يلتقي الوسطاء من مصر وقطر الوفد التفاوضي لـ«حماس»، الثلاثاء، في الدوحة، بينما وضع الرئيس الأميركي دونالد ترمب فترة زمنية بين 3 إلى 4 أيام لوصول رد الحركة الفلسطينية، «وإلا فستفعل إسرائيل ما يجب فعله».
وبين سندان موعد ترمب، ومطرقة بنود الخطة الأميركية التي تشمل وقفاً لإطلاق النار في قطاع غزة، ونزع سلاح حركة «حماس»، يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن «رفاهية رفض الحركة للمبادرة التي قبلت عربياً تبدو صفرية، ومن ثمّ الأقرب ضغوط من الوسطاء للذهاب لمفاوضات تبحث تفاصيل التنفيذ، عبر تقريب وجهات النظر وتقديم تفسيرات وضمانات على أن يكون وقف إطلاق النار قريباً».
وفي 23 سبتمبر (أيلول) الحالي، طرح ترمب، خطة من 20 بنداً لإنهاء الحرب على غزة، خلال لقاء مع قادة ومسؤولي 8 دول عربية وإسلامية في نيويورك بينهم مصر والسعودية وقطر وتركيا، قبل أن يعلن الرئيس الأميركي في حضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، طرحها رسمياً بموافقة إسرائيلية وانتظار رد «حماس».
وغداة ذلك، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري في مؤتمر صحافي دوري أن تركيا ستنضم إلى اجتماع ثان لفريق الوساطة بشأن غزة مساء الثلاثاء في قطر، مع وفد «حماس»، بحضور رئيس المخابرات المصرية حسن رشاد، بعد اجتماع تسليم المقترح.
ووفقاً لحديث الأنصاري في مؤتمر صحافي دوري الثلاثاء بالدوحة، فإن مصر وقطر سلمتا الحركة مقترح خطة ترمب في وقت متأخر جداً الاثنين ومن المبكر تحديد موعد للرد، لافتاً إلى أن الحركة وعدت أنها «ستدرسه بمسؤولية».
ونقلت قناة «القاهرة الإخبارية» المصرية الخاصة عن مصدر أمني مصري، الاثنين، أن الحركة أكدت للوسيطين المصري والقطري بعد تسلمها المقترح الأميركي أنها ستقوم بدراسته بـ«بإيجابية وموضوعية».

بالمقابل، قال ترمب في تصريحات للصحافيين قبل مغادرة البيت الأبيض، الثلاثاء، إنه في انتظار «حماس» لقبول مقترحه بشأن السلام، مؤكداً أن أمام الحركة «3 أو 4 أيام للرد وإذا رفضت الاتفاق فستفعل إسرائيل ما يجب عليها فعله».
بينما قال مصدر مقرب من «حماس» لـ«رويترز» إن الخطة منحازة تماماً لإسرائيل وتفرض «شروطاً تعجيزية بشروط لا تحقق للشعب الفلسطيني أو أهالي قطاع غزة أي حقوق مشروعة».
نعم ولكن
ويرى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية والأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، أن «حماس» أقرب إلى أن توافق بصيغة نعم، و«لكن نريد تفسيرات وضمانات وتعديلات»، لافتاً إلى أن الوسطاء سيعملون على تجاوز أي تباينات بين خطة ترمب ومطالب الحركة عبر تحسين بعض النقاط المطروحة أو تقديم تفسيرات أو ضمانات.
ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب، أن رفاهية الرفض من جانب حركة «حماس» للمبادرة تكاد تكون صفرية، خاصة أن دولاً عربية وإسلامية رحبت بها وأن رفضها سيجعلها هي السبب أمام العالم في استمرار أزمة القطاع، مؤكداً أيضاً أن رفاهية التعديل ليست كبيرة لدى «حماس»، خاصة أنه ليس هناك أي مساحة للمناورة من جانبها حالياً سوى القبول مبدئياً والذهاب لمفاوضات بشأن كيفية تنفيذ ما طرح.
ولا تزال المواقف بشأن مستقبل المبادرة بين من يرهن إتمامها بموقف «حماس»، ومن يضع مطالب أخرى على الطاولة، وقالت روبرتا ميتسولا رئيسة البرلمان الأوروبي على منصة «إكس» الثلاثاء: «إذا قبلت (حماس) خطة السلام، فهذا يعني أن البنادق قد تصمت؛ وأن الرهائن سيعودون إلى ديارهم؛ وأن المعاناة قد تنتهي؛ وأن المزيد من المساعدات قد يصل إلى المحتاجين؛ وأن تُحمى الخطة من النزوح الجماعي».
ورحب بيان مشترك صدر عن وزراء خارجية تركيا والأردن والإمارات وإندونيسيا وباكستان والسعودية وقطر ومصر، بقيادة ترمب وجهوده الصادقة لإنهاء الحرب في غزة، لافتاً إلى أهمية أن يشمل هذا الاتفاق الشامل إيصال المساعدات الإنسانية الكافية إلى غزة دون انقطاع، وعدم تهجير الفلسطينيين، وإطلاق سراح الرهائن، وآلية أمنية تضمن سلامة جميع الأطراف، والانسحاب الكامل لإسرائيل من القطاع، وإعادة إعمار غزة، وإرساء مسار سلام عادل قائم على حل الدولتين يضمن التكامل الكامل لغزة مع الضفة الغربية، وفقاً للقانون الدولي.
وأكدت فلسطين «التزامها المشترك بالعمل مع الولايات المتحدة ودول المنطقة والشركاء لإنهاء الحرب على غزة من خلال اتفاق شامل يضمن إيصال المساعدات الإنسانية الكافية إلى غزة، والإفراج عن الرهائن والأسرى الفلسطينيين، وإرساء آليات تحمي الشعب الفلسطيني وتكفل احترام وقف إطلاق النار والأمن للطرفين»، وفقاً لبيان نقلته «وكالة الأنباء الفلسطينية».
كما أكدت ضرورة أن يقود الاتفاق على «منع ضم الأرض، وتهجير الفلسطينيين، وتوقف الأعمال الأحادية التي تنتهك القانون الدولي، ويفرج عن أموال الضرائب الفلسطينية، ويقود إلى انسحاب إسرائيلي كامل، وضرورة إنهاء الاحتلال وفتح الطريق أمام سلام عادل على أساس حل الدولتين».
وأكد وزير خارجية مصر بدر عبد العاطي خلال اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي ماركو روبيو، تطلع القاهرة لسرعة وقف الحرب على قطاع غزة وخفض التصعيد لاستعادة الهدوء والاستقرار والأمن بالمنطقة، وفق بيان للخارجية المصرية.
وشدد عبد العاطي على ضرورة نفاذ المساعدات الإنسانية بكميات تتناسب مع الكارثة الإنسانية، وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وعدم ضم الضفة الغربية وارتباطها عضوياً بقطاع غزة ومنع أي تهجير للشعب الفلسطيني من أرضه، وأهمية خلق أفق سياسي يستند إلى حل الدولتين.
ويرى الرقب أن المواقف العربية والإسلامية، لا سيما بيان الدول الثماني، «متزنة وتحمل مطالب للرد على غطرسة وسعادة نتنياهو بأن الاتفاق يمثله وفي الوقت نفسه تلزم ترمب بوعوده»، داعياً لترقب التطورات في ضوء موقف «حماس» الأخير وضغوط الوسطاء لإنجاز اتفاق قريب.
ويعتقد أنور أن بيان الدول الـ8 وغيرها من البيانات المرحبة سيشجع «حماس» على السير في مسار تنفيذ المبادرة وبحث تعديلها في أثناء المفاوضات، متوقعاً الذهاب لهدنة خلال أقل من أسبوع بعد موافقة «حماس»، قد تقود لهدنة طويلة لعام أو عامين ستنهار حال المساس بسلاح القطاع أو عدم الانسحاب الإسرائيلي الكامل.



