤسسة السياسة الخارجية الأميركية مع أهداف سياستها المزعومة وميولها.

فعلى سبيل المثال، بعد أن ارتكبت الهند وباكستان خطيئتهما الكبرى المتمثلة في تفجير قنابل نووية في مايو (أيار) 1998، وبالتالي تجاوز القواعد الدولية لعدم الانتشار النووي التي وضعتها الولايات المتحدة، بدا أن مسارات البلدين قد تباعدت بشكل كبير، ولكن في غضون أشهر، بدأت إدارة الرئيس الأميركي في ذلك الوقت بيل كلينتون في التودد إلى نيودلهي، وكانت رحلتها اللاحقة للوصول إلى مرحلة عقد الصفقات النووية المدنية بين الولايات المتحدة والهند بمثابة قصة عن براغماتية مؤسسات صنع السياسة الخارجية الأميركية وقيادتها، كما تم استقطاب باكستان إلى المدار الأميركي بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001.

وهناك عاملان قد يسهلان انجراف واشنطن المحتمل نحو تبني سياسة براغماتية في تعاملها مع حركة «طالبان»، أولهما أن انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان في يوليو (تموز) من العام الماضي يعني أن هذه هي المرة الأولى منذ أكثر من عقدين من الزمن التي لن يكون فيها للولايات المتحدة أي شكل من أشكال الوجود العسكري في المنطقة، بدءاً من شواطئ المحيط الهندي وحتى سهول آسيا الوسطى.

وبحسب ما ورد، نفت باكستان وجود قواعد للجيش الأميركي في أعقاب انسحابها من أفغانستان، كما تعارض الصين وروسيا بشدة إعادة إنشاء القواعد الأميركية في آسيا الوسطى.

أما العامل الثاني فهو أن المسؤولين الأميركيين كانوا يلمحون إلى إمكانية استئناف ضربات مكافحة الإرهاب في أفغانستان من أجل منع عودة ظهور التطرف السُّني والجماعات المسلحة في أفغانستان.

ولكي ينجح نهج البراغماتية الأميركي هذا فإنه سيكون هناك مطلب قوي بأن يستمر نظام «طالبان» ويبقى على قيد الحياة، والبقاء في هذه الحالة يعني ضمان الحركة قدرتها على النجاح في احتواء العنف والسيطرة عليه داخل حدودها، وألا تسمح له بالانتشار إلى البلدان المجاورة، ولكن هذه النتيجة تبدو غير محتملة بسبب الافتقار التام للقدرات والخبرات من جانب «طالبان» للتصدي للعنف من الناحية الفنية بصفتها حكومة وطنية.


مقالات ذات صلة

مخابرات تركيا توقف أحد مخططي الهجوم على كنيسة «سانتا ماريا»

شؤون إقليمية شرطة الطب الشرعي في موقع الهجوم بكنيسة «سانتا ماريا» يوم 28 يناير (أ.ب)

مخابرات تركيا توقف أحد مخططي الهجوم على كنيسة «سانتا ماريا»

كشفت المخابرات التركية عن القبض على أحد عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي، وقالت إنه شارك في التخطيط للهجوم على كنيسة «سانتا ماريا» الكاثوليكية الإيطالية في إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا متشددون اعتقلهم الجيش الجزائري مع أسلحتهم المصادرة (وزارة الدفاع)

اعتقال 4 متشددين مسلحين ومصادرة أسلحة في جنوب الجزائر

أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، أمس الخميس، في بيان، أن الجيش اعتقل 4 «إرهابيين كانوا ينشطون بمنطقة الساحل»، فيما سلَم آخر نفسه للقوات المسلحة بأقصى جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
آسيا حمزة بن لادن (أرشيفية)

هل حمزة بن لادن على قيد الحياة؟

عاد حمزة بن لادن، نجل الزعيم الراحل لـ«القاعدة»، المقتول في باكستان، إلى الظهور في أفغانستان، حسب ادعاءات الاستخبارات الغربية.

عمر فاروق (إسلام آباد ) «الشرق الأوسط» (لندن)
تحليل إخباري تخريج دفعة جديدة من مقاتلي «داعش خراسان» من «معسكر حقاني» في أفغانستان (متداولة)

تحليل إخباري لماذا يزداد الاعتقاد بأن هجوماً مثل «11 سبتمبر» قد ينطلق من أفغانستان؟

تعتقد المنظمات الدولية التي تراقب أفغانستان والدول المجاورة لها والحكومة الباكستانية وأجهزة الاستخبارات أن أفغانستان أصبحت مرة أخرى مركزاً للإرهاب الدولي.

عمر فاروق (إسلام آباد )
الولايات المتحدة​ حطام طائرة «بان أم» في لوكيربي (أرشيفية)

«إف بي آي» يطلق حملة دولية للعثور على ضحايا «لوكيربي»

أطلق مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) حملة بحث دولية للعثور على جميع ضحايا تفجير طائرة «بان أم» الرحلة 103 فوق لوكيربي في أسكوتلندا عام 1988.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

حريق في سيول بسبب بالون كوري شمالي مُحمَّل بالنفايات

بالون مُرسَل من كوريا الشمالية يحمل القمامة يظهر في سيول يوم 9 يونيو 2024 (إ.ب.أ)
بالون مُرسَل من كوريا الشمالية يحمل القمامة يظهر في سيول يوم 9 يونيو 2024 (إ.ب.أ)
TT

حريق في سيول بسبب بالون كوري شمالي مُحمَّل بالنفايات

بالون مُرسَل من كوريا الشمالية يحمل القمامة يظهر في سيول يوم 9 يونيو 2024 (إ.ب.أ)
بالون مُرسَل من كوريا الشمالية يحمل القمامة يظهر في سيول يوم 9 يونيو 2024 (إ.ب.أ)

هبط بالون محمل بالنفايات أُطلق من كوريا الشمالية على سطح مبنى في سيول، وأدى إلى اندلاع حريق، وفق ما أعلن مركز إطفاء، الاثنين، بعدما أرسلت بيونغ يانغ آلاف البالونات باتّجاه الشطر الجنوبي هذا العام، في إطار حملة دعائية متبادلة.

وأفاد مركز إطفاء غانغسيو في سيول، في بيان، أنه «عند قرابة الساعة 9:04 بعد ظهر الأحد (12:04 ت.غ)، اندلع حريق على سطح مبنى تجاري من 4 طوابق في المنطقة الغربية من سيول».

وأُخمد الحريق في غضون 18 دقيقة، ونُشرت 15 عربة إطفاء و56 عنصراً، حسب المركز الذي أكّد عدم سقوط ضحايا. وتحقق قوات الجيش والشرطة في البالون ومحتوياته، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأطلقت بيونغ يانغ نحو 120 بالوناً محمّلاً بالنفايات باتّجاه الحدود، ليل الأحد، بعد 50 بالوناً أُرسلت السبت، حسبما ذكر الجيش الكوري الجنوبي، الاثنين.

وهبط نحو 40 بالوناً في الشطر الجنوبي، معظمها في مقاطعة غيونغي والعاصمة سيول، حسب هيئة الأركان المشتركة في كوريا الجنوبية.

وذكرت هيئة الأركان أن الأكياس المرفقة بهذه البالونات احتوت في معظمها على «أوراق ونفايات بلاستيك»، مضيفة أنها لا تشكّل أي خطر على السلامة العامة.

وأرسلت كوريا الشمالية أكثر من 5000 بالون محمّل بالنفايات باتّجاه الجنوب منذ مايو (أيار)، مشيرة إلى أنها للرد على البالونات الدعائية التي أطلقها نشطاء كوريون جنوبيون.

وردّاً على ذلك، علّقت سيول العمل باتفاق عسكري لخفض التوتر مع بيونغ يانغ، وأعادت إطلاق الشعارات الدعائية عبر مكبّرات صوت عند الحدود.

وأدت أجهزة توقيت مرفقة بالبالونات إلى اندلاع حرائق في وقت سابق هذا الشهر، أحدها قرب مطار والآخر في وحدة تخزين.

وقال الناطق باسم هيئة الأركان المشتركة، لي شتانغ-هيون، لصحافيين، إن «بعض البالونات الكورية الشمالية المحمّلة بالنفايات تحتوي على أجهزة توقيت حرارية يمكن أن تؤدي إلى اندلاع حرائق، ما لم تفصل بالشكل المناسب لدى تشغيل سلك التسخين الذي يستخدم لفصل البالون عن حمولته».

وأضاف: «رأينا أنه موصوف بأنه (انفجار جهاز توقيت)؛ لكن نود التفسير مجدداً بأنه بناء على هذه الطريقة يحمّي جهاز توقيت حراري مواد البالون، ما يؤدي إلى تمزّقه في الهواء».

ولفت لي النظر أيضاً إلى أن «إسقاط البالونات في الجو يزيد من خطر تساقط الشظايا أو المواد الخطرة. حتى الآن، تعد الطريقة الأسلم المسارعة في جمعها بعد سقوطها بشكل طبيعي».

وقال الباحث لدى «معهد آسان للدراسات السياسية» يانغ أوك، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن كوريا الشمالية لديها بيانات على الأرجح «لتوقع موقع هبوط المنطاد بعد تحليقه لعدد معيّن من الساعات، ومن ثم تفجير الجهاز في الجو بالمكان؛ حيث ينوون إسقاطه».

وأضاف يانغ أنه رغم عدم تسجيل أي ضحايا أو أضرار، فإن «حرائق البالونات قد تتسبب في تداعيات أسوأ بالموسم الجاف».