إردوغان أم كليتشدار أوغلو... مَن سيستفيد من أصوات أوغان؟

ادعاءات عن وساطة علييف في المفاوضات... وازدياد الشكوك حول تدخل روسيا

صورة أرشيفية لهجوم نواب حزب «العدالة والتنمية» على أوغان في إحدى جلسات البرلمان عام 2014
صورة أرشيفية لهجوم نواب حزب «العدالة والتنمية» على أوغان في إحدى جلسات البرلمان عام 2014
TT

إردوغان أم كليتشدار أوغلو... مَن سيستفيد من أصوات أوغان؟

صورة أرشيفية لهجوم نواب حزب «العدالة والتنمية» على أوغان في إحدى جلسات البرلمان عام 2014
صورة أرشيفية لهجوم نواب حزب «العدالة والتنمية» على أوغان في إحدى جلسات البرلمان عام 2014

أثار قرار المرشح الرئاسي السابق سنان أوغان دعم الرئيس رجب طيب إردوغان في جولة إعادة الانتخابات الرئاسية، التي تشهدها تركيا الأحد المقبل، كثيراً من التساؤلات حول تأثيره على نتيجة الانتخابات.

أثار قرار المرشح الرئاسي السابق لتحالف «أتا» (الأجداد) المنحل، سنان أوغان، دعم الرئيس رجب طيب إردوغان في جولة إعادة الانتخابات الرئاسية التي تشهدها تركيا الأحد المقبل، ويتنافس فيها إردوغان مع مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو، كثيراً من التساؤلات حول تأثير القرار على نتيجة الانتخابات، ولمن تتوجه أصوات أوغان التي حصل عليها في الجولة الأولى.

في أول تعليق على إعلان أوغان، أعلن رئيس حزب «النصر»، أوميت أوزداغ، الذي كان حزبه يقود تحالف «أتا» اليميني القومي، قبل إعلان حله بعد الانتخابات البرلمانية والجولة الأولى للانتخابات الرئاسية، في 14 مايو (أيار) الحالي، أنه «اختياره السياسي الخاص، وأنه لا يمثل أو يُلزم حزب النصر».

 

ردود فعل

والتقى أوزداغ كليتشدار أوغلو، على عشاء في أنقرة ليل الاثنين – الثلاثاء، للمرة الثانية، بعد لقائهما يوم الجمعة الماضي، بمقر حزب «النصر». وقال عقب اللقاء: «بصفتي رئيس حزب النصر الذي تأسس على أساس القومية التركية وعلى مبادئ مصطفى كمال أتاتورك، فأنا مسؤول عن حماية المبادئ التأسيسية للجمهورية التركية الواردة في مواد الدستور الأربع الأولى، والمادة 66».

وأضاف عبر «تويتر»: «تم تقديم مذكرة للسيد كليتشدار أوغلو بشأن هذه المبادئ، وبشأن القيام بما هو ضروري لمكافحة الإرهاب بشكل فعال، وعودة 13 مليون طالب لجوء إلى بلادهم، وسننتظر رد تحالف الأمة، وآمل أن نتلقى رداً إيجابياً حتى عقد مؤتمري الصحافي ظهر الثلاثاء، لإعلان ما توصلنا إليه ومشاركته مع الأمة».

وكان كليتشدار أوغلو قد علّق على قرار أوغان عبر «تويتر» قائلاً: «مِن الواضح مَن يقف بجانب هذا الوطن الجميل، ومن يقف بجانب بيعه... نحن قادمون لإنقاذ هذا الوطن من الإرهاب واللاجئين... هذا (جولة الإعادة) استفتاء... لن يخدع أحد أي شخص بعد الآن. أدعو مواطنينا البالغ عددهم 8 ملايين وجميع شبابنا الذين لم يأتوا إلى صناديق الاقتراع في الجولة الأولى إلى صناديق الاقتراع في جولة الإعادة».

أما إردوغان، فقال في مقابلة تلفزيونية ليل الاثنين – الثلاثاء: «لم نساوم قط السيد سنان، وهو يعلم جيداً موقفنا الواضح بشأن مكافحة الإرهاب وعلاقتنا بالعالم التركي... مكان القوميين هو تحالف الشعب (يقوده حزب «العدالة والتنمية» برئاسة إردوغان)... نتوقع أن تبدأ المعارضة حملة تشويه لسمعة السيد سنان أوغان، لكن سيكون رد الشعب على تلك الحملة في جولة الإعادة».

من جانبها، قالت رئيسة حزب «الجيد» القومي، أحد أحزاب تحالف «الأمة» المعارض الذي رشح كليتشدار أوغلو للرئاسية: «لا أعتبر نفسي مؤهلة للتقييم الإيجابي أو السلبي. من سيجري هذا التقييم هم الناخبون الذين صوتوا للسيد أوغان في الجولة الأولى، هل سيذهبون لدعم السيد إردوغان، أو ما إذا كانوا سيتخذون موقفاً كعامل توازن، لا نعرف». وأضافت: «لا أعتقد أن الناخبين سيتسرعون بشأن دعم السيد إردوغان».

 

استياء واسع

وقوبل قرار أوغان باستياء واسع داخل قاعدة القوميين الذين دعموه في الترشح للرئاسة، وشاركوا في جمع 100 ألف توقيع حتى يتمكن من خوض الانتخابات. وعبّر سياسيون وشخصيات بارزة في التيار القومي عن استيائهم من قرار أوغان. وكتب نائب إسطنبول السابق عن حزب «الحركة القومية»، أتيلا كايا، عبر «تويتر»، معرباً عن أسفه لدعم أوغان ودعوة الناخبين القوميين للتوقيع على ترشحه للرئاسة قائلاً: «لقد وقعتُ دعوتك المواطنين للتوقيع، وقمت بالتوقيع على طلب ترشحك للرئاسة حتى تغلق أبواب جهنم التي تعيشها البلاد، وليس من أجل أن تذهب وتحمل الحطب إلى جهنم لتزيدها اشتعالاً».

وكتب المؤرخ الأكاديمي البارز، أحد الأسماء القريبة من أوغان، يوسف حلاج أوغلو: «لسوء الحظ، دعوت المواطنين للتوقيع على طلب ترشحك للرئاسة. إذا كنت ستدعم جانباً واحداً، فلماذا أصبحت مرشحاً رئاسياً؟ القضية لم تكن الترشح، القضية هي اجتماع كل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في يد واحدة، والمسألة هي الحفاظ على كلمتك بنزاهة».

 

غضب شعبي

 

كما أثار قرار أوغان غضباً شعبياً واسعاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث تعرض المرشح السابق للهجوم. وذهب مغردون على «تويتر» إلى أن أوغان، وكذلك المرشح الرئاسي المنسحب محرم إنجه، خاضا الانتخابات الرئاسية من أجل منع فوز كليتشدار أوغلو، والتوجه إلى جولة الإعادة. وأعاد مواطنون تذكير أوغان برفضه نهج تحالف «الشعب» وإردوغان بسبب قضية اللاجئين، والتحالف مع حزب «هدى بار»، الذي يعد امتداداً لـ«حزب الله» التركي، المصنف منظمة إرهابية، وبمبادئ أتاتورك، التي كان يدعي أنه يلتزم بها.

وتداول مواطنون مقطع فيديو وصوراً لواقعة هجوم نواب حزب «العدالة والتنمية» الحاكم على أوغان في إحدى جلسات البرلمان، في عام 2014، بعد اتهامه للحزب بممارسة التمييز ضد التركمان، وبأنه حزب «فاشي»، لافتين إلى أن من أنقذه في ذلك اليوم عندما تعرض للضرب هم نواب حزب «الشعب الجمهوري» الذي يرأسه كمال كليتشدار أوغلو.

 

توزيع الأصوات

وبالنظر إلى حسابات الانتخابات، حصل إردوغان على 49.52 في المائة من الأصوات، وكليتشدار أوغلو على 44.88 في المائة، وأوغان على 5.17 في المائة، ومحرم إنجه على 0.43 في المائة من الأصوات في الجولة الأولى.

وتوقع خبراء ومحللون أن تتوزع كتلة الأصوات التي ذهبت إلى أوغان في الجولة الأولى؛ حيث حصل على نسبة 5.17 في المائة من الأصوات، بواقع نحو مليونين و800 ألف صوت، بين إردوغان وكليتشدار أوغلو، وأن يحصل مرشح المعارضة على نسبة تقترب من 3 في المائة منها، حسبما رجح المحلل السياسي ياووز سليم أوغلو.

وذهب المحللون إلى أن قرار أوغان يشكل انتحاراً سياسياً، وأنه قضى على مستقبله السياسي بهذا القرار؛ لأنه بدا بوجه المتحول عن المعارضة التي كان في صفوفها طول الوقت، ربما بسبب وعد معين حصل عليه خلال لقائه مع إردوغان.

وحلل مراد كاران، مدير الأبحاث في مركز «آريا» لاستطلاعات الرأي، كتلة أصوات أوغان، قائلاً إنها عبارة عن «شريحة قومية وكمالية، معظمها أقل من 40 عاماً، تعيش في المدن وتستخدم وسائل التواصل الاجتماعي أكثر، وإن هؤلاء الأشخاص صوتوا لأوغان لأنهم لم يعجبهم أي من المرشحين».

وأوضح أن نسبة التصويت البالغة 5.17 في المائة التي تم الحصول عليها في الانتخابات، لم تكن في الواقع عائدة إلى سنان أوغان بالكامل؛ لكن لأنهم رأوا أنه يمكن أن يشكل طريقاً ثالثاً بين إردوغان وكليتشدار أوغلو. وأكد أنه بعد أن دعم أوغان مرشح تحالف «الشعب» (إردوغان)، سيتبعه عدد قليل من الأشخاص.

وذهب كاران، في تعليق لـ«الشرق الأوسط» إلى أن من أكثر السمات المميزة لهؤلاء الناخبين هو «الشعور المناهض لإردوغان»، وأن هذا الشعور سائد للغاية، لافتاً إلى أن فشل أوغان في إخطار حتى زملائه المقربين منه، أثناء إعلانه دعمه لتحالف «الشعب» أثار رد فعل كبيراً. وأضاف أنه بعد تصريحات أوغان، من المحتمل أن يصل معدل التصويت لكليتشدار أوغلو الذي كان نحو 45 في المائة، إلى 48 في المائة في جولة الإعادة. وسيكون الفارق في الأصوات بين المرشحين في هذه الجولة صغيراً.

بدوره، ذكر رئيس مركز «أوبتمار» للأبحاث واستطلاعات الرأي، حلمي داشدمير، أن المركز أجرى دراسة حول السلوك التصويتي المحتمل لأولئك الذين صوتوا لأوغان، أوضحت أن نسبة 25 في المائة منهم ستصوت لإردوغان، و25 في المائة لكليتشدار أوغلو، بينما 28 في المائة منهم لم يقرروا بعد، وهناك 19 في المائة أكدوا أنهم لن يذهبوا إلى صناديق الاقتراع. ورأى داشدمير أن المتغير الرئيس في جولة الإعادة سيكون إردوغان وكليتشدار أوغلو، وأن المتغيرات الأخرى ليست حاسمة للغاية، فلن يكون لأوزداغ ولا أوغان تأثير خطير على أي من المرشحين.

 

أطماع أوغان

وذكر المحلل السياسي الكاتب، ياووز سليم دميراغ، الذي يعد أحد المتخصصين في تحليل سلوك التيار القومي، أن من بين النسب التي حصل عليها أوغان، هناك 2.4 في المائة من الأصوات تعود إلى أوميت أوزداغ رئيس حزب «النصر». وهناك كتلة لا ترضى عن وجود حزب «الحركة القومية»، الذي يرأسه دولت بهشلي بسبب انضمامه إلى تحالف «الشعب» مع حزب «العدالة والتنمية»، و1 في المائة من ناخبي حزب «الجيد» الذي ترأسه ميرال أكشينار، لرفضهم انضمام الحزب إلى تحالف «الأمة» المعارض بقيادة «الشعب الجمهوري».

وخلص دميراغ إلى أن المتبقي من كتلة أصوات أوغان في الجولة الأولى نحو 0.5 في المائة (نصف نقطة مئوية)، ربما لا يستطيع أوغان إقناعهم بالتصويت لإردوغان. وذهب إلى أن وراء قرار أوغان الذي خيّب آمال بعض زملائه المقربين، بما في ذلك أوزداغ، رغبته في قيادة حزب «الحركة القومية» بعد رئيسه الحالي دولت بهشلي الذي سبق أن طرده من الحزب في 2017. ولفت دميراغ إلى أن الاسم الذي يوجه حزب «الحركة القومية» حالياً هو إردوغان، مضيفاً أن إردوغان لن يترك الحزب لأي شخص بعد بهشلي، وإنه يعتقد أن أوغان لن يتفاوض على هذا.

 

تدخل علييف وروسيا

وتعليقاً على ما تردد من أن الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف لعب دوراً في تسهيل المفاوضات بين إردوغان وأوغان، الذي ينحدر من عائلة أذربيجانية والذي أكمل الدكتوراه في جامعة موسكو الحكومية للعلاقات الدولية، قال المحامي السابق في حزب «الحركة القومية»، محمد سارال، إنه لا يستطيع أن ينفي أو يؤكد ذلك؛ لكنه تابع ما يتردد عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في هذا الصدد. ولفت سارال، من ناحية أخرى، إلى التحذير الذي وجهه كليتشدار أوغلو إلى روسيا بشأن التدخل في الانتخابات في تركيا، قائلاً إنه يعتقد في ظل التطورات الأخيرة أن روسيا كان لها دور بالفعل. ووصف سارال الخطوة التي أقدم عليها أوغان بأنها «انتحار سياسي»، وأنه أنهى مشواره السياسي بنفسه، بسبب «الأنا» المتضخمة لديه، مشيراً إلى أنه إذا كان يعتقد بأن أحداً في حزب «الحركة القومية» سيقبله بعد ذلك فهو مخطئ.


مقالات ذات صلة

ياواش يعلن للمرة الأولى استعداده للترشّح لرئاسة تركيا في 2028

شؤون إقليمية رئيس بلدية العاصمة التركية أنقرة منصور ياواش (من حسابه على «إكس»)

ياواش يعلن للمرة الأولى استعداده للترشّح لرئاسة تركيا في 2028

تُظهر استطلاعات الرأي التي أُجريت منذ الانتهاء من الانتخابات المحلية في مارس الماضي تفوّق ياواش بوصفه مرشحاً للرئاسة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة: )
شؤون إقليمية زيارة إردوغان لحزب «الشعب الجمهوري» ولقاء أوزيل للمرة الثالثة أحدثا جدلاً (الرئاسة التركية) 

إردوغان يلتقي زعيم المعارضة للمرة الثالثة في شمال قبرص

يعقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لقاءً ثالثاً مع زعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغو أوزيل في شمال قبرص.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا إردوغان ملوحاً لنواب حزبه بالبرلمان الأربعاء عقب انتهاء خطاب تحدث فيه عن محاولة انقلاب ضده وطالبهم بالحرص على دعم إصدار الدستور الجديد (الرئاسة التركية)

إردوغان يتهم حركة غولن بتدبير محاولة انقلاب جديدة ضده

دعا إردوغان أعضاء حكومته ونواب حزبه إلى عدم التفريط أو التراجع بشأن وضع دستور مدني ديمقراطي جديد للبلاد.

سعيد عبد الرازق (انقرة)
شؤون إقليمية الرئيس رجب طيب إردوغان ورئيس «حزب الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل خلال لقائهما الجمعة الماضي (إ.ب.أ)

حديث إردوغان عن «انفراجة سياسية» هل هو مناورة جديدة للبقاء في السلطة؟

فجّر حديث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن «انفراجة سياسية» تحتاج إليها تركيا جدلاً واسعاً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان يحيي أنصاره بعد الإدلاء بصوته في إسطنبول في 31 مارس الماضي (رويترز)

تركيا: استطلاع رأي يصدم «العدالة والتنمية» بعد هزيمة الانتخابات

كشف استطلاع للرأي عقب الانتخابات، التي أجريت في 31 مارس (آذار) الماضي، عن أن الأتراك لا يثقون بالحزب الحاكم لحل مشاكلهم.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

ميانمار في مقدمة الدول الأكثر تضرراً من الألغام المضادة للأفراد

مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)
مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)
TT

ميانمار في مقدمة الدول الأكثر تضرراً من الألغام المضادة للأفراد

مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)
مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)

تصدرت ميانمار خلال عام 2023 قائمة الدول التي تسببت فيها الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة في أكبر عدد من الوفيات والإصابات، وسط زيادة في عدد الضحايا في شتى أنحاء العالم، على ما كشف مرصد الألغام الأرضية، الأربعاء.

تسببت الألغام ومخلفات الحرب من المتفجرات في مقتل أو إصابة ما لا يقل عن 5.757 شخصاً في العام الفائت (مقارنة بـ4.710 ضحايا في عام 2022)، 84 في المائة من بينهم من المدنيين، في نحو خمسين دولة، وفقاً للتقرير السنوي للمنظمة.

وتشمل الحصيلة التي ارتفعت بنسبة 20 في المائة خلال عام واحد، 1983 قتيلاً و3663 جريحاً، يضاف إليهم 111 ضحية أخرى، لا تشير إحصائيات التقرير إلى ما إذا كانوا قد نجوا أم لا.

كما تسببت الألغام المضادة للأفراد وحدها في سقوط 833 ضحية، مقارنة بـ628 في عام 2022.

وتأتي ميانمار في المركز الأول من حيث ضحايا الألغام والقنابل غير المنفجرة (1003)، متقدمة على سوريا (933) التي تصدرت الترتيب خلال السنوات الثلاث الماضية، ثم أفغانستان (651) وأوكرانيا (580)، بحسب ما جاء في التقرير.

وتم زرع العبوات الناسفة في كامل الأراضي في ميانمار التي شهدت عقوداً من الاشتباكات بين الجيش والجماعات المتمردة العرقية.

وازدادت أعمال العنف إثر الانقلاب العسكري في فبراير (شباط) 2021 ضد حكومة أونغ سان سو تشي، ما تسبب في ظهور عشرات الجماعات الجديدة المعادية للمجلس العسكري العائد إلى السلطة.

لم توقّع ميانمار على اتفاقية أوتاوا بشأن حظر وإزالة الألغام المضادة للأفراد، والتي انضمت إليها 164 دولة ومنطقة.

ويشير يشوا موسر بوانغسوان، الذي عمل على إعداد التقرير، إلى أن العدد الإجمالي للضحايا قد يكون أعلى بكثير مما تم الإعلان عنه؛ لأن جمع البيانات الميدانية يعد أمراً مستحيلاً؛ بسبب الاشتباكات، فضلاً عن وجود قيود أخرى.

وأوضح خلال مؤتمر صحافي في بانكوك: «لا يوجد نظام مراقبة طبي في البلاد يمكنه تقديم بيانات رسمية بأي شكل من الأشكال».

وأضاف: «نحن نعلم استناداً إلى الأدلة التي لم يتم التحقق منها أنها هائلة».

ويشير التقرير إلى «زيادة كبيرة» في استخدام الألغام المضادة للأفراد من قبل الجيش في ميانمار، لا سيما بالقرب من أعمدة الهواتف المحمولة وخطوط الأنابيب، والبنية التحتية».

وتقول المجموعة التي أعدت التقرير إنها عثرت على أدلة تثبت أن قوات المجلس العسكري واصلت استخدام المدنيين «لإرشاد» الجنود إلى المناطق الملغومة، على الرغم من أن القانون الدولي يجرّم هذا السلوك.

ويُتهم الجيش في ميانمار بانتظام من قبل القنصليات الغربية والمدافعين عن حقوق الإنسان بارتكاب فظائع وجرائم حرب.

وصادر معارضو المجلس العسكري الألغام «في كل شهر بين يناير (كانون الثاني) 2022 وسبتمبر (أيلول) 2024، في جميع أنحاء البلاد تقريباً»، بحسب التقرير الذي يستند إلى دراسة للصور الفوتوغرافية.

وقالت منظمة «اليونيسيف» في أبريل (نيسان) إن «كل الأطراف» استخدمت الألغام الأرضية «دون تمييز».

وأكدت جماعات متمردة أيضاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنها تزرع ألغاماً.

ومرصد الألغام الأرضية هو القسم البحثي للحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية (ICBL)، وهي شبكة من المنظمات غير الحكومية.

والألغام المضادة للأفراد هي أجهزة متفجرة تستمر في قتل وتشويه الناس بعد فترة طويلة من انتهاء الصراعات والحروب.

وهي مدفونة أو مخبأة في الأرض، وتنفجر عندما يقترب منها شخص ما أو يلامسها.

وعدّت الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية، الأربعاء، قرار الولايات المتحدة بتزويد أوكرانيا «بالألغام المضادة للأفراد غير الدائمة» المجهزة بجهاز تدمير ذاتي أو إبطال ذاتي، لتعزيز دفاعات كييف ضد الغزو الروسي، «كارثياً».

وأوضحت المنظمة، في بيان: «يجب على أوكرانيا أن تعلن بوضوح أنها لا تستطيع قبول هذه الأسلحة ولن تقبلها».