واشنطن تحثّ بكين على استئناف الاتصالات العسكرية «بشكل عاجل»

برلين راجعت استراتيجية التعامل مع الصين... وبريطانيا مستهدفة بجهازها الاستخباراتي

جانب من اللقاء بين بلينكن ووانغ يي في جاكرتا الخميس (أ.ف.ب)
جانب من اللقاء بين بلينكن ووانغ يي في جاكرتا الخميس (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تحثّ بكين على استئناف الاتصالات العسكرية «بشكل عاجل»

جانب من اللقاء بين بلينكن ووانغ يي في جاكرتا الخميس (أ.ف.ب)
جانب من اللقاء بين بلينكن ووانغ يي في جاكرتا الخميس (أ.ف.ب)

دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، بكين إلى إعادة الاتصالات بين الجيشين الأميركي والصيني «بشكل عاجل»، في لقاء مع مدير مكتب لجنة الشؤون الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني وانغ يي، (الخميس)، على هامش اجتماع رابطة جنوب شرقي آسيا (آسيان) في جاكرتا.

في الوقت ذاته، كشفت برلين عن استراتيجية جديدة للتعامل مع بكين تقوم على خفض الارتهان بها في المستقبل، بينما أدان تقرير برلماني بريطاني استهداف أجهزة الاستخبارات الصينية المملكة المتحدة «بعدائية».

تكثيف الجهود الدبلوماسية

كثّفت واشنطن في الفترة الأخيرة من وتيرة جهودها الدبلوماسية لتخفيف التوتر مع بكين، إذ إن اللقاء الذي عُقد على هامش اجتماع «آسيان» في جاكرتا هو الثاني بين بلينكن ووانغ منذ اجتماعهما في بكين الشهر الماضي. وقال بلينكن لوانغ في مطلع الاجتماع: «من الجيد رؤيتك»، وقام بمصافحته أمام أعلام أميركية وصينية في فندق بالعاصمة الإندونيسية، ثم دخلا لإجراء محادثات مغلقة.

وجاء الاجتماع بعد يومين فقط من إعلان شركة «مايكروسوفت» أن قراصنة معلوماتيين صينيين قاموا باستهداف حسابات بريد إلكتروني لعدد من الوكالات الفيدرالية، ووزارة الخارجية. كما يأتي بعد نحو شهر من زيارة بلينكن إلى بكين، كانت الأولى لوزير خارجية أميركي منذ نحو 5 سنوات. والتقى بلينكن خلال زيارته الرئيس شي جينبينغ، ووزير الخارجية تشين قانغ. وقالت بكين وواشنطن إن زيارة بلينكن كانت ناجحة. ويمثّل وانغ يي الصين في جاكرتا محل قانغ، الذي اعتذر عن عدم المشاركة «لأسباب صحية»، وفقاً لوزارته.

وخلال الأسابيع الماضية، تصاعد النشاط الدبلوماسي بين الولايات المتحدة والصين على أعلى المستويات، رغم الخلافات العميقة. وزارت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين بكين الأسبوع الماضي، حيث التقت عدداً من كبار المسؤولين الحكوميين، بمَن فيهم رئيس الوزراء لي تشيانغ، ودعت إلى مزيد من التبادلات والتعاون بين البلدين. ومن المتوقّع أن يزور المبعوث الأميركي الخاص للمناخ جون كيري، بكين من الأحد إلى الأربعاء.

استئناف الحوار العسكري

على الرغم من هذه الزيارات التي تشير إلى رغبة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في استقرار العلاقات الثنائية المتوترة، فإن واشنطن لم تحقق حتى الآن أحد أهدافها الرئيسية المتمثل في استئناف الحوار مع الجيش الصيني، وهو أمر يعدّ ضرورياً لتجنب أكثر السيناريوهات تشاؤماً. وتتواصل المواجهات بين البلدين، خصوصاً فيما يتعلق بجزيرة تايوان الديمقراطية التي تتمتّع بحكم ذاتي، والتي تعدّها بكين جزءاً من أراضيها، أو المطالبات الإقليمية الصينية في بحر الصين. ولم يتوقع أي من الطرفين أن تحقق هذه الدبلوماسية المتجددة أي اختراق، لكنّ كلاً من الولايات المتحدة والصين تسعى لإدارة خلافاتهما لضمان ألا تؤدي إلى نزاع مباشر. وخلال مداخلة لمنظمة «كاونسل أون فورين ريليشنز»، قال بلينكن إنه لن تكون هناك نهاية في المستقبل القريب للتنافس بين البلدين. وأكّد أن «الأمر يتعلق بالأحرى بتحقيق تعايش سلمي وأكثر إنتاجية، لأن الحقيقة هي أن الصين لن تختفي ونحن لن نختفي. وبالتالي، علينا أولاً إيجاد طريقة التعايش وبشكل سلمي». لكن ما زالت تقع حوادث تؤدي إلى توتر العلاقات بين القوتين العظميين. وكان أحدثها إعلان «مايكروسوفت» هذا الأسبوع أن مجموعة من القراصنة الصينيين تمكنت من الوصول إلى نحو 25 منظمة أميركية لأغراض التجسس. وقالت وزارة الخارجية إنها رصدت «نشاطاً غير طبيعي»، لكنها امتنعت عن لوم الصين علناً، مكتفية بالقول «إن التحقيق جارٍ».

عجز بريطاني عن مواجهة «التجسس الصيني»

حذرت لجنة الاستخبارات والأمن في البرلمان البريطاني، (الخميس)، من أن أجهزة الاستخبارات الصينية تستهدف «بلا هوادة وعدائية» المملكة المتحدة، مما يشكل «تحدياً» لوكالات الاستخبارات البريطانية. وفي تقرير نُشر الخميس، انتقدت اللجنة أيضاً رد الحكومة البريطانية على التهديدات الصينية. وجاء في التقرير أن المملكة المتحدة «مهمة جداً بالنسبة للصين، فيما يتعلق بالتجسس والتدخل». وتابعت اللجنة أن «جهاز استخبارات الدولة الصيني، وهو بالتأكيد الأكبر في العالم مع آلاف العملاء في الاستخبارات المدنية، يستهدف المملكة المتحدة ومصالحها بلا هوادة وبعدائية، ويمثل تحدياً لوكالاتنا». وبعد «العصر الذهبي» الذي أراده رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون في عام 2015، تدهورت العلاقات بين لندن وبكين بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة. تتباين مواقف البلدين بشأن قمع الحركة المؤيدة للديمقراطية في هونغ كونغ، ومصير الأقلية المسلمة من الأويغور في الصين، وحتى بشأن الاشتباه في قيام شركة «هواوي» الصينية لتصنيع الهواتف بالتجسس. كما تتهم لندن بكين بأن لديها «مراكز شرطة» سرية في المملكة المتحدة لترهيب الفارين لأسباب اقتصادية والمعارضين، وهو ما تنفيه الصين. وحذّرت اللجنة من غياب رؤية طويلة المدى للتعامل مع التهديدات الصينية. وجاء في البيان: «إن المملكة المتحدة يعوقها بشدة النهج قصير المدى المتبع حالياً». وتابع أن «الحكومة بأكملها ما زال عليها أن تبذل كثيراً لفهم التهديد الصيني ومواجهته». وصرّح المدير العام لجهاز الاستخبارات الداخلية (MI5)، كين ماكالوم للنواب، بأن الصين تمثل «التحدي الاستخباراتي الرئيسي للعقد المقبل».

وتضمّ اللجنة، برئاسة النائب المحافظ جوليان لويس، 9 أعضاء يراقبون عمل وكالات الاستخبارات البريطانية. ويصادق رئيس الوزراء على تقاريرها كلها قبل نشرها.

استراتيجية ألمانية «واقعية»

من جانبها، كشفت ألمانيا (الخميس) عن خطة استراتيجية جديدة للتعامل مع نهج الصين «الذي يزداد تشدداً»، مع اعتماد مجلس الوزراء وثيقة تهدف إلى إعادة تحديد العلاقات مع بكين. وكتب المستشار الألماني أولاف شولتس في تغريدة إن «هدفنا ليس الانفصال عن (الصين)، لكننا نريد خفض الارتهان الحرج في المستقبل». وعرض الاستراتيجية الجديدة، قائلاً إنها تأتي رداً على «الصين التي تغيرت، وتبدي تشدداً متزايداً»، كما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية».

من جهتها، قالت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك إن السياسة التي قالت الحكومة إنها ستكون ضمن مقاربة الاتحاد الأوروبي للتعامل مع الصين، تهدف إلى أن «تكون واقعية، لكن ليست ساذجة». أتت الوثيقة نتيجة أشهر من المداولات داخل الحكومة الألمانية حول استراتيجيتها حيال الصين. وبينما دعت بيربوك، وهي من حزب «الخضر»، إلى اتخاذ موقف أكثر تشدداً حيال بكين والتركيز أكثر على حقوق الإنسان، ساند شولتس وهو من «الحزب الاجتماعي الديمقراطي» موقفاً أكثر ليونة. وتمثل سياسة الصين الجديدة توازناً دقيقاً بين الاثنين داخل الحكومة الائتلافية، وتصف بكين بأنها «شريك ومنافس». وجاء في الوثيقة أن «الصين هي أكبر شريك تجاري منفرد لألمانيا، لكن في حين يتراجع اعتماد الصين على أوروبا باستمرار، يزداد اعتماد ألمانيا على الصين في السنوات الأخيرة». وقالت الحكومة إنها لا تعتزم «عرقلة التقدم الاقتصادي والتنمية في الصين»، لكن «في الوقت نفسه، هناك حاجة ماسة لخفض المخاطر». وأضافت الوثيقة أن برلين «تراقب بقلق كيف تسعى الصين للتأثير في النظام الدولي بما يتماشى مع مصالح نظام الحزب الواحد، وبالتالي التقليل من شأن أسس النظام الدولي القائم على القوانين، مثل وضع حقوق الإنسان».


مقالات ذات صلة

سجن صحافي في الصين بتهمة التجسس بعد «لقاء مع دبلوماسيين يابانيين»

آسيا الصحافي الصيني دونغ يويو (شبكة «سي إن إن» الأميركية)

سجن صحافي في الصين بتهمة التجسس بعد «لقاء مع دبلوماسيين يابانيين»

قضت محكمة في بكين، اليوم (الجمعة)، بسجن الصحافي الصيني دونغ يويو 7 سنوات بتهمة التجسس، وفق ما أفادت عائلته.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق رجل الأعمال الصيني الأميركي جاستن صن يأكل عملاً فنياً على شكل موزة مكون من موزة طازجة ملتصقة بالحائط بشريط لاصق في هونغ كونغ في 29 نوفمبر 2024 بعد شراء العمل الفني الاستفزازي في مزاد في نيويورك مقابل 6.2 مليون دولار (أ.ف.ب)

«إنها فعلا لذيذة»... صيني يأكل موزة اشتراها بـ6 ملايين دولار

أوفى رجل اشترى عملاً فنياً يمثل موزة مثبتة على حائط لقاء 6.2 مليون دولار، بوعده الجمعة، وأقدم على تناول قطعة الفاكهة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ)
العالم تظهر هذه الصورة التي التقطتها قوات الدفاع الجوي اليابانية قاذفة صينية من طراز «H  -6» تحلق فوق بحر الصين الشرقي في 24 مايو 2022 (رويترز)

الجيشان الروسي والصيني ينفّذان دورية جوية مشتركة فوق بحر اليابان

قال التلفزيون المركزي الصيني (سي سي تي في)، إن الجيشَين الصيني والروسي نفَّذا الدورية الجوية الاستراتيجية المشتركة التاسعة في المجال الجوي فوق بحر اليابان.

«الشرق الأوسط» (بكين - موسكو)
آسيا مقاتلة صينية تستعد للإقلاع من حاملة الطائرات «شاندونغ» خلال تدريبات عسكرية حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)

تايوان ترصد 41 طائرة عسكرية صينية في محيطها قبل أول رحلة خارجية لرئيسها

أعلنت وزارة الدفاع التايوانية، اليوم (الجمعة) أنها رصدت 41 طائرة عسكرية وسفناً صينية حول الجزيرة، وذلك قبل زيارة للرئيس التايواني لاي تشينغ تي، إلى الخارج.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
آسيا الصين تقول إن واشنطن أعادت إليها 4 محتجَزين «لأسباب سياسية» (أ.ب)

الصين تقول إن واشنطن أعادت إليها 4 محتجَزين «لأسباب سياسية»

أعلنت الحكومة الصينية، اليوم الخميس، أن الولايات المتحدة أعادت أربعة أشخاص إليها، منهم ثلاثة مواطنين صينيين على الأقل قالت إنهم كانوا محتجَزين «لأسباب سياسية».

«الشرق الأوسط» (بكين)

جولة الرئيس التايواني في منطقة الهادئ تثير حفيظة بكين

مقاتلة صينية تستعد للإقلاع من حاملة الطائرات «شاندونغ» خلال تدريبات عسكرية حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)
مقاتلة صينية تستعد للإقلاع من حاملة الطائرات «شاندونغ» خلال تدريبات عسكرية حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)
TT

جولة الرئيس التايواني في منطقة الهادئ تثير حفيظة بكين

مقاتلة صينية تستعد للإقلاع من حاملة الطائرات «شاندونغ» خلال تدريبات عسكرية حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)
مقاتلة صينية تستعد للإقلاع من حاملة الطائرات «شاندونغ» خلال تدريبات عسكرية حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)

أثارت جولة رئيس تايوان، لاي تشينغ تي، المقررة في منطقة الهادئ، حفيظة بكين، ورصدت تايبيه الجمعة 41 طائرة عسكرية وسفينة صينية في محيط الجزيرة قبيل بدء جولة لاي تشينغ - تي في من هاواي وغوام، السبت، في رحلة تستمر أسبوعاً، يزور خلالها أيضاً جزر مارشال وتوفالو وبالاو، وهي 3 دول حليفة دبلوماسياً للجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي.

صورة التقطتها قوات الدفاع الجوي اليابانية لقاذفة صينية من طراز «H - 6» تحلق فوق بحر الصين الشرقي في 24 مايو 2022 (رويترز)

ردّت الصين بغضب على خطة زيارة لاي فيما تعهّد الناطق باسم وزارة الدفاع وو شيان الخميس «سحق» أي مساع تايوانية للاستقلال بشكل «حازم». ولدى سؤاله عما إذا كان الجيش الصيني سيتّخذ إجراءات للرد على جولة لاي في الهادئ، قال وو شيان: «نعارض بشدة أي شكل من أشكال التواصل مع منطقة تايوان الصينية».

وتحت ضغط من جانب الصين - تصر بكين على أن تايوان، التي تحظى بحكم ذاتي، هي جزء من أراضيها وتعارض أي اعتراف دولي بالجزيرة واعتبار نفسها دولة ذات سيادة - لم يعد للجزيرة سوى 12 حليفاً دبلوماسياً رسمياً. ومع ذلك فإنها تحتفظ باتصالات قوية مع عشرات الدول الأخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة، المصدر الرئيسي للدعم الدبلوماسي والعسكري. وأكد مكتب لاي الجمعة أن الرئيس سيتوقف في ولاية هاواي الأميركية وإقليم غوام الأميركي.

الرئيس التايواني لاي تشينغ تي يتكلم في ندوة استثمارية في تايبيه (رويترز)

ولتأكيد مطالبها، تنشر الصين مقاتلات ومسيرات وسفناً حربيةً في محيط تايوان بشكل يومي تقريباً، فيما ازدادت عدد الطلعات الجوية في السنوات الأخيرة.

وأفادت وزارة الدفاع التايوانية بأنها رصدت 33 طائرة صينية وثماني سفن تابعة لسلاح البحرية في أجوائها ومياهها.

شمل ذلك 19 طائرة شاركت في «دورية الجهوزية القتالية المشتركة» الصينية، مساء الخميس، في أكبر عدد منذ أكثر من 3 أسابيع، حسب بيانات صادرة عن الوزارة. ورصدت تايوان أيضاً منطاداً، كان الرابع منذ الأحد، على مسافة نحو 172 كيلومتراً غرب الجزيرة.

وقال الخبير العسكري لدى «معهد تايوان لأبحاث الدفاع الوطني والأمن» سو تزو - يون لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا يمكن استبعاد أن تجري مناورات عسكرية واسعة النطاق نسبياً رداً على زيارة لاي».

ولاي المدافع بشدة عن سيادة تايوان، الذي تصفه الصين بأنه «انفصالي»، يبدأ السبت أول رحلة له إلى الخارج منذ تولى السلطة في مايو (أيار). وسيتوقف مدة وجيزة في جزيرتي هاواي وغوام للقاء «أصدقاء قدامى» حلفاء لتايوان في الهادئ. وخلال زيارة لمعبد طاوي، الجمعة، تعهّد لاي «العمل بجد لتعميق العلاقات بين تايوان والبلدان الأخرى وتعزيز القوة للاستجابة إلى مختلف التحديات حول العام للسماح لتايوان بالوصول إلى العالمية».

زوارق عسكرية تايوانية في ميناء كيلوناغ العسكري أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)

وسبق لمسؤولين حكوميين تايوانيين أن توقفوا في أراض أميركية أثناء زيارات إلى منطقة الهادئ أو أميركا اللاتينية، ما أثار حفيظة الصين التي ردّت أحياناً بتنفيذ مناورات عسكرية في محيط الجزيرة. ونظّمت الصين مناورات عسكرية واسعة النطاق مرّتين منذ تولى لاي السلطة ونددت مراراً بتصريحاته وخطاباته.

وقال الخبير العسكري لدى «جامعة تامكانغ» لين ينغ - يو إن الرد الصيني سيعتمد على التصريحات التي يدلي بها لاي أثناء الجولة. وأفاد لين وكالة الصحافة الفرنسية: «قد تنظّم الصين مناورات عسكرية، لكنها قد لا تكون كبيرة. سيعتمد الأمر على ما يقوله الرئيس لاي»، مضيفاً أن أحوال الطقس حالياً «ليست مناسبة جداً» للقيام بمناورات.

عدّت منطقة جنوب الهادئ في الماضي معقلاً لدعم مطالب تايوان بالاستقلال، لكن الصين عملت بشكل منهجي على تغيير ذلك. وخلال السنوات الخمس الماضية، تم إقناع كل من جزر سليمان وكيريباني وناورو بتبديل اعترافها الدبلوماسي من تايبيه إلى بكين. وباتت جزر مارشال وتوفالو وبالاو الدول الجزرية الوحيدة في الهادئ المتحالفة مع تايوان.

وحدة من المجندين التايوانيين خلال مناورات عسكرية في تينان (إ.ب.أ)

وأثارت جهود بكين لكسب تأييد حلفاء تايوان وتوسيع نفوذها في المنطقة قلق الولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا. وقال المحاضر في الدراسات الصينية لدى «جامعة تسمانيا»، مارك هاريسون، إن تحويل الاعتراف إلى الصين «فتح الباب لانخراط أعمق بين بكين وهذه البلدان». وكانت زيارة لاي فرصةً نادرةً من نوعها للرئيس لتمثيل تايوان في الخارج ودعم مطالبها بالاستقلال. وقال هاريسون: «رغم أنها تبدو أشبه بتمثيلية نوعاً ما، إلا أن (هذه الزيارات) تعطي تايوان في الواقع صوتاً حقيقياً في النظام الدولي». وأضاف: «إنها تضفي شرعية وتوحي بالسيادة وفي ظل النظام الدولي القائم، فإن الإيحاء بالسيادة هو أيضاً سيادة».

من جانب آخر، أعلنت وزارة الخارجية الصينية، الجمعة، أن وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك ستبدأ زيارة لبكين خلال يومي 2 و3 ديسمبر (كانون الأول) المقبل بدعوة من نظيرها الصيني وانغ يي.

مدمرة تبحر في مضيق تايوان (أ.ف.ب)

يذكر أن بيربوك، كما نقلت عنها وكالة الأنباء الألمانية، أعربت مؤخراً بصورة متكررة عن انتقادات لدور الصين في سياسة المناخ الدولية والحرب الروسية في أوكرانيا. وحذرت بيربوك، بكين، من عواقب في ضوء افتراض الحكومة الألمانية أن موسكو تتلقى دعماً من الصين متمثلاً في طائرات مسيرة.

كانت آخر زيارة قامت بها الوزيرة للصين في منتصف أبريل (نيسان) 2023، التي شملت بكين ومدينة تيانجين المجاورة، حيث تنشط العديد من الشركات الألمانية. وبعد بضعة أشهر، في 14 سبتمبر (أيلول) 2023، تسببت بيربوك في نزاع دبلوماسي بتصريحاتها على شاشة التلفزيون الأميركي حول الرئيس الصيني شي جينبينغ. وخلال مقابلة على قناة «فوكس نيوز» التلفزيونية الأمريكية، علقت بيربوك أيضاً على الحرب الروسية في أوكرانيا، وقالت، في إشارة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: «إذا انتصر بوتين في هذه الحرب، فيا لها من إشارة بالنسبة لديكتاتوريين الآخرين في العالم، مثل شي، مثل الرئيس الصيني؟».

وأعربت وزارة الخارجية الصينية، في ذلك الوقت عن استيائها، ووصفت تصريحات بيربوك بأنها «سخيفة للغاية». وذكرت الوزارة أن تلك التصريحات أهانت بشكل بالغ الكرامة السياسية للصين، وتمثل استفزازاً سياسياً صريحاً. وكان رد فعل بيربوك هادئاً على الغضب، وأوضحت أنها أُحيطت علماً به. وكرد فعل استدعت بكين أيضاً السفيرة الألمانية.