مصر: حيل «شراء الأصوات» تجذب «بسطاء» وتهدد الانتخابات البرلمانية

مراقبون تحدثوا عن استمرار المخالفات رغم «التشديدات»

ناخبون مصريون في أحد مراكز التصويت بمحافظة كفر الشيخ (الشرق الأوسط)
ناخبون مصريون في أحد مراكز التصويت بمحافظة كفر الشيخ (الشرق الأوسط)
TT

مصر: حيل «شراء الأصوات» تجذب «بسطاء» وتهدد الانتخابات البرلمانية

ناخبون مصريون في أحد مراكز التصويت بمحافظة كفر الشيخ (الشرق الأوسط)
ناخبون مصريون في أحد مراكز التصويت بمحافظة كفر الشيخ (الشرق الأوسط)

عاد الجدل حول «شراء الأصوات» في اليوم الأول من المرحلة الثانية للانتخابات البرلمانية المصرية إلى الواجهة، رغم «تشديدات رسمية» صادرة عن أعلى المستويات، وتوجيهات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للناخبين برفض تلك الممارسات.

وبينما فتحت لجان الاقتراع أبوابها أمام 34.6 مليون ناخب، الاثنين، قال مرشحون وحقوقيون إن «حيل الالتفاف» على قواعد النزاهة «ما زالت قائمة، خصوصاً التي تستهدف البسطاء ومحدودي الدخل والثقافة، داخل مناطق شعبية ونائية».

في أحد الأحياء الشعبية بمدينة المحلة الكبرى بدلتا مصر، وقف المرشح أحمد بلال يراقب حركة «غير اعتيادية» أمام محل شبه مغلق بمدينة المحلة. يقول بلال في تسجيل مصور إنه «رصد عملية منظمة لحشد الناخبين وشراء أصواتهم». ودعا المرشح المسؤولين إلى «تدخل عاجل» لوقف ما يصفها بـ«ممارسات تُلحق ضرراً بنزاهة الانتخابات».

السيسي يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب (الرئاسة المصرية)

وزارة الداخلية المصرية بدورها سارعت بالإعلان عن «ضبط 4 متهمين بجمع بطاقات رقم قومي وحيازة مبالغ مالية داخل جراج وشارع بمحيط لجان انتخابية في مدينة المحلة الكبرى، تمهيداً لتوزيعها لحشد الأصوات لصالح مرشحين اثنين»، مشيرة في بيان إلى «اتخاذ الإجراءات القانونية وإبلاغ النيابة والهيئة الوطنية للانتخابات».

ولا يوجد «تسعيرة» لهذه الرشى، إلا أن متابعين قدّروا قيمتها بما يتراوح بين 200 و500 جنيه مصري للصوت، مع العلم أن الدولار الأميركي يعادل نحو 47 جنيهاً.

وتأتي الشكاوى الجديدة في حين لا تزال تداعيات إبطال نتائج 19 دائرة في المرحلة الأولى تلقي بظلال ثقيلة على المشهد الانتخابي، بعد «خروقات مؤثرة»، رصدتها «الهيئة الوطنية للانتخابات».

مصريات أمام أحد مراكز الاقتراع في محافظة المنوفية (المجلس القومي للمرأة)

وكان الرئيس السيسي حذر في تصريحات سابقة الأسبوع الماضي من أن الحصول على المال أو السلع مقابل الصوت الانتخابي «تفريط في مصلحة الدولة»، مؤكداً ضرورة منع «جاهل أو غير جاهز» من التأثير في مصير 120 مليون مواطن.

وقبل ساعات من فتح صناديق الاقتراع قال رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، المستشار حازم بدوي، إن الهيئة «لن تتهاون إزاء أي خروقات»، مؤكداً في تصريحات لـ«وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية إصدار تعليمات مشددة لرؤساء اللجان والقوى الأمنية بـ«التصدي لأي دعاية أو توجيه من جانب مرشحين أو أحزاب».

على الأرض، تتخذ المخالفات وجوهاً أكثر تعقيداً؛ إذ يقول المحامي والحقوقي طارق العوضي إن فرق المتابعة رصدت «رشى انتخابية تُدار من داخل منازل»، وليس في الشوارع، ما يجعل ضبطها «بالغ الصعوبة» بحكم أن القانون يمنع دخول البيوت.

ويضيف العوضي، في إدراج عبر صفحته بموقع «فيسبوك»، أن «الداخلية» مسؤوليتها «تتوقف عند اللجان والمقار»، في حين تحتاج المواجهة إلى «حملات توعية عاجلة» تحث الناخبين على رفض «الأموال غير المشروعة»، مشدداً على أن ما يجري «جرائم انتخابية صريحة»، لا مجرد «مال سياسي».

تحذيرات مشابهة صدرت عن «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان»، التي سبق أن تحدث رئيسها لـ«الشرق الأوسط» عن «أساليب التفاف» عبر شبكات محلية تشمل عُمداً وجمعيات أهلية تُستخدم كقنوات غير مباشرة. وقال إن الضائقة الاقتصادية تجعل بعض الفئات «أكثر عرضة للاستغلال»، مشيراً إلى أن منظمته وثّقت «وقائع توزيع أموال» أُبلغت بها الهيئة.

ناخبون مصريون في طابور أمام مركز اقتراع بمحافظة القليوبية (تنسيقية شباب الأحزاب)

ورغم ذلك لا تبدو الصورة قاتمة بالكامل من منظور باحثين أخذا في الاعتبار أن هذه المرحلة تختلف في تركيبتها؛ إذ وصف الباحث أكرم الألفي المرحلة الثانية من الانتخابات بأنها «انتخابات المتعلمين»، مشيراً إلى أن أكثر من 25 في المائة من ناخبيها يحملون مؤهلات جامعية أو ما زالوا في الجامعة.

ويعتقد الألفي، في تدوينة عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أن هذا «يقلل من تأثير الرشى»، وإن بقيت محاولات استهداف أكثر الفئات فقراً «مستمرة عبر قنوات تقليدية».

بدوره، يقلل الدكتور عمرو هاشم ربيع، نائب رئيس «مركز الأهرام للدراسات»، من أثر الظاهرة على العملية برمتها، عاداً معظم ما يُثار «ممارسات فردية» داخل دوائر التنافس المحموم على المقاعد الفردية. لكنه يقر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بصعوبة «القضاء عليها كلياً، خاصة داخل المنازل»، داعياً إلى «انضباط كامل» في محيط اللجان، وإلى معالجة أعمق تتعلق بـ«تغيير ثقافة المجتمع» في ظل ضغوط اقتصادية «تعزز نشاط السماسرة».

وأعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات، صباح الاثنين، تلقيها شكوى من مركز المحلة الكبرى عن تجمع يرتبط بأحد المرشحين، لكن المستشار أحمد بنداري، المدير التنفيذي للهيئة، قال في بث مباشر إن «التحقيق أكد عدم صحة الشكوى»، موضحاً أن التجمع كان لمساعدة الناخبين في معرفة لجانهم فقط.

وتُجرى الانتخابات، التي تستمر على مدار يومين، في 13 محافظة تضم 73 دائرة انتخابية و5287 لجنة فرعية. ويتنافس في هذه المرحلة 1316 مرشحاً بالنظام الفردي، إلى جانب قائمة واحدة في دائرتَي القوائم بقطاعَي القاهرة وشمال ووسط وجنوب الدلتا وشرق الدلتا، وفق قناة «القاهرة الإخبارية».

وتشمل محافظات المرحلة الثانية: القاهرة، والقليوبية، والدقهلية، والغربية، والمنوفية، وكفر الشيخ، والشرقية، ودمياط، وبورسعيد، والإسماعيلية، والسويس، وجنوب سيناء، وشمال سيناء، وفق بيانات الهيئة.


مقالات ذات صلة

انتخابات «النواب» المصري تتواصل بانتظار مصير الطعون الجديدة

شمال افريقيا أحد الناخبين بالسفارة المصرية في الأردن مع فتح باب التصويت لانتخابات إعادة المرحلة الأولى بـ19 دائرة بـ«النواب» (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)

انتخابات «النواب» المصري تتواصل بانتظار مصير الطعون الجديدة

تواصلت انتخابات مجلس النواب المصري الأربعاء ببدء جولة الإعادة بالخارج في 19 دائرة بالمرحلة الأولى كانت الانتخابات قد أُلغيت فيها 

أحمد جمال (القاهرة )
العالم العربي مجلس النواب المصري الجديد في العاصمة الإدارية (مجلس النواب)

«النواب» المصري يغادر القاهرة نهائياً إلى العاصمة الجديدة

ودّع مجلس النواب المصري مقره التاريخي في قلب القاهرة نهائياً، بعد أن ظل على مدى نحو 160 عاماً شاهداً على تحولات سياسية وتاريخية مفصلية في مصر.

علاء حموده (القاهرة)
شمال افريقيا ناخبة قبل الإدلاء بصوتها في محافظة دمياط بشمال مصر (تنسيقية شباب الأحزاب)

مصر: «هيئة الانتخابات» تنشد إقبالاً أكبر وسط مؤشرات على «تراجع» المشاركة

جددت الهيئة الوطنية للانتخابات بمصر دعوتها المواطنين للإقبال على صناديق الاقتراع، وسط مؤشرات سابقة تشير إلى «تراجع» المشاركة في جولات سابقة شهدتها الانتخابات.

علاء حموده (القاهرة)
العالم العربي المصريون بالأردن يصوتون في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (أ.ش.أ)

مصر تستكمل ماراثون الانتخابات البرلمانية وسط جدول مزدحم

تستكمل مصر ماراثون الانتخابات البرلمانية بانطلاق جولة الإعادة للمغتربين بالمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب، وسط جدول مزدحم.

عصام فضل (القاهرة)
رياضة عربية يعود المنتخب المصري للمشاركة في كأس العالم بعد غياب عن النسخة الماضية (اتحاد الكرة المصري)

أزمة «دعم المثلية» في كأس العالم تصل إلى البرلمان المصري

وصلت أزمة إقامة أنشطة تدعم المثلية بالتزامن مع لقاء منتخبي مصر وإيران، بكأس العالم المقرر إقامتها في يونيو (حزيران) المقبل، إلى مجلس النواب المصري (البرلمان).

أحمد عدلي (القاهرة)

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، اليوم الخميس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف رشوان في تصريحات لقناة تلفزيون «القاهرة الإخبارية» أن نتنياهو يعمل وفق اعتبارات انتخابية لصياغة تحالف جديد.

وتابع أن نتنياهو يسعى لإشعال المنطقة، ويحاول جذب انتباه ترمب إلى قضايا أخرى، بعيداً عن القطاع، لكنه أشار إلى أن الشواهد كلها تدل على أن الإدارة الأميركية حسمت أمرها بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

وحذر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية من أن نتنياهو يريد أن تؤدي قوة حفظ الاستقرار في غزة أدواراً لا تتعلق بها.

وفي وقت سابق اليوم، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.


الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
TT

الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

أدلى الناخبون في الصومال، الخميس، بأصواتهم في انتخابات محلية مثيرة للجدل، تُعدّ الأولى التي تُجرى بنظام الصوت الواحد منذ عام 1969. ويقول محللون إن هذه الانتخابات تُمثل خروجاً عن نظام مفاوضات تقاسم السلطة القائم على أساس قبلي.

وقد نظمت الحكومة الاتحادية في البلاد التصويت لاختيار أعضاء المجالس المحلية، في أنحاء المناطق الـ16 في مقديشو، ولكنه قوبل برفض من جانب أحزاب المعارضة التي وصفت الانتخابات بالمعيبة والمنحازة.

يذكر أن الصومال انتخب لعقود أعضاء المجالس المحلية والبرلمانيين من خلال المفاوضات القائمة على أساس قبلي، وبعد ذلك يختار المنتخبون الرئيس.

يُشار إلى أنه منذ عام 2016 تعهّدت الإدارات المتعاقبة بإعادة تطبيق نظام الصوت الواحد، غير أن انعدام الأمن والخلافات الداخلية بين الحكومة والمعارضة حالا دون تنفيذ هذا النظام.

أعضاء «العدالة والتضامن» في شوارع مقديشو قبيل الانتخابات المحلية وسط انتشار أمني واسع (إ.ب.أ)

وجدير بالذكر أنه لن يتم انتخاب عمدة مقديشو، الذي يشغل أيضاً منصب حاكم إقليم بانادير المركزي، إذ لا يزال شاغل هذا المنصب يُعيَّن، في ظل عدم التوصل إلى حل للوضع الدستوري للعاصمة، وهو أمر يتطلب توافقاً وطنياً. غير أن هذا الاحتمال يبدو بعيداً في ظل تفاقم الخلافات السياسية بين الرئيس حسن شيخ محمود وقادة ولايتي جوبالاند وبونتلاند بشأن الإصلاحات الدستورية.

ووفق مفوضية الانتخابات، هناك في المنطقة الوسطى أكثر من 900 ناخب مسجل في 523 مركز اقتراع.

ويواجه الصومال تحديات أمنية، حيث كثيراً ما تنفذ جماعة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» هجمات دموية في العاصمة، وجرى تشديد إجراءات الأمن قبيل الانتخابات المحلية.

وذكر محللون أن تصويت مقديشو يمثل أقوى محاولة ملموسة حتى الآن لتغيير نظام مشاركة السلطة المعتمد على القبائل والقائم منذ أمد طويل في الصومال.

وقال محمد حسين جاس، المدير المؤسس لمعهد «راد» لأبحاث السلام: «لقد أظهرت مقديشو أن الانتخابات المحلية ممكنة من الناحية التقنية».


اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق، بعد لقاء موسع في مدينة ميامي الأميركية قبل نحو أسبوع بحثاً عن تحقيق اختراق جديد.

تلك الاجتماعات الجديدة في مصر وتركيا، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها بمثابة مساعٍ لتفكيك عقبات الاتفاق المتعثر، وشددوا على أن إسرائيل قد لا تمانع للذهاب للمرحلة الثانية تحت ضغوط أميركية؛ لكنها ستعطل مسار التنفيذ بمفاوضات تتلوها مفاوضات بشأن الانسحابات وما شابه.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان: «بتوجيه من رئيس الوزراء، غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد غال هيرش، على رأس وفد ضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد إلى القاهرة».

والتقى الوفد الإسرائيلي مسؤولين كباراً وممثلي الدول الوسيطة، وركزت الاجتماعات على الجهود وتفاصيل عمليات استعادة جثة الرقيب أول ران غوئيلي.

وسلمت الفصائل الفلسطينية منذ بدء المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 27 آخرين، فيما تبقى رفات ران غوئيلي الذي تواصل «حماس» البحث عن رفاته، وتقول إن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً للدمار الهائل في غزة، فيما ترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها تلك الجثة.

وبالتزامن، أعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن وفداً قيادياً منها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد التقى في أنقرة مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في لقاء بحث «مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب على غزة والتطورات السياسية والميدانية».

وحذر الوفد من «استمرار الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة»، معتبراً أنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة».

وجاء اللقاءان بعد اجتماع قبل نحو أسبوعٍ، جمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة ميامي الأميركية، وأفاد بيان مشترك عقب الاجتماع بأنه جارٍ مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يأتيان في توقيت مهم بهدف دفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول لتفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل للدخول للمرحلة الثانية المعطلة، مشيراً إلى أن مسألة الرفات الأخير تبدو أشبه بلعبة لتحقيق مكاسب من «حماس» وإسرائيل.

فالحركة تبدو، كما يتردد، تعلم مكانها ولا تريد تسليمها في ضوء أن تدخل المرحلة الثانية تحت ضغط الوسطاء والوقت وفي يدها ورقة تتحرك بها نظرياً، وإسرائيل تستفيد من ذلك بالاستمرار في المرحلة الأولى دون تنفيذ أي التزامات جديدة مرتبطة بالانسحابات، وفق عكاشة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن هذه الاجتماعات تبحث كيفية سد الفجوات، خاصة أن الجثة تمثل عقبة حقيقية، مشيراً إلى أن لقاء «حماس» في تركيا يهدف لبحث ترتيبات نزع السلاح ودخول القوات الدولية، خاصة أن أنقرة تأمل أن يكون لها دور، وتعزز نفسها وعلاقاتها مع واشنطن.

صورة عامة للمنازل المدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال إسرائيل تطرح مواقف تعرقل الاتفاق، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن بلاده «لن تغادر غزة أبداً»، وإنها ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، مشدداً على أنه يجب على «حماس» أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها»، وفق موقع «واي نت» العبري، الخميس.

فيما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح، وانتهاك اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الحركة الفلسطينية أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ويتوقع عكاشة أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع من دخول المرحلة الثانية، ولكن هذا سيظل كلاماً نظرياً، وعملياً ستطيل المفاوضات بجدولها وتنفيذ بنودها، ويبقي الضغط الأميركي هو الفيصل في ذلك.

ووفقاً لمطاوع، فإن إسرائيل ستواصل العراقيل وسط إدراك من ترمب أنه لن يحل كل المشاكل العالقة مرة واحدة، وأن هذه الاجتماعات المتواصلة تفكك العقبات، وسيراهن على بدء المرحلة الثانية في يناير (كانون الثاني) المقبل، تأكيداً لعدم انهيار الاتفاق.